أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - كُلفة الديمقراطية العراقية -الباهظة-















المزيد.....

كُلفة الديمقراطية العراقية -الباهظة-


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2854 - 2009 / 12 / 10 - 07:49
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الباحثون والمحللون السياسيون، الكارهون للعراق، والكارهون لأمريكا، يتساءلون فيما يكتبون عن العراق:

- هل هناك ديمقراطية عراقية حقاً، بعد هذه السنوات المريرة والصعبة الست، التي قضاها العراق كما لم يقضِ مثلها أي بلد عربي آخر، أو أي شعب عربي آخر؟

ويأتي جواب من معظم هؤلاء عن سؤالهم:

- ليس في العراق ديمقراطية، وأن ديمقراطية العراق ليست أكثر من وهم. وكان على العراق أن يعيش منذ 2003 مائة سنة أخرى، أو أكثر أو أقل، لكي يُحقق ديمقراطيته المنشودة.



لماذا مائة سنة أخرى؟

ويسرد هؤلاء سبب دعوتهم للعراق بالانتظار مائة سنة، أو يزيد أو يقل، وذلك لكي يتخلَّص العراق من فيروسات الديمقراطية الخطيرة وهي : المحاصصة الطائفية الدينية، والمحاصصة العشائرية، والمحاصصة العرقية. فالتكوينات العراقية المختلفة والمتعددة تحتاج كلها إلى عقد اجتماعي واحد، يربط بينها، ثم تأتي الديمقراطية طبقة أخيرة، من طبقات الكعكة العراقية.

كذلك، فإن العراق بحاجة ماسة إلى قائد وزعيم قوي وشجاع ومثقف من قماشة كمال أتاتورك، أو الحبيب بورقيبة، لكي يهدم سدوداً قديمة متآكلة، ويطلق الماء المتعفن، المحتبس وراءها، منذ مئات السنين.



فيروس العشائرية الخطير

ولنا أمثلة كثيرة من التاريخ البعيد والقريب، على أن البلد الواحد بتكوينات مختلفة يمكن أن يتحد ويتقدم. ولعل المثال القريب هو مثال الاتحاد السويسري. ففي سويسرا تكوينات عرقية ودينية أكثر مما في العراق، وبلغات أربع: الألمانية، والفرنسية، والايطالية، والرومانثية. واستطاعت سويسرا الوحدة والتقدم وتطبيق الديمقراطية، لأنها كانت خاليه من فيروس خطير جداً، وهو فيروس العشائرية الطاغية كالتي في العراق. حيث 73% من سكان العراق عشائريون. وهذا الرقم لا يشمل العراقيين ذوي التفكير القبلي والزي الغربي. وهذه ليست مشكلة العراق وحده، ولكنها مشكلة الخليج العربي بأسره، وكذلك بلاد الشام باستثناء لبنان. ولعل تقدم مصر التاريخي على الدول العربية الأخرى في السباق الديمقراطي (ظهر أول مجلس نيابي عام 1866م)، مرده إلى خلو مصر – إلى حد ما - من النظام القبلي العربي، ووجود حاكم رشيد وقوي ومتفتح كالخديوي إسماعيل، رغم كل أخطائه المالية، التي أدت إلى عزله.

فشيخ القبيلة لا يُنتخب، وإنما يُورَّث.

وشيخ القبيلة لا يُنحَّى، وإنما يموت.

وشيخ العشيرة لا يُسأل، وهم يُسالون.

وأصوات القبائل العراقية في أية انتخابات وعلى أي مستوى الآن، هي "بيضة القبَّان"، حيث استعادت القبائل العراقية الآن قوتها ونفوذها، حين استعانت بها القوات الأمريكية والسلطة العراقية لمكافحة الإرهاب وتثبيت الأمن والاستقرار، بعد أن ضمُرت قوتها، وتقلَّص نفوذها في ظل الحكم العثماني للعراق. فزاد كل ذلك من قوة العشائر. فالعلاقة بين العشائر والدولة (أية دولة) علاقة عكسية. فكلما زادت قوة العشائر ضعفت الدولة، وكلما قويت الدولة ضعفت العشائر. ومن هنا، تبدو كلفة الديمقراطية العراقية "باهظة" ولكن في الميزان العربي فقط.



الديمقراطية بخصائص عراقية

العراق لا يسعى إلى تطبيق الديمقراطية الانجليزية، ولا الديمقراطية الفرنسية، ولا ديمقراطيات الدول الإسكندنافية، ولا الديمقراطية الأمريكية. فلكل هذه الديمقراطيات خصائصها وخصوصياتها.

ما يريده العراق الذي هو جزء من الأمة العربية، بتاريخها المعروف وجغرافيتها المعروفة، وتكويناته الدينية والطائفية والعشائرية والعرقية، أن يصنع لنفسه وبنفسه ديمقراطية ذات خصائص عراقية محضة، تليق به وتليق بأهله. ولعل ما جري في العراق حتى الآن من حراك سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي يتجه هذه الوجهة. وما فعلته أمريكا أنها شقَّت الطريق إلى الديمقراطية، ولم تأت بصيغة ديمقراطية جاهزة للتطبيق. وهذا ما فعلته أمريكا في اليابان، وكوريا الجنوبية، وألمانيا الغربية، عشية الحرب العالمية الثانية.



الدولة عارية بدون الديمقراطية

العراق - وهذا هو قدره من التاريخ والجغرافيا - يحتاج إلى زمن طويل، لكي يشير إلى اكتمال الديمقراطية ذات الخصائص العراقية. ذلك أن تفصيل الديمقراطية تفصيلاً دقيقاً، لكي تلائم الكيان العراقي، أصعب بكثير، وأكثر تكلفة – بالطبع – من شراء صيغة ديمقراطية جاهزة.

فالدولة تظل عارية إلى أن تستر عورتها بالديمقراطية المناسبة، التي تصنعها بنفسها، ولا تشتريها من حانوت الأزياء الديمقراطية الجاهزة.

فما هي تكلفة زي الديمقراطية العراقية؟



"رخص" الديمقراطية العراقية !

ما قدمه العراق من ضحايا، وما خسره من أموال على مذبح الديمقراطية منذ 2003 إلى الآن، يبدو رقماً ضخماً في الميزان العربي. وتبدو تكلفة الديمقراطية العراقية "باهظة" في الميزان العربي، الذي لم يعتد على دفع مثل هذه التكلفة العالية في ماضيه وحاضره. علماً بأن أمريكا وبريطانيا تحملتا الجزء الأكبر من تكلفة الديمقراطية العراقية، دماءً وأموالاً. أما في الميزان الغربي، فهذه التكلفة لا تُذكر، قياساً لما دفعته أوروبا في الحرب العالمية الثانية وبعدها، ثمناً لديمقراطيتها الحالية، وخلاصها من الديكتاتوريات. فإضافة للتكلفة التي دفعها العراق منذ 2003 حتى الآن، من الدماء والمال، بفضل تدخل دول الجوار في أموره الداخلية وعرقلة مسيرته الديمقراطية، سيدفع العراق في المستقبل القريب – سيما وأن الانتخابات التشريعية القادمة على الأبواب الآن – الأموال الطائلة للحملات الانتخابية. فالأحزاب العراقية تسعى لتعبئة مواردها المالية الآن أكثر من ذي قبل، نتيجة لارتفاع تكلفة الانتخابات، التي تأتي في زمن تطورت فيه وسائل الدعاية والإعلان وزادت تكلفتها. أما دول الديكتاتورية الحزبية والعسكرية والقبلية فلا تحتاج لصرف ملايين الدولارات ثمناً للديمقراطية.

ويشير الباحث الفرنسي جان ميشال دوكونت في كتابه "الديمقراطية" إلى أن مثل هذه المبالغ الطائلة التي يُطلق عليها "المال السياسي" قد ساهمت في تهديم الأسس الأخلاقية التي تقوم عليها الديمقراطية. مما يزيد من تكلفة الديمقراطية الباهظة، وخاصة في دول العالم الثالث. ولنا مما حصل في لبنان في الانتخابات التشريعية الأخيرة خير مثال على ذلك.



الديمقراطية العقار الأنجع للفساد

وهناك بند خفي عيني، من بنود تكلفة الديمقراطية العراقية، وهو الإعلام العربي الخارجي الذي يُضخِّم من ظاهرة الفساد المالي في العراق.

صحيح أن في العراق فساد مالي كبير، ذلك ما لا ينكره أحد. ولكن حرية الإعلام والرأي في العراق الآن، هي التي كشفت وضخَّمت من حجم هذا الفساد. فالفساد ظاهرة طبيعية في كافة دول العالم الثالث، وفي الدول العربية خاصة، وفي دول الخليج بالذات (كارثة جدة الأخيرة مثال واضح). ولكن قوة السلطة وطغيانها في العالم العربي، تحول دون كشف فضائح الفساد. ولو وُجد هامش من الحرية والديمقراطية كما هو متوفر الآن في العراق، لسمعنا وقرأنا عن فضائح فساد مدوية.

فبالديمقراطية وحدها نكتشف العلل. وبها وحدها نعالج هذه العلل. فالديمقراطية هي العقار الأنجع لمحاربة وباء الفساد، وغيره من أوبئة العالم الثالث.

وأخيراً، شكراً لسوريا وإيران خاصة، وكافة دول الجوار التي ساهمت – بتدخلها في شؤون العراق وإرسال هداياها للشعب العراقي من السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة تهنئة للعراق الجديد - في رفع كُلفة الديمقراطية العراقية، وذلك حتى تتنبه بقية أقطار العالم العربي إلى أن الديمقراطية ليست فسحة على شاطئ البحر، ولكنها دماء وشهداء ومال ووقت.





#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هم المعارضون لقيام الدولة الفلسطينية؟
- الولادة المُتعسِّرة للدولة الفلسطينية
- من ليبراليات الخاصة إلى الليبراليات الشعبية
- كيف يتم انفراج الانسداد التاريخي ونجاح التنوير العربي؟
- لماذا الانسداد التاريخي وفشل التنوير في العالم العربي؟
- هل انكسرت جرَّة السمن والعسل التركية- الإسرائيلية؟
- ابتلاع ما تبقى من فُتات فلسطين ونحن غافلون
- رجم محمود عباس بالحجر الذهبي
- بعد اختيار بلادهم لاستضافة المونديال والألعاب الأولمبية: الب ...
- أوباما في الأمم المتحدة: 2009 تاريخ جديد للإنسانية
- بوش ما زال في البيت الأبيض!
- اجتهادات -العقلية العربية- في كارثة 11 سبتمبر
- هل تغيّرت العقلية العربية بعد 11 سبتمبر؟
- المصير العربي بين لغة الأرقام ولغو الكلام
- لماذا سيكون المستقبل العربي مظلماً وقاسياً؟
- معاني ودلالات عودة الإرهاب للعراق
- مَنْ الذي لا يريد السلام : سوريا أم إسرائيل؟
- العربي.. ذلك الإنسان المعذَّب أبداً!
- نواقيس.. نواقيس.. ولا من مجيب!
- دعوة القومية العربية بين الأصالة والتغريب


المزيد.....




- متى تتوقعون الهجوم على رفح؟ شاهد كيف أجاب سامح شكري لـCNN
- السعودية.. القبض على شخصين لترويجهما مواد مخدرة بفيديو عبر و ...
- مئات الغزيين على شاطئ دير البلح.. والمشهد يستفز الإسرائيليين ...
- بايدن يعلن فرض الولايات المتحدة وحلفائها عقوبات على إيران بس ...
- لماذا تعد انتخابات الهند مهمة بالنسبة للعالم؟
- تلخص المأساة الفلسطينية في غزة.. هذه هي الصورة التي فازت بجا ...
- شاهد: لقطات نشرها حزب الله توثق لحظة استهدافه بمُسيرة موقعًا ...
- ألمانيا تطالب بعزل إيران.. وطهران تهدد بمراجعة عقيدتها النوو ...
- مهمات جديدة أمام القوات الروسية
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - كُلفة الديمقراطية العراقية -الباهظة-