أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - عنصرية في الخليج الفارسي















المزيد.....

عنصرية في الخليج الفارسي


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2855 - 2009 / 12 / 11 - 12:13
المحور: حقوق الانسان
    



في منظومة دول الخليج الفارسي، هناك مصطلح شائع الاستخدام جداً، وهو مصطلح المواطن والمقيم. فمصطلح المواطن يشير إلى ابن البلد الذي يحمل جنسية البلد الخليجي. ( يلاحظ أنه يتم استخدام مصطلح الخليجي بكثرة، وتفضيله على أية أوصاف أخرى كالعربي مثلاً، وناهيكم عن مضمون عنصري وتمييزي في استخدامه، فهو ربما للنأي بأنفسهم عن العرب ومشاكلهم وتحللهم من أية التزامات تجاههم وتميزهم عن آخرين ينسبون أنفسهم للعروبة ويهرعون نحوها). وأما مصطلح المقيم يشير إلى القادم أو الوافد والمهاجر الذي ساقته أقداره، وظروف إنسانية أخرى، للعيش في هذه المنظومة والخضوع للعنصرية الذي ما زال باقياً ويمارس علناً في دول قليلة جداً من بينها إسرائيل وهذه المنظومة. فمعظم دول العالم تخجل وتأنف اليوم من ممارسة العنصرية وتبنيها علناً وتعترف بحقوق الإنسان. وعلى الرغم من أن "المقيمين" يشكلون الأكثرية العددية والنوعية، والمواطن هو الأقلية، ومع ذلك، وكمعظم منظومات الاستبداد في التاريخ، فإن المزايا هنا للأقلية، وليست للأكثرية، فهذا المقيم "الأكثروي" محروم من حق الإقامة واكتساب الجنسية والزواج والتملك والتقاضي وممارسة الخصوصيات الثقافية والهوياتية والعقائدية، ومهدد بالطرد ودون إبداء الأسباب في أية لحظة. ( أرسلت شركات "فقاعة دبي"، المنهارة مؤخراً لعمالها وموظفيها رسائل نصية على هواتفهم النقالة، وجلهم من المسلمين الهنود وهم في إجازاتهم بمناسبة عيد الأضحى، في مقاطعة كيرالا، تخبرهم فيها بانتهاء عقودهم وعدم قدرتهم على العودة إلى دبي، ومن دون أية ضمانات تقاعدية أو تصفية لحقوقهم المالية، ومن الجدير ذكره أن الآسيويين يطلقون على دبي اسم مومباي لغلبة العنصر الهندي فيها والذي يشكل 95% من مجمل سكان هذه الإمارة).

ويشير المصطلح فيما يشير ضمناً إلى أن المواطن هو حصراً ابن البلد "المسلم" وهو على الأغلب المسلم السني الوهابي تحديداً، (فالشيعة، حتى المواطنون منهم، مضطهدون في الخليج عموماً وممنوعون من الارتقاء وشغل وظائف حساسة في الجيش والأمن والخارجية المحصورة على أبناء العائلات والسلالات المؤلهة والمقربين منها، (قامت ما يسمى بمملكة البحرين بتجنيس عشرات الآلاف من المسلمين الشيعة لتغليب العنصر السني على العنصر الشيعي وإحداث قدر من التوازن المختل لصالح الشيعة وهذا خطر كبير طبعاً، فلا يجوز أن يكون الشيعة أغلبية، في المملكة التي تدعى إيران ملكيتها كما طالب مؤخراً أحد غلاة الملالي الإيرانيين في تصريحات علنية). وحتى ضمن القبائل، والتراتبية القبلية التي تميز الحياة الاجتماعية، هناك قبائل درجة أولى وممتازة، تحظى بالامتيازات والاستثناءات، وهناك قبائل درجة ثانية Second Hand، ولا يعترف بعقائد الشيعة المسلمين ولا ينظر إليهم إلا كروافض وضلالية ومبتدعة، وهذا ما عبر عنه شيخ الأممية الإخوانية يوسف القرضاوي، علناً، أثناء حديثه الشهير عن الغزو الشيعي لمصر، ولكنه بدا كملاك حقوقي، وكان يتكلم مؤخراً كمارتن لوثر كينغ عن الحريات والتسامح الديني في حلقته الشريعة والحياة عن المآذن السويسرية، و"معليش"!!!). وأما المقيم، فهو ذلك "الآخر" الذي لا يستحق المواطنة ولا لقبها وهو على الأرجح غير مسلم (أي تمييز ديني علني)، فهناك ملايين من العمال الأجانب والآسيويين، وهم عموماً من الهندوس والسيخ والبوذيين الذين تزدرى معتقداتهم وتسفـّه، ولا يحق لهم إقامة أي نوع من لطقوس والشعائر، فهم طبقات أدنى في العرف الخليجي الرسمي العنصري، ولذا لا يجب أن يتمتعوا بأية حقوق إنسانية ويعاملون بدونية وعنصرية وتمييز واضطهاد غير مسبوق يصل درجة العبودية وهضم الحقوق المادية وأبسط الحقوق الآدمية ومن يزر سكن وعشوائيات العزاب المعزولة عن بقية السكان لحظر اختلاطهم، وتشبه الغيتوهات إلى حد كبير، يفاجئ بحجم البؤس والتعاسة والشقاء والظروف اللا إنسانية التي يعيشها هؤلاء. (لا تمنح المنظومة الفارسية جنسياتها، ولا إقامات دائمة لأي مهاجر لديها، أبداً، غير أنها بدأت تعبر عن عقد نقص حضارية مستفحلة ومتفاقمة، وعنصرية بآن تتجلى في شعور بالدونية تجاه الرجل الأبيض والأنكلوساكسوني تحديداً الذي تميزه بالراتب والأجر والمعاملة وتخصه باستثناءات دون غيره ربما لأنه يمثل أسيادهم وأولياء نعمتهم من الإنكليز والأمريكان وهذا أمر ملموس وشائع ومعروف للجميع في هذه المنظومة. كما قامت، مؤخراً، بنغمة مبتدعة وهي منح جنسيات ، وفقط، لبعض المتفوقين والموهوبين والمتميزين والمتميزات رياضياً أو فنياً، للتباهي بهم أمام الرأي العام، رغم أن أسماءهم وأشكالهم و"سحنتهم" لا توحي بانتمائهم لهذه المنظومة، كما أنهم لا يتقنون حرفاً واحداً من حروف ما يسمى بلغة الضاد. ويحكى أن كثيرين من هؤلاء المتميزين والمتميزات، الواعين للبعد العنصري في الوضوع، كانوا قد رفضوا تلك الجوازات الخليجية، في ردة فعل عدّت صفعة "للخلايجة" من أصحاب هذه البدعة العنصرية، والتواقين للظهور في المحافل الدولية حتى بجهود وخبرات وتميز غيرهم من البشر. ويروى، أيضاً، أنه تم سحب الجوازات من متميزين آخرين بمجرد أن انتهت خدماتهم، حين لم يعودوا قادرين على العطاء كالسابق، وفي هذا تحد مهين لكافة الشرائع الإنسانية والقانونية والدولية التي لا تقيم لها منظومة الخليج الفارسي أي وزن واعتبار، كما أن طبقات البدون، ومحرومي الجنسية، ومن تسحب جوازاتهم بشكل يومي، هي ظواهر أقل من طبيعية في هذه المنظومة).

ولعل مجرد استخدام مصطلحات من قبل مواطن ومقيم للتمييز بين مجموعات بشرية تتشارك في العيش والسكن والظروف الجغرافية، وتبني ذلك رسمياً، ينطوي على ميل واضح لممارسة العنصرية، وبغض النظر عن أصول الآخرين العرقية والقومية والدينية ...إلخ. وهذا ما قد يفاقم من عوامل انفجارات مجتمعية قادمة، فاستشراء العبودية والاضطهاد والتمييز بالمعاملة بين مواطن ومقيم، لن يمر هكذا من دون عواقب مستقبلية خطرة، تتراكم يومياً في قلب هذه الدول التي تعتبر، في نظر كثيرين من المحللين الاستراتيجيين وخبراء الأنثروبولوجيا والمؤرخين، طارئة ومؤقتة على المسرح الدولي.

وإنه لحري بنا استذكار كل ذلك، والتذكير به، مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي بدأت ثقافته تترسخ وتتشكل في معظم دول العالم باستثناء المنظومة الفارسية العنصرية التي ما زالت تنكر على المهاجر أبسط حقوقه في الاستقرار والإقامة والعمل وعدم التمييز لا بالمعاملة ولا بالأجر بناء على أي انتماء أو معيار ما قبل حقوقي وما قبل مدني.

كما أنها مناسبة لتذكير قادة تلك المنظومة، وهم على عتبة الاجتماع المقرر، لقمة ما يسمى بمجلس التعاون الخليجي، يوم الرابع عشر من الشهر الجاري، حيث أن الأوضاع الحقوقية والإنسانية وإنكار حقوق "المقيمين" الإنسانية الأساسية، كلياً، واعتبارهم مجرد كائنات لا أحاسيس ولا مشاعر لديها، باتت فاقعة، وأمراً أكثر من ملح وأكثر من إنساني، فالتضييق عليهم في ممارسة شعائرهم، وطقوسهم، وبناء معابدهم الخاصة بهم، وخشيتهم من الإعلان عن معتقداتهم، وازدراء خصوصياتهم الثقافية والعرقية وإنكارها عليهم، باتت من السمات العامة لحياة "المقيمين" في بلدان هذه المنظومة، وإن استمرار التعامل معهم بشكل عنصري هو فقط مجرد عامل عدم استقرار آخر يضاف إلى جملة عوامل عدم استقرار أخرى تهدد كيان ووجود هذه المنظومة الطارئة التي أثبتت هزات طبيعية واقتصادية مؤخراً وجودها وزلزلت كيانها، ورسخت بما لا يدع مجالاً للشك عن هشاشة بنيوية حادة تنطوي عليها.

لقد بات من الضروري جداً، في هذا اليوم الحقوقي العالمي، إعادة تأهيل واندماج المنظومة الخليجية في المجتمع البشري، حقوقياً، بغية انضمامها للميثاق العالمي لحقوق الإنسان واحترام مواده، والذي يعني، فيما يعني الاعتراف أولاً، بحقوق المرأة والأقليات والعمال والمهاجرين ....إلخ، وعدم ممارسة التمييز بكافة أشكاله، والإقلاع فوراً عن تبني هذا النهج العنصري غير المتحضر، والذي بات السمة والطابع الأهم للحياة في هذه المنظومة





#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما أضيق العيش لولا الحوار المتمدن؟
- هل يمكن غزو أوربا دينيا ؟
- الدين الكبير
- احذروا الاقتصادي الإسلامي
- يا ليتني كنت شاليطا
- الإسلاميون و البكاء على الحريات الدينية
- دبي وجدّة: تهاوي الأساطير النفطية
- أظلمة أوربا : ردود على الردود
- مآذن سويسرا: أظلمة لا أسلمة أوروبا
- الفقاعات النفطية: و هشاشة المنظومة الخليجية
- السيد وزير العدل السوري/المحترم:
- فصل الدين عن البداوة
- الغزو البدوي : أطول استعمار و احتلال بالتاريخ
- دروس القومية العربية
- سوريا : ملامح طالبانية
- الله يجيرنا من الأعظم
- الدولة العربية القبلية
- كاتيوشا حوثية؟ أكثر من مجرد عصابة
- إلى الأستاذ سعد الدين الحريري/ المحترم:
- الحوثية و الوهابية الصدام المؤجل


المزيد.....




- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
- السفارة الروسية لدى واشنطن: تقرير واشنطن حول حقوق الإنسان مح ...
- غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي
- مصر وأيرلندا: غزة تعاني المجاعة وغير قابلة للعيش
- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - عنصرية في الخليج الفارسي