أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حسن طبرة - أشهد أن الرشوة حق















المزيد.....

أشهد أن الرشوة حق


حسن طبرة

الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 18 - 20:00
المحور: كتابات ساخرة
    


من خلال زيارتي إلى الجمهورية العربية السورية التي قمت بها بواسطة إحدى شركات السفر والسياحة في بغداد في خريف عام 2009 والتي كان الهدف من ورائها زيارة العتبات المقدسة في سوريا إضافة إلى بعض الأعمال الأخرى مثل زيارة جامعة دمشق لأغراض بحثية حيث أنني طالب ماجستير في الجامعة المستنصرية علني أجد بعض الدراسات الحديثة التي تتعلق بدراستي وتزودني ببعض المعلومات الضرورية ، لا أريد أن أطيل على القاري بسرد قصة السفر من أولها لآخرها مع العلم إن في السفر فوائد كثيرة رغم المصاعب والمتعاب التي قد يتعرض لها المسافر ، فالتعرف على الدول والبلدان والشعوب شيء يثري معرفة الإنسان ويزيد من انفتاحه وسعة تفكيره وكثرة تجاربه ، إذ إنه لا بد وأن يصادف الكثير من الأمور التي يعدها غريبة بالنسبة له أو بالنسبة للبيئة التي يعيش فيها إذ لم يعتاد عليها ، فالفرد الذي لم يسافر أو لم يخرج من بلده سوف يكون نظره قاصراً فهو يتصور أن الحياة في كل البلدان هي مشابهة لحياته التي يعيشها وإن كان فرق فهو بسيط ، لا يري إن الموازين قد تنقلب رأساً على عقب وأن هناك إختلافاً كبيراً في الطباع والعادات والأعراف عليه أن يتأقلم معها وأن يتعامل معها بحذر ، فقد حدثني بعض أصدقائي الذين زاروا الجارة الشقيقة سوريا وعملوا فيها عن مدى حرص المجتمع السوري بشكل عام على امتلاك الأموال وتحصيها بالطرق المشروعة وغير المشروعة أي بالحيلة والخداع وتميزهم بها ، علماً إنني لست هنا في معرض القدح بالشعب السوري الشقيق ، ولكن أتكلم بعمومية تامة ، فهذه الصفات التي ذكرتها لا تنطبق على كل أفراد المجتمع بالتأكيد وإنما هي ظاهرة عامة منتشرة هنالك كما أن هنالك الكثير من الظواهر السلبية المنتشرة في مجتمعنا العراقي التي لا نتورع عن إنتقادها وشن الهجمات عليها ، وندرسها دراسة علمية على طريقة الأستاذ الكبير العلامة علي الوردي ، عالم الإجتماع الذي درس العادات والتقاليد بطريقة علمية مبتعداً عن العيب والحرام ذاكراً عيوب ومساوئ الشخصية العراقية ومدى اتصافها بالازدواجية وتغلل الطبائع البدويه فيها .. إلخ ، لذا فإن مشاهداتنا في الدول المجاورة تجرنا إلى عقد مقارنة سريعة بين عادات هذا البلد وعادات بلدنا ، حيث أن تفشي الرشوة بشكل كبير في العراق والتي تمثل مظهر من مظاهر الفساد المالي والإداري على نطاق واسع ، وذلك لأسباب كثيرة مر بها المجتمع العراقي من ضغوط الجوع والحرمان والعوز أيام التسعينات التي اضطرت الموظف العراقي لأن يقبل الهدية ويطلب الرشوة مقابل أعماله الوظيفية بسبب قلة الراتب الذي بات لا يسد تكاليف النقل بين البيت والدائرة ، وغيرها من الأسباب ، جعلت من الرشوة ظاهرة مستفحلة ومرض مزمن يعاني منها الجهاز الإداري العراقي ، ولم تتمكن المحاولات العديدة بعد سقوط النظام من التغلب عليها ، نعود الآن إلى موضوع السفرة بعد أن وضحنا قضية الرشوة وإنتشارها في العراق ... عند وصولنا إلى معبر الوليد المخفر الحدودي العراقي والبقعة الأخيرة من الأراضي العراقية في الساعة الثالثة والنصف صباحاً تقريباً نزلنا من الباص وتوجهنا إلى مكتب ختم الجوازات الذي وجدت فيه طابوراً طويلاً ولحسن حضي أنه تم إستحداث طابور جديد تم نقلنا إلية لتخفيف الضغظ ولسرعة إنجاز ختم الدخول ، فعندما وصلت للشباك أخذ الموظف جوازي ووضعه في جهاز لكشف الجوازات المزورة ، وطلب مني حينها مبلغ خمسة آلاف دينار تخيلت أنها رسم حكومي ، ولكنني علمت فيما بعد أنها رشوة إلزامية يدفعها المسافرون لموظفي المخفر ، ولأنني نسيت محفظة نقودي في السيارة اضطررت لاستدانة لمبلغ من أحد المسافرين معي في الحافلة والذي كان يقف خلفي .. دفعت المبلغ وختم الجواز بختم الخروج ، ومن ثم توجهت إلى الباص لإنتظار بقية زملاء الرحلة الذين تجمعوا بعد فترة من الزمن وتحرك الباص نحو الحدود السورية مودعين أرض الوطن التي كان ختامها (رشوة) وفي ذلك فاليتنافس المتنافسون !!! . وأما دخولنا إلى الحدود السورية فكان في الساعة الثالثة والنصف تقريباً والتي عشنا بها ساعات عصيبة ، إذ تلقينا بعد دخولنا إلى المبنى الذي تختم فيه الجوازات الطوابير الطويلة للمواطنين العراقيين الذين يرومون الدخول إلى الأراضي السورية .. في هذا الوقت من الليل ، والموظفون السوريون يقفون كأنهم أمام كعكة ينهشون منا ما ينهشون ويتقاسمون منها ما يتقاسمون فكلما وقفت في طابور عندما تصل إلى الشباك يطلب منك الموظف مبلغ من المال (رشوة) بشكل علني وأمام أعين الجميع ، ولا يقبل من مبلغ قليل .. أما الكثير فهو مقبول طبعاً ، لحسن الحظ كانت لدي فئات من العملة السورية إذ فإذا لم يكن لديك عملة سورية تضطر لدفع مبلغ أكبر بالعملة العراقية ، ويتم إستفزاز المواطن في حالة عدم دفعه الرشوة ، فهي كما علمت تعتبر حق من حقوقهم الشرعية ، ويجبر المواطن العراقي على دفع الرشوة عدة مرات .. فكل موظف تراجعه يطلب منك المال لإنجاز عملك سواء كانت في البصمة أو في الختم وما إلى ذلك ، وبعدما أن تمت المهمة وتم ختم جوازاتنا بالدخول إلتحقنا بالباص الذي كان واقفاً للتفتيش ، وحمدنا الله حيث إنتهى كل شي وما علينا إلا الإنطلاق والذهاب إلى دمشق ، ولكن آمالنا هذه خابت .. عندما رأينا إن مدة التفتيش قد طالت بشكل غير معقول .. إذ أصبح الصباح ومرت الساعات ونحن على هذه الحالة ، والموظفون يفتشون .. ويأمرون السائق .. إفتح المكان الفلاني .. والآخر .. وهذا أيضاً .. وطلبوا من السائق جلب الدرنفسيات (آلات الفك) بغية فك بعض المواضع في السيارة حتى إننا حسبنا إنهم يريدون تفصيخ السيارة لتفتيش !! وبعد فترة تفاهم الحملدار مع بعضهم ، وعلم أنهم لا يريدون سوى النقود ، فلوا كان أعطاهم النقود (الرشوة) من البداية لكان جنبنا عناء الإنتظار إذ أرهقنا ذلك وأتعبنا كثيراً ، فإعطى الحملدار ملبغاً كبيراً من المال ، إذ كانوا يهددوننا بمنعنا من المرور وإرجاعنا إلى العراق فكانت لنا حرب نفسية ومادية ، قلت في نفسي على أثرها إن هذه أول وآخر مرة أزور فيها سوريا ، وامتعضت كثيراً وتكلمت مع الحملدار وعبرت له عن إمتعاضي ، إلا أن الحملدار أجابني مبتسماً إن هذا شيء عادي .. ونحن متعودون عليه .. فالرشوة لديهم ((حق)) !! .. وضريبة يجب على كل زائر دفعها ، تعجبت من ذلك كثيراً ، وترحمت على الرشوة في العراق .. إذ إن المرتشين في العراق يستحون من أخذ الرشوة بشكل علني ، ويطلبون من الموظف إخفائها بالمعاملة أو بالشهادة الجنسية كما حصل لي عن مراجعتي لمعاملة في دائرة تسجيل عقاري الكاظمية !! .





#حسن_طبرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوبوغرافيا المجتمع وملامح السلوك الإنحرافي
- الفقر .. مفهومه وأنواعه
- وثيقة العهد الدولي .. وأزمة الديون العربية
- الأخلاق في نظر الأديان المختلفة
- حريق البنك المركزي .. من التالي؟
- الفساد .. سرطان يهدد مؤسساتنا التعليمية
- الفقر في العراق .. بين الأمس واليوم
- لتكن اهدافنا وطنية فعلاُ
- بلاد مابين النارين
- مجلس النواب العراق .. وأزمة الفساد


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حسن طبرة - أشهد أن الرشوة حق