أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين ابو سعود - موعد مع الموت أخلفناه (المنصور ميليا)














المزيد.....

موعد مع الموت أخلفناه (المنصور ميليا)


حسين ابو سعود

الحوار المتمدن-العدد: 2837 - 2009 / 11 / 22 - 11:17
المحور: الادب والفن
    


قبل أن يسمى يوم الأحد بالأحد الدامي بيوم واحد فقط وقفت ثلاث حافلات أمام فندق المنصور ميليا ونزل منها ما يقرب من ستين شابا وشابة جاءوا من مختلف دول العالم ليشاركوا في المخيم الأول للشباب المغتربين معهم عدد من المشرفين والمشرفات، وبالرغم من العناء والإجهاد الناجم من ساعات السفر الطويلة، كانت الفرحة تعلو وجوه القادمين الجدد ، لقد كان لقاء الأرواح قبل الأجساد بتراب الوطن وهواءه، وقد تربصت قوى الظلام بهذه الفرحة العارمة وأرادت وأدها في مهدها بتفجير هائل قرب فندق المنصور لتتناقل وكالات الأنباء خبر استشهاد هؤلاء الشباب والشابات في ثاني يوم تطأ أقدامهم فيه ارض الوطن ، منظر مهول ، أشلاء بشرية جاءت لتفرح وتجدد العهد مع الوطن الجريح، تتناثر أشياءهم وكاميراتهم الرقمية وملابسهم الأنيقة والهدايا التي جاءوا بها لأيتام الداخل تعبيرا عن الحب والتضامن وجوالاتهم ترن بمختلف النغمات وتتلقى المكالمات من أهاليهم دون جواب .
هكذا أراد الإرهابيون ولكن الله أراد غير ذلك ، أراد لهؤلاء الذين جاءوا محملين بالحب أن يغادروا بالحب ، وان يكملوا رحلتهم كما كان مخططا لها ، أراد لهم أن يوزعوا أشواقهم على الجوامع والكنائس وعلى طيور الأضرحة والمراقد ، يمسحوا الحزن عن الجدران والأعمدة ونصب الحرية، لقد كان هؤلاء قد تركوا الفندق قبل ساعة من الحادث، لقد كانوا وقت الانفجار المروع ينعمون بالأمان داخل الحرم الآمن للأمام موسى الكاظم، كانوا في حمى الإمام الجواد، كانوا متسمرين حول جمال المشهد وجلال المكان ، حيث تناولوا الطعام في مضيف الإمامين الجوادين الكاظمين ولم يعلم احد منهم بالتفجير إلا عند العودة بعد غروب الشمس، حيث طُلب منهم أن يتوجهوا بهدوء تام الى غرفهم لجلب أمتعتهم والعودة نحو الحافلات التي ستقلهم الى فندق آخر وهو فندق بابل، على أن منظر الخراب الذي لحق بغرف الفندق وصالاته لم يؤثر في معنويات الشباب الذين لم يتعودوا منظر الخراب والدمار ورائحة الدماء، ولكنهم شعروا بالمعاناة اليومية لإخوانهم في الداخل، وعندما سأل احد موظفي الفندق شابا مغتربا عن سبب الزيارة للعراق في مثل هذه الظروف الصعبة قال بصوت واثق وعربية مشوبة بلكنة محببة عليها آثار الغربة: جئنا محملين بحب وردي لدجلة والفرات ، جئنا لنرى أن هل عادت المياه للاهوار وهل عاد الخرير الى الأنهار وهل عج أبو نواس بالسمار، حول رائحة السمك المسكوف
جئنا لنسأل أهلنا :
هل غادرهم الجفاف وأينعت الضفاف،
جئنا من ارض الصقيع نريد الشمس وريح الصبا والربيع
لقد نادانا العراق ونادانا النرجس والرازقي
لقد نادتنا ذكرياتنا وذكريات الآباء والأمهات
جئنا نشكو برد المنافي وتعب السفر، وأما الموت: فقد قال تعالى
قل إن الموت الذي تفرون منه فانه ملاقيكم، وقال :أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وهو القائل وقوله الحق: وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي ارض تموت
جئنا لأننا نحب هذه الأرض وهذه السماء.
2
تعقيب
لقد وجدت بغداد حزينة لا مبالية، وقد اخبرني غير واحد بان التفجيرات الدامية هي ارحم من القتل الفردي على الهوية ومنظر الجثث العائمة على نهر دجلة والذي كان سائدا قبل عامين وأكثر.
زيارتنا للمنطقة الخضراء صاحبتها إجراءات أمنية اقل ما يقال عنها بأنها فوق العادة لكنها كانت ودية غير مخيفة ولا تلقي بالرهبة في القلوب لأننا كنا في طريقنا لمكتب شخص أحببناه وانتخبناه وكم كان اللقاء حميميا وجميلا مع السيد نوري المالكي رئيس الوزراء وكنا نراه وكأنه أب بين أبنائه أو أخ بين إخوته، فلا خوف ولا رهبة ولا تعالي .
و كان وزير الشباب والرياضة المهندس جاسم محمد جعفر يتابع أخبار الشباب طوال أيام المخيم ويشملهم برعايته الأبوية من خلال اللجان التي أمر بتشكيلها لمرافقة الوفد في سبيل تهيئة كافة الضروريات وتبديد كافة العراقيل التي قد تواجههم.
ولعل أجمل ما في العراق هو حب الشعب للحياة وقد رأيت الناس يمارسون حياتهم بصورة عادية وكأنهم لم يكونوا في ظلام دامس منذ السبعينات ، رأيتهم في المسرح الوطني وفي حديقة الزوراء والأضرحة وفي الأسواق والمحلات .
لقد آلمني مناظر التفتيش والحراسة المشددة في الروضة الكاظمية المشرفة مع علمي بأنها إجراءات لابد منها لضمان سلامة المكان والزوار ولكنها أماكن يفترض أن تكون آمنة للغاية لا يطالها أيدي الإرهاب وقوى الظلام .
وأخيرا توقفت عن ترديد قول الشاعر احمد الصافي النجفي:
يا عودة للدار ما أقساها اسمع ببغداد ولا أراها
لقد رأيت بغداد وشربت ماءها واستنشقت هواءها ووطأت ترابها ، وأملي أن أن يعود اليوم لتسفر بغداد عن وجهها الحقيقي بإزالة السواتر الإسمنتية والجدران الصناعية العازلة وان يعود الناس كلهم أخوة متحابين كما كانوا في الماضي .
بالرغم من كل شئ لقد كان العراق جميلا.
[email protected]



#حسين_ابو_سعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تكريم جابر الكاظمي في العاصمة البريطانية
- الصراع صناعة انسانية عريقة
- ان بعض النور ظلمة
- الدونمة : مسلمون ام يهود ؟
- عيناك تسافران في روحي
- العاشرة ليلا تحت جسر واترلو (*)
- وفاء عبد الرزاق تكتب لطفل الحرب مذكراته
- اضاءات اللوحة الاخيرة
- لا تتبع قطام وامامك سهل فسيح
- دموع الليل
- كطفل يختبئ من عيون الموت
- يوم كنا وكان الحب
- تعال لتبحث عني
- إذن، أين أنا ؟
- عودي لي وطنا
- رحلتي نحو الغروب
- غفوة ، بانتظار رائحتها
- ضجيج في سوق القورية *
- خضرة الصبح وشبق الوصول
- قلعة خارج كركوك


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين ابو سعود - موعد مع الموت أخلفناه (المنصور ميليا)