أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نضال الصالح - ما بين ساقيها وعقلها














المزيد.....

ما بين ساقيها وعقلها


نضال الصالح

الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 19 - 02:28
المحور: الادب والفن
    


إعتلى صوت الصفارة معلنة الإذن للقطار الدولي بالتحرك وبدأ القطار يتحرك كالأفعى السوداء مغادرا محطة براغ. كنت في المقطورة لوحدي اهم بفتح حقيبتي اليدوية وإخراج كتاب للقراءة عندما فتح باب المقطورة ورأيتها واقفة في وسط باب المقطورة، موشحة بالوهج الشمسي المسلط عليها من النافذة المقابلة فبدت وكأنها ملاك قادمة من الغيوم السماوية. لم أدر كم كان مدة وقوفها ولكن عيوني إستطاعت في لحظة خاطفة من ذلك الزمن المجهول أن تقوم بالمسح التصويري لجسدها الفاره المتناسق من رأسها إلى أخمص قدميها وشعرت بأن نظراتي قد إخترقتها والتصقت بقوامها حتى أنني لم أسمع أي كلمة قالتها ولكنني فهمت انها تسألني إن كنت أسمح لها بالجلوس. خرجت من فمي حشرجة غير مفهومة دعمتها بإشارة من يدي تعني الف نعم.
شكرتني واستدارت لتضع حقيبتها الصغيرة على الرف فلحقتها نظراتي كما تلاحق نظرات الناقد صورة زيتية لفنان مشهور باحثا عن مأخذ فلا يجد إلا عملا فنيا متقنا خال من أي عيب. جلست على المقعد المقابل واضعة ساقا على ساق فإنحسر الفستان قليلا فوق ركبتها كاشفا مساحة قليلة من ساقها فبدت ساقاها كشلال من عصير الحسن المفترس.
تسمرت نظراتي على ساقيها وكأنما دقتا بمسامير فولاذية وأخذت اعاتب نفسي: " إحترم شيبتك يا رجل!" ولكني لم أستطع أن أقلع نظراتي بالتخلي عن تلك الساقين المتحديتين. إلتقت نظراتنا فابتسمت كأنها تقول، نعم أنا واعية لنظراتك، فانطلقت من فمي دون وعي مني كلمات "أعذريني أنا آسف، لم أستطع أن أمنع نفسي". ضحكت وقالت:" لا حاجة للإعتذار فنظراتك لا تؤذيني."
شعرت بالإرتباك وقلت لها: أتعنين أنني رجل عجوز ليس مني أي خطر؟" ضحكت مرة أخرى وقالت: " لا، لم أعن ذلك، ولكنني كإمرأة إعتدت أن أفرق بين النظرات، فبعضها يعبر عن الإعجاب وهي ليست خطيرة وأخرى تدل على النهم الجنسي وهذه أخافها." ثم أضافت: " ليس للعمر هنا أي دور."
عم الصمت المقطورة وأخذت أتصفح أوراق كتابي عله يلهيني ويخفي إرتباكي ولكنني سمعتها توجه إلي الكلام وتقول:" أرجو المعذرة، فمن أي بلد أنت؟" أجبتها سائلا وهل هو ظاهر على وجهي انني غريب؟" فأجابت أنت تتكلم التشيكية جيدا ولكن هناك في كلامك لكنة غريبة، هذا بالإضافة إلى أن شكلك يدل على أنك من بلد ما من الشرق أو من جنوب أوروبا." قلت لها أنا عربي من فلسطين.
نظرت إلي لحظة كأنما هي تدرس ملامحي ثم قالت: " لقد كان معي في الجامعة بعض الطلاب العرب ومنهم فلسطينيون ولكنني في الواقع لم أعرفهم لأنه لم يكن بيننا أي تواصل." قلت لها هذا من سوء حظهم." ثم سألتها إن كانت تعرف شيئا عن فلسطين وقضيتها فأجابت بأنها تعرف ما تسمعه من الأخبار وأنها تعتقد أن المشكلة طالت كثيرا حتى ما عادت أخبارها تثير الناس." ثم أضافت قائلة:" في الحقيقة أنا مهتمة بالإسلام وأحاول في أوقات فراغي وعندما تسنح لي الفرصة أن أقرأ ما يكتب عن الإسلام كدين وعقيدة." صمتت لحظات ثم سألتني إن كنت مسلما فأجبتها بالإيجاب وأضفت سائلا: " لماذا يهمها الإسلام؟ فأجابت: " لأنه أصبح قريبا منا في أوروبا وأريد أن أفهم هذا الجديد، القادم إلينا من الشرق، هل هو صديق أم عدو؟ أحاول أن أتفهم الإسلام على حقيقته، وقلما أجد كتبا باللغة التشيكية أو السلوفاكية عن حقيقة الإسلام وأخبار الصحف والإعلام لا تهمني فهم يبحثون عن الأخبار المثيرة كأخبار القاعدة وإبن لادن والمرأة خلف النقاب والزواج من أربعة وما إلى ذلك، ولكنني قرأت عن الإسلام الصوفي وأعجبني ما قرأت."
لم أعد أنظر إلى ساقيها وتمعنت النظر في وجهها الجميل وعينيها الواسعتين وبانت لي أكثر جمالا، ثم فتحت حقيبتي الصغيرة وأخرجت كتاب صدر لي قبل فترة باللغة التشيكية تحت عنوان " مأزق الخطاب الديني- الإسلام ضد المسيحية، صراع ديني أم صراع مصالح" وقلت لها: " أود أن أهديك هذا الكتاب وأظن أنه سيعجبك".
أخذت الكتاب من يدي وقلبت صفحاته ثم نظرت إلي وقالت: " هل أنت مؤلف الكتاب؟ هذا جميل منك وسأقبل الهدية بسرور وأكون سعيدة إن كتبت لي بعض كلمات إهداء." أخرجت القلم من جيبي ومددت يدي وأخذت من يدها الكتاب وفتحت الصفحة الأولى ونظرت إليها وانتظرت." فهمت معنى إنتظاري فأخرجت من حقيبة يدها كرتا صغيرا وقدمته لي.
قرأت الإسم والمعلومات المسطورة على الكرت فإنبهرت- الدكتورة......، دكتوراة في الفيزياء الكمية، دكتوراة في الفيزياء الذرية، مديرة قسم الطب الذري في أكاديمية العلوم السلوفاكية، ممثلة الأكاديمية السلوفاكية للبحوث الطبية الذرية في الإتحاد الأوروبي.
كتبت بعض كلمات الإهداء باللغة السلوفاكية وأضفت إليها بعض الكلمات بالعربية ووقعت إسمي باللغتين وقدمت لها الكتاب. أخذته مني وشكرتني ثم سألتني عن معنى الكلمات بالعربية فقلت لها: " معناها أنك جميلة العقل والروح والجسد، جمال عقلك وروحك ألهياني عن جمال جسدك. " ضحكت وقالت: شكرا على الكلمات وشكرا على الكتاب، سأقرأه في عطلة الأسبوع.
تحدثنا طويلا، عن فلسطين وعن العرب والإسلام وعن الفيزيا الكمية والفيزياء النووية ومجالاتها الطبية. أخبرتني أنها كانت في بروسل، عاصمة الإتحاد الأوروبي، لحضور مؤتمر يتعلق بتطبيق الفيزياء النووية في الطب. تحدثنا وتحدثنا ولم أدر كم مر علينا من الوقت إلى أن سمعت صوت السماعة في الكابينة تعلن عن دخولنا محطة براتسلافا.
قمنا، ساعدتها في إنزال حقيبتها عن الرف فشكرتني ثم قالت:" سيارتي في موقف المحطة، بإمكاني أن أوصلك حيث تريد." شكرتها وقلت لها أن إبني سيأتي لمقابلتي. غادرنا القطار وتوجهنا نحو قاعة الخروج. كان إبني واقفا في وسط القاعة في إنتظاري، قدمته لها قائلا : هذا إبني الصغير ويحمل نفس إسمي. صافحته وقدمت نفسها ثم صافحتني مودعة فقبلت يدها وأعدتها لها مكرها. تركتنا وتوجهت نحو موقف السيارات ونحن ننظر إليها نودعهها بعيون الإعجاب. نظر إبني إلي وقال: " جميلة جدا" فقلت له: لو تر عقلها يا بني فهو أروع و أجمل.



#نضال_الصالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يساريون لا يزالون يعيشون في الماضي
- في الذكرى الثامنة لتأسيس الحوار المتمدن
- كيف رفع الشيوعيون القدماء في الدول الإشتراكية شعار العداء لل ...
- لمن نكتب وهل من يقرأ؟
- الحقائق التاريخية والعلمية مقابل النص المقدس
- التدين واليسار
- صراع مع الموت
- الحذاء
- الشيوعي وسقوط الحلم
- العلاج بواسطة الصلاة عن بعد
- كيف جرى تزوير تاريخ فلسطين والشرق الأدنى القديم
- الصديقة
- الحائرة
- عقال الباشا
- الملاك
- هل هناك حياة أخرى موازية لحياتنا على الأرض؟
- تعالوا نحطم مرايانا
- كيفية ظهور - الله- في الوعي العربي
- بعض من الحكم التاوية
- أمنية


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نضال الصالح - ما بين ساقيها وعقلها