أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - نضال نعيسة - دبي وجدّة: تهاوي الأساطير النفطية














المزيد.....

دبي وجدّة: تهاوي الأساطير النفطية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2847 - 2009 / 12 / 3 - 00:26
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


هل كان من قبيل الصدفة أن تتعرض درتان من درر الخليج الفارسي، وفي وقفة العيد تقريباً، إلى فجيعتين أطاحتا بعقود من البهرجة والزخرفة، وكيف توافق أن ضربت العواصف المالية والطبيعية، بآن، درّتين ثمينتين فيما يسمى بدول-المدن ، وقبيل يومين، فقط، وتزامناً، مع عيد الأضحى، وهما جدة ودبي، حيث غرقت الأولى في مياه الأمطار والمجاري، وغرقت الثانية في ديون الأحلام الكبيرة والأماني؟ وجرفت مياه الأولى معها صورة مخادعة، وطبقة سميكة من النفاق الإعلامي لتظهر وجه الفساد الإنساني وهشاشة مدن الرمال بأبشع صورها الكامنة( أين هم رجال الهيئة ومطاوعة الأمر بالمعروف والنهي المنكر، عن كل هذا الفساد المستشري والذي يتحدث عنه الإعلام الرسمي السعودي، أم أن "الفساد في الأرض ليس من اختصاصهم"؟)، فيما جرفت ديون الثانية معها كل أوهام التطاول في البناء، ومحاولة مقارعة وتقليد الكبار، على أسس خاوية، حيث لا شعب، ولا سكان، ولا أرض طيبة تركن إليها، وتنام في حضنها وقت الشدائد والملمات.

فهل كانت هاتين المدينتين أضحيتين بات من الواجب تقديمهما على مذبح الحقيقة للسكارى والمخدرين وأصحاب الأوهام والعاهات الدائمة وذوي "الاحتياجات الخاصة" من حكام الإقليم، في لحظة وقفة تاريخية، وبعد عقود من التشويش والفوضى والظلم الممنهج والضياع، والرقص على أنغام دعايات عملاقة تبيـّن مدى خوائها وفراغها وهشاشتها وتهاويهما بسرعة البرق كألعاب الرمل التي يبنيها الأطفال على الشطآن، لتذوي وتذوب مع أية موجة عابرة وكأنها كانت مجرد حلم ورسم غاب بين ذرّات الرمال؟ فكما تهاوت دبي بسهولة مذهلة، وترنحت أمام قصور الرؤية وارتجالية القرارات وغرقت من دون أن يسمّي أحد عليها في مديونياتها، فقد انهارت جدة، وغرقت، هي الأخرى، تحت وابل من أمطار موسمية ربما كانت استجابة ربانية سمحاء لصلاة استسقاء، اعتاد الفقهاء طلبها في كل عام، غير أن شيوخها قد أوغلوا، هذه المرة، بالدعاء بمطر غزير مدرار، وهكذا ليصبح الدعاء والإيمان، لعنة، بدل أن يكون رحمة وعوناً للعالمين، وقد يصدر شيوخ الإفتاء فتاوى بمنع إقامة صلوات الاستسقاء، فقد يكون الجفاف والعطش، أهون وأيسر، بكثير، من انفضاح ما تخفيه مدن الرخام الغافية على عذابات وآلام الفقراء، والعمال الوافدين إليها من كل حدب وصوب لا لشيء إلا للاستزادة من القهر والألم والمعاناة.

ولو أنك ذكرت قبل عام من الآن، بعضاً من هذه الحقائق التي تتبدى، تباعاً، للعيان، لكان اتهمك آخرون بأنك تهذي أو أن مساً قد أصاب دماغك العربي، المعطوب جينياً، وأصلاً، واختلطت عليك الأشياء. فوراء كل تلك الصور البراقة، والآلات الدعائية الخارقة، والأبواق المأجورة، وأصوات الضجيج والزعيق والتفاخر الماجن الفارغ، تكمن صور قبيحة، رثة، سوداء، وذميمة، وخلف تلك العباءات المذهبة الفاخرة، والأصوات المخملية الدبلوماسية الخافتة، والناعمة، ورداءات الورع، هناك أنات وآهات، وحشرجات مكبوتة وقصص مرعبة وروايات طويلة عن ظلم وقهر وعذاب وآلام وغطرسة ورياء، أبت إلا أن تخرج للعلن رغم كل محاولات التعتيم، والتمويه والمداراة.

تترسخ لدي، كل يوم، في هذا العمر الآفل المهدور حقائق التاريخ والجغرافيا وحكم الأولين والحكماء، وتتكرس كل تلك القوانين التي تتحكم بالطبيعة والحياة، والتي تحاول الحقب الجنونية البلهاء، وصبيانها الصغار، وعصرهم المخاتل أن يتجاهلها ويقفز من فوقها، وينط عليها، ويلعب فيها، حقائق تقول من جملة ما تقول، أن هناك أشياء كثيرة لا تستطيع كل كنوز الأرض شراءها على الإطلاق. فإن اشتروا ناطحات السحاب، والطائرات، وبنوا الأبراج الشاهقة، واستوردوا شعوباً، بأكملها، وعمالة رثة وجائعة من كل دول الجوار وجنوب شرق آسيا، للتعويض عن عقد نقص حضارية وتاريخية تشرش في أعماقهم، فإنهم بالتأكيد لن يستطيعوا شراء حضارة، و بناء إنسان، أو قسر التاريخ، وتصييره وفق أية أهواء، وكي لا يقول فيهم ما يجب أن يقال.

ثروات خرافية أهدرت على التوافه والإسطبلات والمظاهر الفارغة ومهرجانات الطر بالباذخة ونجوم "الواوا"، وسباقات الهجن والاستعراضات التافهة وسوق الدعاية والنفاق وشراء ضمائر وهواة مغامرة وباحثين عن شهرة وأضواء، واستئجار ذمم المتاجرين بالقيم والأخلاق وأقلام مأجورة ما استؤجرت إلا لتلميع الصغار، وتضخيم الأقزام، ولعق الأحذية والنعال، ومسح الأجواخ، وعبادة الأصنام وتعظيم الإمعات، وتقديس الجهلة وإخفاء العورات.

دبي وجدة، وداعاً، يا مدن الرماد، الغائصة في رمزية الغرق هذه. خلصت الزفة، وانتهى عصر المرتزقة والمتكسبة والمتدروشة العرب ليبدأ عصر الحقائق اللاذعة. وإلى لقاء مع تداع جديد، أو حقيقة جديدة "تطفح" من تحت مدن الظلم والرمال والظلام، كما طفحت مجاري جدة، وديون دبي، وابتلعت، معها، حقبة من الأوهام والعربدة الإعلامية والسراب.





#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أظلمة أوربا : ردود على الردود
- مآذن سويسرا: أظلمة لا أسلمة أوروبا
- الفقاعات النفطية: و هشاشة المنظومة الخليجية
- السيد وزير العدل السوري/المحترم:
- فصل الدين عن البداوة
- الغزو البدوي : أطول استعمار و احتلال بالتاريخ
- دروس القومية العربية
- سوريا : ملامح طالبانية
- الله يجيرنا من الأعظم
- الدولة العربية القبلية
- كاتيوشا حوثية؟ أكثر من مجرد عصابة
- إلى الأستاذ سعد الدين الحريري/ المحترم:
- الحوثية و الوهابية الصدام المؤجل
- المحرقة الحوثية والحروب المنسية
- إلى سعادة الأخ وزير الداخلية القطري/ المحترم:
- رسالة من إخونجي
- إلى الرفيق الأمين العام لحزب الكلكة
- أكثرُ مِن مجرّد هِلال شيعي
- خفايا نضال مالك حسن الأصولية
- معارِكُهم الحضارية


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - نضال نعيسة - دبي وجدّة: تهاوي الأساطير النفطية