أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رياض الحبيّب - تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي 20















المزيد.....

تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي 20


رياض الحبيّب

الحوار المتمدن-العدد: 2835 - 2009 / 11 / 20 - 06:46
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


{وكذلك قوله في سورة الرعد: 8 (وكلّ شيء عنده بمقدار) الضمير عائد إلى الله المتقدم ذكره في الآية ولا يستطيع أحد أن يصف الطبيعة بأحسن من هذا الكلام ولا أبلغ. فكل ما في الكون من الأشياء المختلفة لا يتميّز بعضها من بعض إلا بمقادير العناصر المُكوّنة لها والكائنة في تركيبها} انتهى – نهاية الصفحة 615 في كتاب “الشخصيّة المُحَمّديّة” لمؤلّفه أديب العراق الكبير معروف الرصافي*

هنا من سورة الرعد الآية التي فسّر الرصافي مقطعها الأخير:
الله يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار (٨)

وهنا مقتطفات ممّا ورد في كتب المفسّرين:
* الطبري- (وكل شيئ عنده بمقدار) لَا يُجَاوِز شيء مِنْ قـَدْره عَنْ تقدِيره، وَلَا يَقْصُر أَمْر أَرَادَهُ فدَبَّرَهُ عَنْ تدْبيره، كمَا لا يَزداد حَمْل أُنْثى عَلَى مَا قـُدِّرَ لَهُ مِنْ الْحَمْل، وَلَا يَقْصُر عَمَّا حَدّ لَهُ مِنْ الْقَدْر وَالْمِقْدَار، مِفْعَال مِنْ الْقَدْر... 15333 - حَدَّثَنَا بـِشْر عَنْ قـَتادَة قوْله: (وَكُلّ شَيْء عِنْده بـِمِقْدَارٍ) إِي وَالله، لَقدْ حَفِظَ عَلَيْهِمْ رِزْقهمْ وَآجَالهمْ، وَجَعَلَ لَهُمْ أجَلًا مَعْلُومًا. وعَنْ قـَتادَة [أيضاً] قالَ: كانَ الْحَسَن يَقول: الْغـَيْضُوضَة أنْ تضَع الْمَرْأَة لِسِتّةِ أَشْهُر أَوْ لِسَبْعَةِ أَشْهُر، أَوْ لِمَا دُونَ الْحَدّ. قالَ (قتادة) وَأَمَّا الزِّيَادَة، فمَا زَادَ عَلَى تِسْعَة أَشْهُر.

* القرطبي- يَعْنِي مِن النُّقصَان وَالزِّيادة. وَيُقال: “بمِقدارٍ” قـَدْر خُرُوج الْوَلد مِنْ بَطْن أُمّه، وَقَدْر مُكْثه فِي بَطْنهَا إلَى خُرُوجه. وَالْمِقْدَار الْقـَدْر؛ وَعُمُوم الْآيَة يَتناوَل كُلّ ذَلِك، وَاَللَّه سُبْحَانه أَعْلَم. قلتُ- أي [قال القرطبي] هَذِهِ الْآيَة تـَمَدَّحَ اللَّه سُبْحَانه وَتعَالَى بهَا بأَنَّهُ “عَالِم الْغـَيْب وَالشَّهَادَة”

تعليقي: هل يحتاج الله إلى أنْ يتمَدَّحَ بشيء ما؟! إنما الإنسان مَنْ يتمدّح بنفسه ويعتدّ ويتفاخر. وهل يُعْقـَل تالياً وجود صعوبة في التمييز لدى فقيه- كالقرطبي- بين صفات الله وصفات الإنسان؟ وبالمناسبة، لقد ترفـّعتُ عن كتابة جميع الأحاديث التي نقلَ القرطبي في خضمّ تفسيره لآية سورة الرعد: 8 ككل لأنها تنافي العلوم الطبّيّة- فمن شاء فليقرأ هناك عن مقدار مدّة الحَمْل، لذا سأكتفي منها بما يأتي ممّا ورد في معرض تفسيره:
1 وَاختلَفَ الْعُلَمَاء فِي أكْثر الْحَمْل، فرَوَى اِبْن جُرَيْج عَنْ جَمِيلَة بنْت سَعْد عَنْ عَائِشة قالتْ: يَكُون الْحَمْل أكْثر مِنْ سَنتيْنِ قدْر مَا يَتحَوَّل ظِلّ الْمِغْزَل؛ ذكرَهُ الدَّارَقـُطْنِيّ.
2 رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ عَن الْوَلِيد بْن مُسْلِم قالَ: قلْت لِمَالِك بْن أَنـَس إِنِّي حُدِّثْت عَنْ عَائِشة أنَّها قَالتْ: لَا تزِيد الْمَرْأَة فِي حَمْلهَا عَلَى سَنتيْنِ قَدْر ظِلّ الْمِغْزَل، فقالَ: سُبْحَان اللَّه! مَنْ يَقول هَذا؟! هَذِهِ جَارَتنا اِمْرَأَة مُحَمَّد بْن عَجْلَان، تحْمِل وَتضَع فِي أَرْبَع سِنِين، اِمْرَأَة صِدْق، وَزَوْجهَا رَجُل صِدْق؛ حَمَلَتْ ثلَاثة أَبْطُن فِي اِثنتيْ عَشْرَة سَنة، تحْمِل كُلّ بَطْن أَرْبَع سنين. وَذكَرَهُ عَن الْمُبَارَك بْن مُجَاهِد قالَ: مَشْهُور عِنْدنَا كانت اِمْرَأَة مُحَمَّد بْن عَجْلَان تحْمِل وَتضَع فِي أَرْبَع سِنِين، وَكانتْ تُسَمَّى حَامِلَة الْفِيل.
3 في هذه الآية دليل على أن الحامل تحيض، وهو مذهب مَالِك وَالشَّافِعِيّ في أحد قوليه. وقال عَطَاء وَالشَّعْبيّ وغيرهما: لا تحيض؛ وبه قال أبو حنيفة؛ ودليله الآية. قال ابن عباس في تأويلها: إنه حيض الحبالى، وكذلك رُوي عن عِكْرِمَة وَمُجَاهِد؛ وهو قول عائشة، وأنها كانت تفتي النساء الحوامل إذا حِضْن أن يتركن الصلاة؛ والصحابة إذ ذاك متوافرون، ولم ينكر منهم أحد عليها، فصار كالإجماع؛ قاله اِبْن الْقـَصَّار. وَذ ُكِرَ أَنَّ رَجُلَيْنِ، تنازعا ولداً، فترافعا إلى عُمَر (رض) فَعَرَضَهُ عَلَى الْقافـَة، فألحقه القافة بهما، فَعَلَاهُ عُمَر بالدِّرَّةِ، وسأل نسوة من قريش فقال: انظرن ما شأن هذا الولد؟ فقـُلن: إنّ الأوّل خلا بها وخلّاها، فحاضتْ على الحَمْل، فظنت أنّ عِدَّتهَا اِنْقَضَتْ؛ فدخل بها الثاني، فانتعش الولد بماء الثاني؛ فقال عُمَر: الله أكبر! وألحقه بالأول، ولمْ يقلْ إن الحامل لا تحيض، ولا قال ذلك أحد من الصحابة؛ فدلّ أنه إجماع، والله أعلم. واحتجّ المُخالف بأنْ قال لو كانت الحامل تحيض وكان ما تراه المرأة من الدم حيضاً لما صَحَّ اِسْتِبْرَاء الْأَمَة بحَيْضٍ؛ وهو إجماع ورُوي عن مَالِك فِي كِتاب مُحَمَّد ما يقتضي أنه ليس بحَيض.

* إبن كثير- وفي الحديث الصحيح أنّ إحدى بنات النبيّ ص بعثت إليه أنّ ابناً لها في الموت وأنها تُحِبّ أنْ يَحْضُرهُ فبعث إليها يقول (إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخـَذ وله ما أعطى وكلّ شيء عنده بأجَل مُسمّى فمُرُوها فلْتـَصْبـِرْ وَلْتـَحْتـَسِبْ) الحديث بتمامه. قال البخاري حدّثنا إبراهيم بن المنذر... عن ابن عُمَر أنّ رسول الله ص قال (مفاتيح الغيب خمس [والصواب: خمسة لأنّ “مفتاح” مُذكّر- الكاتب] لا يعلمُهنّ إلّا الله لا يعلم ما في غدٍ إلّا الله ولا يعلم ما تـَغِيض الْأَرْحَام إلّا الله ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلّا الله ولا تدري نفس بأيّ أرض تموت ولا يعلم متى تقوم الساعة إلّا الله) وقال عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عن ابن عباس "وَمَا تـَغِيض الْأَرْحَام" يعني السِّقـْط "وما تزداد" يقول ما زادت الرحم في الحمل على ما غاضت حتى ولدته تماماً وذلك أنّ مِن النساء مَن تحمل عشرة أشهر ومَن تحمل تسعة أشهر ومنهنّ من تزيد في الحمل ومنهنّ من تنقص فذلك الْغـَيْض والزيادة التي ذكر الله تعالى وكلّ ذلك بعلمه تعالى. وقال الضَّحَّاك عن ابن عباس في قوله "وما تغيض الأرحام وما تزداد" قال ما نقصتْ عن تسعة وما زاد عليها وقال الضّحّاك [والحديث مرويّ في تفسيرَي الطبري والقرطبي] وضعَتـْني أمّي وقد حملتني في بطنها سنتين وولدتني وقد نبَتتْ ثـَنِيَّتِي.

* تفسير الجلالين- "وكُلّ شيْء عِنْده بمِقدار" بقـَدَرٍ وَحَدٍّ لَا يَتجَاوَزهُ.

---------------------

أمّا بعد هذه الأحاديث؛
1 فلا يحتاج إنسان إلى أقوال مؤلّف القرآن في الأخذ والعطاء والأجَل والغـَيب- ممّا ورد في تفسير ابن كثير- فمعلوم لدى أصحاب الديانات التوحيديّة ما قبل الإسلام أنّ مرجع كلّ شيء لله وأنّ الله عَلّام الغيوب وأنه لا يخفى عليه شيء وأنه قادر على كلّ شيء... إلخ والأمثلة كثيرة في التراث العربي وغير العربي ولا سيّما في أدب الحقبة المسمّاة بالجاهلية والتي ضمّت أعلاماً من شعراء اليمن من كندة ومذحج وطـَيء ومن شعراء نجد والحجاز والعراق من ربيعة وتغلب وقضاعة وأياد وتميم ومزينة وأسد وكنانة وعدوان وذبيان... إلخ- راجعْ لطفاً كتاب “شعراء النصرانية قبل الإسلام” تأليف: لويس شيخو اليسوعي- فلم يأتِ محمّد بأيّ شيء جديد ولا مُفيد. لكني سأركّز في إطار بحثي على المقطع (وكُلّ شيْء عِنْده بمِقدار) الذي خصّه الرصافي بالذكر على أنه في الذروة العليا من البلاغة في القرآن لأتحرّى عن معناه سواء لدى سامعه وقارئه ولأرى درجة أهميته.

2 لذا سأعتبر من جهة ما أني وعائلتي قرّرنا ذات ليلة أن نتعشـّى في مطعم دلّت الشائعات على أنّه من الدرجة الأولى، تلبية لدعوة ما. فذهبْنا وجلسْنا إلى مائدة وطلبْنا خمسة أطباق من الشاورما (الگصّ باللهجة العراقيّة) فقدّم المُسْتضِيف- صاحب الدعوة- قائمة بثلاثة أصناف من اللحم الذي تـُقصّ منه طبقاتُ الشاورما: الخروف والبقر والدجاج. لكنّي سألتُ المستضيف: أيّ الأصناف يحوي نسبة من الملح هي الأقلّ؟ وسألته زوجتي: أيّ الأصناف طازج أكثر من غيره؟ وسألت ابنتنا: أيّهم يحوي من الدهون أقلّ ما يمكن؟ وسأل ابننا الأكبر: أيّ منها ذو سعرات حرارية معتدلة؟ أمّا الإبن الأصغر فتساءل: أيّ الأصناف مهما تأكلْ منه تشبع وتبقَ العين جَوعَى؟ قال المستضيف: كلّ شيء عند الطبّاخ بمقدار! وبدلاً من أنْ يقوم بواجب الضيافة فيذهب ليسأل الطبّاخ، على أنّ لديه أجوبة مُقـْنِعة، قال: (لا تسألوا عن أشياء) في مطعمنا ولا عن مقادير لأنها (إنْ تـُبْدَ لكم تسُؤكُم) فقلتُ ونحن نهـِمّ بمغادرة المطعم: أيّها السيد المحترم، لعمري أنّ جوابك لا يُقنع اٌبن أنثى! ثمّ قام بطردنا من المطعم معتبراً إيّانا إمّا كاذبين أو منافقين أو جواسيسَ أو ساخرين... إلخ! وهنا بالمناسبة آيات قرآنية متسلسلة من سورة المائدة التي أتيت على ذكر مقطعين من آيتها المرقمة 101 وطالما سألت بها الأخ المسلم والأخت المسلمة ولا أزال: على أيّ أساس قد بنيت إيمانك؟
اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم (٩٨)
ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون (٩٩)
قل لا يستوي الخبيث والطيّب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون (١٠٠)
يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم (١٠١)
قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين (١٠٢)
ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون (١٠٣)
وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون (١٠٤)
فما جدوى ما تقدّم من إنشاء وما درجة المصداقيّة فيه وما الحكمة، بل ما جدوى القرآن كلّه؟ علماً أنّ “المائدة” من أواخر ما تلا مؤلّف القرآن والتي وجدتُ الغريب فيها والعجيب سواء في أساجيعها أو في كتب التفسير- تفسير ابن كثير مثالاً- ابتداءً بآيتها الأولى. بل قلتُ: ليت المعترض-ة (من المتخصّصين) يتشجّع فيكتب مقالة عن فائدة واحدة- فقط لا غير- أتى بها القرآن للبشر ما لم يسبق ذكرها في كتب سابقة شعرية أو نثرية أو دينية. وأعِد الكاتب المعنيّ مُخلصاً بالرّدّ على مقالته.

3 لكنّي أشيد بالمناسبة عينها ببيت طرَفة بن العبد (أحد شعراء المعلّقات) بقوله في معلقته الخالدة- وهي من بحر الطويل:
إِذا القوْمُ قالُوا مَنْ فتىً خِلْتُ أنَّنِي *** عُنِيْتُ فَلَمْ أَكْسَلْ وَلَمْ أَتَبَلَّدِ
- قال مطاع صفدي و إيليا حاوي- في شرح البيت: إذا القوم قالوا مَنْ فتىً يكفي همّاً أو يدفع شرّاً؟ خلتُ أنني المُراد بقولهم فلم أكْسَل في كفاية الهمّ ودفع الشرّ، ولم أتبلّد فيهما. والصورة بالغة الحماسة في النداء والاستجابة. - مجلّد 2 صفحة 399
وتعليقي على الوصف (بالغة الحماسة في النداء والاستجابة لدى الشاعر) هو: هل كان مؤلّف القرآن متحمّساً لإرضاء مُعارضيه ومُستجيباً لأسئلتهم وملتزماً- في جميع السّـُوَر- مع مؤيّديه ومُخالفيه معاً بإيصال المعنى واضحاً لا لبس فيه ولا يتيه به أهل التأويل ولا يختلف؟ فليس من البلاغة اختلافٌ على كلام منسوب إلى السماء، إلّا ما كان ربّ السماء غامضاً ولا احترام عنده للعقول!

ومن اللافت عندي في المُعَلّقة:
وَلَوْلاَ ثلاثٌ هُنَّ مِنْ عِيشَةِ الفتى *** وَجَدِّكَ لَمْ أَحْفِلْ مَتى قامَ عُوَّدِي
- شرح صفدي وحاوي: فلولا حبّي ثلاث خصال، هُنّ من لذّة الفتى الكريم، لم أُبالِ متى قام عُوّدي من عندي آيسين من حياتي، أي لم أبال متى متَ. مج 2 ص 402
تعليقي: لقد أوجز طرَفة تلكم الخصال بعد قوله (وَلَوْلاَ ثلاثٌ هُنَّ مِنْ عِيشَةِ الفتى) بوضوح وبساطة (بالنسبة إلى مفاهيم تلك الحقبة من الزمن) إذ ذكرها مُفصّلة واحدة تلو أخرى ولم يتركها مُبهَمَة لتحتمل الإجتهاد. فالجدير ذكره عن بلاغة معلّقته وسائر المعلّقات- وهي في الذروة العليا من البلاغة بشهادة أهل الأدب- هو ندرة الإختلاف على معاني الأبيات. وهنا الخصال:
فمِنْهُنَّ سَبْقِي العَاذِلاتِ بِشَرْبَةٍ *** كُمَيْتٍ مَتى مَا تُعْلَ بالمَاءِ تـُزْبـِدِ
- شرح صفدي وحاوي: إحدى تلك الخلال أني أسبق لوم العواذل بشربة من الخمر، حمراء اللّون، متى صُبّ الماء عليها، أَزبَدَتْ، يريد أنه يباكر شرب الخمر، قبل انتباه العواذل، كأن اجتراع اللّذة لا يكون إلّا اقتناصاً. - مج 2 ص 402
وَكَرِّي إذا نادَى المُضَافُ مُحَنَّباً *** كَسِيدِ الغـَضَا نبَّهْتـَهُ المُتوَرِّدِ
- شرح صفدي وحاوي: يقول أمّا الخـَصلة الثانية فهي إغاثة المستغيث، وإعانة اللاّجئ، أعطف في إغاثته فرسي الذي في يده انحناء كذئب الغضا إثارة الإنسان عند وروده الماء، فراح يعدو بشدة. - المرجع السابق
وتقصِيرُ يَوْمِ الدَّجْنِ والدَّجْنُ مُعْجـِبٌ *** ببَهْكَنـَةٍ تَحْتَ الطّراف المُعَمَّدِ
- شرح صفدي وحاوي: إنه يلجأ، أيام المطر المُضجرة، إلى تقصيرها باللّهو مع المرأة الجميلة المُنَعَّمة، تحت خباء مترف، مرتفع الأعمدة. فيمرّ اليوم سريعاً، قصيراً لما حَفِل به من المُتع. - المرجع المذكور

أمّا البيت التالي فلمْ أجد فيه حَدّاً لكرم هذا الشاعر ولا مقداراً لسخائه والدليل واضح في استعمال أداة الشرط الجازمة التي في مقدّم البيت:
متى تأتِني أصبحْك كأساً رويّة *** وإنْ كنتَ عنها غانياً فاٌغـْن واٌزددِ
[ويُروى “وإنْ تأتِني” من جهة كما رُوي “ذا غِنىً” بدلاً من “غانياً” في مصدر آخر، لكنّ الوزن الشِعْري مستقيم على أيّة حال. وتالياً نلاحظ أنّ “متى” هنا اسم شرط جازم مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بالفعل المجزوم “تأتِ” الذي بعده. أمّا “أصبحْك” ففعل مضارع مجزوم واقع في محلّ جزم جواباً للشرط، والفاعل ضميرٌ مستتر وجوباً تقديره “أنا” والكاف ضمير مُتصل مبنيّ على الفتح في محلّ نصب مفعول به أوّل. كأساً: مفعولٌ به ثانٍ- الكاتب]

4 رأيتُ أخيراً أمثلة فيها استخدام عقلاني لكلمة “مقدار” واضح معناها وهادف في عهدَي الكتاب المقدّس القديم والجديد؛
أوّلاً- العهد القديم
* التوراة: سفر التثنية- الفصل 15
تث-15-7: إنْ كان فيك فقِيرٌ أَحَدٌ من إخوتك في أحد أبوابك في أرضك التي يعطيك الرب إلهك فلا تُقـَسِّ قلبَكَ ولا تقبض يدك عن أخيك الفقير
تث-15-8: بل افتح يدك له وأقرضه مقدار ما يحتاج إليه.

* المزامير- الفصل 39:
مز-39-4: عَرِّفْنِي يَا رَبُّ نِهَايَتِي وَمِقدَارَ أَيَّامِي كَمْ هِيَ فأَعْلَمَ كيْفَ أنا زائِلٌ. [ترجمة فاندايك- هنا ولسائر الأمثلة]

ثانياً- في العهد الجديد
* البشارة بتدوين مَتـّى- الفصل 15
مت-15-33: فقال له تلاميذه: ((من أين لنا في البرية خبز بهذا المقدار حتى يشبع جمعاً هذا عدده؟))

* البشارة بتدوين لـُوقا- الفصل 7
لو-7-9: ولما سمع يسوع هذا تعجب منه، والتفت إلى الجمع الذي يتبعه وقال: ((أقول لكم: لمْ أجدْ ولا في إسرائيل إيماناً بمقدار هذا!))

أعمال الرسل- الفصل 5
أع-5-8: فأجابها بُطرُس: ((قولي لي أبهذا المقدار بعتما الحقل؟)) فقالت: ((نعم بهذا المقدار))

رسالة بولس إلى العبرانيين- الفصل 3
فإِنَّ هَذا قدْ حُسِبَ أهْلاً لِمَجْدٍ أَكْثرَ مِنْ مُوسَى، بمِقدَارِ مَا لِبَانِي الْبَيْتِ مِنْ كرَامَةٍ أكثرَ مِن البَيْت.
_____________________

* توُفـّي الرصافي في ربيع الثاني سنة1364هـ الموافق 16 آذار (مارس) 1945 في بغداد- رحمة الله عليه- وهنا موقع “بوابة الشعراء” لمن يودّ الإطّلاع على ديوان شعره كاملاً- ولمن تودّ:
http://www.poetsgate.com/poet_130.html

* شكراً للأخ عبد العزيز والأخت ماما على التفضّل بالتعليق على الحلقة السابقة وشكراً أيضاً لمن تفضّل-تْ بالتصويت عليها.

* في الحلقة الحادية والعشرين إلقاء ضوء على بلاغة آية الكرسي أي سورة البقرة: 255 وهي من الأمثلة التي رآى الرصافي أنها في الذروة العليا من البلاغة في القرآن، ممّا يأتي قريباً.



#رياض_الحبيّب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي 19
- رُبّ لبْسٍ في حروف الهِجا
- تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي 18
- تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي 17
- تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي 16
- تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي 15
- تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي- 14
- المنهل الطَّيِّب في موجز تعليقات الحبيِّب- سابعاً
- سارة القيس
- تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي- الحلقة 13
- سمفونيّة مريم العذراء
- تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي- الحلقة 12
- سونيتا: سأدّعي النبوّة
- لا نبيّ من نسل إسماعيل- خامساً وأخيراً
- ززز
- لا نبيّ من نسل إسماعيل- رابعاً
- مِنْ وَحْي اٌضطهاد الأقلّيّات
- عاش الزعيم عبد الكريم
- لَا يُفتِ رسولُكَ بالجنّهْ
- لا نبيّ من نسل إسماعيل- ثالثاً


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رياض الحبيّب - تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي 20