أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبو هزاع هواش - شوارب الحلقة الثانية















المزيد.....

شوارب الحلقة الثانية


محمد أبو هزاع هواش

الحوار المتمدن-العدد: 2844 - 2009 / 11 / 30 - 19:08
المحور: الادب والفن
    


شوراب الحلقة الثانية:

بعدما مشي وتسكع أبو حسن لساعات دخل بمسرحيته المعهودة إلى الدي ترين في محطة الويست فور. إشترى بضعة قطع معدنية مخصصة للقطار ودفش إحداها في الشق ونزل في النفق ناظرآ إلى أفيشات الأفلام المعروضة حالياً والتي بدأت تثير إهتمامه هنا وهناك. لاحظ أبو حسن الوجوه التي أصبحت معتادة له من سفرته بهذا القطار لأسبوع فقط. كانت علائم صغيرة تدل علي أصلهم وفصلهم كالثياب والموسيقا التي يسمعها البعض منهم والجرائد التي يقرأها البعض أيضاً. أحس أبو حسن بأنه ينتمي لأسرة كبيرة وابتسم ومن ثم فتل شاربه الضخم الذي بالطبع جلب الإنتباه له من الركاب المنتظرين في المحطة. وعندما أتى القطار حاول أبو حسن الدخول بسرعة لأن رحلته طويلة إلى شقته في بروكلين.

نيشن أبو حسن على مقعد على النافذة ذو فوائد متعددة. فأولاً كان أبو حسن مدركاً لوجوده قرب الزجاج وذلك لإمكانية التدقيق بأناقته في لحظات. ثانياً: أراد أبو حسن الإستمتاع بمنظر مانهاتن والإيست ريفر ومايمكن مشاهدته عندما سيعبر القطار من فوق جسر مانهاتن الشهير. وعندما عبر القطار بعد محطة الكانال ستريت بدت مانهاتن كعروسه بثوب من الألماس راقبها أبو حسن بإعجاب وإنبهار. تمتع أبو حسن بذلك المنظر وفتل شورابه ودقق قليلاً بهندامه وظبط قبعته. بالطبع أعاد أبو حسن تفتيل شورابه مرة أخرى ولاحظ بأن بعض الركاب مهتمين بحركاته.

إبتسم أبو حسن للبعض وخصوصاً للحريم وأخذت السيناريوهات تتلاقى في مخيلته. في إحدي تلك السيناريوهات كانت ليلى تجلس بجانبه في القطار متجهين للسهر في المدينة الكبيرة.

عندما وصل أبو حسن إلي الشقة التي يشارك غسان أجارها لاحظ وجود شخصين لايعرفهما. كان يبدوا عليهما الثراء وبسرعة قدم أبو حسن نفسه ليتعرف على سليم والعزوري الذين يملكا عدة محلات في بروكلين حيث كان غسان مدير أحدها. عرف أبو حسن من لهجتهما أنهما من حلب وسرعان ماعرف أيضاً أنهما يعرفان المعلم نقولا قليلاً. وقالا له بأنهما يذهبان عادة إلي نادٍ ليلي عربي في نفس المنطقة وأنهم يفكرون بعمل ذلك.

فرح أبو حسن بهذه الرفقة الغير منتظرة والتي حلم بأمثالها منذ أن أتى إلي نيويورك. لهذا فذهب بسرعة وفتش في حقيبته وسرعان ماعاد بشريط لصباح فخري أنزله في الستيريو بسرعة ليحسن مزاج الجلسة. ترك سليم وغسان الشقة ليعودا بعد قليل بالكثير من البيرا وبعض الفستق. في تلك الأثناء فكر أبو حسن بسرعة ودخل إلي الحمام وتحمم على السريع ليغير ملابسه إلى ملابس أكثر ملائمة للسهرة التي أصبحت متوقعة الآن. بدا أن التعب الذي كان من المفروض أن يشعر به أبو حسن أن يمنعه عن التفكير بالخروج والذهاب إلي الفراش قريباً ليكون جاهزاً للعمل مع المعلم نقولا في اليوم التالي.

كان صباح فخري يقول: خمرة الحب إسقينيها هم قلبي تنسينيه....عيشة لاحب فيها جدول لاماء فيه، بينما كان الأربع رجال يقرعون زجاجات البيرة ويتمازحون. بالطبع كانت هناك بعض التلميحات لشوارب أبو حسن الذي بدا وكأنه قد وضع شيئاً لماعاً كالبرينطين على ذلك الشارب الهائل الذي أصبح يلمع في تلك السهرة. تحدث أبو حسن مع العزوري وسليم عن أمور الموضة وسرعان ماإكتشف بأن هناك مجال له في عالم الأناقة والتجارة أكثر من توصيل الطلبات في المدينة عند المعلم نقولا.

بعد العديد من البيرا وجد أبو حسن نفسه في المقعد الخلفي من سيارة العزوري الفخمة في طريقهم إلى النايت كلوب في مانهاتن. كان صباح فخري سيد الموقف أيضاَ وعندما وصل الجميع إلى غايتهم حظظوا وعثروا على مكان لركن السيارة بقرب مقصدهم.

في النايت كلوب كانت الأمور حابكة. كان المطرب المتأنق الديناميكي يغني إحدى الأغاني الشائعة وكان المكان مزدحماً. بسرعة شق العزوري وسليم والشباب ورائهم طريقهم وبعدما همس العزوري بضعة كلمات وعشرين دولاراً بخشيش على السريع كانت هناك طاولة في إنتظارهم في أفضل الأمكنة الإستراتيجية في المرقص. رجعت الغرسونة الأنيقة المثيرة بملابسها بزجاجة من الفودكا ومعها عصير البرتقال وبضعة كؤوس زائد الثلج الذي جلبته في حاوية مخصصة نقش عليها إسم المكان بحروف ذهبية.

سكبت الغرسونة بضعة كؤوس وتمنت للشباب صحة جيدة وأبدت إعجابها بشوارب أبو حسن قبل أن تسأل الجميع أن ينادوا لها إذا إحتاجوا لشيئ. بدا على أبو حسن أنه قد أصيب بأحد سهام كيوبيد.

لفت العزوري وسخائه إهتمام البعض وعندما رقص غسان وسليم قرب بعض الفتيات كان الآتي متوقع وبعد قليل أتت شلة من الفتيات ومعهم القليل من الذكور إلي طاولة العزوري الذي طلب زجاجتين آخريتين من الفودكا وتوابعها أيضاً.

غمرت السعادة أبو حسن النصف سكران في تلك اللحظة وإبتدأت عيناه بالتنقل بين الفتيات الموجودات في المكان وبعدما لم يحظظ بسرعة فقرر أن يحاول مع الغارسونة التي كانت تخدم طاولتهم بحرفنة وبإبتسامة.

عرف أبو حسن أن إسمها إيلينا وأنها روسية وتسكن في كوني أيلاند وتأخد نفس القطار مثله، مما جعل الحديث عن ذلك القطار محور محادثتهما. بعدما نضب الحديث عن القطار إنتقل أبو حسن ليجاوب على أسئلتها المتعلقة بشاربه الضخم. سألها عن رقم هاتفها وردت عليه وقالت له بأنها سوف تكتبه وتعطيه إياه فربما يأتيان للتسوق في مانهاتن. كان أبو حسن قد أخبرها بأنه سوف يعمل قريباً في حقل الأزياء وأنه سوف يترك عمله الحالي.

بعدما أغلق النادي الليلي وجد أبو حسن والشباب أمام محل مأمون الشهير للمأكولات الشامية حيث إشترى العزوري للشباب شاورما وفلافل فلش مع طرطور وشاي كي يفيقوا قليلاً أثناء رحلة العودة إلى بروكلين.

مرة أخرى وجد أبو حسن نفسه يعير جسر مانهاتن بأتجاه بروكلين، ولكن هذه المرة في سيارة العزوري الذي قال لأبو حسن أن يترك عمله في مانهاتن وأن يعمل في أحد محلاته فهناك فرص للعمل أحسن.

فكر أبو حسن بهذا الكلام مع أنه سكران نوعاً ما ونسيه عندما وصل إلى شقته مع غسان ليذهب بسرعة إلى فراشه ليسقط في غياهب النوم بسرعة قياسة وبعمق جعله لايفكر بجرس يفيقه للذهاب إلي محل المعلم نقولا في الوقت المحدد له.

عنما أفاق أبو حسن كان الوقت متأخراً وبلهفة إتصل بالمعلم نقولا ليخبره بإن المنبه لم يعمل في ذلك الصباح. بالطبع لم يعر المعلم نقولا إنتباه لهذا وأخبر أبو حسن بالقدوم بسرعة وأنه كان متيقظاً لهذا الإحتمال فلهذا فلديه خطط إحتياطية دائماً.

عندما وصل أبو حسن إلى المطعم تفاجأ عندما وجد ليلى تبكي والمعلم نقولا يضحك. كانت الأمور مبهمة وعندما حاول جلب إنتباهمها ضج المعلم نقولا بالضحك وقال: "ياأبو حسن انت شغلة مع هالشوارب...هاهاهاهاها شوارب...حكيلوا ياليلى شوصار وشوبدون العالم من هالشوارب؟"

لم يفهم أبو حسن شيئاً وصرح بذلك للتو. سكتت ليلى عن إصدار أصوات الأنين وأخدت تضحك ببطء.

تعجب أبو حسن من هذه الحالة أيضاً ولكن ليلى لم تعطه الفرصة وبادرته بالكلام: "أتعرف ياأبو حسن لماذا يطلب الزبون الساكن فوقنا طلبيات دائماً ويطلب أن توصلها أنت بالذات؟"

رد أبو حسن بسرعة: لأنه يعرف بأنني الأفضل فلهذا فهو لطيف جداً ويحترمني ويعزمني إلى داخل منزله كل مرة..ومرة دخلت وكان لديه حفلة كلهم من الشباب وبعضم أمسك بشاربي وكانوا لطيفين جداً معي."

قاطعته ليلى: بالطبع سيكونوا لطيفون معك ومعي مثل أولاد الكلب."

أدرك أبو حسن من الحديث أن الزبون رجل يجب الرجال وهم كثر في منطقة عمله حيث تعد تجمعاًكبيراً للرجال من ذلك النمط المعيشي. عندما أدرك ذلك أبو حسن كان المعلم نقولا مستغرقاً بالضحك والإستمتاع ولم يعر إنتباهاً لأبو حسن الذي خرج من المطعم إلى الصيدلية المجاورة ليعود بعد قليل ويدخل الحمام ويختفي لساعة علي الأقل ليخرج عندما قرع المعلم نقولا علي باب الحمام لمرات عديدة ليخبره بتوصيلة تتنظره.

عندما خرج أبو حسن من الحمام، خرج رجلاً جديداً. لم يعرفه المعلم نقولا للتو من دون شوارب، وكذلك لم تعرفه ليلى وكل العاملين في المطعم. كان أبو حسن يحمل شاربه القديم في كيس من الورق في يده وعندما خرج لتوصيلته علي البسكليت رمى بذلك الشارب إلي برميل القمامة الموجود على زاوية الشارع الرابع عشر الغربي.




#محمد_أبو_هزاع_هواش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابن تيمية وهموم أمة الغزاة وهدر الدماء بقرار
- السلطان والجابري والنجار والخوري والعقل المستقيل الغنوصي اله ...
- شوارب
- إمرأة مسترجلة أم رجل يلبس ثياب النساء؟
- ابن تيمية وهجوم بلا وعي
- الجغرافيا ومقالات التنوير والحداثة
- ترجمة كوزموبوليتان
- تصويت وتعليق والآلة الإعلامية
- نادر قريط أم كامل النجار تحليل تضادي
- الملائكة، الأصنام، الجغرافيا والأستاذ كامل النجار
- حكاية الجني في نيويورك
- أربعين ألف محارب
- التسلل: صفحة منسية من تاريخ الشرق الأوسط الجزء الثالث
- التسلل: صفحة منسية من تاريخ الشرق الأوسط الجزء الثاني
- التسلل: صفحة منسية من تاريخ الشرق الأوسط
- صفحات من سيناريو -سر حمل أبو الشوق وأبو البحر للمسدسات المحش ...
- إدعاء النبوة والعصمة والنقد
- نقاط ممشكلة في مقال السيدة وفاء سلطان
- لغة عربية مابعد حديثة
- التركيب البنيوي لمستحاثة مخلوق اسطوري دعي مرة بالمثقف


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبو هزاع هواش - شوارب الحلقة الثانية