حسن الناصر
الحوار المتمدن-العدد: 2835 - 2009 / 11 / 20 - 19:49
المحور:
كتابات ساخرة
معادلة لست اول من فك رموزها بل سبقني الكثير واغرب مافي الموضوع ان العراق ابتدع ظاهرة منذ انقلاب البعث عام 1968 وحتى هذه الساعة مفادها تصدي سقط الناس ونكراتهم لمواقع السلطة المتقدمة مقارنة مع جميع امم الارض التي تختار برلمانيها واعضاء حكوماتها من صفوة المجتمع في الجانب العلمي او في الخبرة الادارية ولا يرد في خاطري ان العراق سينجو من هذا العرف المتأسس لعقود قادمة .
يتحجج البعض بان المحاصصة كانت سبباً لهذا التردي السياسي وهو طرح لا يثبت امام التفنيد لان لو سلمنا بهكذا امر وهو ليس غريباً على دول اخرى خاضت هكذا تجربة في بدايات تذوقها للديمقراطية فلم كان الاختيار بالاساس على هؤلاء وجلهم لا يمتلك مؤهل علمي او دراية سياسية بل البعض منهم ذو ماضي جنائي واخلاقي سيئ ؟.
يمتاز الفرد العربي بشكل عام والعراقي بشكل خاص بهوس غير معقول في السلطة حتى قال شاعرهم :
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا
فقلت له لا تبك عينك إنما نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا
فكم من نفس أُزهِقت امام كرسي السلطان وكم من شقيق او قريب قُتل في تنافسٍ محموم على الملك , والبارز في الموضوع انه كلما كان الفرد المتصدي متدني المنزلة كلما زاد كلبه على السلطة أكثر فهو يجد السلطة تشريف وليس تكليف وامتياز وليس عبئ في حين تمتاز الشخصية الغربية بشكل عام الى الميل لحياة البساطة دون تكلف بل يصل الأمر لأحد الشخصيات السياسية في اسكندنافيا ان يرفض منصب رئاسة الوزراء لرغبته في التفرغ لتربية ابنه .
ان العالم اتجه منذ عقود الى التخصص بل نجد الان ضمن الاختصاص الواحد فروع كثيرة لايلم بها العقل البشري مهما تعاظمت ملكاته وكما مهنة القضاء والطب والهندسة والجيش والاستخبارات وباقي المهن لها مختصين نجد الحقل السياسي له مريدين ايضاً لكن ان نجد عناوين ضحلة تتصدى للعمل النيابي والحكومي فهذا ما لا نعرفه وهو بالمحصلة اوجد حالة شلل في العمل الاداري التنفيذي وفي التشريع القانوني فبرلماننا متخم بعناصر أرهابية اجرامية تساقط البعض ومازال البعض الآخر كامن بعد ان خمل ذكره وتنحى عن بريق الاضواء وتصريحات الاعلام , كما تجد نساء قد امتهنَّ فيما سبق السمسرة (الدلالة) في بيع الاجهزة والمواد الغذائية المقرصنة من الاسواق المركزية اما صنف المضمدين فمنهم الكثير ولله الحمد وقد اشرنا لبعضهم في مقالات سابقة , الا اني لم اكن ادرك بان البرلمان يحوي في طياته (كيشوانية) الى ان رأيت احدهم يتجول في أجنحة مجلس النواب مرتدياً زيه الرسمي السابق .
لست في هذا الطرح اغض من مقام اية مهنة اذا كانت شريفة وغير مخالفة للقوانين والاعراف لكني استهجن مسألة القفز على الآخرين وادعاء المعرفة وتزوير الشهادات وقضم الامتيازات دون عطاء او جهد يبذل . وامام ظاهرة الامتيازات بالذات وهي الحالة التي ادمت قلوب العراقيين فالمفروض وامام هذه الظاهرة ان يسائل اعضاء الحكومة والبرلمان الان او في المستقبل عن الغنى الفاحش الذي اصابهم والذي يشجبه القانون تحت بند (الاثراء بلا سبب) الذي يوجب المسائلة . كما يتحتم استيفاء الضرائب عن مجمل الرواتب والمنح التي تقاضاها رموز السلطة الحالية وهذا هدف باعتقادي يسمو على اهداف اخرى تكون من صلب واجبات الحكومات والبرلمانات القادمة .
ان بزوغ الحضارات للعالم المتمدن حدث وفق مسارين الاول كان وعي جمعي انساق له عامة الشعب نتيجة كتابات المفكرين والمثقفين انتج بالمحصلة ضغطاً جباراً تجاه حكومات مستبدة لتغيير نهجها ولمنح الحقوق والحريات لافراد الشعب وهذا بدوره اوجد الكثير من الحكومات الملكية المقيدة التي مازالت حتى الان في اوربا اما النوع الثاني فهو بروز حكام وقادة افذاذ وذوي بصيرة قادوا بلدانهم الى سلم المجد والازدهار وخير مثال على ذلك ما حدث في الولايات المتحدة على يد الرئيس الاول جورج واشنطن او رؤساء آخرين كان دورهم بارز في عجلة التقدم منهم ابراهام لنكولن محرر العبيد في اميركا. وملخص الطرح ان الحكومات الجيدة قد تكون نتيجة او تكون سبباً لوعي الناس وتحضر البلدان ورفاهية الشعوب ... فاين نضع العراق وفي أي مسار متجه ؟
اتسائل احياناً واعجز عن ادراك سر خنوع الكثير من ابناء الشعب تجاه الظلم والفساد المستشري في اوصال الحكومة وسر ذئبنة أولي الشأن للمال العام المسفوح أمام أعتاب مكاتبهم الوردية والادهى انهم يطمحون تسنم اربع سنوات قادمة للحكم بعد ان تلونوا وتغيرت خطاباتهم فالاسلامي اصبح علماني والارهابي ينادي باحترام الديمقراطية والعلماني يتحالف مع قائمة طائفية وظواهر أخرى يشيب لها الرضيع , فقد نسمع أحيانا عن حكومات تستقيل في اوربا او في دول اسيوية بعد ان تعلن فشل مشروعها السياسي لكن هكذا منحى لايحدث لسياسيي العراق الذين يتسمرون على كراسي الحكم فالسياسي الفاشل يحاول اعادة الكرة لا لشئ الا لانه ذاق طعم وطراوة السلطة .
ان ديمقراطية كسيحة تقودها عناصر جاهلة لاتبني اوطاناً انما هي معاول هدم في كل شئ واولها الانسان , لذا يتحتم على الناخب ان لايُخدع في هذه الانتخابات كونه سيخون الاجيال القادمة التي ستلعننا جميعا بالتأكيد لما ستنوء به من تركة ثقيلة من الفوضى والارباك , فيجب على الجميع اختيار صفوة الناس بعيداً عن التوجه الديني او العشائري والاهم من كل ذلك الابتعاد عن اغلب رموز هذه الفترة كونهم ساهموا بصورة مباشرة وغير مباشرة الى ما وصل اليه حال الناس .
ملاحظة : اعتذر لبعض الاخوة الاعزاء الذين يراسلوني على البريد الالكتروني كوني لا استطيع الرد عليهم بسبب تعرضه للسرقة والقرصنة بعد كتابة مقالي السابق مباشرة والذي كان بعنوان (المضمد الركن وتداعيات الوضع الامني ) وقد استعدته مؤخرا ـ ولله الحمد ـ وتبين لي بان السيد المضمد له قراصنة (هكرية) في سرقة الاميلات يعتمد عليهم في مناوشة الكتاب الذين يتناولون فضائحه المخزية لكونه بداهة لا يمتلك قدرة على فعل ذلك بشكل شخصي فهو لا يستطيع التمييز مابين (الوورد والاكسل) لكنه يمتلك قدرة الفرز ما بين الفجل الابيض والاحمر لأنه بائع خضرة سابق واقول له من هذا الموقع والله لن نغمد اقلامنا قبل ان نعريكم ولن نهدء قبل ان نجد مطرقة القضاء تفصل في كل ما سرقتموه من اموال الشعب العراقي ...فاسعى سعيك وناصب جهدك .
#حسن_الناصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟