أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - انتصار عبد المنعم - ادكو..من الكانو إلى نوكيا!!














المزيد.....

ادكو..من الكانو إلى نوكيا!!


انتصار عبد المنعم

الحوار المتمدن-العدد: 2838 - 2009 / 11 / 23 - 19:59
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ادكو..من الكانو إلى نوكيا !!!
لم يكن عم أحمد يدرك في تلك اللحظة البعيدة ، وهو يقف على شاطيء البحر غامسا قدميه في رمال الشاطيء ، أنه بعد سنوات ليست بالكثيرة سيجلس بين جدران بيته يخشى البحر بعد أن كان مضرب المثل في حدة البصر ليلمح سرب السردين البعيد وهوفي قلب البحر قبل أن يقترب من الشاطيء ويكون في مرمى الشباك المنتظرة .
سنوات التغير والتبدل بدأت من20 سبتمبر 1959 ، عندما وزع رجال الثورة عقود تمليك للأراضي على الصيادين لتبدأ رحلة التحول من مهنتهم الأساسية المتوارثة كصيادين ، ليصبحوا مزارعـين في الأراضـي التي تم تجفيفها من بحيرة ادكو؛ وهي نفس البحيرة التي مارسوا فيها مهنتهم منذ قدم التاريخ . وتقع البحيرة فريسة الردم ، والمزارع السمكية العشوائية ، وتتقلص مساحة بحيرة إدكو من 47 ألف فدان إلى أن أصبحت الآن 5 آلاف فدان فقط ..
وتبدأ رحلة ضياع الهوية ؛ المدينة المفعمة بالماء ومراكز الصيد تتجه إلى الزراعة ، المدينة التي كان قاب قوسين أو أدنى من أن تكون جزيرة تغوص في حضن البحر المالح شمالا ، ومياه البحيرة العذبة من الجهة المقابلة ، تبقى عروس حيرى بين مالح أجاج لم تُخلص له ، وعذب فرات هجرته لتنشغل بزراعة أرض البحيرة التي يتم تجفيفها .
عم أحمد مارس الصيد في البحيرة بقاربه الصغير "الكانو" ، ومازال يحتفظ بالكانو القديم في بيته بعد أن حوله ابنه إلى أرجوحة يلهو بها الأحفاد ، ويتقلص أعداد القوارب من 1500 ‬مركب إلى 900 ‬ لقي بعضهم مصير قارب عم أحمد والباقي تم تفكيكه ،‮ ويتحول الكثيرون عن مهنة الصيد ويبقى حوالي 3000 فقط من عدد 13 ألف صياد كانوا يتجاورون بقواربهم في البحيرة . أما المحل الذي كان يبيع فيه اسماكه فقد تم بيعه ليصبح محلا لبيع مستلزمات أجهزة المحمول . محلات المحمول تنتشر في الشوارع والأزقة ، مقاهي الإنترنت تنتشر كالنار بعد أن بدأت على استحياء ، محلات الإتصالات وكبائن الهاتف تغزو " العراقية" أشهر مكان لبيع الأسماك حيث كانت ملتقي صيادي البحر وصيادي البحيرة . تختفي محلات لوازم الصيد والصيادين ، وتظهر اعلانات الدقائق المجانية ، تختفي شباك الصيد من أمام المنازل وأسطحها وتحل محلها أسلاك وصلات الدش والأطباق اللاقطة .
ويضيع القاسم المشترك بين الجميع الذين كانوا في حالة انتظار دائم لما ستأتي به الشباك ، حالة التوحد في الإهتمام والصناعة أو الحرفة كانت تجمع البلدة حتى في موعد النوم والاستيقاظ .. يغيب الشاب عن الظهور في شارعه ، فيسأل عنه الجار ، وتسمع اللغة الدارجة لأهل البلدة للتعبير عمن ذهب للصيد في البحيرة بقولهم ( في المسراح)بكسر الميم ، وهو الشائع حيث لا يخضع الصيد في البحيرة كثيرا للنوات وحالة الموج والطقس مثل البحر. وإن امتد به الغياب يكون ( طلع البحر) ، على مركب صيد ربما يغيب عليه يوما أو يومين ، أو ربما يذهب للبحر ويقتصر دوره على جذب أحبال الشباك للخارج ، حيث يدخل البعض بمركب ليست بالكبيرة ويلقون الشباك في الداخل ثم يعودون إلى الشاطيء ويستغلون سواعد الشباب الموجودين في جر الشباك للخارج ، وتكون قسمة السمك بين الجميع ليعود بعدها الشباب محملين بالأسماك المختلفة لبيوتهم .
اليوم تسأل عن الشاب فيأتيك من يخبرك أنه في "السيبر" أو أنه يغير الشريحة للموبايل ، أو يبشرك بأنه خرج ضمن مجموعة شباب في مركب هجرة غير شرعية في مركب متهالك ، ربما يكون نفس المركب الصغير الذي كان يلقي بالشباك لصيد السردين قريبا من الشاطي . أو ربما يصبح الشاب فريسة لسمكة القرش نفسها التي هاجمت سرب السردين وفرقته قبل أن يصل للشاطيء .



#انتصار_عبد_المنعم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأحدثكم عن ندا
- علاء الأسواني ودوق داركور!!
- -الصرخة-مابين كرم النجار وأم الرجال!!
- مشايخ الإنترنت!!!
- التسكع الرقمي
- قلب الكاوبوي لا يتسع لأسودين!!
- قاسم أمين ... ديور وشانيل !!
- مأزق أحمر!!!!
- سبعون جلدة وعشرون يوما حبس لمن يطالب بحقه
- وثائق
- سوزان تميم وهشام طلعت مصطفى .. قراءة مغايرة
- كوليرا تغريدة البجعة!!!
- قل لي : أوحشتِني !
- نصف جنيه وقطعة حشيش
- انتحار
- أبحث عن ذئب *ق ق ج
- إدكو ..مدينة الماء والرمال(2)
- إدكو ..مدينة الماء والرمال(1)
- ممكن تسمعني بقلبك!!!
- نوافذ الأمل والألم


المزيد.....




- لماذا تهدد الضربة الإسرائيلية داخل إيران بدفع الشرق الأوسط إ ...
- تحديث مباشر.. إسرائيل تنفذ ضربة ضد إيران
- السعودية.. مدير الهيئة السابق في مكة يذكّر بحديث -لا يصح مرف ...
- توقيت الضربة الإسرائيلية ضد إيران بعد ساعات على تصريحات وزير ...
- بلدات شمال شرق نيجيريا تشكل وحدات حماية من الأهالي ضد العصاب ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود- على أهداف في العمق الإيراني و ...
- قنوات تلفزيونية تتحدث عن طبيعة دور الولايات المتحدة بالهجوم ...
- مقطع فيديو يوثق حال القاعدة الجوية والمنشأة النووية في أصفها ...
- الدفاع الروسية: تدمير 3 صواريخ ATACMS وعدد من القذائف والمسي ...
- ممثل البيت الأبيض يناقش مع شميغال ضرورة الإصلاحات في أوكراني ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - انتصار عبد المنعم - ادكو..من الكانو إلى نوكيا!!