أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توفيق آلتونجي - رومانيا، عقدين من الحلم بالحرية















المزيد.....

رومانيا، عقدين من الحلم بالحرية


توفيق آلتونجي

الحوار المتمدن-العدد: 2856 - 2009 / 12 / 12 - 14:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بلاد الوجد
وطن المجد
ماذا تشتهين مني
بلادي
رومانيا العذبة؟

الشاعر ميهاي امين سكو




رومانيا، ثغر أوربا بوابة الدخول الى الشرق وبوخارست عروسة عواصمها وباريسها الشرقي. رومانيا ماذا جنت بعد مرور عقدين من الزمان على انعتاقها من الدكتاتورية وحكم الحزب الواحد. ماهي تلك الحرية التي تلطخ بالدماء الزكية شوارعها وجدران بناياتها خلال أيام عصيبة عشية أعياد الميلاد المجيد قبل عشرون عاما. ماذا جلبت تلك العملية للبلاد وإنسانها. سأحاول في السطور التالية إيجاد أجوبة مقنعة لتلك التساؤلات كمراقب للوضع السياسي الروماني منذ عام 1976. آنذاك وصلت للمرة الأولى الى باريس الشرق بوخارست عروسة المدن نزلت محطتها الشمالية مع رفاق لي رحلوا من هذا العالم الفاني فرحمة الله على أرواحهم ورضوانه . هناك التقيت برفاق لا يزال ارتبط بصداقة مع العديد منهم. تلك الأيام كانت بوخارست محط أنظار العالم خاصة بعد انعقاد مؤتمر الإسكان فيها حيث تم بناء عمارة كبيرة وسط العاصمة في فترة قياسية تيمنا بانعقاد ذلك المؤتمر الدولي. لكن مأساة الزلال الذي حصل في العام التالي في الرابع من آذار عام 1977 كان كارثيا على المدينة وأبنائها حيث أتى على العديد من الأبنية وقضى العديد من أبناء المدينة نحبهم تحت أنقاض ركام المباني المنهارة. تلك المباني أعيد بناءها وبسرعة قياسية واليوم يمكن مشاهدة تلك المباني في وسط العاصمة حيث الواجهة المقوسة الزوايا في إشارة ذكية للمعماري الروماني لتخليد ضحايا ذلك الزلزال.
من زلزال ذلك اليوم الى زلزال عام الثورة الجماهيرية وسقوط الدكتاتور مرورا بعشرين عاما من مخاض الآلام حتى ولادة الديمقراطية في البلاد طريق طويل مليء بالصعاب. يجب التذكير بان السياسة الإسكانية الرومانية آنذاك أي في السبعينيات كانت نموذجا ايجابيا على الصعيد الدولي فقد تمكنت رومانيا من حل مشاكل السكن بإتباع سياسة سكنية متوازنة بين جميع مدن وقصبات البلاد. تلك السياسة الايجابية أهمل تمتما مما أدى الى ظهور مساكن جديدة على شكل فيلات للأغنياء والأثرياء ولذوي الدخل العالي هؤلاء الذين يشكلون اليوم طبقة من الأغنياء ما بعد الثورة. لذا نرى اليوم اختلافا كبيرا بين الحضر والريف من كافة النواحي الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. يجب التذكير كذلك بان البيئة المحيطة في رومانيا وخاصة البيئة الريفية لا تزال تحمل ملامح النقاء ولم تطلها التلوث البيئي.
ليس بالإمكان إجراء أي مقارنة مصنفة بين ذلك الزمان والآن. ان مجمل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية تشير الى ان الشعب الروماني بجميع أطيافه العرقية والدينية يعيش بحرية وآمان. لكن هذا لا يعني بان الحالة المعيشية للفرد قد تحسن كثيرا ناهيك عن تكون طبقة من الأغنياء يعيشون في عالم غير عالم الواقعي للمواطن الروماني. هؤلاء كونوا ثروات خيالية خلال سنوات ما بعد سقوط الدكتاتورية عشية أعياد الميلاد عام 1989 الذي يحتفل اليوم الرومانيون بذكرى العشرون لتلك الانتفاضة الجماهيرية الثائرة والتي راحت ضحيتها العديد من الأبرياء خلال مصادمات بالذخيرة الحية مع عناصر مسلحة بقى هويتهم وانتمائهم طي الكتمان لحد يومنا هذا. تلك الأيام العصيبة في تاريخ رومانيا المعاصر يحتاج دراسة وتحليل للوقوف وراء الأسباب الحقيقية التي أدت الى تلك النهاية الدموية للرئيس نيكولاي شاوشسكو وعقيلته.
شهدت رومانيا انتخابات رئاسية عبر مرحلتين انتخابيتين حصل الرئيس الحالي السيد "تريان بسسكو"(58 عاما) على نسبة
50,33% اي نصف اصوات الناخبين ونيف.
الجدير بالذكر ان رئيس الحالي يحكم البلاد منذ 2004. والسيد بسسكو ينتمي الى تيار يمين الوسط وهو قبطان بحرية سابق. الرئيس الحالي الذي وصل الى سدة الحكم بوعود انتاخبية وبذريعة محاربة الفساد لم يتمكن خلال الفترة الرئاسية، اربع سنوات، من الوفاء بعهوده كاملا للناخبين. ان مجرد فوزه بحصوله على نسبة ضئيلة فوق النصف يعتبر مؤشرا مهما مقابل غريمه السيد ميرجا جوانا وزير الخارجية السابق وسفير رومانيا السابق في الولايات المتحدة، ميرجا، هو تسمية يطلقها الرومانين على اسم ميخائيل- ميكائيل ، الذي يصنف على المعسكر الاشتراكي الديمقراطي وينادي بتوحيد البلاد ونال تايد القوى الليبرالية ورئيسهم السيد كرين انطونسكو الذي حصل على وعود من السيد ميرجا جوانا بتعين "كلاوس يوهانيس" رئيسا للوزراء في الحكومة القادمة. بقى ان نعلم ان هناك بين المعسكرين انتقادات متبادلة حول الفساد ومسيرة الإصلاح والتدهور في الاقتصاد الوطني والتراجع والجمود الحاد في الاقتصاد. حتى وصلت الأمور الى اتهامات متبادلة حيث نرى ان معسكر الرئيس الحالي يتهم الاشتراكيين بكونهم من بقايا الحزب الشيوعي السابق. الغريب ان انتخابات يوم الأحد لم ياتي بنتيجة مشجعة لمسار الديمقراطية في البلاد وكان كلا الطرفين قد أعلنا فوزهما مباشرة بعد إغلاق صناديق الاقتراع دون ان يصبروا ويروا النتيجة الرسمية. هذا بحد ذاته تحدي للعملية الديمقراطية التي تؤمن بصوت الناخب كعامل مقرر لنيل شرف قيادة البلاد. ان الفرق الضئيل بين المرشحين قد يفتح باب التاؤيلات وسوء الظن. سترى الساحة السياسية الرومانية العيد من المفاجئات خلال الفترة الرئاسية المقبلة خاصة وان الرئيس المنتخب لم ينل ثقة نصف الناخبين من الرومان. قد يلجا الرئيس الجديد الى العمل المشترك مع الأحزاب المؤتلفة من ناحية ومن ناحية اخرى مع احزاب المعارضة كذلك. ارى من الطبيعي والديمقراطي ان يتعاون كذلك مع مرشح المعارضة السيد ميرجا جوانا لتامين التأيد الشعبي المطلق الذي يحتاجه البلاد لحل مشاكله العالقة خاصة مع الاتحاد الأوربي.
البلاد عاشت مشاكل كثيرة كالفساد وعدم استقرار الاقتصاد الوطني وعدم تنفيذ المعاير الخاصة بعضوية الاتحاد الاوربي وامور اخرى كثيرة تحتاج الى مؤازرة الجميع والشعور بالمسؤولية أمام الناخب الذي ابدى رأيه في الانتخابات.
كما ان الوضع السياسي الغير مستقر اثر كثيرا في اقتصا البلاد والثقة المستثمرين في حين قرر الصندوق الدولي التريث في الدفعة الثالثة من قرض إجمالي لرومانيا قدره 20 مليار اويرو لمساعدة البلاد من الخروج من أزمتها الراهنة. وقد وضع البنك الدولي شرطا لتقديم القرض يتضمن إعفاء 150 موظف حكومي من الوظيفة، العدد الإجمالي 1و3 مليون موظف حكومي، من وظائفهم من اجل حصول رومانيا على الدفعة الثالثة من القرض. القرض ضروري لميزانية العام المقبل 2010 لاخراج البلاد من الجمود الاقتصادي الحالي.
الفرد الروماني اليوم يتمتع بكافة الحريات الديمقراطية من حق الترشح والانتخاب وتأسيس الحركات السياسية والأحزاب ويتمتع كذلك بحقوق مواطني الاتحاد الأوربي في حق السفر والحركة بين دول الاتحاد هذا الحق الاخير كان خيالا للمواطن الروماني خلال حكم الدكتاتورية. المواطن الروماني العادي لم يكن له حق السفر رغم ان القانون الروماني كان ينص على حرية السفر لكن جاء التطبيق مخالفا لذا حصل الكثير من الماسي لمن حاولوا السفر واللجوء الى الغرب كما حصل لمواطني جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة. كان الحلم الروماني في السفر الى خارج البلاد محصورا بين الطبقة الحاكمة وأبنائهم. كان حتى القبض على مواطن وبمعيته بعض الدولار مدعاة للمحاكمة والسجن.

اليوم الحالة الاقتصادية للفرد الروماني لم يتحسن كثيرا رغم توفر البضائع والمنتجات من كافة أنحاء العالم في الأسواق. كان المواطن الروماني يعاني من الجوع أيام الدكتاتورية وكانت الطوابير الطويلة منتشرة أمام الأسواق الحكومية الفارغة رفوفها في انتظار أي سلعة قد يجري توزيعا ذلك اليوم. وكان التيار الكهربائي محصورا في ساعات قليلة من اليوم وتقطع باستمرار في حين كان الغاز متوفرا بعض الساعات ولذا عاش الإنسان الروماني في ظروف معيشية صعبة خاصة في فصل الشتاء. كانت سياسة الحكومة آنذاك تنطلق من محور إيفاء القروض والديون التي حصل ت رومانيا عليها من البنوك الدولية. ان قروض رومانيا اليوم أضعاف مضاعف ما كانت عليها ايام الحكم الدكتاتوري.
انه من الطبيعي قارئي الكريم انه لا يمكن إجراء اي مقايسة او مقارنة بين حال البلاد ايام الدكتاتورية واليوم من ناحية الحريات الديمقراطية ونظام الحكم التعددي وحقوق الإنسان ولكن يبقى الوضع الاقتصادي للسواد الأعظم من المواطنين يعيشون في ظروف العوز والفقر وتحت مستويات شروط العيش الكريم.







#توفيق_آلتونجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرائم الشرف وثقافات الشرق
- نظرة الى المهاجر بعيون غربية
- الملف التقييمي الذي سيصدرفي التاسع من كانون الاول 2005
- رد على اسئلة الحوار المتمدن حول العمل المشترك
- الحركة النسوية الكوردستانية ومؤسسات المجتمع المدني
- أستفتاء وأستطلاع رأي ألشعب أداة لترسيخ الممارسة ألديمقراطية ...
- تحت ظلال علم العراق الجديد
- وداعا يا فقر والى اللقاء يا فقراء
- توسع الاتحاد الاوربي نحو الشرق- حلم الملوك- ومتاهة تركيا


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - توفيق آلتونجي - رومانيا، عقدين من الحلم بالحرية