أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد علي - الجهات السياسية بين الواقع و التغيير المطلوب















المزيد.....

الجهات السياسية بين الواقع و التغيير المطلوب


عماد علي

الحوار المتمدن-العدد: 2848 - 2009 / 12 / 4 - 14:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما تفرض الظروف السياسية و الاجتماعية و الثقافية و التاريخية انبثاق جهة او تيار او حزب سياسي والذي يفرض نفسه كضرورة تاريخية ملحة و يزكيه الواقع و يدعمه في تقدمه، فيكون متسما بالصفات التي يتمتع بها ذلك المجتمع و تلك الارضية بكل اشكالها و ابعادها المختلفة. و يجب ان تكون له الاهداف و الشعارات العديدة النابعة من مصالح المجتمع و المنتمين اليه و هو يناضل و يصارع من اجل الوصول اليها و بطرق و اساليب مختلفة و يحمل استراتيجيات موائمة لها و تكتيكات متوافقة مع ظروف المرحلة و مواصفاتها و تتغير بتغييرها، و بنجاحه يزداد ثقله و مكانته و تجتمع العديد من افراد الشعب حوله و يدافعون عنه في السراء الضراء. و كلما كان ناجحا في خطواته و عمله وهو يداب في تحقيق ما ينتظره الشعب و ما هو لصالح تقدمه و تمنياته و اماله، تزداد قوته و حجمه، و يفرض نفسه اكثر على الساحة عندما يؤدي واجباته من اجل المصالح العامة دون افرازات سلبية . اي يجب ان يكون واقعيا مرتبطا بما يتصف به الشعب و الارضية التي نشا فيها و يعمل من اجل تطويرها . و هذا بحد ذاته من الصفات و الخصائص الجيدة لاية جهة سياسية ، و لكن هذا لوحده لا يكفي لجهة اصيلة نابعة من رحم شعب و آلامه و يريد التقدم و التطور به ، اي بقدر ما يكون معهم في العمل و الصفات و يختلط بهم و يكون قدوة في تحقيق امالهم تزداد ثقتهم به ، و هذا ما يفرض عليه ان يكون في الطليعة دائما في العوامل الفعالة لايجاد التغيير المستمر المطلوب في بنية المجتمع و ما يتعلق به من كافة الجوانب، على الرغم من ان يكون واقعيا بعيدا عن الخيال و الطوباوية فيجب ا ن يتوجه الى اجراء الاصلاح الدائم، و عليه ان ينعكف على التقليل من الصفات غير الواقعية و ازالة السلبيات العديدة التي تسيطر على كيانه و المجتمع بشكل عام ايضا. و يجب ان يبدا العمل من الذات و يُستهل ذلك من المنتمين ليكونوا مثالا يحتذى به و يؤثرون على افراد المجتمع عمليا على ارض الواقع بافعالهم، و هذا ما يدعنا ان نقول ان واجبات الاحزاب و الجهات السياسية الكبرى صعبة الاداء و شعاراتها صعبة التحقيق، نسبة الى الاخرين فيما تخص المجتمع بشكل عام ، و هذا ما يفرض الاصلاح و التغيير الضروري في الذات قبل الانتقال تدريجيا الى المحيط و التوسع في المهمات.
عند القاء نظرة عابرة على ما تتمتع بها الاحزاب العراقية من الصفات و الخصائص و كيفية تاسيسها و ما يميزها و الوضع الذي يعيش فيه المجتمع بشكل عام، و الخلل الظاهر في العملية السياسية و التحزب بشكل خاص ، و الذي اصبح العمل فيه موردا ماليا و معيشيا للمنتمين بعيدا عن المباديء و القيم و الاعتقادات، فان العملية تكون في غاية الصعوبة، و يجب ان تبدا العمل من اعادة العمل الحزبي الى نصابه الصحيح قبل اي شيء اخر، و الا لن يكون الحزب مثالا او قدوة او في طليعة المكونات المكافحة للتغيير و الاصلاح العام المتعددة الاوجه.
بعدما اختلطت العديد من الامورخلال هذه المرحلة من تاريخنا و التي لها اسبابها الذاتية و الموضوعية المختلفة و المتنوعة، و في مقدمتها و التي لابد من ذكرها على انها من الاسباب الرئيسية و هي تاثيرات الدكتاتورية البغيضة طيل عقود من حكمها الجائر و لتي كانت لها الباع الاكبر في تشويه السياسة و العمل الحزبي الطبيعي بافعالها و ما اقدمت عليها من ابعاد ماهو الجوهر الحقيقي الصحيح للعمل الحزبي عن مساره المستقيم من اجل المصالح الذاتية، و ابعدت كل ما يمت بالمباديء و الايمان بالفكر و القيم و العقيدة الصحيحة بصلة و اختزلتها في المصالح الذاتية فقط ، و هذا ما شوه وجه التحزب النافع ليكون العائق امام التقدم في المجتمع و معرقل للمسيرة السليمة نسبيا للعملية السياسية طيل المراحل التي مرت بها الاحزاب العريقة و التي اختفى اثر العديد منهم جراء افعال الدكتاتورية .
و بعد سقوط الدكتاتورية بالشكل المعلوم و ما خلفت من السلبيات بدلا من اصلاح الامور و اعادة النظر في اداء الواجبات الحقيقية و الحزبية اللازمة و مسايرة التقدم العالمي من كافة الجهات تم خلط الحابل بالنابل و ازداد الطين البلة في هذا الاتجاه بالذات، على الرغم من الحرية الضامنة للعمل الساسي على عكس ما كانت عليه ايام الدكتاتورية، و استقرت الحال على الصراع الحزبي المديد على تقوية اي طرف لذاته، و العمل على ازدياد حجمه و توسيع مساحة منتميه باية وسيلة كانت على حساب مصالح الشعب العامة و باغراءات مادية معنوية . و به انتمى الشعب قاطبة الى الاحزاب المختلفة من دون اي دافع فكري عقيدي حقيقي استنادا على المصالح و المعيشة و ما يتوفر من الاحزاب من لقمة العيش و به طمس الفعل الحزبي الحقيقي في بحر التشويهات وا لسلبيات التي طفت الى السطح جراء التغيير المفاجي و الخروج من الكبت بدفعة واحدة، و الانتساب الى الاحزاب اصبح مستندا على المحسوبية و المنسوبية الدينية و العرقية و المذهبية والقبلية والعشائرية المعلومة للجميع، و انتقل الشعب بكامله و بكل مافيه من الصفات و السمات و المميزات الى الاحزاب و ضمن اطر معينة دون اي تغيير او تعليم قبل الانتماءو هذا ما يمكن ا نسميه تسييس الشعب بجميع فئاته الى جانب عسكرته جراء ما جرى، و من ثم بدات الانسحابات السريعة و كان ما حدث يمكن ان نسميه الهدوء النسبي بعد الفوران الحاصل اثناء التغيير دون تخطيط او برامج واضحة ، و من ثم بدا الاستقرار السياسي التدريجي و انعكست ما يتميز به الواقع من الصفات المختلفة على الاحزاب التي كونت نفسها بعد العملية و كانت لها اساس ما قبل السقوط خارجا كانت او داخل العراق سريا . و هذا ما يحتاج الى فترات طويلة اخرى لنحس بوجود احزاب يمكن ا نسميها باحزاب حقيقية اصيلة معلومة المعالم و الشكل و الجوهر من الاهداف و الشعارات و يحوي على المنتمين الحزبيين المؤمنين بما يحمله اي حزب و المؤمنين بالاهداف و المعتنقين بافكاره و العاملين من اجل المصالح العامة للشعب المتوائمة مع العصر الجديد بشكل عام.
عندما تكون الاحزاب بهذه المواصفات و الخصائص و هي التي تحتاج الى اصلاحات و تغييرات جذرية حتما سوى كانت في الشكل ام في التركيب و العمل ، فكيف بها ان تتمكن من انجاح عملية لااصلاح و التغيير في المجتمع بما تمتلك .
اذن العملية معقدة و شائكة بشكل كبير، و لكن سهلة التفكيك و الحل ان كانت الدواقع سليمة و ان وجدت النيات و المقومات الصحيحة المطلوبة لها. الوضع الاقتصادي الملائم كعامل حاسم سيزيد من فرص الحلول الصحيحة بتنميته و تطوره، الوضع الثقافي العام في مستوى لا يمكن التعويل عليه لطول المرحلة المظلمة السابقة التي مر بها العراق و تاخره عن الركب العالمي من كافة الاختصاصات العلمية و الادبية و الانسانية بالذات، الوضع الاجتماعي و ما فيه من العادات و التقاليد و الترابط يمكن قرائته بشكل صحيح الان في ظل الحرية النسبية و يمكن توجيه المجتمع و سد الثغرات الموجودة فيه بالجهود الذاتية و بسهولة ان كانت الارادات قوية .
في ظل هذه الاوضاع العامة و بمرور الزمن و الانتقال من المرحلة الحالية، ستظهر في الافق ملامح الوسط الذي يمكن اجراء الاصلاح و التغيير العام فيه بسلاسة، لاسيما من الجانب الحزبي و العملية الحزبية و السياسية و ظروف الحكم و فصل السلطات و ارتباط افراد المجتمع بالوطن والحكومة او المعارضة و الحزب وفق الاعتقادات و المباديء الصحيحة، و من ثم اجراء الاصلاح الدائم و التغيير المستمر و الوصول الى شاطيء الامان بعض الشيء.
من البديهي، ان يحتاج اي موقع في اي مجتمع و حتى اية عائلة او فرد كان الى الاصلاح و التغيير و التلائم مع التجديد، فكيف بحزب او مجتمع يعيش في حال غير مستقرة و ضمن التغييرات العالمية الكبرى التي يلامسها في كل لحظة. و هذا ما يدلنا الى ان الاحزاب الحقيقية النابعة من تطلعات و امال الشعب ستعيد من تنظيم ذاتها بحيث تعمل على تحسين موقعها و وضعها و اعادة النظر في مسيرتها و اعمالها و تعمل على ان تكون قدوة للاخرين من المجتمع و المكونات و الفئات التي تمثلهم لكي تنجح في مهامها . و من ثم تبدا الخطوة الاولى في عملية الاصلاح المطلوبة للمجتمع بشكل عام لنجاح التغيير المؤمل في كافة المجالات، و هذا ما يحتاج الى ضمان و توفير العوامل الضرورية العديدة الاخرى موازية مع التغيير و الاصلاح في الاحزاب و سلوكهم العام و عملهم الحزبي داخل المجتمع.
نستخلص مما سبق الى ان الاحزاب على الرغم من واجب ان تكون نابعة من المجتمع و الواقع الموجود ،لابد لها ان تكون قدوة في ازالة السلبيات من الواقع الموجود، بقدوتها و مبادراتها، و عليها ان تقدم التضحيات في اقرار صحة توجهاتها و ان تكون دائما في الطليعة في اداء الواجبات التي تؤمن بها و هي تكون من اجل مصلحة الشعب قبل نفسها ، و هي التي تنجح في النهاية.





#عماد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعارضة البديلة للحكومة الاصيلة
- من يستهدف الصحفيين في العراق ؟
- النظر الى قضية الحوثيين بعيون انسانية بحتة
- اعيد السؤال، لماذا أُرجيء التعداد العام لسكان العراق ؟!
- ماطبقت في اليابان و المانيا لا يمكن تكرارها في العراق
- لماذا الانتقائية في مقارنة فدرالية العراق مع دول العالم
- كيفية التعامل مع عقلية الاخر لتطبيق مادة 140 الدستورية
- ضرورة تجسيد التعددية الحزبية في العراق ولكن!
- هل تثبت تركيا مصداقية سياستها الجديدة للجميع
- المركزية لا تحل المشاكل الكبرى بل تعيد التاريخ الماساوي للعر ...
- من يمنع اقرار قانون الانتخابات العراقية
- لازالت عقلية الواسطي منغمصة في عهد ذي القرنين
- هل بامكان احدما اعادة البعث الى الساحة السياسية العراقية
- فلسفة التعليم في العراق بحاجة الى الاصلاحات و التغيير
- تكمن الخطورة في تصادم استراتيجيات الاطراف العراقية
- كيف تُحل القضايا الشائكة العالقة في العراق
- هل بعد الاحد و الاربعاء يوم دامي اخر
- ألم تستحق مجموعات السلام الاستقبال المشرٌف
- سلامي و عتابي ل(الاتحاد) الغراء
- ما العائق الحقيقي امام اقرار قانون الانتخابات العراقية


المزيد.....




- إسبانيا: رئيس الوزراء بيدرو سانشيز يفكر في الاستقالة بعد تحق ...
- السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟
- كأس الاتحاد الأفريقي: كاف يقرر هزم اتحاد الجزائر 3-صفر بعد - ...
- كتائب القسام تعلن إيقاع قوتين إسرائيليتين في كمينيْن بالمغرا ...
- خبير عسكري: عودة العمليات في النصيرات تهدف لتأمين ممر نتساري ...
- شاهد.. قناص قسامي يصيب ضابطا إسرائيليا ويفر رفاقه هاربين
- أبرز تطورات اليوم الـ201 من الحرب الإسرائيلية على غزة
- أساتذة قانون تونسيون يطالبون بإطلاق سراح موقوفين
- الإفراج عن 18 موقوفا إثر وقفة تضامنية بالقاهرة مع غزة والسود ...
- الى الأمام العدد 206


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد علي - الجهات السياسية بين الواقع و التغيير المطلوب