أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - فصل الدين عن البداوة















المزيد.....

فصل الدين عن البداوة


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2839 - 2009 / 11 / 25 - 19:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بالقطع البداوة ليست هي الدين، وهناك فرق بين البدونة والدين، وإذا كان الدين قد نزل في مضارب البدو، فهذا لا يعني أن هويته أصبحت بدوية الطابع إذا أخذنا في الاعتبار عولمية الدين وعبوره للزمان والمكان. وإذا كانت الغاية هي البدونة، كما يحصل اليوم، فليس هناك عندئذ من حاجة لأي دين فالبدونة ليست ديناً، وهي لا تحتاج لآليات دعوية جبارة، فالناس تتبدون اليوم من غير رسل وأنبياء. وإذا كانت البداوة هي الدين كما يحاول دعاة الصحوة النفطية الوحي والإيهام، فهذا يعني بحق أن الدين أصبح بخطر، ليس من أمريكا وإسرائيل واليهود والصليبيين، كما يشيع الخطاب إياه، بل من قبل البدو أنفسهم، لأن ربطهم بالدين أو ربط بالدين بهم، إجحاف كبير ليس للإسلام، وحسب، بل لأي دين من الأديان. ولقد كان بدو النفط ، أنفسهم، وبسبب ارتباط الصحوة المزعومة بهم، وبأزيائهم، هم المسؤولون، أولاً، عما لحق بالدين من لغط وتشويه، لم يكونا موجودين قبل الحقبة النفطية التي أخرجت البدو من الكهوف الصحراوية، وكأنهم خارجون من كهف الزمان تيمناً بأسطورة أهل الكهف. وحين طرحوا أنفسهم بأنهم حماة الإسلام وصحوييه ومنقذيه ارتبطت كثير من ممارساتهم بالدين، وهذا ما يفسر هذا التشويه الكبير الذي لحق بالدين وحين ذهبت العمالة العربية للعمل في الخليج الفارسي فهو تبدونت أكثر مما تدينت، فهي كانت تعتنق ديناً قبل ذهابها للخليج، وما فعلته في الخليج هي التبدون، وتقمص سلوك أهل الخليج، لاعتقادهم بأن هذا هو الدين فيما هو تبدون بشكل أصيل. فلا يزيد العقال العربي من إيمان الشخص، كما لا ينقصه الطقم الإنكليزي. وهناك كثيرون اليوم ممن يعتقدون أنفسهم أنهم يتدينون، ولكن في حقيقة الأمر هم يتبدونون، فالتدين ليس جلباباً بدوياً، أو زياً صحراوياً، بقدر ما هو علاقة روحية داخلية، لا تدركها الأبصار ولا علاقة لها بعالم الأزياء، ومن هنا فالحجاب والنقاب ليس من الدين، على الإطلاق، لأنه بالأصل زي بدوي، فرض للتمييز بين الحرائر والإماء، ومن هنا من لم تكن عيون المتلصصين تتابعها، أثناء قضاء حاجتها في الصحراء،( حسب ما قيل في سبب التحجيب والنتقيب)، فلم تكن بحاجة للبس أي حجاب، أي أنه طالما كان هناك حجاب أو ستر طبيعي، كجدار، أو حمام، أو منزل...إلخ، وإذا كانت الأخلاق ومنظومة المقاومة الأخلاقية الذاتية عند الرجل والمرأة، قادرة على منع وقوع "المحظور" بينهما، ودخول الشيطان ثالثهما، فإنه لا حاجة البتة لأي حجاب يمنع المحظور، وإذا كانت منظومة المقاومة الذاتية والأخلاقية منهارة، فلن ينفع عندها لا حجاب ولا نقاب، ولا "باسوورد"، ومن هنا فالحجاب لا علاقة له بالفضية والأخلاق كما يجهد شيوخ الضخ الصحوي. ولذا، فمن تضع الحجاب اليوم، أنما هي تتبدون ولا تتدين، لأن الدين ليس حجاب، فالدين هي منظومة روحية وفلسفية بحتة، لا علاقة للماديات بها، والحجاب شيء مادي ومحسوس، ولا ينطوي على أي بعد روحي. وحين تضع المرأة حجابها، فهي توحي للآخرين، وتنبههم، بأنها، فقط، موضوع جنس، وبذا تسيء لنفسها، من خلال الحجاب، من حيث لا تشعر، وبدل أن يصبح الحجاب موضوع عفة، يصبح موضوع إساءة للمر؟أة، فهي، جوهرياً، ليست موضوع جنس فقط، إذا أخذنا أبعادها الإنسانية الأخرى العظيمة كأم، وأخت، وزوجة، وابنة، لا علاقة للجنس بكل هذه القيم والمفاهيم العظيمة، ولكن حين تحبس المرأة المحجبة نفسها في ذاك الإطار الضيق فقط فهذا شأنها في قبولها لهذا النمط العبودي.

كما، ويجهد كثير من الباحثين اليوم، في ما يسمى بالعالم العربي (الذي تجلت عروبته مؤخراً، ورأيناها، على نحو صارخ و"فظيع"، وأكمل وجه، واللهم "شماتة"، في مباراة الجزائر ومصر)، وفي محاولة إسقاطية لما جرى إثناء تطور أوروبا وانتقالها النوعي والتاريخي من المجتمع الكنسي إلى المجتمع المدني، أن يقدموا مبدأ فصل الدين عن الدولة باعتباره حلاً للمشاكل المزمنة التي تعاني منها شعوب المنطقة حيث لا حرية ولا عدل ولا مساواة ولا ديمقراطية ولا أية شذرة مضيئة في خضم هذا الركام الهائل من الرثاثة والتحطيط الذي خلفه المد والتوغل البدوي في مجتمعات الغير عبر التاريخ. ونحن في الحقيقة لسنا ضد مبدأ فصل الدين عن الدولة، وتغليب مبدأ المواطنة على أية اعتبارات ما قبل وطنية وسياسية ومدنية، غير أننا في نفس الوقت، برأينا، بحاجة أولاُ لفصل الدين عن البدونة، لأن البدونة طغت على الدين وصادرته وأحكمت الخناق عليه، فما يفعله البدو اليوم أصبح هو الدين، وهذا أمر جد خطير، والبدونة قائمة على قدم وساق في مجتمعاتنا، وقبل أن نفصل الدين عن الدولة نحن بحاجة لفصل الدين عن البدونة، وفك الارتباط العضوي بينهما، إذ حلت المنظومة البدوية الثقافية والمفاهيمية والسلوكية محل الكثير من المفاهيم الدينية لا بل وطغت عليها. ولعل أبرز ما يدلل على ذلك الانتشار المريع المظهر النقاب الذي هو ليس من الإسلام في شيء بل هو عادة بدوية بحتة، ومتأصلة، أفرزتها قيم التعايش والعلاقات في المجتمع الصحراوي والتي قد تبدو مقبولة صحراويا بسبب طبيعة التوحش الحياتي لكنها وتبدو نافرة في غيره، كما بالنسبة للرؤية الدونية للمرأة باعتبارها موضوع جنس فقط بإخفائها، وحجبها عن الأنظار، تطفئ الشبق الجنسي الذكوري. وصار كثيرون اليوم مع عملية بدونة المجتمعات الشرق أوسطية، يعتقدون أن النقاب هو تدين، وهو ليس كذلك على الإطلاق، فالحاجة اليوم هي لفصل البدونة عن الدين، ومن ثم يمكن لقبائل التنظير المدني، أن تفكر بعميلة فصل الدين عن الدولة، التي نشك في نجاعتها، في ضوء ما هو متوفر من معطيات مرعبة على هذا الصعيد. والأخطر من ذلك أن التصدي للبدونة، صار في نظر كثيرين هو تصد وعداء للدين، وحتى شيخ الأزهر نفسه، لم يسلم من سهام التكفير، حين تصدى لبدونة المرأة عبر تنقيبها، واعتبره كثيرون مهاجماً وعدواً لإسلام.

ولكي يتجنب البدو توجيه أي انتقاد لسلوكياتهم، فقد ربطوا بين البداوة، والدين، واليوم يحاول البدو عبر الإنفاق الإعلامي الهائل أن يوهموا البسطاء بأنهم ورثة الدين والسلف الصالح.

. إذا كانت أوروبا بحاجة لفصل الدين عن الدولة للتطور والنهوض، فإننا بحاجة لفصل الدين عن البداوة أيضاً، والدليل أن نهضة تنويرية وليبرالية حدثت فعلاً في بدايات القرن الماضي وبعد توديع حقبة الخلافة المظلمة، غير المأسوف عليها، وحين كانت مصر رائدة تنوير ومركز إشعاع حضاري، قبل أن تنهال عليها البداوة وتأتي عليها في عصر طويلي العمر وحقبة النفط، لتعيدها إلى عصر الرق والحريم وإرضاع الكبير وتصبح كهفاً للإعتام والتظليم والتعتيم تعج بخفافيش الليل البهيم.

ولذلك، وبما أن الدين متأصل في قلب هذه المجتمعات، ولا يمكن، منظورياً، تجاوزه، ولكي تعود للدين نضارته، ووظيفته الحضارية الإنسانية الاجتماعية، عبر تفعيل الجانب القيمي والأخلاقي في الدين، كجملة من الأوامر والنواهي التي تضبط سلوك الفرد وتوجهه نحو ما يسمى فلسفياً بالخير ( أي خلق مواطن صالح)، فلا بد أولاً من عملية فصل البدونة عن الدين، فهي الخطر الأكبر على المجتمعات، اليوم، قبل أن تكون، بذات الخطر على الدين، بالذات



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغزو البدوي : أطول استعمار و احتلال بالتاريخ
- دروس القومية العربية
- سوريا : ملامح طالبانية
- الله يجيرنا من الأعظم
- الدولة العربية القبلية
- كاتيوشا حوثية؟ أكثر من مجرد عصابة
- إلى الأستاذ سعد الدين الحريري/ المحترم:
- الحوثية و الوهابية الصدام المؤجل
- المحرقة الحوثية والحروب المنسية
- إلى سعادة الأخ وزير الداخلية القطري/ المحترم:
- رسالة من إخونجي
- إلى الرفيق الأمين العام لحزب الكلكة
- أكثرُ مِن مجرّد هِلال شيعي
- خفايا نضال مالك حسن الأصولية
- معارِكُهم الحضارية
- تهديد جديد بالقتل والمطالبة بإعدام نضال نعيسة من قبل جماعة ا ...
- السعودية بين فكي الحوثيين والقاعدة
- نضال مالك حسن بطل أم قاتل؟
- الشيعة قادمون
- العنصرية في خطاب المعارضة السورية


المزيد.....




- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - فصل الدين عن البداوة