أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهاء البطاح - عندما انتحر..تعتدل الدنيا ج 3















المزيد.....

عندما انتحر..تعتدل الدنيا ج 3


بهاء البطاح

الحوار المتمدن-العدد: 2836 - 2009 / 11 / 21 - 02:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(3)
وما زلنا نتكلم بشأن ديمقراطية الإله، فلا بأس من أن نعرج على بعض ملابسات هذا الموضوع فيما يتعلق بنظام الحكم فنقول:
إنَّ أهل العلم والمعــرفة هم مـــن ينبغي أن يسود المجتمعات ويتسنم مناصب الحكم، بمعنى أنهم: هم الذي ينبغي أن يقرر كيفية نظام الحكم للمجتمع وفق استعدادات المجتمع الذاتية والأرضية المتوفرة والقابلية الموجودة فعلاً، فليس بالضرورة أن يُـحكِّموا نظاماً بعينه دينياً كان أو علمانياً أو غيرهما.
لأن أهل العلم والمعرفة ليس همهم تحكيم نظام معين وفرضه قسراً علىٰ المجتمع، وإنما همهم ينصرف إلىٰ ما يلائم المجتمع ويصلح به أمره وتُصان به حقوقه ويوفر له الأمن والإستقرار.
إن الأنظمة علىٰ هذا الأساس لا أفضلية لبعضها علىٰ البعض الآخر فليس النظام الديمقراطي أفضل من النظام الديني ولا النظام الديني أفضل من النظام الديمقراطي أو العلماني، وليس النظام الفردي أفضل من النظام الديمقراطي أو العلماني، كما أن النظام الديمقراطي ليس أفضل من النظام الفردي، ولا النظام الإقتصادي الإشتراكي أفضل من الإقطاعي أو الرأسمالي ولا هــذا الأخير أفضل ممن سبقه أو لحقه، وبجملة واحدة فإن الأنظمة علىٰ تنوعها وكثرتها لا حظَّ لِأحدها في الأفضلية علىٰ الآخر.
إن النظام ينبغي أن يتمخض عن المجتمع بما يفرضه واقع ونوعية ثقافته وأعرافه وقناعاته التاريخية والمعاصرة وخبراته الذاتية والمكتسبة وكذلك ديانته ومدىٰ نسبة التزامه الفعلي بمفاهيمها وايمانه بمبادئها، وغير ذلك مما يؤمن به وينساق إليه تلقائياً حتىٰ وإن غاب ما نطلق عليه بالقانون.
إن النظام الديمقراطي حيث يعتبره الكثير علىٰ أنه النظام الأفضل الذي يجب أن يسود المجتمعات، هو بحد ذاته ليس كذلك باعتبارات عديدة ، بل هو في حقيقته بمثابة مسوغ خطير للفوضىٰ ونشوب النزاعات والعنف، فإنك ترىٰ علىٰ الأقل ما يحصل في معظم برلمانات الدول ما يحدث من نزاعات ومشاجرات ومهاترات تصل إلىٰ حد التراشق بالألفاظ المقذعة والاعتداء علىٰ الكرامات وخروج عن التوازن وحدود الأخلاق، بل الأمر يصل إلىٰ حد التشابك بالأيدي والضرب باليد والأقداح والقناني وسائرها، وترىٰ الفوضىٰ والتهديدات بالقتل وترىٰ السلوك الحيواني بأحقر صوره وأحط مستوياته، وكما ترى ذلك في البرلمانات فإن الأمر لا يتوقف عندها بل ينسحب على كثير من المظاهر الهمجية مثل التنافس الذي يؤدي إلىٰ النزاعات التي تحصل بين الأحزاب والجماعات والأفــراد والتي تصل الى حد إلــغاء الآخر، بل إلغاء وجـــود الآخر جسدياً، وهنا تجد أن المنافسة تقوم على أساس نيل المناصب وتحقيق طموحات شخصية أو حزبية أو غيرها من خلال المنصب، وليس على أساس تقديم خدمة أفضل للإنسان من خلال المنصب.
إن تعدد الرؤىٰ واختلاف وجهات النظر وكثرة الآراء وزحام بل تزاحم الإرادات والطموحات وسواها يؤدي إلىٰ التصادم ونشوء الأحقاد والعداوات، ولا يمكن أن يرقىٰ أحد تلك الآراء للتصويب تلقائياً لصوابيته بل إذا ما ساد وارتقىٰ فإنه سيخلف ضحايا وامتهان حقوق.
وعلىٰ ما سبق فإن التعبئة الثقافية، بل التعبئة الشاملة لنظام معين يجب أن تسبق تطبيق النظام.
فالنظام الديمقراطي مثلاً يحتاج الى نضوج ثقافي وفكري وديني وسياسي واجتماعي، وترفع ولو نسبي عن الذات الشخصية او الشخصانية او الانتمائية على مستوى التعصب الديني والطائفي والمذهبي والعرقي وغير ذلك وحتى التاريخي اذا استيفد منه عكس ذلك الترفع من حيث تأكيد الديني والطائفي والمذهبي والعرقي والسياسي وغير ذلك. فمقتضيات النظام الديمقراطي مثلاً تشكل خطورة وضرراً بالغاً علىٰ المجتمع إذا لم تسبقه تعبئة ثقافية بهذا الخصوص، تؤدي إلىٰ حصول قناعات لدىٰ المجتمع في قبول الرأي المضاد واحترام وجهة النظر الأُخرىٰ، والتسليم إلىٰ رأي الأكثرية وما إلىٰ ذلك مــن مقتضيات النــظام الديمقراطي، وكذلك بالنسبة إلىٰ باقي الأنظمة دون استثناء.
إن النظام الذي ينبغي أن يسود المجتمع يجب أن يتناسب مع التركيبة الإجتماعية ثقافياً ودينياً وعرفياً وغير ذلك، ويجب أن يتمخض عنها وينشأ من أرضيتها.
إن الغرض من تطبيق نظام حكم معين هو أن يستقيم وضع الأُمة، ولا يهم بعد ذلك نوع النظام، فإذا استقامت أُمور الأُمة تحت الحكم الفردي ونالت حقوقها في ابداء الرأي دون قمع، وحرية التعبير والإعلام وغيرها من حقوق الإنسانعلى كافة المستويات، فإن الغرض قد تحقق، ولا يهم بعد ذلك إن كان شكل الحكم فرديا.
من هنا فإن أهل المعرفة هم من يستطيعون أن يلتفتوا إلىٰ ذلك وتقدير حالة المجتمع وتقرير النظام الذي يلائمه.
وكذلك هم الأنسب والأقدر علىٰ التعبئة الثقافية ونوعيتها وتقدير نجاحها من عدمه.
بينما كل ذلك لا تجده عنـد الســـياسيين أو الدينيين أو أصحاب الإيديولوجيات، لأنهم لا مراعاة عندهم لحالة المجتمع، بل إن هدفهم الوحيد هو فرض متبنياتهم علىٰ المجتمعات قسراً ولو بالحديد والنار، فليس من شغلهم مراعاة مصلحة المجتمع، بل همهم الأساسي يتمحور في تطبيق مبتغياتهم السياسية أو الدينية أو الإيدلوجية أو الاقتصادية أو غير ذلك مما يتبنون ويبغون فرضه علىٰ المجتمع ولو قسراً وقهرا.
وهذا السلوك هو حالة من التطرف يأتي بسبب انعدام أو قلة أو تشوه العلم والمعرفة.
بينما أهل العلم والمعرفة القويمة لا تجد عندهم هذا النوع من التطرف، نعم ربما يتطرفون للعلم والمعرفة وهذا أمر محمود يصب في خدمة المجتمع ويحقق له أغراضه الإنسانية بما يمليه الحق الإنساني بوازع من العلم والمعرفة.
كما أن العلماء وأهل المعرفة لا يقرون الجمود علىٰ نظام واحد، بل ينظرون في المستجدات فيأخذونها بالإعتبار فيميلون إلىٰ تطوير النظام أو تغييره، بعضه أو كله حسب الإقتضاء الذي تفرضه المرحلة والحالة الثقافية والإجتماعية والإقتصـــادية وغيرها، ثم يتم بعد ذلك تعريف المجتمع بذلك لكي يختار ما يراه.
وهذا الكلام ليس بدعاً من القول فهذا التاريخ يحدثنا عن الإغريق والرومان وكيف تنقلوا من نظام إلىٰ نظام حتىٰ انتهوا إلىٰ النظام الديمقراطي وحكم الشعب المباشر، فلما بدىٰ لهم استحالة أو صعوبة تطبيق حكم الشعب المباشر بسبب الكثرة الكاثرة والفوضىٰ الحاصلة بسبب الكثرة جنحوا إلىٰ حكم الشعب النيابي (البرلمان) ولو قُدِّر بقاؤهم فلربما انتقلوا إلىٰ نظام حكم آخر حيث أحسوا أن هذا النظام لا يخلو من فوضوية في بعض مظاهره حتىٰ قال أحد فلاسفتهم: (ليس بعد النظام الديمقراطي إلا الفوضىٰ ) مـن هنا فإنهم لو قُدِّر لدولتهم البقاء لتحولوا إلىٰ نظام أكثر اعتدالاً، ولكن دولتهم انتهت من حيث زمام الأمر الذي كان بيد علمائهم وفلاسفتهم وأهل المعرفة منهم، أما اليوم فلقد انتهت منزلة العلماء وفقدوا سلطتهم في ذلك، وتحول الأمر برمته إلىٰ السياسيين وفقد الشعب فرص الإختيار، أو قُل حق اختيار نظام الحكم، بل لعلَّ انعدام البدائل الأمثل لانعدام دور أهل العلم والمعرفة صار سبباً لفقدان إمكانية ابتكار البدائل الناجعة مما ضيَّع فرص الإختيار.
إن الأنظمة القائمة في عصرنا لم تكن اختيارية، بمعنىٰ أنها لم تقم علىٰ أساس اختيار المجتمعات، وإنما المجتمعات وجدت نفسها محكومة بنظام معين، ويجب عليها أن تنصاع إليه طوعا أو كرهاً.
فالمجتمعات لم تُستفتَ في نظام حكمها، اللهم ربي سوىٰ ما شهدته بنفسي في إيران حيث تم استفتاء عام في اختيار نوع نظام الحكم عبر صناديق الإقتراع فاختار الشعب الإيراني النظام الإسلامي وقتها.
حدث ذلك بالرغم من أن مقاليد الأُمور كانت بيد رجال الدين المسلمين وعلىٰ رأسهم قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد الخميني الذي قام بثورته المعروفة ضد نظام الشاه الملكي المتوارث وأطاح به.
إن قائد هذه الثورة ومفجرها الخميني هو الذي أمر بلزوم استفتاء الشعب في اختيار نظام الحكم الذي يرغب فيه، بينما الحالة المعتادة من حيث السائد لا تحتم ذلك، فهو الذي قــام بتفجير ثورة إسلامية، لذا ينبغي أن يكون نظام الحكم إسلامياً، ولكن هذا - وفق علم ومعرفة آية الله الخميني - يُعد تجاوزاً علىٰ حقوق المجتمع، فلا ينبغي فرض نظامه الذي يؤمن به هو علىٰ المجتمع، بل إن علمه القويم ومعرفته النزيهة المستفيضة يفرضان عليه الرجوع إلىٰ المجتمع، لأن نظام حكم المجتمع أمر يتعلق بالمجتمع لذا فالمجتمع هو من يجب أن يختار النظام الذي يريد.
-------------- يتبع ج4
*مؤسس ومشرف مؤسسة انكيدو الثقافيه الحره






#بهاء_البطاح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهاء البطاح - عندما انتحر..تعتدل الدنيا ج 3