أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عمر أبو رصاع - التباين الثقافي للمفاهيم- التسامح والمساواة














المزيد.....

التباين الثقافي للمفاهيم- التسامح والمساواة


عمر أبو رصاع

الحوار المتمدن-العدد: 2840 - 2009 / 11 / 26 - 12:12
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


"كلما أصبحنا أقرب ظهر أيضا خطرُ ميلِ الجنس البشري إلى بناء أسوار حوله؛ ليؤكّد ذاته ويقسّم الشعوب إلى نحن وهم". بان كي مون الأيمن العام للأمم المتحدة في اليوم العالمي للتسامح
في كتابه "الكتاب، الخطاب، الحجاب" يستنكر أدونيس المطالبة بالتسامح بين أبناء الوطن الواحد، كلام أدونيس يأتي في سياق المواطنة والحقوق الدستورية، بمعنى أنه لا مجال للحديث عن تسامح في الوطن الواحد بين أبناء الوطن الواحد، والأصل أن العقد الاجتماعي يربطهم على أساس قاعدة المواطنة التي تسوي ولا تميز بينهم، والكلام في جملته يأتي في إطار أعم وهو مشكلة تعميم الخطاب المذهبي-الديني وخلطه بالهوية الوطنية، بمعنى عندما تُفقد الخطوط الفاصلة بين الوطن والدين يصبح من المستحيل الكلام عن مساواة بين المواطنين، وتحل محلها فكرة التسامح مع المختلفين، ذلك عندما يصبح الدين وطناً والعكس بالعكس.
التسامح مع الآخر فكرة مقبولة ومطلوبة في حال كان الحديث عن مختلفين في الدين أو المذهب، ولكنها غير مقبولة عند الحديث عن الوطن والوطنية والمواطنة؛ فالأصل أن القانون الدستوري من حيث المبدأ ساوى بين مواطنيه، لهذا ورغم كثرة الشكوى من صرامة العلمانية الفرنسية في التطبيق، فلا شك أنها تظل الصيغة الأرقى في طرح مفهوم العدالة والمساواة على أساس مواطني بين أبناء الشعب الواحد، ولو من ناحية نظرية قانونية وبغض الطرف عن الممارسات المخالفة للقانون على مستوى جزئي هنا وهناك، وتظل المشكلة الرئيسة التي تواجهها فرنسا قلب الفكرة الدستورية المواطنية، هي أنها اليوم تقف في مراجعات شاملة لما كان يبدو من البديهيات منذ استقرت قيم الجمهورية المعاصرة، ولا زال يحضرني الكثير من المناقشات التي خاض غمارها د.محمد أركون على خلفية هذه الإشكالية: هل نبحث عن مساواة أم عن تسامح؟
أركون يقفز إلى موقف نوعي متقدم كثيراً عندما يوحد كل الأديان السماوية في إطار تيولوجي واحد، ويضعه في مقابلة واضحة مع الإقصائية العلمانية الفرنسية –بالمعغنى الحرفي للكلمة العلمانية عندما تتحول إلى موقف إقصائي تشوبه عقائدية النظرة، وليس العلمانية هنا بمعناها المحايد- وكثيراً ما يشكو من زملائه المسيحيين واليهود الذين يتخذون موقفاً رافضاً لشمول الإسلام في تصوراتهم المطالبة بإعادة النظر كلياً بدور الدين في حياة الشعوب، مع أهمية الملاحظة هنا أن موقفهم وموقف أركون كذلك في هذا السياق ليس استحضاراً تراثياً للدين، بل هو عندما يستحضر الإسلام أو المسيحية أو اليهودية يستحضرها بوصفها تراث إنساني، يستحضرها كمبحث من مباحث علم الانتربيولوجي "علم الإنسان"، وأهمية التميز هذا ليست عبثاً، بل في صميم المسألة، لأن الدين عندما يستحضر في الخطاب المقابل للعلمانية بوجهها الصارم؛ إنما يستحضر لرفض الموقف العدائي من الدين، لا بوصفه ديناً كما نفهمه "مجموعة من التعاليم واجبة التطبيق لأنها إلهية" بل بوصفه تراث إنساني لا يجوز أن نقف منه موقفاً عدائياً وكأنه لا ينبغي أن يكون جزء من تكويننا، وبالتالي فإن أركون -وهو هنا جزء من تيار عريض- يطالب باستعادة دراسة الدين بوصفه مبحث من مباحث العلوم الإنسانية، وإنتاج تصالح مع هذا الإرث الإنساني العريض، والاستفادة منه أيضاً سواء في فهم الإنسان أو في جدليته التطورية المعاصرة.
إذن فالموقف اليوم في فرنسا نفسها ليس صداماً فقط بين المسلمين الفرنسيين وعلمانية الدولة الصارمة، بل يتجاوزه إلى إعادة طرح العلاقة نفسها بين الدين كإرث إنساني والمجتمع المدني وثقافته المعاصرة ومؤسساته، فما كان يبدو من البديهيات أصبح محل سؤال من جديد، على أن لا نتوهم أنها عودة للخلف، بل هي تطور جدلي نحو موقف يتجاوز إشكاليات جديدة فيما بعد الحداثة.
نحن نقف على مسافة بعيدة الحقيقة من هذا الحوار الدائر اليوم، فعلينا التميز بين ما يطرح اليوم في أوربا حول التسامح والمساواة، وبين وضعنا الحالي الذي لا زالت تفصله أصلاً مسافة شاسعة عن الدخول الجدي في مفهوم المواطنة كمنتج للعقد الاجتماعي.
هل علينا أن نمر بنفس المراحل التاريخية؟
قطعاً لا، وبعيداً عن مفهوم حرق المراحل فلست من المؤمنين به ولا أنصاره، نقول بخصوصية التكوين الثقافي للتجربة من ناحية وضرورة معاصرتها والإفادة من الآخر من ناحية ثانية، ليس فقط لأن لكل تجربة تاريخية خصوصية تركيب تجعل جدليتها تتحلى بشيء من الاستقلال والتميز النوعي، بل كذلك وهو الأهم أن بإمكاننا أن نستفيد من ما أنجزه الآخرين ونوظفه، بشرط أن يكون توظيف لا يقتل ما هو قائم، أي ليس استبدالاً لأن هذا يتطلب هدم ثقافي كامل، وإحلال ثقافي ناتج عن ديناميكية تاريخية ما لشعوب ذات ثقافات مختلفة التكوين والتجربة، إحلال لا يملك شعب في الأرض إنجازه إلا إن كان بلا جذور، فيظل إذن التوظيف إيجابي إن جاز لنا التعبير.



#عمر_أبو_رصاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخ العلاقة بين مصر والجزائر عندما يصنعه الأقزام
- فهوم الفن
- مصر والجزائر - داحس والغبراء
- إعلان الدولة هو الحل
- التفكير بعد قعقعة السلاح
- غزة أخيراً
- مدخل إلى موضوعة الربا و الفوائد البنكية
- الأزمة المالية العالمية ( محاولة للفهم)
- المعتزلة - الحلقة الرابعة
- فيلم -فتنة- ضد الإرهاب ام ارهاب؟
- فضل الاعتزال-3-
- فضل الاعتزال - 2 -
- فضل الاعتزال -1-
- الحرب القادمة
- لبنان إلى أين؟ -2-
- لبنان إلى أين؟ -1-
- سجنوه في رمضان
- هموم رمضان و خوف المواطن من النمو
- ابعاد انخفاض الدولار
- كهنوت الدجل العلمي


المزيد.....




- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عمر أبو رصاع - التباين الثقافي للمفاهيم- التسامح والمساواة