أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعدون هليل - ادوارد سعيد في كتابه -المثقف والسلطة-: الوعي النقدي في مواجهة الواقع















المزيد.....

ادوارد سعيد في كتابه -المثقف والسلطة-: الوعي النقدي في مواجهة الواقع


سعدون هليل

الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 18 - 22:38
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يمثل كتاب "المثقف والسلطة" للراحل المفكر والمثقف الكوني د. أدوارد سعيد، خطوة هامة في تشخيص نوع المثقف وعلاقته بالسلطة وسعيد مثقف منحاز للانسانية ومنذ ظهور كتابه السجالي "الاستشراق" الذي ترجم الى معظم لغات العالم، والذي حقق انتشارا واسعاً، واسس منهجاً علمياً في مجال علم الاستشراق، ويضاف اليه كتابه الثاني "الثقافة والامبريالية" الذي يعتبر في نظر الكثير من المتابعين بمثابة "الجزء الثاني" لـ"الاستشراق" الذي حقق مكانة علمية وفكرية لا تقل عن قرينة "الاستشراق".
لان كتاب "الثقافة والامبريالية" كتاب شامل يتسم بالموسوعية فهو يجمع بين التاريخ والسياسة والجغرافيا والأدب والفلسفة والنقد ويمكن ان نعتبره ضمن الادب المقارن.
أما كتابه المعنون "المثقف والسلطة" فيتميز بالشمولية والموسوعية، حول دور المثقف وشرح وظائفه، حيث يركز على ضرورة ان يمتلك المثقف وعياً نقدياً لتفسير الواقع.
يضم الكتاب ستة فصول مع مقدمة، ومقدمة أخرى كتبها المترجم الدكتور محمد عناني، التي تعد بمثابة مدخل تعريفي بهذا المفكر، وفلسفته النقدية. وهذا الكتاب المتميز "أعدت قراءة الكتاب بتمهل فوجدت ان المحور الرئيس الذي تدور حوله هذه الدلالات جميعا هو علاقة "المثقف والسلطة" فهو محور كل فصل من فصول الكتاب، ان كان الموضوع يتشعب ويتفرع عند تناول الجوانب المختلفة لهذه الدلالات الكثيرة المتشابكة.
والاجابة عن هذا السؤال تتطلب تعريفا محدداً للمثقف، فهل هو صاحب المهنة الفكرية المحترف أم هو المفكر الهاوي المستقل. هذه الأسئلة التي يطرحها المفكر الفلسطيني ادوارد سعيد، في هذا الكتاب القيم.
تناول في الفصل الاول "صور تمثل المثقف" يحدد ادوارد سعيد المفكر بتعريفين، يتسمان بالتعارض الاساس حول هذه المسألة وهما من اشهر تعريفات القرن العشرين، الاول للمفكر والمناضل الماركسي والفيلسوف السياسي غرامشي، قائلاً: "ان جميع الناس مفكرون" ولكن وظيفة المثقف او المفكر في المجتمع لا يقوم بها كل الناس" ويحاول غرامشي ان يبين ان الذين يقومون بوظيفة المثقف او المفكر في المجتمع يمكن تقسيمهم الى نوعين: الاول يضم المثقفين التقليديين مثل الكهنة والاداريين، وهم الذين يستمرون في اداء ذلك العمل جيلاً بعد جيل. والثاني يضم من يسميهم المثقفين المنسقين، وكان غرامشي، يرى أنهم يرتبطون مباشرة بالطبقات او المشروعات التي تستخدم المثقفين في تنظيم مصالحها، واكتساب المزيد من السلطة والمزيد من الرقابة وفي الطرف الآخر نجد التعريف الأشهر الذي وضعه "جوليابند" للمثقفين بعنوان "خيانة المثقفين" وهما هجومان لاذعان على المثقفين الذين يتخلون عن رسالتهم ويفرطون في مبادئهم أكثر من كونهم تحليلاً علمياً للحياة الثقافية.
وهو يقول: ان المثقفين الحقيقيين يشكلون طبقة العلماء والمتعلمين البالغي الندرة حقاً لان ما ينادون به هو المعايير الخالدة للحق والعدل، وهي التي لا تنتمي الى هذه الدنيا.
يرى سعيد ان صورة المثقف الحقيقي التي رسمها بندا عموماً سوف تظل صورة خلابة.
وأما التحليل الاجتماعي الذي يقدمه غرامشي للمثقف باعتباره شخصاً يؤدي مجموعة محددة من الوظائف في المجتمع فهو اقرب الى الواقع من أي شيء يقدمه بندا لنا.
يناقش الفصل الثاني كاتب "خيانة المثقفين" لجوليان بندا، يعتقد ان بندا حين كتب ذلك الكتاب في عام 1927 يرى ان الاهتمام بالمثقفين او المفكرين معناه الأهتمام بالاوربيين وحدهم.
لكن ادوارد سعيد يقول لقد تغيرت الاحوال كثيرا منذ ذلك التاريخ ففي المقام الاول لم تعد اوربا والغرب، حامل اللواء الذي لايتحداه احد لبقية العالم، اذ ان تفكيك الامبراطوريات الاستعمارية العظمى بعد الحرب العالمية الثانية قلل من قدرة اوربا على الاشعاع فكرياً وثقافياً لاثارة ما كان يسمى بالمناطق المظلمة على الارض.
فالمثقفون او المفكرون الفرنسيون، على سبيل المثال، تختلف صورتهم تماماً من حيث التاريخ والاسلوب عن نظرائهم العينيين. وبعبارة اخرى فأنك حين تتحدث عن المثقفين اليوم معناه ان نتحدث أيضاً وبصفة محددة عن اختلافات معينة ما بين القوميات والادباء والقارات ويتطلب كل منها بحثاً منفصلاً فالمثقفون او المفكرون الافريقيون او المثقفون او المفكرون العرب، كل منهم ينتمي الى سياق تاريخي بالغ الخصوصية، وله ما له من مشكلات وامراض وانتصارات وخصائص.
اما الفصل الثالث فقد عالج: "المثقفون المغتربون والهامشيون".. يؤكد سعيد ان المنفى مستقى من التاريخ الاجتماعي والسياسي للنزوح والهجرة، وهو الذي بدأت به هذه المحاضرة لكنه ليس مقصوراً على ذلك. فقد نجد ان المثقفين الذين عاشوا اعمارهم كلها افراداً في مجتمعهم يمكن تقسيمهم الى المنتمين واللامنتمين، بصورة ما، أي من ناحية معينة اولئك الذين ينتمون انتماء كاملا الى المجتمع بحالته القائمة، وتزدهر احوالهم فيه دون ان يغلبهم الاحساس بالنشوز عنه او الاختلاف معه، أي من يمكن ان نصفهم بأنهم من يقولون، نعم، وعلى الناصية المقابلة نجد الذين يقولون، لا، أي اولئك الافراد الذين هم في شقاق مع مجتمعهم، ومن ثم فهم لا منتمون، ومنفيون فيما يتعلق بالمزايا والسلطة ومظاهر التكريم.
ويقول سعيد عن المثقف المغترب "ان المثقف الذي يدفعه احساس المنفى لا يستجيب الى منطق ما هو تقليدي عرفي بل الى شجاعة التجاسر، والى تمثيل التغيير، والتقدم الى الأمام لا الى الثبات دون حركة" في الفصل الرابع بعنوان "محترفون وهواة" يناقش سعيد في هذا الفصل المفكر الفرنسي "ريجيس ديبراي" المعروف بالحذق وتعدد المواهب كتابه "معلمون ومشاهير: المثقفون في فرنسا الحديثة" يقول سعيد ان الفكرة التي يعرضها ريجيس في هذا الكتاب موقف المثقفين الباريسيين ما بين عام "1880- 1930" مرتبطون اساسا بجامعة السوربون قائلا: "انهم كانوا لاجئين علمانيين يفرون من بطش الكنيسة والنزعة البونابارتية، وكان المثقف يحتمي بلقب الاستاذ وعمله في المختبرات والمكتبات وقاعات الدرس ويستطيع في موقعه ذاك ان يحرر خطوات تقدم مهمة في المعرفة الانسانية".
ويعتقد سعيد ان ديبراي في هذا الكتاب يقتصر على الوضع المحلي في فرنسا وهو الذي نشأ نتيجة صراع بين القوى العلمانية والامبراطورية والكنسية في ذلك المجتمع منذ ايام نابليون.
وهنا يتساءل ادوارد سعيد –كيف- يخاطب المثقف السلطة؟ هل يخاطبها باعتباره محترفاً ضارعاً إليها ام باعتباره ضميرها الهاوي الذي لا يتلقى مكافأة عمل يفعل. وهنا يؤكد "إذ لا أزال ارى ان الجامعة في الغرب وفي امريكا بكل تأكيد، ما زالت على ان توفر للمثقف او المفكر مكاناً يشبه المدينة الفاضلة حيث يستطيع فيه التأمل والبحث، وان كان ذلك في ظل قيود وضغوط جديدة".
عالج في الفصل الخامس: "قول الحقيقة للسلطة" ان المثقف لا يتسلق جبلاً او يعتلي منبراً حتى يعلن ما لديه من الأعالي.
يرى سعيد ان المثقف ليس موظفاً او عاملاً يكرس جهوده كلها لتحقيق اهداف السياسات التي تضعها الحكومة او الشركات الكبرى او حتى النقابات التي تضم مهنيين يفكرون بالاسلوب نفسه.
ففي هذه الحالات نجد ان الاغراء بتعطيل الحاسة الاخلاقية، او بحصر التفكير في حدود التخصص الدقيق، او بقمع التشكل في سبيل موافقة الآخرين اغراء اكبر من ان يكون موضع ثقة".
اما الفصل السادس والاخير "أرباب دائبة الخذلان" يناقش ادوارد، دور المثقف الانتهازي، او شخصيته المتقلبة يقول: "انني اعارض التحول الى عبادة أي رب سياسي او الايمان به مهما يكن نوع هذا الرب. فأنا اعتبر ان هذا او ذاك يمثلان سلوكاً لا يليق بالمفكر لا يعني هذا ان على المفكر ان يظل واقفاً على حافة باقصى ما يستطيع من طاقة وبين سلبية السماح لراعٍ من الرعاة او سلطة من السلطات بتوجيهه فمن وجهة نظر المثقف او المفكر العلماني، امثال تلك الارباب دائماً ما تخذل عبادها.
خلاصة القول ان الكتاب مهم من حيث موضوعه لانه يعالج بعمق مسألة المثقف او المفكر بالسلطة- والدور الذي ينسب له.
لقد ظل سعيد وفياً لافكاره التي مسها بصورة عابرة في "بدايات" وشرح بوضوح تام في "استشراق" ثم وسعها ومد تحليلها في "الثقافة والأمبريالية" وكذلك في "المثقف والسلطة" الذي يعيد الاعتبار الى مثقف الحديث بالمعنى التاريخي للكلمة.






#سعدون_هليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رضا الظاهر في حوار مع -طريق الشعب-:


المزيد.....




- لافروف يتحدث عن المقترحات الدولية حول المساعدة في التحقيق به ...
- لتجنب الخرف.. احذر 3 عوامل تؤثر على -نقطة ضعف- الدماغ
- ماذا نعرف عن المشتبه بهم في هجوم موسكو؟
- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام 12 سجينة في طقس -خميس العهد- ...
- لجنة التحقيق الروسية: تلقينا أدلة على وجود صلات بين إرهابيي ...
- لجنة التحقيق الروسية.. ثبوت التورط الأوكراني بهجوم كروكوس
- الجزائر تعين قنصلين جديدين في وجدة والدار البيضاء المغربيتين ...
- استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع الشفاء لليوم ا ...
- حماس تطالب بآلية تنفيذية دولية لضمان إدخال المساعدات لغزة
- لم يتمالك دموعه.. غزي مصاب يناشد لإخراج والده المحاصر قرب -ا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سعدون هليل - ادوارد سعيد في كتابه -المثقف والسلطة-: الوعي النقدي في مواجهة الواقع