أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - فاطمة ناعوت - هُنا الأقصر















المزيد.....

هُنا الأقصر


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2848 - 2009 / 12 / 4 - 00:20
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


أكتبُ لكم من الأقصر. تلك المدينةُ الجميلةُ "بالقوّة"، والجميلةُ "بالفعل"، وفق القاموس الفلسفيّ. جميلةٌ هي بقوةِ حقِّها الخاص، لأن لا بقعةً فيها تخلو من أثرٍ من آثار حضارتنا الرفيعة، أرقى حضارات الأرض، ولذلك كانت، ويجب أن تعودَ، عاصمةَ مصرَ. جميلةٌ بالقوة لأن لا مدينةً في العالم جمعت أسماءً شتّى مثلها؛ فهي طِيْبَة، وهي مدينةُ المائة باب، ومدينةُ الشمس، ومدينةُ الصولجان، ومدينةُ النور، وهي المدينةُ التي أطلقتِ العربُ عليها، مع الفتح الإسلاميّ، مفردةً تعني جمعَ الجموع لكلمة: "قَصْر"، وجمعُها: "قصور"، ثم جمعُ جموعِها: "أُقْصُر"، لأنها تزخرُ بالقصور والمعابد، التي تُمثِّلُ ثُلثَيّ آثار العالم، والتي قطعةٌ فقط من آثارها حريٌّ أن تقومَ حولها حضارةٌ كاملةٌ تُدهشُ العالمين. (وحُكمًا، فهذا الجمالُ "بالقوة" ليس وليدَ العدم؛ بل فعله أجدادُنا الفراعينُ العِظام). ثم هي جميلة "بالفعل"، لأن وراءها مُحافظًا جادًّا، مُحِبًّا وفنانًا، يعرف قيمةَ المكان الذي وُلِّيَ عليه، ويعرفُ هَولَ المسؤولية التي تصدّى لحملها، فزادتِ المدينةُ على يديه بهاءً فوق بهاء.
لا يومَ يمرُّ دون أن تلحظَ تغيُّرًا في المدينة نحو الأجمل. لاحظَ الأدباءُ المشاركون في مهرجان "طيبة" هذا العام كمَّ التحوّر الحادث في الأقصر عن العام الماضي. تجوَّلْ في المدينة بين ناسها، واسألْهم مَن عبّدَ هذا الشارع، وشجّرَ هذا الميدان؟ مَن ارتقى بمدارس الأقصر وحدَّثها بالمعامِل؟ مَن وسّعَ مدخلَ معبد الكرنك ونظّمه على هذا النحو الجميل؟ سيجيبك البسطاءُ والنخبةُ في آن: "هذا الجهدُ وراءه د. سمير فرج، ووراءه ناسٌ آمنوا بفكره الحضاري. هو أحبَّ مدينتَنا وأحَبَّنا؛ فأحببناه!".
كنّا مدعوين إذًا للمشاركة في "مهرجان طيبة الثقافي الدولي"، الذي تنظمه مدينة الأقصر بالتعاون مع اتحاد كتّاب مصر. وكان رئيسَ المهرجان الروائيُّ بهاء طاهر، رأسُ رموز الأقصر الإبداعية، مثلما هو أحدُ الرموز الإبداعية الكبرى في العالم.
ويُحسَب للأديب محمد سلماوي تحمُّسه لمهرجان طيبة وحرصه على المشاركة الشخصية به كل عام. فكونه رئيسَ اتحاد كتّاب مصر، وكذا الأمينَ العام لاتحاد الكتّاب العرب، كان حريًّا أن يدفعه لتثبيت النظر، وحسب، على الدائرة الأوسع، العربية والعالمية، لكنه كان منتبهًا إلى أن المحليَّ في أهمية العالميّ، إن لم يكن أهمَّ. ومن هنا وجَّهَ نظرَه المُحِبَّ للداخل، فكان مع فكرة خلخلة مركزية العاصمة "المدللة". فمدينة مثل الأقصر لابد من تسليط الضوء عليها، لأنها، بالمقياس الحضاريّ، أكثرُ أهميةً من القاهرة، بل ومن كلِّ مدن العالم.
كنتُ أودُّ أن أكملَ المقالَ في السياق الذي بدأ. لكن عدّاد الكلمات ينذرني بأنني أوشكتُ على الحدِّ الأقصى لكلمات المساحة المخصصة لي! وأنا إنْ تجاوزتُ العددَ المتاحَ، عاقبني الصديقُ أحمد الصاوي بإعمال مقصِّ الحذف، أو بتصغير حجم الخطِّ بمقالي في الديسك، فتنزعجُ صديقتي الجميلة أمل الشريف وقتَ قراءة المقال، لأن عينيها تُرهقان!
لذا، سأكملُ الحديثَ عن الأقصر وعن أجمل وجه امرأة شاهدته هناك، الأسبوعَ القادم. وأنحو بمقالي الآن نحو سياق آخر، مادمنا وصلنا بالكلام إلى اسم: محمد سلماوي.
أدعوه، بصفته مثقفًا مصريًّا رفيعًا، وكاتبًا محترمًا، وبصفته مَنْ حمل لمصرَ من السويد درعَ جائزة نوبل للآداب العام 1988 نيابةً عن نجيب محفوظ، ثم بصفتيه الرسميتين كرئيس اتحاد كتّاب مصر، والأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، ثم بصفته الأهمّ، كونه بالفعل أديبًا محبوبًا من قِبَل الأدباء المصريين والعرب، ما تأكَّدَ من الإجماع على إعادة انتخابه أمينًا عاما للاتحاد قبل أيام، أدعوه باسمي وباسم كلِّ مصريٍّ أوجعه ما حدث مؤخرًا من بعض الجزائريين، أن يعقدَ اجتماعًا طارئًا لرؤساء الاتحاد العرب، ليتخذ موقفًا يليقُ بما حدث. أعلمُ أن سلوكات بعض رعاع أية دولة، لا تُحسَبُ على الشعوب ولا على الدول، لكنَّ للمثقف، في الأقل، أن تكون له وقفةٌ حاسمة مع مثل تلك التصرفات غير المسئولة. ونكملُ حديثَنا عن الأقصر الفاتنة الأسبوع القادم.- جريدة "المصري اليوم" 23/10/09

حاولتُ الأسبوعَ الماضي أن أكتبَ لكم عن رحلتي الأخيرة للأقصر، ضمن الوفد المشارك في مهرجان طِيْبة الدولي. واكتشفتُ أن عشرات المقالات لا تكفي تلك المدينةَ الساحرة! هل سأبدو منحازةً جدًّا لبلادي، فيرميني بعضُهم بالشوفينية التي لا تليقُ بالشعراء، لو قلتُ إنني لم أرَ أجملَ منها مدينةً، على كثرة ما زرتُ من بلاد العالم؟ حسنًا، فليكن. وددتُ أن أحدثكم عن جمال المكان، وجمال الأثر، عن فتنة التاريخ، وعبقرية الأجداد. عن نبالة التراث وأصالة المأثور (حدثني صديقي الروائيّ فؤاد مرسي عن الفارق الضخم بينهما). وددتُ أن أحدثكم عن رقيّ الأقصريين وثقافتهم الأصيلة. وددتُ الحديثَ عن الأقصريّ الراحل يحيى الطاهر عبد الله. كما وددتُ الحديثَ عن صاحب "مدن الغَيْم"، الشاعر والمترجم الجميل الحسين خضيري، الذي كرّمه المهرجان، وعن الرائعين: مأمون الحجّاجي صاحب "أوزوريس نصيرُ الفقراء"، وأحمد جويلي صاحب "كتاب المحو"، ، ومحمد عبد اللطيف الصغير، والأسوانيِّ جمال الهلالي، وعن حسين القُباحي، الذي فاز بجائزة "بهاء طاهر"، التي خصصّها، لرقيّه، لأدباء الأقصر وحدَهم. وكثيرًا ما فكرتُ أن أجملَ ما في جائزة أدبية هو أن تحملَ اسمَ مبدع حقيقيّ. فحتى جائزة نوبل، أرقى جوائز الدنيا، ستظلُّ تحملُ اسمًا مُلتبسًا قرينَ مادة دمار هي الديناميت، حتى وإن تطهّرَ صاحبُها؛ وغسلَ فعلتَه بتدشينه جائزةً للسلام وللآداب وللعلوم! وفي المقابل، هل أرقى من جائزة تحمل اسمَ: "بهاء طاهر"؟ وددتُ الحديثَ عن موقع "أدباء الأقصر"، هنا: http://odabaaluxor.blogspot.com، الذي يضمُّ أخبارَ الجنوبيين من أدباء مصرَ. وددتُ أن أخبركم عن الصَّبية الجميلة نرمين نجدي التي تغارُ على الأقصر وآثارها بوصفها مُلكها الخاص. وددتُ أن أحدثكم عن حسين، سائق الحنطور، الذي سَمّى حِصانَه "شَجِيّ"، (ظننته من "الشَّجْو"، ثم تبيّن أنه إنما يقصدُ: "شَقيّ" من الشقاء). وددتُ الكلامَ عن الطَّوْد، وساحة الحجّاج، و"المركز الحضريّ للمرأة"، حيث البناتُ يصنعن بأياديهن أجملَ القطع الفنية من سجّاد ونُحاس وملابس. وددتُ أن أرسمَ لكم الفخرَ في عيون المصريين وهم يشاهدون معبدَ الكرنك ومتحفَ الأقصر، وبين الحين والحين، يرمقون بزهوٍ نظراتِ الإكبار في عيون الشاعر اللبنانيّ محمد علي شمس الدين، والسودانيّ الفاتح حمدتو، والعراقيّ علي جعفر العلاّق، والسورييْن كمال جمال بك وتميم صائد، والتونسيّ صلاح الدين الحمّادي، وسواهم! وددتُ الحديثَ عن الدراسة المهمة التي كتبها الشاعرُ الجنوبيّ الجميل فتحي عبد السميع حول "الثأر في الموروث الشعري"، وعداها من الدراسات الجادّة التي غذَّت عقولنا على مدار أيامٍ أربعة. آتوني، إذًا، بمجلداتٍ ضخمة، ومدادٍ لا ينفد، لأكتبَ لكم عمّا أودُّ الكتابةَ عنه!
يبقى أن أجملَ ما حدث في مهرجان هذا العام هو وضعُ حجر الأساس "لقصر ثقافة بهاء طاهر" بمدينة الأقصر. المكان: قطعةُ أرض مُهْداةٌ من الكاتب الكبير، البناء: على نفقة مجلس المدينة، الإدارة: هيئة قصور الثقافة. ووعدنا د. سمير فرج، رئيس مجلس مدينة الأقصر، بأن يُقصَّ الشريطُ العامَ القادم. لحظةَ وضع الحجر، الذي حملته معًا أيادي مثقفين ثلاثة: طاهر وسلماوي وفرج، تجوّلت عيناي بين وجوه أصدقائي الشعراء والأدباء؛ فوجدتُها جميعَها تنضحُ بالبِشْر الحقيقيّ، والفرح الذي محلُّه القلب، كأنما كلٌّ منهم يشهدُ وضعَ حجر أساس بيتٍ يحمل اسمَه هو!
أجملُ الوجوه في المهرجان كان للسيدة منال رمضان هاشم، أرمل المبدع الجاد "محمد صفوت عبد الكريم"، صاحب الأوبريت الشهير "أطفال الحجارة". رحل الزوجُ قبل شهور، فجاءت الزوجةُ لتتسلَّم درعَ تكريمه، فيما دمعةٌ نبيلة تترقرق في عينيها الجميلتين. دمعةٌ ستظلُّ جامدةً في مِحْجرِها حتى تلتفتَ وزارةُ الثقافة إلى أسرة ثكلى، بأبنائها الخمسة، فقدت عائلَها.
أما أرقى ما تمَّ في المهرجان، فجاء في توصياته النهائية: التماسٌ بعلاج الأديب محمد ناجي على نفقة الدولة. ومن هنا أرفعُ صوتي للرئيس مبارك بأن يسارعَ بإنقاذ مبدع جميل نحتاجُ إلى وجوده، نحتاجُ إلى قلمه. - جريدة "المصري اليوم" 30/10/09






#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وتركنا العقلَ لأهله!
- لا شيءَ يشبهُني
- طيورُ الجنة تنقرُ طفولتنا
- المرأةُ، ذلك الكائنُ المدهش
- مصنعُ السعادة
- شباب اليوم يعاتبون:وطني حبيبي الوطن الأكبر
- سور في الرأس، سأسرق منه قطعةً
- التواطؤ على النفس
- حاجات حلوة، وحاجات لأ
- التخلُّص من آدم
- بلال فضل، وزلعةُ المِشّ
- الثالثُ -غير- المرفوع
- كريستينا التي نسيتُ أنْ أقبّلَها
- أعِرْني عينيكَ لأرى العالمَ أجملَ
- أنا عيناك أيها الكهلُ
- التردّد يا عزيزي أيْبَك!
- قطارُ الوجعِ الجميل
- بوابةُ العَدَم
- الشَّحّاذ
- الإناءُ المصدوع


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - فاطمة ناعوت - هُنا الأقصر