أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود عبد الرحيم - اللاعبون بالنار ولو ذهبت مصر للجحيم















المزيد.....

اللاعبون بالنار ولو ذهبت مصر للجحيم


محمود عبد الرحيم

الحوار المتمدن-العدد: 2836 - 2009 / 11 / 21 - 19:26
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


ترددت كثيرا في الاشتباك في قضية الخلاف المصري الجزائري ، ظنا مني ان الامر لا يعدو كونه مباراة كرة قدم وتنافس محموم ليس الا ، لكن سياق الاحداث كشفت عكس ذلك تماما ، ووضح التوظيف السياسي الشرير والانتهازية التى تعصف بمصير بلد ، وتشوه هويته الوطنية والقومية ، وتروج لمفاهيم في غاية الخطورة ، فضلا عن حملات الكراهية والتحريض المقيتة التى تخدم مصلحة خاصة لبعض الانتهازين في دوائر الحكم والاعلام، وتصب في المحصلة النهائية في صالح الكيان الصهيوني العدو الحقيقي للامة العربية ،على حساب تدمير دائرة الانتماء الاولى لمصر ومصالحها ودورها ومكانتها الاستراتيجية والسياسية والثقافية.
من المؤسف ان نشاهد حملة منظمة يقودها رسميون وشخصيات عامة ومثقفون واعلاميون محسوبون على الحزب الحاكم او تتلاقى مصالحهم معه ، تهدد وتتوعد وتبث الكراهية وتحرض علي القطيعة مع شعب عربي شقيق تجمعنا به اواصر عديدة اهمها النضال المشترك لجهة الاستقلال الوطني الذي لم نعد نبالى به ،وضد الاستعمار الغربي والعدو الصهيوني الذي صرنا لا نعتبرهما عدوا،حيث بات الاعداء هم الاشقاء في سوريا او قطر او فلسطين(حماس) او في لبنان(حزب الله) ، واخيرا في الجزائر.
ولعل من المظاهر المثيرة للاستياء والحزن معا ، وتبرهن علي التصعيد المتعمد والاجندات الخفية ، تسيير مظاهرات مسيئة تكيل الاهانات لسفير الجزائر واهلها ورئيسها ،وتطالب بطرد ديبلوماسي محترم من زمن الثوار ، سعى قدر طاقته لاحتواء ازمة اريد لها ان تتصاعد ولا تتوقف ،حبا وحرصا على العلاقات الاخوية مع الشقيقة الكبرى مصر،ولأول مرة نرى وزارة الداخلية تصدر بيانا عكس المعتاد ، تصف مظاهرات تحاصر مقر السفارة الجزائرية وتتطاول على السفير الجزائر، ب"المتحضرة والمبررة"، رغم انها شاهدت احداث عنف وتخريبا لمنشآت مصرية وسيارات ، واصابة لضباط وجنود مصريين ،فضلا عن محاولات حرق بيت السفير واقتحامه.
رغم انه في مناسبات اخرى كان يتم التصدى بعنف لاية مظاهرة تخرج ، ويتم وصفها ب"الغوغائية والمخربة" ، ولو تقدم المتظاهرون الوطنيون من سفارة امريكا او اسرائيل ، كان يتم سحلهم وسحقهم واعتقالهم ،وهم يعلنون تضامنهم مع اشقاء عرب في العراق او فلسطين ضد العدوان الامريكي والصهيوني.
اضف الى ذلك، ما قامت به وسائل الاعلام المقروءة والمرئية ،خاصة التليفزيون الرسمي الذي استقطع من وقته الكثير لهذه الحملة او بالاحرى الدعاية السوداء ، لدرجة ان برنامج" البيت بيتك" المعروف بانه لسان حال التحالف الجديد في مصر من سلطة ورجال اعمال ، استأنف عمله في ايام تعطله ولوقت مفتوح يمتد لساعات متأخرة من الليل ، لكيل الاهانة والشتائم للجزائر شعبا وحكومة باحط الاوصاف. واستعان بفنانيين وصحفيين منافقين وانتهازيين، تباروا في المزايدة والاساءة الى شعب ودولة لهما قدرهما ومكانتهما ،و يعرفون مكانة مصر الحقيقية ويقدرونها ، وزاد هؤلاء المنافقون الاغبياء بالمطالبة بالمقاطعة لكل ما هو جزائري ، واستنكار حديث انتماء مصر العربي ودورها القومي ،علاوة على الدعوة الساذجة بالانكفاء على الذات واعتبار ان اسرائيل افضل حالا، ولو كانت في هذا الموقف ما فعلت بالمصريين مثلما فعل الجزائريون.
في حديث غث يحمل سمت الجهل والغباء ويسكب الزيت على النار بشكل عمدي ، دون ادراك خطورة ما يسوقون ، فمصر قوية بمحيطها العربي والعرب اقوياء بمصر، ولم يصب مصر ما اصابها من هزال وتقزيم وضياع لدورها اقليميا ودوليا ، الا منذ بدأت انتهاج هذا الخط الانعزالي ، ورهاناتها الخاطئة على امريكا واسرائيل والنهج الفردي، في عهد غير المغفور له الرئيس السادات .
ان اللعب على مشاعر الجماهير بعد شحنها ، وتصدير هذه المفاهيم المغلوطة ، وتضخيم حدث كان يمكن احتواؤه لو اراد صناع القرار ذلك، ليس الا نوعا من غسيل الدماغ والرغبة في تدمير ما تبقي من انتماء ، ولو معنويا للعروبة ، تلك الرابطة التى عرقلت لسنوات محاولات التطبيع المستميتة ، وصنعت جدار صد شعبي ، وهو هم الآن يريدون لها ان تتحطم ليسهل الاختراق الصهيوني الذي لا يشعرون ازاءه باي خطر او توجس ، حيث صار التخويف من الآخر العربي واستبدال المواقع بين الشقيق والعدو الحقيقي.. فاية مآساة تلك التي نشهدها؟!
ثم انهم يتحدثون عن كرامة المصريين والثأر لها ، اليس هذا من المضحكات المبكيات ؟!، هل توجد كرامة في ظل نظام يكرس الطبقية ويحمي الفساد، ويجعل غالبية الشعب يعانون شظف العيش والجهل والمرض كما لو كنا عدنا الي حقبة الملكية ولم نشهد الثورة على هذه الاوضاع الظالمة، بينما حفنة محدودة تنعم بثروات البلد دون اي مبرر؟!، اية كرامة والشباب في مصر يلقي بنفسه في البحر هربا من جحيم الفقر والبطالة؟ او ينتحر حين يتم السخرية منه ويقال له انت غير لائق اجتماعيا لو تقدم لوظيفة راقية ؟! اية كرامة وارادة المصريين يتم تزيفها في الانتخابات ، ويتم العبث بالدستور الذي له مكانة مقدسة في معظم دول العالم ؟!، اي كرامة وسيناريو التوريث للسلطة جرى تنفيذه على قدم وساق والقمع والتهميش يطال من يرفع صوته بالاعتراض على غياب العدالة والديمقراطية ؟!، ولماذا لم نسمع هذا الحديث الغث حين تمت اهانة المصريين في ليبيا او الكويت او السعودية مرارا ، او حين قتل جنود اسرائليون مصريين علي الحدود ، او حين هدد وزير خارجية الكيان الصهيوني ليبرمان باغراق مصر وسب رئيسها؟
ان الامر من بدايته حتى الآن ،لا يجاوز وصفه سوى بالمهزلة ، منذ ان سمحوا بتشويه الشعور الوطني واختزاله في مباراة كرة قدم، وجعل تشجيع المنتخب واجبا مقدسا وتعبيرا عن انتماء في واقع الامر مزيف ومصطنع ووقتي ، واذاعة اغاني واناشيد وطنية ،مترافقة مع صور لاعبين وماتشات سابقة ،واعتبار ان لقاء الجزائر معركة مصيرية ، بالاضافة الي حشد نجوم المجتمع والشخصيات العامة ليدلوا بدلوهم في موقعة "النصر او الشهادة" ، ودعوة الثمانيين مليون مصري ليلهجوا بالدعاء، فاي اسفاف هذا واي تسطيح للجماهير، وتغييب لوعيها ،والهاء لها عن قضاياها المصيرية ، وهمومها الحقيقية وعدوها الحقيقي؟!
انها معركة مفتعلة بكل المقاييس ، الغرض منها احداث التفاف شعبي حول نظام يعاني الشيخوخة المتأخرة ، وربما تصفية حسابات بين نظامين متنافسين وتنفيس عن ازمة مكتومة بينهما، غير انه في كل الاحوال ، لعب بالنار لا يقدرون خطورته الآن، لكن الثمن سيكون فادحا ،وسيدفعه الشعب المصري الصامت ، او السائر كالقطيع وراء اعلام السلطة الذي يخدم فقط على طموحات شخص واحد اسمه جمال مبارك يبحث عن شعبية وشرعية مفقودة ، ولو تعرضت مصالح مصر والمصريين للخطر ، ولو خسرنا دوائر انتمائنا الاصيلة ، وضحينا برصيدنا القومي الذي صنعه جمال عبد الناصر، برؤية ثاقبة ووعي ناضج ، فيما هم يضيعونه باستهتار وصبيانة وعدم تقدير للامور.
ان مكانة ودور مصر فعلا وليس قولا ، يعبر عنه في مسئولية وقيادة وتضحيات ومجال حيوي ونفوذ ممتد وتأثيرات وانجازات ، وما يحدث ليس ابدا من افعال الكبار، وانما عار سيظل يلاحقنا لسنوات طويلة ويجعل منا اضحوكة في نظر الشعوب الاخرى عربا وعجما.
*كاتب صحفي مصري



#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعلان الدولة الفلسطينية وخطاب الوهم وربما التواطؤ العربي
- لو فعلها عباس لاعتبرناه بطلا وغفرنا له ما تقدم!
- حين يصير التطبيع مُبررا والرفض مُستهجنا والاختراق من الداخل
- معركة النقاب مواجهة لشرور الاصولية
- دراما رمضان: فقدان البريق ودوران في المربع الضيق
- -اهرام التطبيع- واصدقاء اسرائيل في مصر
- مسابقات رمضان: صياد رأسمالي وفريسة مخدرة بوهم الثراء
- -الفرح- رؤية انهزامية وتوسل لواقعية مزيفة
- -الغرباء- سؤال الهوية المهددة من الذات والاخر
- صيف الصحراء:استدعاء ماضوي يمزج المدح بالبداوة
- يوليو2009: عن اي ثورة نتحدث؟!
- جوته والشربيني .. خيارا التواصل والقطيعة
- - احكي يا شهر زاد -:اختزال الحياة في امراة حمل ورجل ذئب
- مروة الشربيني .. خطاب الايدلوجية الدينية والتحريض الاعمى
- -حكايات عادية- تضع المصريين أمام مرآة الذات والآخر
- حين تذكرنا السينما ب -جدار الفصل الصهيوني- الذي نسيناه
- -متعة اوربية- للمصريين على ايقاع -الزجاجات الفارغة-
- اوباما الذي يخدع الاغبياء العرب ويجدد الولاء الامريكي للصهيو ...
- نكبة العرب الثانية: نقد الذات واستعادة المفقود
- باكستان والمعارضة المصرية.. نجاح هناك واخفاق هنا


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود عبد الرحيم - اللاعبون بالنار ولو ذهبت مصر للجحيم