أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - انتصار عبد المنعم - نحن أولاد الغجر














المزيد.....

نحن أولاد الغجر


انتصار عبد المنعم

الحوار المتمدن-العدد: 2857 - 2009 / 12 / 13 - 08:21
المحور: الادب والفن
    


اهتم الأدب والفن بفئات وطوائف من البشر همشتهم ظروف عديدة، منها ماهو متعلق بالتوزيع الجغرافي مابين جنوب وشمال أو مدن وقرى، ومنها ماهو متعلق بالأعراق والأجناس والطبقات. وغيرها من عوامل عديدة منعتهم من المشاركة الفعالة والتواجد الطبيعي في الحياة كغيرهم. بل إن الأمر -وفي كثيرمن الأحيان- تعدى حد الاهتمام ليتحول إلى اعجاب وافتتان بعوالم هؤلاء المهمشين كنوع من الإنصاف أو حتى التناول المحايد الذي يصورويبرز قضاياهم دون أخذ موقف محدد، ليجد القارئ أو المشاهد نفسه في موقف المشارك في العمل، لأن عليه هو نفسه تبني وجهة نظر خاصة به وحده دون تدخل الكاتب أو المخرج .من بين تلك الفئات، عالم الغجر الساحر المليء بالقصص والحكايات والأخيلة نتيجة جهلنا بخبايا عوالمهم ونشأتهم. فهم يعيشون دوما حياتهم الخاصة الغامضة على هوامش المدن في كل أنحاء الأرض كأبناء للتشرد وأولاد للرياح . وطنهم لا يتعدى خيمة ينصبونها في مكان ما لفترة يرتحلون بعدها إلى مكان آخر. يقاومون الحزن والفناء بالرقص والغناء كخبز يومي على موائد تخصهم وحدهم، فلا نصيب لهم على موائدنا، ولا يطمعون في موائد مَنٍ وسلوى سماوية تتنزل عليهم ، فسماؤهم مروج خضراء ممتدة، وجنتهم لا تتجاوز نعيم يوم ينقضي بلا جوع أو ملاحقة. الغجر أو النـَوَر هم أبناء الطبيعة والترحال الذين وعلى الرغم من النظرة السلبية التي ينتظرها الجميع إليهم ، فقد كانوا على الدوام مصدرا للإلهام والابداع للأدباء والفنانين الذين رأوا فيهم حبا للحرية والتوحد مع الطبيعة البكر بعيدا عن الجدران والقلاع متخلصين من سيطرة القوانين الأرضية والسماوية التى تفرض صور التعامل والعيش وشكل الزى على الجميع. فالغجر هم أنبياء أنفسهم وأرباب عوالمهم. ونحن نعترف لهم بهذا كله حينما نسلم أكفنا لضاربة ودع، عساها تخبرنا شيئا عن مستقبلنا المجهول. رأى الأدباء في حياة الغجر تحررا وحرية اختيار لا يملكونها، فإن جذبتهم حياة الغجر ليستمتعوا بها يوما أو يومين، فمن منهم لديه قوة الاختيار ليتخلى عن مجد الصالونات والبيوت المزخرفة ليعيش حياته بعيدا عن زخارف المدن الموشاة بالقوانين وافعل ولا تفعل، البس ولا تلبس، حرام وحلال، يجوز ولا يجوز، يمين ويسار، جنة ونار؟ . فالغجر هم أحفاد الانسان الأول الذي كان يجوب الأرض بفطرته السابقة للأديان والقوانين، والذى كان يعبر بجسده عن كل شئ عن السعادة والحزن، عن النصر والهزيمة. هكذا الغجرية ترقص إن فرحت وإن حزنت، ترقص إن أحبت أو إن أرادت انتقاما، ترقص لتخرج من حدود المكان والزمان تحتفى بالحياة، تعبر بجسدها وحده بلا خجل، فجسدها هو ريشتها وقلمها ، والرقص هو اللغة الوحيدة التى تجيدها. ومن هذا ارتبط تسمية أشهر فنون الرقص في أسبانيا بالغجر، وهو الفلامنكو الذى يحتوى على الغناء والرقص والعزف على الجيتار بالإضافة الى التصفيق الجماعي أو الفردى. وسواء كان الغجر هم من يرفضون الاندماج أو أن مجتمعاتهم ترفضهم وتلفظهم خارجها وتنظر لهم على أنهم مشردون ولصوص وخارجون عن القانون، فقد ولع الأدباء بعوالمهم، واقتربوا منهم تجذبهم الغجرية التي رأوا فيها عالما سحريا ذا نكهة ايروتيكية بجسدها الذى لم تروضه عادات وتقاليد الحضارة. وتبقى «كارمن» الغجرية خالدة فى رواية الروائي الفرنسي بروسبير ميرميه، ويبقى صوتها مغردا: أنا حبى كولد غجرى/ إن لم تحبنى فسوف أحبك/ وإن أحببتني فاحترس، بعد ان تحولت على يد الموسيقار الفرنسي جورج بيزيه إلى واحدة من أشهر الأوبرات العالمية. أما عشق الشاعر الإسباني فديريكو غارثيا لوركا للغجر فهو الأعظم ، فلم يسبق لشاعر عالمي أن أحبَّ الغجر وشغف بهم كلوركا .الذى عشقهم وأدمن أغانيهم و استوحى من إيقاع رقصهم ، إيقاعا داخليا للكثير من قصائده حتى ظنه بعض دارسيه أنه غجرى!. وبالنسبة لكتابنا العرب يجيء الكاتب أنيس منصور في مقدمة المهتمين بعالم الغجر بمقولته الشهيرة «لو لم أكن غجريا لوددت أن أكون غجريا». ويكتب «نحن أولاد الغجر»، ويحكى مرارا قصة فراره صغيرا من عقاب أمه ليعيش بين الغجر، ويحكى قصة حضوره جنازة ملكة الغجر الرومانية الأصل فى ايطاليا.ويكتب الراحل عبد الرحمن درويش ،الأديب السكندري عن الغجر في روايته «الإبحار فوق نهر جاف» ويذكر:(بنات الغجر لسن جميلات كما يشاع عنهن وإنما هن شهيات يتفجرن أنوثة رغم الشراسة التي تكسو ملامحهن». ومن الشعراء يجىء الشاعر الأردنى مصطفى وهبى التل المعروف بعرارالذى أغرم بالراقصة الغجرية سلمى، ولذلك كان من أشهر مَن وصف حياة الغجر .وفى السينما لا يبقى في الذاكرة غير «تمر حنة» الغجرية، الغزية الراقصة نعيمة عاكف عام «1957» بصورتها الحلوة الخفيفة لتعدل قليلا من صورة الغجر المحصورة في الحواة والقراداتية والسارقين وضاربات الودع والتي تناولتها أفلام تالية ظهر الغجري فيها دائما موضع شبهات وموضع اتهام إلى أن يثبت أحدهم العكس ، وهذا ما تعرضت له الغجرية ازميرالدا عندما اتهمت بممارسة السحر وكادت أن تشنق لولا الأحدب كازيمودو في «أحدب نوتردام»، وأيضا لا ننسى أبدا «ألان ديلون» فى فيلم «الغجرى» وهو يتعرض للمطاردات والملاحقات. ولكن ليس كل الغجر تمرحنة أوكارمن، وليس كل الأدباء لوركا. ويبقى الغجر فى عوالمهم، وتبقى الغجرية مثل حلم، مرتحلة فى البرارى وعلى الهامش، تكمل الجزء المفقود فى مخيلة الأدباء بما تثيره من دهشة متجددة لا تخضع للترويض
مجلة اكتوبر العدد1722




#انتصار_عبد_المنعم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن البهجة والكآبة
- «ماركيز».. دروس فن الحياة
- الثقافة المفهوم.. والأزمة
- ادكو..من الكانو إلى نوكيا!!
- سأحدثكم عن ندا
- علاء الأسواني ودوق داركور!!
- -الصرخة-مابين كرم النجار وأم الرجال!!
- مشايخ الإنترنت!!!
- التسكع الرقمي
- قلب الكاوبوي لا يتسع لأسودين!!
- قاسم أمين ... ديور وشانيل !!
- مأزق أحمر!!!!
- سبعون جلدة وعشرون يوما حبس لمن يطالب بحقه
- وثائق
- سوزان تميم وهشام طلعت مصطفى .. قراءة مغايرة
- كوليرا تغريدة البجعة!!!
- قل لي : أوحشتِني !
- نصف جنيه وقطعة حشيش
- انتحار
- أبحث عن ذئب *ق ق ج


المزيد.....




- روسيا.. جمهورية القرم تخطط لتدشين أكبر استوديو سينمائي في جن ...
- من معالم القدس.. تعرّف على مقام رابعة العدوية
- القضاء العراقي يوقف عرض مسلسل -عالم الست وهيبة- المثير للجدل ...
- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - انتصار عبد المنعم - نحن أولاد الغجر