أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أمير الحلو - أضواء على المحاولة الانقلابية لحركة القوميين العرب عام 1963















المزيد.....


أضواء على المحاولة الانقلابية لحركة القوميين العرب عام 1963


أمير الحلو

الحوار المتمدن-العدد: 2856 - 2009 / 12 / 12 - 13:06
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


* اضواء على المحاولة الانقلابية لحركة القوميين العرب في آيار1963

* لماذا فشلت المحاولة الانقلابية عام 1963ومن الضابط الذي تسبب في فشلها؟

* من الشخصيات التي كانت مرشحة للحكومة العراقية بعد نجاح محاولة الانقلاب ؟

* خفايا واسرار محاولة الانقلاب في الخامس والعشرين من ايار 1963



امير الحلو

في مساء الخامس والعشرين من شهر آيار 1963 اصدر ( المجلس الوطني لقيادة الثورة الذي يضم اعضاء القيادة القطرية لحزب البعث ومجموعة من الضباط ، بياناً الى الشعب لعراقي اعلن فيه عن اكتشاف محاولة انقلاب فاشلة ، فبعد مقدمة طويلة عن ( الثورة ) وما تعرضت له من مؤامرات وما حققته من ( منجزات ) حدّد عناصر المؤامرة السوداء بـ( الزمر التافهة المعزولة عن الشعب كالحركيين والرجعيين والذيليين والانتهازيين وكل الزمرة الحاقدة الاخرى التي انصاعت لحكم قاسم وابتعدت عن مسيرة الشعب ) .

كما اطلق على القائمين على هذه المحاولة الانقلابية عبارة ( العناصر التافهة من عسكريين ومدنيين ابتعدت عن الثورة وامتلات حقداً عليها بسبب ضعفها امام كريم قاسم وترددها عن مقاومته وتخاذلها المفضوح عند قيام الثورة ) !





ولسنا هنا بصدد مناقشة النعوت التي اطلقها البيان على ( المتأمرين ) فالذين كتبوا البيان يعرفون اكثر من غيرهم من هم الذين حاولوا الانقلاب عليهم ولماذا اقدموا على ذلك ، وانهم ابعد ما يكونون عن (الصفات)التي اطلقوها عليهم ، ولسنا هنا في مجال(المباهاة) بدور(المتأمرين) مع البعثيين في تنفيذ ما سمي بـ( الثورة ) واية مراكز استلموها بعد 8 شباط بفعل مشاركتهم الاساسية في( التخاذل المفضوح عند قيام الثورة ) ولا في عمليات الحسم التي قامت بها الويتهم القادمة من الرمادي وطائراتهم وقادتهم فيما سمي بـ( معركة الدفاع ) يومي 8 و 9شباط ، لسبب بسيط هو اننا قد اعدنا النظر في كل ما حصل ولم يعد يشرف ضباطنا المتأمرين المشاركة مع البعثيين في احداث لم تكن بعيدة عن التخطيط الاجنبي والاهداف المشبوهة في المنطقة وقد يكون تحليل ما حصل آنذاك يحتاج الى موضوع آخر منعزل قد نتطرق اليه مستقبلاً .

ولكن بيان البعثيين في 25 / ايار / 1963 ضد الحركيين والقوميين يظهر مدى(وفاء البعثيين ) واتخاذهم للخطوة الثانية بعد ان بداوا بتصفية او ابادة الشيوعيين والعناصر الوطنية والديمقراطية ، الا وهي تصفية القوى القومية والناصرية التي كشفت مخططات البعثيين المعادية للوحدة وللجمهورية العربية المتحدة والزعيم جمال عبد الناصر .

***واذا تجاوزنا ذلك البيان وعدنا الى الوراء قليلاً لا مكننا تثبيت بعض الحقائق التي نذكرها للتأريخ فقط تاركين الحكم عليها من حيث صوابها او خطئها للتاريخ.

فللحقيقة نقول ان المحاولة الانقلابية على حكم البعث كانت موجودة فعلاً وليست مفتعلة من قبل البعثيين لتصفية القوى القومية ، ولكنها لم تكن محاولة وليدة الصدفة او الرغبة الانية او التأمر ضد مكاسب الثورة ! لصالح الرجعية .

ولاطلاع القراء على حقيقة ماجرى احاول اعطاء صورة سريعة ومختصرة عن الاحداث التي اعقبت 8 شباط 1963 ويمكن الرجوع الى التفاصيل في الكتب التي صدرت عن حركة القوميين العرب من قبل السيدين هاني الهندي وعبدالاله النصراوي وكتاب حركة القوميين العرب للسيد جمال باروت ومحاضرة امير الحلو في مؤسسة شوفان في الاردن عام 1979 حول الموضوع وكتاب تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري الجزء السادس والصادر عن بيت الحكمة ولضمان الدقة في المعلومات فسأحاول وضعها على شكل نقاط اساسية :-

1- ان ( الحركيين) والقوميين قد ساهموا مع البعثيين في تنفيذ انقلاب 8 شباط وقد جرى تعيين بعض قادتهم في مناصب قيادية بعد ذلك كالعميد عبد الهادي الراوي والعميد الركن عبد الكريم فرحان والمقدم الركن صبحي عبد الحميد والعميد الركن الطيار عارف عبد الرزاق وغيرهم وقد حقق البعض منهم حسم المعارك يوم 9 شباط كالعميد الركن محمد خالد والعقيد هادي خماس والمقدم محمد يوسف وغيرهم ، ولكن الذي حصل بعد ذلك هو اقدام البعثيين على تصفية الضباط القوميين في الجيش من خلال ابعادهم عن مناصبهم ونقلهم الى مناطق نائية او احالتهم على التقاعد ، واخضاعهم للمراقبة الشديدة ولا اريد هنا الدفاع عن موقف الضباط القوميين آنذاك فلايمكن محاكمة او محاسبة مرحلة ماضية بموجب الظروف اللاحقة والحقائق التي افرزتها الوقائع بعد ذلك؟ ولكن الحقيقة التي اريد ان اذكرها ان القوميين العرب كانت لديهم محاولة خاصة للانقلاب على حكم عبد الكريم قاسم في اول ايام عيد الفطر عند حضور الزعيم الى نادي الضباط عام 1963 ولكن البعثيين سارعوا في تنفيذ انقلابهم مما دفع بالضباط القوميين الى مساندتهم بشكل فعال معروف.

2- بغية عدم تازيم الموقف بعد قيام البعثيين بابعاد العناصر القومية من الجيش والتضيق عليهم في الحياة العامة وعدم السماح لهم بممارسة عملهم السياسي والحزبي جاءت بعض الوفود لمقابلة قادة البعث ومنها وفد برئاسة الدكتور احمد الخطيب عضو قيادة حركة القوميين العرب في الكويت حيث قابل ميشيل عفلق وغيره من قادة البعث في محاولة لثنيهم عن مخططهم (التصفوي) ولكن الاحداث اللاحقة في العراق وسوريا اكدت انهم يسيرون على وفق خطة مرسومة للتخلص من القوميين وقد قامت قيادة حركة القوميين العرب في العراق بتسليم رسالة الى قيادة حزب البعث حول الاوضاع في العراق و الاعتراض على الممارسات السلبية التي تتعرض لها الحركة ولكن البعثيين لم يهتموا بذلك وواصلوا في اضطهاد القوميين .

3- كانت الحركة قد حصلت على اجازة باصدار جريدتها السرية ( الوحدة ) بشكل علني وصدرت مع عشرات الصحف الاخرى ورأس تحريرها الشهيد باسل الكبيسي . ولكن البعثيين قاموا باغلاق الحريدة بعد مدة واعتقلوا الكبيسي بعد تعذيبه.

4- كانت الحركة قد فتحت النادي الثقافي العربي في منطقة الاعظمية عام 1963 وجعلته واجهة نشاطاتها من خلال الفعاليات الثقافية والفنية الفاعلة، وقد قام البعثيون خلال شهر آذار 1963 بمهاجمة النادي ( وكنت موجوداً فيه) واعتقال كل الموجودين فيه ومصادرة موجوداته كافة ومن دون اي سبب .

5- خلال مباحثات القاهرة بين وفود من مصر وسوريا والعراق والتي اطلق عليها اسم مباحثات الوحدة الثلاثية جرى استبعاد القوميين في العراق من التمثيل ولم يمثلهم في سوريا سوى الاستاذ هاني الهندي عضو الهيئة المركزية لحركة القوميين العرب والذي جرى تعيينه وزيراً للتخطيط وفي احدى امسيات نيسان 1963 صرح السيد محمود فوزي وزير خارجية الجمهورية العربية المتحدة ( مصر ) بأن الوفود الثلاثة قد اتفقت على جعل القاهرة عاصمة للوحدة واختارت علماً موحداً وغيرها من الاجراءات الوحدوية وكرد فعل لهذه التصريحات قامت مظاهرات ( عفوية ) في منطقة الكرخ التي تسكنها اغلبية قومية وجرى الهتاف للوحدة ولعبد الناصر ، وقد فوجئنا بمجئ اعداد كبيرة من الحرس القومي من منطقة الاعظمية بقيادة احد اعضاء قيادة الحرس القومي آنذاك الى منطقة الكرخ وجرى فتح النار فوراً على المقاهي والدور والناس مع ترديد عبارات ضد عبد الناصر والوحدة ، وقد قمت بصفتي مسؤولاً عن منطقة الكرخ في حركة القوميين العرب بالطلب من الاعضاء تفريق المظاهرات ووقف الاحتفالات وذهاب الناس الى بيوتهم وعدم الاصطدام بالحرس القومي وبعد منتصف تلك الليلة قام البعثيون بغارات على بيوتنا وجرى اعتقال المئات من القوميين وارسالهم الى النادي الاولمبي في الاعظمية والذي كان مقراً للحرس القومي حيث جرت عملية ضرب بـ(الكرباج ) للموقوفين مع شتائم ( للرئيس عبد الناصر ) والوحدة واتهامنا بالعمالة والذيلية وكان اغلبية قادة الحرس سكارى وهم يوجهون لنا الضربات والشتائم .

وفي الليلة الثانية جرى نقلي بعد منتصف الليل الى مقر الحرس القومي مقابل ثانوية الحريري في الاعظمية حيث جرى التحقيق معي بتهمة القيام بأعمال شغب ضد (الثورة) ولكن دخول احد معارفي من اعضاء المجلس الوطني لقيادة الثورة انقذ الموقف، فقد سألني عما حدث فشرحت له الامور كما حصلت وحملت البعثيين مسؤولية الاحداث ،وقد قام بغلق التحقيق واطلاق سراحي وغلق الموضوع ضد (جماعتي )المعتقلين ، ولكن من الواضح ان الامر كان مقصودا وقد زاد من تعقيد العلاقة بيننا .

6ـ كان السيد نايف حواتمة عنصرا فاعلا في قيادة حركة القوميين العرب في العراق وقد تعرض للاعتقال في نهاية عام 1962من قبل الامن في بغداد ووجهت له تهمة التامر لاسقاط نظام الحكم بعد اكتشاف بيان(رقم1) في الوكر الحزبي الذي كان يسكنه مع السيد عبدالاله النصراوي عضو قيادة الحركة في منطقة الوزيرية وقد تعرف عليه البعثيون في معتقل باب المعظم ثم معتقل الامن العامة وقد قام باطلاق سراحه بنفسه يوم 8شباط 1963بعد أن امر سجانيه بذلك ، وعاد ليمارس أعماله القيادية وقد عرف البعثيون مقدار (خطورته) فالقوا القبض عليه وأرادوا اتخاذ اجراءات شديدة بحقه ولكن تدخلات عربية وداخلية جعلتهم يوجهون له تهمة الدخول الى العراق من دون تصريح (تصوروا ذلك) ووضعوه في موقف التسفيرات في كورنيش الاعظمية حتى تقرر تسفيره الى القاهرة فذهبت والاخ عبدالاله النصراوي لاصطحابه الى مطار بغداد حيث غادر الى القاهرة وبذلك فقدنا عنصرا قياديا فاعلا كان له دور كبير حتى في تكويننا الشخصي والسياسي .

7ـ بعد قيام الشهيد باسل الكبيسي بتجميد عضويته لاكمال دراسته في الخارج وتسفير نايف حواتمة كانت قيادة حركة القوميين العرب تتألف بعد 8شباط 1963من السادة : سلام أحمد وعبدالاله النصراوي وهاشم علي محسن ووليد قزيها وأمير الحلو، وكان الاستاذ سلام أحمد مسؤولا عن التنظيم العسكري في الحركة وكان يعاني من ضغوطات الضباط عليه بسبب ماواجهوه من تصفيات ونقل وتقاعد واضطهاد ،وقد توصلوا الى نتيجة بأن البعثيين بعد فشل مباحثات الوحدة الثلاثية في القاهرة قد تعقدت علاقتهم مع التيار القومي وبالتالي فأن علينا ان(نتغدى بهم قبل ان يتعشوا بنا)! وقد ناقشت قيادة الاقليم هذا الامر مرات عدة وأتصلت بالقيادة المركزية في بيروت حول موضوع (اسقاط النظام البعثي) ولكنها لم تجد ترحيبا بذلك بل توجسأ وطلب التمهل، ولكن الامور كانت تتفاقم باستمرار داخل المؤسسة العسكرية وفي العلاقات على مستوى الشارع بين البعث الحاكم وكل القوى القومية، بعد أن جرت المذابح والتصفيات ضد الشيوعيين والديمقراطيين. وقد دخلت بعض التكتلات العسكرية القومية(على الخط) وأخذت تضغط على ضباط الحركة للتعاون على اسقاط النظام قبل ان تجري تصفيتهم كاملا ومن أهم تلك الكتل: مجموعة العميد الركن عبدالمنعم المصرف ومجموعة (الموصل) يمثلها العقيد الركن سالم حميدة والعقيد الركن محمود الراشدي ، ومجموعة العقيد ابراهيم الشيخ، وبعض الضباط القوميين المستقلين أو من أصدقاء الحركة وفي احد الاجتماعات في شهر نيسان 1963جرى طرح الموضوع بشكل جدي واكثر واقعية مع (تهديد) مبطن من عناصرنا بأن علينا الموافقة على افكارهم، وقد طلبت القيادة من السيد سلام أحمد بحث الخطة العسكرية الانقلابية بخطوطها العريضة وقواها وعناصرها للاطلاع عليها والنظر في اقرارها وبعد اجتماعات عدة جرى التوصل الى مايأتي:

1ـ الموافقة على وضع خطة عسكرية ومدنية لاسقاط نظام حزب البعث .

2ـ التعاون مع القوى والكتل العسكرية القومية الاخرى في تنفيذ الخطة .

3ـ عدم اطلاع القوى القومية العربية الموجودة على الساحة تحقيقا للسرية مع ضرورة اشراكها في الحكومة المقبلة.

4ـ عدم دخول الجمهورية العربية المتحدة والزعيم جمال عبدالناصر بصفتهم طرفا في القضية وبعد مداولات عدة في القيادة جرى اقرار موضوعين الاول الخطة العسكرية والمدنية للانقلاب ، والثاني اقتراح شكل القيادة والحكومة القادمتين فبالنسبة للخطة العسكرية فقد جرى اقرار ما يأتي:ـ

1ـ تكوين قيادة عسكرية للانقلاب من ممثلي الحركة والقوى العسكرية المتعاونة فيها العميد عبدالهادي الراوي والعقيد جميل السعودي والعقيد حمدي الحديثي والرائد الركن مزهر الزبيدي والمقدم جابر حسن حداد والرائد رحيم سلمان العاني واللواء الركن عبدالحافظ العباسي واللواء الركن سجاد المفتي وعدد كبير من الضباط من مختلف الرتب الذين اوكلت لهم مهمات تنفيذية محددة وكانت الخطوط العريضة للخطة العسكرية القيام بدخول بعض الوية المشاة الى بغداد بقيادة ضباط قوميين مع وجود كتائب لمقاومة الدبابات في اماكن محددة للتصدي لدبابات البعثيين ، والقيام باحتلال محطة الاذاعة والتلفاز بالدبابات بقيادة المقدم جابر حسن حداد ومشاركة السيد عبد الاله النصراوي عضو قيادة الحركة مع الهجوم على الدبابات البعثية المجاورة للاذاعة والتلفاز من قبل عناصر عسكرية ومدنية بقيادة عبدالاله النصراوي، لاشك ان هناك تفاصيل كثيرة للخطة العسكرية لامجال لذكرها ، ولكن المهم ان القيادة قد وضعت خطة لمشاركة اعضاء الحركة وانصارها في تنفيذ الخطة وذلك باحتلال مقرات الحرس القومي بالقوة ، وجرى توزيع الاسلحة على بعض الاعضاء وتكديسها في اماكن محددة، وكانت الخطة تقتضي البدء بالهجوم على مقرات الحرس القومي في الكرخ بقوات الحركة المدنية بقيادة امير الحلو عضو القيادة مسؤول تنظيمات الكرخ، والهجوم على مقرات الحرس القومي في الاعظمية بقيادة عدنان الشطب والشهيد البطل عبدالرزاق العابد السامرائي الذي قاد اختطاف طائرة العال الصهيونية الى مطار عينتيبه واستشهد هناك.

ومن المقرر ان يبدأ تنفيذ الخطة كاملة في الساعة الثالثة من بعد ظهر أحد ايام الخميس وقد اختير ذلك التوقيت لان الجو الحار يقلل من حركة الناس والقطعات والحرس وان الدوام الرسمي يكون قد انتهى مبكرا وفي الثاني والعشرين من أيار 1963 كانت قيادة الحركة في اجتماع في دار المرحوم هاشم علي محسن في بغداد الجديدة فأخبرنا السيد سلام أحمد بأن البعثيين قد القوا القبض على الرائد رحيم سلمان العاني وهو مسؤول عسكري مهم في الحركة ويعرف كل تفاصيل الخطة ،كما ان اعتقالات اخرى قد حصلت بين صفوف ضباط قوميين من الحركة وخارجها مما يعطى انطباعا بأن البعثيين قد امسكوا ببعض الخيوط ، وعلينا اتخاذ اجراءات طوارئ وخصوصاً بالنسبة للقيادة ، لذلك جرى اسكان السيد سلام احمد الذي ركز عليه البعثيون في بياناتهم واطلقوا عليه صفة (المعلم سلام احمد) في حين انه خريج الجامعة الامريكية في بيروت ولم يمارس التعليم في حياته ، واختفى في دار السيد نجم السعدون صديق الحركة وسلام والبعيد عن شبهات البعثيين حتى القي القبض عليه في طريقه الى الكوت ونقل الى قصر النهاية حيث جرى تعذيبه بقسوة شديدة .

اما عبد الاله النصراوي وامير الحلوووليد قزيها فقد اختفوا في وكر الحركة قريب من دار المرحوم عبد الكريم قاسم في العلوية وفي يوم 25 آيار 1963 اصدر المجلس الوطني لقيادة الثورة بيانه حول (محاولة انقلاب فاشلة) التي اراد القيام بها الحركيون والذيليون والرجعيون وكذلك صدرت الاوامر بأعتقال جميع القوميين من دون استثناء ولم يقتصر الامر على منتسبي حركة القوميين العرب. وجرت عمليات واسعة لاعتقال القوميين وزجهم في المعتقلات ومقرات الحرس القومي .

وقد تابع السادة عبد الاله النصراوي ووليد قزيها وامير الحلو تطور الاحداث من الوكر الحزبي ولكن انتهاء الطعام بعد ثلاثة ايام دفع امير الحلو الى (التبرع) بالخروج لشراء كمية من المواد الغذائية ، وبعد دخوله احد المطاعم بالقرب من الجندي المجهول (القديم) جرى القاء القبض عليه من قبل الحرس القومي وارسل الى مقر الحرس في الاعظمية ثم الى نادي المنصور الذي تحول الى معتقل كبير للقوميين الذين كبلت اياديهم من الخلف وعصبت عيونهم ، واذكر بأنني وضعت في احد (مراحيض) النادي بصحبة المرحوم الشاعر عدنان الراوي الذي لم تكن له علاقة بـ(المؤامرة) وعاتبه احد البعثيين قائلاً : اهذه هي بغداد ياعدنان الراوي التي انشدت لها وقلت لها ساعود اليك .. وها انت تعود الى مراحيضها ؟ وقد عرفت من خلال هذه المحادثة الاخلاقية ! بوجوده لانني كنت معصوب العينين ومشدود اليدين الى الخلف ، ولا اريد هنا الحديث عن (الحفلة ) التي بدأت معي معلقاً في السقف بحبل من الساعة السابعة مساءً حتى الساعة الثالثة بعد منتصف الليل ، ولكن الذي اذكره انهم بعد ان انزلوني من التعليق وكنت قد (اعترفت) بأنني مسؤول ثقافي في الحركة واكتب بياناتها ، ليقولوا لي بسخرية انهم عرفوا بانني عضو القيادة ومشارك في اعداد خطة المؤامرة ، لذلك نقلوني الى مكان جديد اكتشفت بعد مدة انه (قصر النهاية) حيث كانت تجري (الحفلات الليلية) الصاخبة والدامية بحق جماعتنا من العسكريين والمدنيين ، وقد تألفت لجنة تحقيقية (غير لجنة التعذيب) بدأت بالتحقيق معنا مكونة من القاضي شامل الشيخلي والضباط الرائد صلاح الطبقجلي والرائد فاضل العاني وسكرتاريتها السيد قيس المختار المحامي ، والواقع ان اللجنة لم تمارس اي ضغط جسدي علينا وسمحت لنا بالقول ان ما قمنا به هو مجرد خطة احترازية لم نقم بتنفيذها ، ولكن المجلس الوطني لقيادة الثورة اصدر مرسوماً جمهورياً برقم 373 في 1963/5/25 ينص على تأليف محكمة الثورة لمحاكمة المتآمرين على امن وسلامة الجمهورية.

على الشكل الاتي :

1- العقيد شاكر مدحت السعود رئيساً

2- المقدم الركن حسين عبد الجبار عضواً

3- المقدم الركن حسن مصطفى النقيب عضواً

4- الرئيس فاضل جاسم العاني عضواً احتياطياً

اما الادعاء العام فقد تألف من :

1- الملازم الاول الحقوقي راغب فخري

2- الحاكم صلاح بيات

3- الحاكم شامل رشيد الشيخلي

ولم يجر عرضنا على المحكمة ولكنا احلنا عليها بمادة تقضي بايقاع حكم الاعدام بمن تثبت ادانته بالمشاركة في (المؤامرة) ،ولعل السبب في ذلك يعود الى عوامل خارجية وداخلية ، منها الضغوط من جانب الزعيم جمال عبد الناصر وعبدالله السلال والقوى القومية والوطنية للتخفيف من الاجراءات المتخذة بحقنا ، والداخلية هي قيام البطل الشيوعي حسن السريع بمحاولته الانقلابية الجريئة في معسكر الرشيد في 1963/7/4 والتي اربكت البعثيين وجعلتهم (يلتهون) باعدام وتعذيب الشيوعيين فقد جرى اعدام المرحومين نافع يونس والدكتور محمد الجلبي بوجودنا في قصر النهاية ، ثم جرى نقلنا الى سجن رقم (1) بعد نقل اعداد كبيرة من الشيوعيين بقطار الموت الى سجن نقرة السلمان حيث مات المئات في القطار وفي سجن رقم (1) جرى اطلاق سراح بعض العسكريين وبقى البعض منهم مع مدنيين اثنين هما سلام احمد وامير الحلو فقط ولم يجر التحقيق معنا في السجن ، ولكن المفارقة التي لابد من الاشا رة اليها اننا وقد سمعنا اصوات الانفجارات في المطار العسكري المجاور للسجن في معسكر الرشيد بعد قيام منذر الونداوي بقصف الطائرات الجائمة على ارض المطار ، ثم تتابع البيانات في الاذاعة والتي تشير الى وجود ازمة حقيقية في قيادة حزب البعث ، فقد زارنا مساء 17/ تشرين الثاني في السجن كل من الرائد صلاح الطبقجلي معاون آمر الانضباط العسكري والرائد علي كريم سكرتير صالح مهدي عماش وزير الدفاع ليعلمونا (وسط دهشتنا) بانهم سيشاركون بانقلاب عسكري ضد (الحرس القومي) بقيادة عبد السلام عارف وعلينا ان لاننام هذه الليلة لانهم يخافون علينا من آمر السجن الرائد حازم الصباغ (الاحمر) المشهور بهواية الاعدام وفي الصباح سمعنا من الاذاعة البيان الذي اذاعه عبد السلام عارف بصوته معلناً سقوط حكم (الحرس اللاقومي ) مع مشاركة البعثيين معه فقد جرى تعيين احمد حسن البكر نائباً لرئيس الجمهورية وحردان التكريتي وزيراً للدفاع وعزت مصطفى وزيراً للصحة وعبد الستار الجواري وزيراً للتربية مع ايقاف بعض القيادات البعثية العسكرية … وفي الساعة الثانية عشرة بعد الظهر جاءت بعض المدرعات العسكرية بقيادة المقدم خالد حسن فريد وقامت باطلاق سراحنا ونقلنا الى وزارة الدفاع حيث قابلنا طاهر يحيى رئيس اركان الجيش الذي اخذ يشتم البعثيين والحرس القومي ثم ، قابلنا المقدم الركن صبحي عبد الحميد مدير الحركات العسكرية الذي كان اقرب الناس لنا حيث رحب بنا وهو يدير الحركات العسكرية ويوجه مصادر النيران مما يؤكد بانه المسؤول الحقيقي عن احداث 18 تشرين الثاني 1963 ، وقيل لنا ان صالح مهدي عماش موجود (من دون عمل) في مكتبه في حين يشارك سكرتيره في الانقلاب ومن المضحك بعد ذلك ان يسمي البعثيون وعلى رأسهم احمد حسن البكر وصدام حسين احداث 18 تشرين الثاني بانها (ردة) في حين انهم ساهموا مساهمة فعلية فيها ويقال بان صدام حسين قد ذهب الى الاذاعة والتلفاز يشرف على البيانات الصادرة من (الانقلابيين) ضد (رفاقه) من البعثيين والحرس القومي !

الموضوع طويل وفيه الكثير من التفاصيل التي قد نتطرق اليها في المستقبل ولكني اود ان اشير في الختام الى ان البعثيين ارادوا تشويه محاولتنا الانقلابية فاصدروا اوامر بالقاء القبض على بعض عناصر العهد الملكي وما يسمى بالاقطاعيين والرجعيين وارفقت اسماؤهم باسمائنا في حين لم تكن لنا اية علاقة بهم حتى اننا لا نعرفهم شخصياً ، اما تشكيلاتنا في حالة نجاح محاولتنا الانقلابية فكانت على الشكل الاتي :

1- محمد مهدي كبة رئيس حزب الاستقلال وعضو مجلس السيادة السابق رئيساً للوزراء .

2- سلام احمد من قيادة حركة القوميين العرب نائباً لرئيس الوزراء وزيراً للخارجية .

3- العميد عبد الهادي الراوي متعاون مع الحركة وزيراً للدفاع .

4- العقيد جميل السعودي متعاون مع الحركة وزيراً للداخلية .

5- زاهد شفيق من الحركة وزيراً للارشاد .

6- د. عزيز محمود شكري مستقل وزيراً للصحة .

7- جلال الطالباني قائد كردي وزيراً للدولة .

8- د. عبد الحسن زلزلة قومي عربي اشتراكي وزيراً للمالية .

9- د. حسن ثامر قومي وزيراً للنفط

10- اديب الجادر قومي وزيراً للنفط

11- د. خير الدين حسيب قومي وزيراً للتخطيط

12- فؤاد الركابي قائد قومي وزيراً للاصلاح الزراعي

13- اياد سعيد ثابت قومي وزيراً للدولة

14- فؤاد عارف كردي وزيراً للدولة

15- هشام الشاوي الرابطة القومية وزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية

16- فاضل المشهداني وزيراً للدولة

ولم يجر ابلاغ غير الحركيين بذلك ، اما الوزراء الحركيين العسكرين والمدنيين فقد كانو على علم بذلك . وقد ذكرت ذلك (باعترافاتي) مما جنب الاخرين الاعتقال، وبودي القول بأني عندما نقلت الى قصر النهاية وجدت المحققين والمعذبين يضعون امامي خارطة للدولة واشخاصها واسماء اعضاء القيادة وقد علمنا ان المرحوم الرائد رحيم سلمان العاني قد فاتح (ببراءة) زميله الرائد خير الله عسكر خلال جلسة لهما في النادي العسكري فقام الثاني بابلاغ المرحوم طاهر يحيى رئيس اركان الجيش الذي ابلغ القيادة البعثية وجرى ما جرى ، ولست هنا بصدد تقييم ما حصل ولكني اود القول ان الدرس الذي تعلمته في السجن ان الانقلاب العسكري لم يكن الوسيلة الصحيحة لمعالجة الامور.

هذا بعض ما اتذكره حول تلك المحاولة الانقلابية تاركاً الحكم عليها للتاريخ !




#أمير_الحلو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكل جديد لزيارات الاعياد
- ذكريات جواهرية
- رحيل الجواهري في بغداد
- وفاء الشيوعيون للزعيم
- ا علاقة ثورة اكتوبر بجلكانات البنزين؟
- الى اين تؤدي هجرة وتهجير العراقيين؟
- حسنة
- لينين المفكر والثائر
- الطريق الجديد في الاشتراكية
- الماركسية اللينينية وحركة الثورة العربية المعاصرة
- لينين والصهيونية
- وداعاً خسرو توفيق انساناً ومناضلاً
- الى استاذي الراحل (ابراهيم كبة) صاحب فكر ثائر ورحيل صامت


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أمير الحلو - أضواء على المحاولة الانقلابية لحركة القوميين العرب عام 1963