أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مهدي بندق - المتشددون المسلمون يرقصون على موسيقي العدو و يهددون بحرب صليبية داخلية















المزيد.....

المتشددون المسلمون يرقصون على موسيقي العدو و يهددون بحرب صليبية داخلية


مهدي بندق

الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 18 - 02:11
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


في دار متواضعة للمسنين ، ُخصصت غرفة بسريرين واحد للمدعو شديد ، والثاني للمدعو فالح ، وذات يوم فوجئ فالح برائحة نفاذة غير مستحبة تملأ فراشه ، فانبرى معاتبا ً زميله : أيصح يا أخي شديد أن تأكل الفسيخ على سريري ؟! أقسم بآبائي أن أجئ بـ " الغائط " وآكله على سريرك .
تذكرت هذه النكتة السقيمة وأنا أقرأ ما صرح به البعض هنا في مصر عقب الاستفتاء السويسري الأحمق على حظر تشييد المآذن ثمة . قيل هنا : إن ضعف قيادات الدول العربية والإسلامية ، وحرصها على مقاعدها في الحكم ؛ هو ما يمنعها عن ترتيب استفتاء مماثل تكون نتيجته منع تعليق الصلبان على الكنائس وتحريم دق أجراسها في بلادنا ! ( صحيفة النبأ 5/12/2009 ) هكذا راح " فالح " يهدد ( ضمنا ً) زميله " شديدا ً " بأنه في حالة استيلائه على السلطة فلسوف يفعل علناً فعل الفاشيين ( يخنق مواطنيه الأقباط ليكون السن بالسن ! ) مغامرا ً بالدخول في حرب أهلية ، ومستعدا ً للحرب العظمي ضدا ً على مسيحيي العالم ويهوده ! أي أنه باختصار سيكون جاهزا ً لأن يأكل الغائط لكي " يقرف " شديدا ً!
ربما رأى القارئ أن الاهتمام بمثل هذا الطرح – بنقضه وتفنيده – تحصيل حاصل ، فقيادات العالم العربي والإسلامي محصنة دستوريا ً وإسلاميا ً أيضا ً من خطر الانزلاق إلي ذلك الشرك المريع .. بيد أن الدول ( في عصر ما بعد الحداثة ) لم تعد صاحبة الكلمة الأخيرة في القرارات المصيرية . فثمة قوى مجتمعية "غير مسئولة " يمكنها أن تباشر ضغوطا ًعنيفة على أنظمة الحكم " المسئولة " ، بجانب أن تلك القوى باتت قادرة على العمل باستقلالية عن أنظمتها، ضاغطة ً في اتجاه أن تتغير أنظمة الحكم ذاتها – بالانتخابات أو بالانقلابات - لصالح " أصولية " مرجعيتها : الماضي بمخايلاته العاطفية والأسطورية ، بينما المستقبل بالنسبة لها أمر غير جدير بالتفكير .
الخطورة إذن صارت على مرمى البصر ، فلقد ُولدت من صلب ورحم الأحداث التاريخية الكبرى في عصرنا الحديث : الاستعمار ، النهب الإمبريالي لموارد العالم الثالث ، ضياع حلم البشر في أن يأتي يوم يسود فيه العدل ، خاصة بعد انقشاع الوهم " الاشتراكي " بانهيار الاتحاد السوفيتي ( نظام رأسمالية الدولة ) إثر هزيمته أمام الرأسمالية الصريحة في الحرب الباردة . وكل هذا كان من نتائجه : التشكك في قيمة العقلانية ، وانحسار الإيمان بمقولة أن الإنسان سيد مصيره ، وانقلاب التفاؤل بمستقبل يحرر العلم فيه البشر من الفاقة والجهل والمرض والبطالة ...الخ إلي تشاؤم فظ جراء هيمنة اللوردات الجدد على المصائر بآليات التكنولوجيا ، وسطوة المؤسسات المالية والشركات العملاقة عابرة القارات .
من هو العدو ؟
في ثنايا تلك المشاعر السلبية كان منطقيا ً أن يبحث الناس الصغار عن كهوف تقيهم شرور ذلك الطوفان . عندئذ وجد بعضهم بغيته في الطائفية بديلا ً عن الولاء للدولة التي لم تقدم لهم الحماية الكافية ، ورأى البعض الآخر في الاستمساك الشديد بطقوس الدين ما تطمئن به قلوبهم ، أما البعض الثالث ( من ذوى العزم ) فاختاروا سبيل الجهاد ، ولكن من دون التفات إلى حقيقة العدو المعاصر ( النظام الرأسمالي العالمي ) فوقعوا في مصيدة استدعاء الماضي التاريخي صائحين : إن عدونا هو الصليبيون واليهود . هنا صفق لوردات النظام العالمي ترحيبا ً ، تماما ً كما سبق وصفقوا للنازية التي رفعت شعارها: عدونا هو الشيوعيون واليهود . فكان أن وظفت الرأسمالية العالمية هذا الشعار الغوغائيّ المضلل للخروج من أزمتها المالية الطاحنة ، مغرية الألمان النازيين بإشعال حرب عالمية كان حصادها 80 مليونا من القتلى والجرحى والمشوهين . يقول اللوردات : بالحرب الساخنة قضينا على النازية العنصرية عدوة البشر ، وبالحرب الباردة أسقطنا العدو الأحمر مبغض الديمقراطية .. واليوم هاهو ذا عدوكم الأخضر الجديد يا دافعي الضرائب قد كشف عن وجهه ، فاتركونا إذن نعد له العدة من حصار وعقوبات اقتصادية وسياسية ، ومن قنابل نووية إذا لزم الأمر ، والويل لكم إن نسيتم يوم الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 وغيره من أيام الإرهاب الأخضر على مستوى العالم .
خطوة للأمام خطوتان للوراء
قد يجادل منا عقلاء ُ – لا ينتمون لنموذج " فالح " – محتجين بأن ما جرى في سويسرا لا يعبر إلا عن نوازع شريرة لدى اليمين المتطرف وحده ، وآية ذلك أن عددا ً من مقاطعات سويسرا منعت نشر وتعليق الملصقات الرافضة لبناء المآذن ، والملصقات المذعورة من النقاب بحسبان تلك الملصقات عنصرية ً مستفـِزة ً لمشاعر المسلمين المقيمين بالبلاد (300 ألف من 7.5 مليونا ً أي بنسبة 4 % ) كما رفضت صحيفة 24 ساعة السويسرية اعتبار الإرهاب والنقاب والسيوف والصواريخ رموزا ً خاصة بالإسلام ، كذلك فقد شددت كاترين جورنج القيادية بحزب الخضر الألماني على أنه من الخطأ إخضاع الحريات الدينية للاستفتاءات ، بينما انتقد الفاتيكان نتيجة هذا الاستفتاء بقوة لا غش فيها ، وأما " نيكولاي ساركوزي" رئيس فرنسا( وهو بالمناسبة يهودي) فقد أعلن أنه لا يعارض بناء المساجد ، وإن دعا اليهود والمسيحيين والمسلمين إلى ممارسة شعائرهم الدينية دون مبالغة أو استفزاز. وكل هذا لا شك قد يهدئ من الخواطر ولو قليلا . ولكن تبقى نتيجة الاستفتاء ذاته (57% موافقون ، وهي نسبة كبيرة في الأعراف الأوربية ) مؤشرا ً ذا دلالة على استمرار زحف اليمين الصهيوني المسيحي المتطرف نحو تفجير العلاقات مع المسلمين .. ففي مثل هذه الأزمات المعبرة عن آفاق الإستراتيجية ، فإن التكتيك المتبع عادة هو التقدم صوب التهدئة خطوة إلى الأمام ، يليها خطوتان إلى الوراء ، والشاهد أنه بعد الهجوم البربري الذي دمر برجي التجارة في نيويورك ، وإعلان الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش أنها "حرب صليبية" عاد وقال إنها زلة لسان كانت ، لكنه ما لبث حتى أصدر أوامره بغزو أفغانستان ! بعدها ، وعلى درب التمويه من جديد قام بزيارة ودية لمسجد المركز الإسلامي بواشنطون ، خالعا ً حذاءه عند الباب كناية عن الاحترام ، إنما قبل أن يمر عام على تلك "الغمزة " الناعمة جرى غزو العراق .

هل الحوار هو الحل ؟
يطيب لعدد غير قليل من المثقفين والمحللين السياسيين غسل أيديهم من دم الخطر القادم بحجة أنهم ضد التهويل ، وفي الوقت ذاته تراهم يكتبون حول الموضوع ولكن برزانة وهدوء أعصاب ربما ليقال عنهم إنهم ليسوا مع التهوين . والحق أن ما جرى في الآونة الأخيرة بسويسرا ، وما سيتكرر حتما في غيرها من البلاد الأوربية ( بدأت حملة مماثلة في هولندة منذ يومين ) لا مشاحة خليق بإيقاظ الموتى دون أكفانهم ، فالمسألة ليست هزلا ً ، ولا هي فتن طائفية محلية قد ينفع معها ولو إلى حين " قعدات العرب " ومجالس الصلح العرفية ، إنها مسألة استراتيجيات ، ومصالح عظمى ، وترتيبات مالية ، وتكتلات اقتصادية وسياسية ؛ لكنها جميعا ً تتقنع – هنا وهناك - بأقنعة التعصب للدين ، والتحوصل على القومية ، والخوف على الثقافة من الآخر المختلف ...الخ .
فهل يمكن للحوار بين الشعوب أن يكون الحل للتناقضات المنبثقة من النزاعات الدينية ؟( بغض النظر عما إذا كانت مفتعلة أم حقيقية) وما هي القنوات المتاحة لإجراء مثل هذا الحوار ؟ ومن هم الأشخاص المهيئون له بحكم ثقافاتهم ومعرفتهم العلمية بجذور المشكلات ، و في نفس الوقت القادرون بفضل مكانتهم على التأثير في شعوبهم ؟
أسئلة لابد من طرحها على النخب المصرية والعربية والإسلامية ، تمهيدا ً لنقلها إلى قرنائهم الغربيين ( ممن لا صالح لهم في اندلاع حرب صليبية جديدة ) سواء كانت مواقعهم في اليسار الأوربي ، أو الوسط أو حتى بين اليمين اللبرالي في كل الأمكنة بما فيها أمريكا، وذلك قبل أن تقع الآزفة التي ليس لها من دون الله كاشفة . وصدق الشاعر العربي الذي قال : أرى تحت الرماد وميض نار ٍ / وأخشى أن يكون له ضرام ُ / فإن النار بالنيران ِ تزكو / وإن الحرب أولها كلام ُ .



#مهدي_بندق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يمكن للشعب أن يتنازل - بحريته - عن حريته ؟
- الشعر سفيرا ً فوق العادة
- لماذا يرتعب المتدينون من كلمة الحرية
- متى يعتذر الغرب للشعب المصري
- المرأة العربية في المخيال الجمعي
- مقاربة مصرية لرباعية الإسكندرية
- رواية أن ترى الآن لمنتصر القفاش
- النقد الذاتي قطار المصريين إلي الديمقراطية
- عوليس الحمساوي وارهاب العودة للبيت
- الولاء لمصر ولو كره الفرس المعاصرون
- كل ضد إلى ضده
- مياه الأمن القومي بعد إنفلوانزا الخنازير
- هل يستقيل الكاتب من ديوان العولمة ؟
- الإسكندرية والتهاب العصب الخامس
- من عصاها تهرب الحواسب الكونية
- قصيدة : نسخة وذراها الخروج عن النص ِ
- لماذا لا يطلب الأخوان السلطة في مصر
- كتاب البلطة والسنبلة - إطلالة على تحولات المصريين
- غرام الأسياد بين الكفيل والأجير
- النصر الحمساوي بلغة الخبراء العسكريين


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مهدي بندق - المتشددون المسلمون يرقصون على موسيقي العدو و يهددون بحرب صليبية داخلية