أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - سعد هجرس - مصابيح التنوير والابداع التى تنطفئ














المزيد.....

مصابيح التنوير والابداع التى تنطفئ


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2846 - 2009 / 12 / 2 - 15:43
المحور: الصحافة والاعلام
    


ن عادتى أن أغلق التليفون المحمول عند مشاركتى فى أى اجتماع أو ندوة أو مؤتمر أو ورشة عمل.
لكن لا أعرف لماذا تركت التليفون مفتوحاً لدى مشاركتى فى الاجتماع الأخير للمجلس الاستشارى للشفافية والنزاهة فى مجتمع الاعمال الذى أتشرف بعضويته، والذى عقد يوم الأحد السابق لعيد الأضحى مباشرة.
وفى منتصف الاجتماع تقريبا دق جرس التليفون، وكان من المفترض – كالعادة فى مثل هذه المواقف- أن أضغط على زر الاغلاق، لكن شيئا ما جعلنى أستأذن من الحاضرين وأتلقى المكالمة التى كانت من الدكتور جابر عصفور.
كان صوت الدكتور جابر مفعماً بالحزن والقلق وهو يخبرنى أن صديقنا وزميلنا الشاعر محمد صالح يواجه صعوبات فى استكمال علاجه بمستشفى وادى النيل.
وهو المستشفى الذى استقر رأى الاطباء على تحويل محمد صالح اليه بعد ان اكتشفوا اصابته بالمرض الملعون المسمى بالسرطان. وبمجرد تلقى هذا الخبر البغيض تحرك زميلنا عصام الجمال بسرعة البرق وأجرى اتصالات مكثفة كللت باستصدار قرار بعلاج محمد صالح فى "وادى النيل" وبدأت رحلة العلاج بسلاسة، وتقرر إعطاءه جرعات من العلاج الكيماوى كنا نحرص على أن يكون القرار بالعلاج على نفقة الدولة جاهزاً ويسلم إلى المستشفى التى تقوم بعمل اللازم.
إلى أن كان اليوم الذى خاطبنى فيه الدكتور جابر عصفور.. فماذا حدث؟!
تبين أن مستشفى وادى النيل رفضت الاستمرار فى تقديم العلاج المقرر حسب الخطة الموضوعة. لماذا؟
لان وزارة الصحة توقفت عن دفع المبالغ المالية الواردة فى القرارات التى ترسلها فقررت المستشفي بالمقابل التوقف عن تقديم خدماتها لحملة قرارات العلاج على نفقة الدولة التى تحولت بين عشية وضحاها إلى مجرد قصاصات من الورق لا قيمة لها!
اتفقنا على خطة عاجلة وفورية لتدارك هذه الكارثة بالتحرك المتزامن على عدد من الجبهات:
• أول هذه الجبهات الاتصال بادارة الجريدة لتدبير المبلغ المطلوب.
• ثانيا: طلبت من الزميل جمال عنايت رئيس التحرير التنفيذى استخدام علاقته الودية مع الدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة لاتخاذ قرار استثنائى كى لا يتوقف برنامج علاج محمد صالح.
• ثالثا: دخلت الزميلة لميس الحديدى رئيس التحرير التنفيذى للعدد الاسبوعى للعالم اليوم على الخط واتصلت بزوجها وزميلها وزميلنا عمرو أديب لكى يخاطب مستشفى وادى النيل الذى يرتبط ببروتوكول تعاون مع برنامجه على شبكة الاوربت.
• رابعا: اتصلت بالأستاذ محمد سلماوى رئيس اتحاد كتاب مصر الذى أكد ان الاتحاد اتخذ كل الترتيبات اللازمة لاستكمال علاج محمد صالح على نفقة الاتحاد بمستشفى معهد ناصر.
• خامسا: عاود الدكتور جابر الاتصال بوزير الثقافة الفنان فاروق حسنى الذى أبدى دعمه للشاعر الكبير محمد صالح.
المهم .. أنه فى غضون ساعات معدودات تحركت المياة الراكدة، وتفاءلنا خيراً.
ويوم الثلاثاء السابق للعيد اتصلت بمحمد صالح وقلت له أنى سأسافر فى اليوم التالى مباشرة، أى يوم الأربعاء لقضاء عطلة العيد مع ابنى وحفيدتى بالخارج وسأعود يوم الاثنين، أى أنى لن أغيب أكثر من أربعة أيام، استأذنته فى التغيب خلالها بشرط أن يعدنى بأن أجده أفضل مما تركته.
وسافرت .. وعدت .. لأفاجأ بأنه لم يفى بوعده ورحل يوم العيد دون أن أسير فى جنازته أو أتلقى العزاء فيه، أو أواسى زوجته الفاضلة السيدة سامية قاسم شقيقة الأديب الرائع الراحل عبد الحكيم قاسم، وولديه عبد الحكيم وأحمد، أو أشاطر زملاءنا وأصدقاءنا المشتركين الحزن عليه.
***
لقد كان رحيله صورة طبق الأصل من حياته .. هادئا فى الحالتين، متواضعا لا يحب الضجيج والصخب ولا يحب أن يسبب الضوضاء لمن حوله.
***
ويكفى ان نتذكر أننا نتحدث عن شاعر، بل عن شاعر مهم جداً، لكنه لم يهتم يوما بالدعاية لنفسه أو لتسويق اشعاره، رغم أنه كان يشتغل بالصحافة، ولديه علاقات لا أول لها ولا آخر مع كل الصحف والمجلات ومع الكثير من الصحفيين الذين كانوا يلحون عليه للحصول على إبداعاته الشعرية وآرائه الأدبية. لكنه كان عازفا عن كل هذا، وزاهدا فى محراب الأدب والفن. ولذلك فإنك نادرا ما كنت تشاهده فى ندوة أو مؤتمر أو برنامج تليفزيونى أو فى مقابلة صحفية للحديث عن إنتاجه الأدبى، رغم انه كان "رائدا" – بكل ما فى الكلمة من معنى – و"مجدداً"، اختار أن يشق لنفسه – وللشعر- طريقا لم يسبقه إليه أحد، وهذا ما تنطلق به دواوينه البديعة "وطن الجمر" و"صيد الفراشات" و"خط الزوال" و"حياة عادية" و"مثل غربان سود" و"لاشىء يدل" التى أرسى من خلالها دعائم قصيدة النثر وأعطاها شرعية ظلت محرومة منها طويلا بسبب "الكهنة" وأعداء التجديد.
***
وقبل ذلك كله وبعده، كان محمد صالح نموذجا للمثقف المحترم. فلم نسمع عنه يوما انه باع عقله أو خان ضميره أو غير ذلك من الآفات المستشرية فى صفوف المثقفين.
بل كان – فعلا وقولا – مثالا للاحترام والتواضع والدفء الانسانى.
***
وها هى دائرة الأصدقاء والأحباء ورفاق الطريق.. تتآكل وتضيق ويوما بعد آخر يستقل أحدهم قطار الأبدية.. ونحن واقفون على الرصيف فى الانتظار.
محمد صالح.. الفراغ الذى تركته هائل ومخيف.. وطبت حيا وميتا.. وليرحمنا الله جميعاً.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نتائج خطيرة لدراسة ميدانية مهداة للنخبة الحاكمة والمحكومة:«ا ...
- السائرون نياماً .. على أرض -المريخ-؟!
- درس من أوباما فى مسئولية الدولة عن صحة أبنائها
- هل يتساوى الشهيد الذى ضحى بحياته مع لاعب الكرة الذى سيتقاضى ...
- إنها مجرد لعبة.. فلماذا كل هذا الصخب؟!
- قطار -الخصخصة- وصل إلى تاريخ الحركة الوطنية!
- كنيسة -الوطن-.. أم حائط مبكى -الطائفة-؟!
- نريدها دولة -طبيعية-.. هل هذا كثير؟!
- التهمة هي انتهاك الحق في الصحة والحق في الحياة
- مستقبل مصر: إلهام التاريخ وكوابح الحاضر
- تبرع يا مسلم لبناء إنسان
- لماذا يخاف 48 مليون مصرى من المستقبل؟!
- محمد السيد سعيد: وكل هذا الحب.. وأكثر
- موقعة ذات النقاب .. أهم من حرب 6 أكتوبر
- صحافة الفضائح .. وفضائح الصحافة
- حديث ليس فى الرياضة: الأولمبياد يسبح فى »نهر يناير« البرازيل ...
- اختفاء النصف السفلي لإنسان!
- نظرية -المؤامرة- فى تفسير -نكسة- موقعة اليونسكو!
- زيارة السفير الإسرائيلي‮.. ‬بداية أم نهاية؟̷ ...
- العالم يتغير.. ونحن نائمون فى العسل!


المزيد.....




- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - سعد هجرس - مصابيح التنوير والابداع التى تنطفئ