|
نُثار ( 3 )
يحيى علوان
الحوار المتمدن-العدد: 2843 - 2009 / 11 / 29 - 19:47
المحور:
الادب والفن
... هـو كبيرهم الذي علَّمَهم السحر !
لـي صاحبٌ مفرِطٌ فـي الطيبـة ، جاءني مرّةً يستشيطُ غضبـاً :" بالله عليكَ ، هل سمعتَ بعُهـرٍ أكثر من هذا؟!" قلتُ مالخبر ؟ قالَ أنـه قرأَ خبراً فـي صحيفةٍ ، ينقلُ عـن الأمم المتحـدة أنهـا نَشَرَتْ قائمةً بأسماءِ شركاتٍ تُصنِّعُ وتبيعُ الألغامَ المضادة للبشر ، والتي يذهب ضحيتهـا عشرات الآلاف من الناس سنوياً فـي بلدان " العالم الثالث " . قلتُ ومالغر يب فـي ذلك ؟! فأجاب بأن هذه الشركات ، ذاتها ، تعرض " خدماتها " بأزالة تلكَ الألغام بأسعارٍ تصلُ إلـى خمسين ضعفاً عـن أسعارِ بيعهـا ... قلتُ لـه هـدِّىء من رَوعِك يا صاحبي ! هكـذا هي الحال دوماً ، منذ إكتشفَ " كبيرهم ، الذي علَّمهمْ السحر " ما سُمِّيَ بقانون العرض والطلب ، مُحَـرِّكُ عجلة الإقتصاد ، إنـه ماركوس ليسينيوس كراسوس ، المولود عام 115 قبل الميلاد . ولكي تدور العجلةُ إياهـا ويُحافظ على الشدِّ والتوتر بين العرض والطلب ، أسَّسَ فـي رومـا مشروعاً خاصـاً ، يتولّـى إطفاء الحرائق .... نجـحَ مشروع ماركوس فعلاً ، عندمـا كلَّفَ ناساً بإشعال الحـرائق ، كـي يتولّـى هـو أمرَ إطفاءهـا مقابل ثمـن !!
.. هوَ الذي رقَصَ على قبرِ الموتِ برجْلٍ !
كثرةٌ منهم لم ترجع .. ذهبـوا للدفاع عن الجمهورية الأسبانيـة ، بقوا هناك .. إحتضنتهم أرض أسبانيا .... آبي أوشرهوف ، من سرية لنكولن ، عـاد .. رصـاصةٌ شلَّتْ رجله . عـاد إلى أهلـه يسحلها سحلاً . الحرب الأهلية الأسبانية كانت أولـى الحروب ، التي خَسِرَها . منـذُ ذلك الوقت لم يهدأ لآبي بالٌ .. راحت رجله الصحيحـة تجرجره من معركـة إلـى أخـرى . لا الخيانات ولا الهزائم ، لا الهراوات ولا السجون إستطاعت أن تَفُتَّ في عضده . صحيحٌ أن إحدى رجليـه عَطُلَتْ ، لكن الثانية واصلت تسحلُ الأخرى خلفها ، كأنَّ الطريقَ هـي الهدف ! رجـلٌ وحيدة ، حملت آبي من أقصـى الولايات المتحدة إلى أقصاها ، وجلبَتْ له متاعبَ كثيرة ، وخاضت معـه معاركَ ضد المكارثية والحرب الكورية ، ضد التمييز العنصري وعقوبة الإعـدام ، ضد الإنقلاب على مُصدَّق في إيران وضد الحرب في فيتنام ، ضد حمّامات الدم في أندونيسيا ، ضد حصار كوبـا والإنقلاب الفاشي في تشيلي ، ضد إحتلال بنمـا وقصف العـراق ويوغوسلافيا وأفغانستان ، ثم من جديد ضد إحتلال العـراق ... آبـي تخطَّـى التسعين ولم يحطَّ الرحـال بعد ! وعندما يُسألُ عن حاله ، يرفع رأسه ويغرز يده فـي شعره الأبيض الطويل ويهمس : " رِجلٌ تجـرُّني إلـى القبـر ، وبالأخـرى أحـرِثُ الأرضَ رقصـاً ..."
.. عندما نسوا برمجتـه !
كانت القوات الأمريكية لتوَّها قد إحتلَّتْ بنما ، عندما إحتلَّتْ قوات صدام حسين الكويت عام1991 . تيموتي ماك فيهTimothy Mc Veigh - كانوا درَّبوه على القتلِ وبرمجوه لهذه المهمـة . درَّبوه في الصحـراء ، وزَوّدوه بكتب مساعدة له في مهمته ... أمروه أن يصرخ ويُردِّد : " الدم خيرُ سمادٍ للعُشب ! " بهذا الهدف الرؤوف بالطبيعة ، صبغـوا خارطةَ العراق بالدم . ألقَتْ الطائرات حمولاتها من الصواريخ والقنابل ، من مختلف الأحجام والأنواع ، حتى بلغت خمسةَ أضعاف قنبلة هيروشيما ! الدبابات دفنت الأحياءِ ، الرقيب (ماك فيه ) لم يُفَوِّت الفرصة لتطبيق ما علّموه إياه ... وَلَـغَ بدم العراقيين ، مِمَّن لَبِسَ منهم الزي العسكري أم لا ... كانوا قد لَقّنوه أثناء إعداده لهذه المهمة ، أن يقولَ عند الضرورة : " ما هؤلاءِ إلاَّ خسائرَ جانبيـة ـ !collateral منحوه وسام الشجاعة من النوع البرونزي . بعد عودته إلـى بلاده ، نسوا إلغاءَ " برمجته " ...ففي أوكلاهوما قَتَلَ (ماك فيه ) 168 شخصاً بينهم أطفالٌ ونساء . عندما أمسكوا بـه ، صـاحَ : " هيَ خسائر جانبية ، ليس إلاَّ ! " لكنهم لم يعطوه هذه المرة وساماً جديداً ... أعطـوه حقنـةً في الذراع ... وبذلك أنهـوا مـا برمجـوه عليـه ...!!
ليست نظرية مؤامرة !
في الوقت ، الذي كانت فيه سماوات يوغوسلافيا تُمطر صواريخَ وقنابل ، يحتفل بها تلفزيون " العالم الحر" وكأنها لعبة أطفال بريئة ! ، حقّقَ إثنان من الصِبية حلمهما بحربٍ خاصة من صُنعِ أيديهما ... وبما انه لم يكن لديهما كفاية من الأعداء تُبرّرُ الحرب ، إختارا أقربَ شيء لهما ، كافيتيريا بمدرسة كولومباين .... هناك قَتَلَ إيريك هاريس و دايلن كليبولد ثلاثة عشر نَسَمَة، وخلّفا كومةً من الجرحى . حدثَ ذلك في لتلتون ـ مدينة تعيش على صناعة الصواريخ في معمل يعود لشركة لوكهيد !! لم يستخدم إيريك و دايلن الصواريخ ، بل مسدسات وبنادقَ وعتاد إشترياه من السوبر ماركت ،. وبعد أن إنتهيا من حربهما الخاصة ، إنتحرا ! نشرَت الصحافة ، حينها ، أنهما كانا ينويان تفجير المدرسة بمن فيها ، وقد حضّرا لهذا الغرض قنبلتي غازٍ ، لم تنفجرا ، لذلك أقدما على ذلك " الفعل!" قليلٌ من الصحف نَشَرَ ما كان الصبيّان قد خطّطا له ، ... أَن يختطفا طائرة ويفجرانها في بُرجَي مركز التجارة العالمي...!!
عنقـاءُ الشجَرْ
هـيَ واحدةٌ من أقدمِ الأشجار ، يرجِـعُ تأريخهـا إلـى عصرِ الديناصورات . إنهـا شجرة الغنغو . يُقالُ أنَّ أوراقهـا تُفيدُ في علاج الربو وتُخَفِّفُ من صداعِ الرأسِ وآلامِ الشيخوخة ... بل أنَّ العلماء إكتشفوا منهـا مادةً لإنعاش الذاكرة الخاملة . عندما أُلقيت القنبلة الذرية " الحضارية جداً ! " على هيروشيما ، وحوّلتها إلى صحراءَ مُتفَحِّمة ، سقَطَ فيها مَنْ سقطَ ، وتَفحَّمَ فيهـا مَنْ تَفَحَّمَ . كان من بين " الركام " أقدمُ شجرة غنغو ، كانت تنتصبُ قريباً من مركز المدينة . تَفَحَّمَتْ هـيَ ايضـاً ... لكن بعدَ ثلاثِ سنواتٍ لاحظوا ضـوءاً أخضرَ يندفعُ على إستحياءٍ ، بين كومة الفحم . تبَيَّنَ أنَّ جذعَ الغنغو المُتَفَحّمِ دفعَ بذرةً جديدةً ، فوُلِدَتْ الغنغو من جديدٍ لتكون شاهداً على مذبحة " الحضارة الأمريكية " ! ما زالت الغنغو قائمةً هناكَ ، حيثُ كانت ، إلـى يومنا هذا !
أوامر للعصيـان !
فـي الحادي عشر من أيلول ( سبتمبر ) 2001 ، عندما راح برجـا مركز التجارة العالمي يترنحـان بفعل الإنفجـار ، توجَّه العاملون في البرجين ، بصورة جماعية إلـى السلالم للهرب . سرعان ما دوَّتْ مكبرات الصوت ، تأمُرُ الجميـعَ بالعودةِ إلـى أماكـنِ عملهم ... ..................... الذين نجـوا وظلّـوا علـى قيـدِ الحيـاة ، هم أولئكَ ، الذين لم يمتثـلوا للأوامر !!
درسٌ فـي الجغرافيـا !
فـي شيكاغو لا يوجـد من هـو ليس بلون القهـوة ، وفي عِـزِّ الشتاء تحـرِقُ الشمس الحجـرَ فـي نيويورك ، فـي بروكلين يستحقُّ نصبـاً مَـنْ يتجاوز سن الثلاثين . وفـي ميامي ، أفضَلُ البيوت مبنيٌّ من القمامة وخردة المزابل . ميكي ماوس يُولِّـي هارباً من هوليوود تُطـارده فئرانٌ عملاقـة ! ........................
شيكاغو ، نيويورك ، بروكلين ، ميامي ، هوليوود ، ما هي إلاّ أسماءٌ لبعض مناطقِ مدينـة الشمس cite´ soleil ، وهـي أَفقـرُ أحيـاء " بورت أُو برنس " عاصمـة هاييتـي !
#يحيى_علوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نُثار ( 2 )
-
نُثار ( 1 )
-
...ومن العشقِ ما قَتَلْ
-
شذراتٌ من دفاترَ ضاعت / عفريتٌ من جنِّ سُليمان !
-
من دون عنوان
-
ما هو !
-
تهويمات
-
أهِيَ خطيئتي ؟!
-
بغداد
-
إنْ شاءَ الله !
-
قراءة مغايرة للاهوت حواء مشاكسة !
-
حكايا مخالفة للاهوت
-
ظِلٌ لَجوج
-
كَيْ لا تَهجُوكَ أُمُّكَ
-
رأيتُ البَلّور
-
هو الخريفُ يا صاحبي!
-
أَيتامُ الله !
-
حنين
-
وطن يضيره العتاب، لا الموت!
-
تنويعاتٌ تَشبهُ الهَذَيان
المزيد.....
-
أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال
...
-
-كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟
...
-
مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان
...
-
الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل
...
-
فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل
...
-
-سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال
...
-
مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م
...
-
NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
-
لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
-
فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|