أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الصالح - الحقائق التاريخية والعلمية مقابل النص المقدس















المزيد.....

الحقائق التاريخية والعلمية مقابل النص المقدس


نضال الصالح

الحوار المتمدن-العدد: 2839 - 2009 / 11 / 25 - 13:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قبل فترة نشر لي على هذا الموقع مقال بعنوان " العرب يشاركون في تزوير تاريخهم" تحدثت فيه كيف أن كثيرا من المثقفين والمؤرخين العرب يشاركون في تزوير تاريخ بلدهم وهم في هذه المشاركة يدعمون إدعاء عدوهم بالحق التاريخي في بلدهم. كان ذلك نتيجة التمترس خلف النصوص والقصص القرآنية وتفسيرها التراثي الذي إعتمد على القصة التوراتية في تفسيرها وتأويلها.
لم تكن هي المرة الأولى التي أتحدث فيها حول هذا الموضوع، فلقد ورد محتوى هذا المقال بشكل أو بآخر في عدد من مقالاتي التي نشرت سابقا حتى بدت أكرر نفسي لدرجة الملل، كما كتبت عنه في كتابي "داء الفصام بين الوطني والديني" وفي كتابي المأزق في الفكر الديني. وفي كل مرة كانت تنهال علي الرسائل التي تتهمني بأنني أشكك في الرموز القرآنية التي هي جزء من ثوابت العقيدة الإسلامية. وكانت مقالاتي في هذا الموضوع بما فيهم الموضوع الأخير ترفض، ولنفس الأسباب، من عدد من المواقع.
مذا قلت حتى إستحق هذا الإتهام؟ قلت :" لقد لجأ الؤرخون التوراتيون إلى كل الوسائل الممكنة من أجل تأويل الآثار التي عثر عليها في فلسطين وفي منطقة الشرق الأوسط لكي تنطق بمعلومات لا تبوح بها لمطابقتها قصرا بالحدث التوراتي. لقد خلقوا تاريخا مزيفا وقدموه على أنه حقيقة. وجاء كتبة التراث الإسلامي ومن بعدهم المؤرخون العرب لكي يدعموا هذا التزييف." كما قلت: " إن التاريخ مع كل وثائقه التفصيلية إلى حد كبير لا يذكر في وثائقه على الإطلاق، ولو إشارة لنبي أو أمير أو قائد باسم موسى ،أو لصبي من بني إسرائيل تبنته ابنة فرعون وربي في القصر الفرعوني وصار له شأن . كما لا يوجد أي ذكر لفرعون غرق وجيشه في البحر. على أهمية حدث من هذا النوع. كما لا يوجد اي إشارة أو ذكر لخروج موسى على رأس الآلاف من الإسرائيليين من مصر إلى سيناء. التاريخ كعلم بوثائقه المتنوعة في مصر و بين الرافدين و في فلسطين والشرق الأدنى لا يعرف عظيما باسم ( شاؤول ) وحد القبائل الاسرائيلية و أقام لإسرائيل مملكة في فلسطين . وهذا العلم لا يعرف شيئا عن محارب أو ملك أو نبي باسم ( داود ) أقام لإسرائيل مملكة عظيمة أو حتى صغيرة، ولم ترد في وثائق هذا العلم على كثرتها في المنطقة أي إشارة لملك حكيم حاز شهرة فلكية باسم ( سليمان ) كان من أشهر ملوك العالم ، وكان الملوك يأتونه من جميع أرجاء الأرض ولا عن مملكة أسطورية عظمى في المنطقة باسم دولة أو مملكة سليمان التي بلغت مساحة أراضيها حسب الرواية التوراتية من الشام إلى مصر والاردن" .
هذه هي حقائق تاريخية موجودة على الأرض، والرد الوحيد الذي إعتمد عليه المنتقدون والرافضون هو أن هذه الرموز ذكرت في القرآن، والقرآن كلام الله، والله لا يخطئ. ولكن هل هذا يكفي؟ هل ذكر هذه الرموز في القرآن يكفي لرفض وتجاهل الحقائق التاريخية والعلمية؟ أم أنه كما كان قد أعلنه الدكتور طه حسن في كتابه الشعر الجاهلي وثار في وجهه رموز الفكر الديني ثورة عارمة مما اضطره إلى إعادة نشر الكتاب بعد أن أزال ما يغضب الفكر الديني المتحجر، بأن للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضا، ولكن ورود هذين الإسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي."
نحن في مأزق، فإما أن نرفض الحقائق التاريخية ونحجر على العقل ونغلق الفكر ونظل في عزلة قاهرة عن الواقع والعلم وإما أن نعترف بخطأ القرآن وحينها سنخرج عن دين الإسلام وسنعتبر من الكفار الزناديق الذين يحق عليهم الحد بالقتل. هذا الإختيار الصعب خلق عند المسلمين نوعا من داء الفصام لم يستطيعوا ليومنا هذا الخروج منه.
التوراتيون المحدثون وجدوا حلا مناسبا لهذا المأزق وذلك بإعادة قراءة النص التوراتي بإعتبار أن قصص الكتاب "التوراة" وأناشيده لا تخبرنا عن ما حدث في فلسطين في أي عهد، بل تخبرنا كيف كان الناس في هذه المنطقة يفكرون ويكتبون، إنه مليء بالأمثولة وقصة العبرة، إنه لاهوت. وعندما نفترض أن هذه الحكايات هي حكايات تاريخية،فإننا نقوض الهدف الذي كتبت لأجله القصص ونمنعها من القيام بوظيفتها القصصية.إننا ندمر قيمتها اللاهوتية ونمنع أي شخص من قراءتها على نحو عقلاني. هذا وأن رواية التوراة لحياة الآباء هي قصة فلسفية عن العلاقة بين الله والبشر, عن الإخلاص والطاعة،عن الإيمان والتقوى، عن الحق والباطل،عن الفسوق والفجور.
هل يمكننا أن نطبق هذه القراءة على النص القرآني؟ هل يمكننا أن نعتبر أن القصص القرآنية هي أيضا غير تاريخية وإنما قصص وظيفتها لاهوتي وأخلاقي وفلسفي، تقصد العلاقة بين الله واليشر وتتحدث عن الإخلاص والطاعة، عن الإيمان والتقوى، عن الحق والباطل وعن الفجور والفسوق. أي إنها قصص للعبرة؟؟!
ولكن رموز الخطاب الديني الأصولي ومن ورائهم جيش من الأتباع الذين حجر على عقولهم لن يوافقوا على ذلك ولن يقبلوه كقراءة جديدة وعقلانية للنص القرآني وسيظلون يصرون على أن هذه القصص وشخصياتها تاريخية وسيتمترسون خلف التأويل التراثي لهذه القصص.
الخطاب الديني الأصولي والسلفي ينطلق من القول بأن القرآن هو أصل المعرفة وان المعرفة القرآنية يجب أن تحل محل المعرفة التجريبية العاجزة ومن خلال المعرفة القرآنية تتم الإجابة عن جميع المعضلات في أي فرع من فروع المعرفة. إن جميع العلوم التي تؤخذ من خارج الوحي، في رأيهم، هي علوم إستقرائية وتجريبية لا تصل إلى حد اليقين، لأنها علوم تكشف عن الظواهر الطبيعية وعلاقاتها الظاهرية. أما القرآن فهو علم شامل كلي ويقيني، فهو حاكم على كل العلوم غير محكوم بها. هو شامل للظواهر كلها في آن واحد في كل كل تركيب وكل آية على إنفراد، وهو شامل للمكان حيث أنه يعبر عن حقيقة أي شيئ في أي موضوع من الكون، وشامل للزمان إذ تكون الحقائق مطابقة للنظام القرآني في جميع أدوارها وأزمانها(راجع، سبط النيلي، المنهج اللفظي، مكتبة بلوتو، بغداد وغيره كثير من المصادر التراثية والحديثة التي تتحدث عن الإعجاز القرآني)
إذا وبناءأ على هذا الفكر فإنه علينا أن نقوم بتأويل الحدث التجريبي والعلمي والواقعي والتاريخي تأويلا يتناسب مع حقيقة النص القرآني وليس العكس. فإذا تقبلنا هذا المنطق المعوج والخارج عن المنطق والعقل فلا بد لنا أن نتسائل، لماذا يقف المسلمون في قاع السلم الحضاري والعلمي مادامنا نملك أصل المعرفة؟ لماذا نحن مقلدون في كل مجال المعرفة العلمية ولم نقم بإختراع جديد أو بإضافة أي إمكتشف علمي إلى منتج الحضارة الإنسانية؟ أم أننا ننتظر أن يخترع ويكتشف الغير حتى نسرع في إعلان أنه موجود في القرآن وأن القرآن تحدث عنه وذكره وفسره؟
د. نضال الصالح/ فلسطين



#نضال_الصالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التدين واليسار
- صراع مع الموت
- الحذاء
- الشيوعي وسقوط الحلم
- العلاج بواسطة الصلاة عن بعد
- كيف جرى تزوير تاريخ فلسطين والشرق الأدنى القديم
- الصديقة
- الحائرة
- عقال الباشا
- الملاك
- هل هناك حياة أخرى موازية لحياتنا على الأرض؟
- تعالوا نحطم مرايانا
- كيفية ظهور - الله- في الوعي العربي
- بعض من الحكم التاوية
- أمنية
- المعتقدات الدينية الصينية وفلسفة الوجود
- الآخر في الديانة اليهودية
- التوراة في الفكر الديني الإسلامي : كتاب مقدس أم محرف ؟
- عندما يصبح غصن الزيتون رمزا للمقاومة
- القصص القرآنية بين التاريخ والخرافة


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الصالح - الحقائق التاريخية والعلمية مقابل النص المقدس