أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد عثمان ابراهيم - الناخبون المهاجرون: كيف تختار تكساس للسودان حكامه















المزيد.....

الناخبون المهاجرون: كيف تختار تكساس للسودان حكامه


محمد عثمان ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 2835 - 2009 / 11 / 20 - 06:46
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


متريت، قرية ليس لها ذكر فى العالم ولا حتى فى لبنان حيث تقع. قرية لم تسمع بها سوى قلة من الناس خارج دائرة سكانها الذين يتراوح عددهم بين 180 و200 شخص فقط لا أكثر. بالقرية ما يزيد قليلاً عن العشرين منزلاً ومدرسة مهدمة ومحطة لبيع الوقود ومسجد صغير وكنيستين مارونيتين صغيرتين ايضاً. ليس بالقرية ولا متجر واحد لبيع مواد البقالة ويأتي الناس بإحتياجاتهم من الخبز والطعام والشراب من خارج القرية. في مايو 2004 الماضي أجرت السلطات اللبنانية أول إنتخابات في (متريت) من أجل إختيار مجلس محلي وعمدة للقرية، وعرف العالم للمرة الأولى بأمر ذلك المكان.
سيصبح لأهل متريت مكان تحت الشمس وإدارة محلية وتطلعات مشروعة نحو التنمية والرقي والتقدم وأحلام بالحصول على خدمات الدولة في مكانهم تعليماً وصحة وأمنا. تنافس على منصب عمدة القرية مواطن إسمه سلامة سلامة ومواطنة إسمها يولا عبيد.
إهتم أبناء القرية الصغيرة حول العالم بأمر قريتهم فصمموا على الذهاب إلى هناك والمساهمة في شرف الإستحقاق الإنتخابي الأول. من مدينة سيدني الأسترالية غادر 22 شخصاً تاركين وراءهم أعمالهم وعائلاتهم ومدارسهم ومصالحهم، وكان ضمن هؤلاء وزير أسترالي سابق وبرلماني مخضرم من أصل لبناني. تكفل هؤلاء بدفع قيمة تذاكر السفر التي يبلغ سعر الواحدة منها ما لا يقل عن ألفي دولار ومصاريف الإقامة في تلك القرية النائية وكلفة الغياب عن العمل لكنهم قدروا أن متريت، قريتهم التي في القلب، تستحق.
كان بوسع هؤلاء أن يملأوا مواقع الإنترنت ضجيجاً بأن عددهم يقارب 10% من جملة ناخبي القرية وإن على الحكومة أن تأتي إليهم في منازلهم للحصول على أصواتهم ولوفعلت لكان هذا أوفر للوقت وللجهد وللمال. كان بوسع هؤلاء أن يدبجوا المذكرات لرئيس مفوضيتهم الخاصة بالإنتخابات وللأمم المتحدة ومركز كارتر ومنظمات حقوق الإنسان ..وسيما سمر!
منذ أسابيع يطغى على الساحة السياسية السودانية في المهجر أمر الإنتخابات المقبلة مع فتح مراكز تسجيل الناخبين في أنحاء البلاد ومناطق مختارة من مناطق الحضور السوداني الأكثر كثافة في المهجر. إن الأصرار الذي أبداه الكثير من سودانيي المهجر على التسجيل وعلى ممارسة حق الإنتخاب يستحق التقدير والثناء إذ أنه يشي دون شك بأن الوطن ما يزال حاضراً في وجدان المهاجرين وإن المشاركة في بنائه ما تزال تشغل بال أبنائه الذين شاءت أقدارهم وظروف التاريخ والجغرافية والحرب والسياسة أن يكونوا بعيدين عنه.
خاطب سودانيو كندا مفوضية الإنتخابات مطالبين بالحصول على ثلاثة مطالب محددة على النحو التالي:
• السماح لهم بالتسجيل والتصويت من كندا،
• المرونة في شروط إثبات الجنسية واقترحوا قبول المستندات الرسمية القديمة،
• تيسير عملية التصويت بفتح مراكز في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية والسماح بالإقتراع عن طريق البريد.
وفي الولايات المتحدة أقام نشطاء مهاجرون ملتقى للحوار بالتعاون مع جامعة آيوا أطلقوا عليه إسم (ملتقى آيوا لدعم التحول الديمقراطي والسلام والوحدة الوطنية)، أسفر عن مذكرة وجهت للمفوضية القومية للإنتخابات تطالب بمطالب شبيهة بتلك التي قدمها مهاجرو كندا لكنها تزيد عليها بالمطالبة باعتماد أي وثيقة صادرة عن جهة رسمية سودانية أو شهادة إثنين من المواطنين حاملي الوثائق كمعيار لإستحقاق الشخص للتسجيل كناخب إضافة إلى إعتماد طريقة التسجيل بالبريد المعمول بها في الولايات المتحدة وبلدان أخرى، وتمديد فترة التسجيل حتى نهاية ديسمبر لتمكين المهاجرين المقيمين في كافة الولايات الأمريكية من ممارسة حقهم هذا!
وفي ختام خطابهم أعلن الموقعون على خطاب آيوا عن إستعدادهم لتوفير أماكن للتسجيل ولإقامة موظفي المفوضية الذين يفترض أن يرسلوا إليهم في الدنيا الجديدة، على أن تتكفل المفوضية بتدبير تكاليف السفر لموظفيها الكرام!
حصل مهاجرو كندا على رد رسمي من السفير السوداني في أوتاوا الدكتور الصادق المقلي في صيغة خطاب تم توجيهه لمنظمات الجالية (رقم: س س ك/5/7/189 بتاريخ 26 أكتوبر 2009) أوضح فيه أن سفارته ملزمة باجراء الإقتراع فى البعثات الدبلوماسية فقط، وفقاً لسياسة حكومة البلد المضيف وكشف عن قيامهم بمخاطبة المفوضية بوضع حملة الوثائق الثبوتية الكندية في الإعتبار. أما جماعة ملتقى آيوا فلم يحصلوا-فيما نعلم- على رد على مطالبهم الهائلة التي تتجاوز أسوار المعقول وتفتقر في كثير من جوانبها إلى الجدية اللازمة للمشاركة في عمل جليل مثل المشاركة في الإنتخابات. فمن غير اللائق أن تتم المطالبة بإعتماد أي وثيقة صادرة عن جهة رسمية لشخص ما في زمن ما كبديل للهوية. لا يمكن حتماً قبول شهادة نجاح في مدرسة إبتدائية أو بطاقة تموينية أو كشف حساب مصرفي صادر عن بنك ربما يكون قد أفلس أو انهار كبديل لبطاقة الهوية أما المطالبة بقبول شهادة إثنين بأن الثالث سوداني فهو شطط بدوي لا أدري كيف تأتى لجماعة نشطاء آيوا أن يكتبوه وهم جلوس في حرم جامعة أمريكية مرموقة وعريقة! هذا كلام لا يؤخذ به الآن في أصقاع أريافنا النائية التي تمنح حق الشهادة الحصري بهوية الأشخاص للعمد وزعماء الإدارة الأهلية. أما الطلب بضرورة ترك باب التسجيل مفتوحاً حتى نهاية ديسمبر فهو طلب يفتقر إلى الحيثيات والمسوغات وإلى الجدية لا محالة، ومن الطبيعي ألا ترد المفوضية عليه مثله في ذلك مثل العرض القاصر باستضافة منسوبيها وتوفير قاعات مجانية للإقتراع من أجل عيون الوطن، فالكل يعلم إن المن والإفتخار بتقديم هذه القاعات غير مستحق والجميع في المهاجر يدركون أن كل حي سكني صغير يحتوي على قاعة للأنشطة الإجتماعية تمنح مفاتيحها مجاناً أو لقاء مقابل مادي بسيط لاحتواء أنشطة الجاليات والمجتمعات والأفراد.
بالنظر إلى محتوى المذكرتين مقروءتين مع مذكرات أخرى في بلدان أخرى يستطيع المرء الخلوص إلى أن نشطاء المهاجر قد أخذوا على حين غرة بالإنتخابات وكأنها أعلنت بغتة، في الوقت الذي يدرك فيه من أهم أقل منهم نشاطاً أن الإنتخابات إستحقاق دستوري لم يكن منه مناص وفقاً لاتفاقية نيفاشا والدستور الإنتقالي المنبثق عنها والذي ظل معمولاً به منذ ما يزيد عن الأربع سنوات!
تنطوي مطالب النشطاء المشار إليها على إزدراء ضمني بالوطن ولسنا هنا في موقع المطالبة بأن يكونوا مثل أبناء قرية (متريت) الذين اشرنا إليهم ولكنا نذكّر هؤلاء فقط بأن المشاركة في أي إستحقاق وطني ليست ترفاً بل أنها تستوجب أول ما تستوجب حمل هوية هذا الوطن. سيصعب على أي حكومة في العالم أن تقبل بأن يختار لها حكامها وأعضاء برلمانها أناس لا يحملون هويتها كحد أدنى. إن من يريد المساهمة في بناء الوطن عليه ان يدرك ان ذلك- ولو على صعيد المثال الأسمى- طريق من إتجاهين فيه حقوق وواجبات وإن خدمة الأوطان تتطلب بذل قدر من الجهد لا نطلب فيه أن يصل بالناخبين-معاذ الله- إلى السفر من مهاجرهم القصية. أما من يستنكفون حمل وثائق الهوية الوطنية فيمكنهم بسهولة ان يدركوا أن هناك ناخبين غيرهم في السودان هم أكثر إستحقاقاً للمشاركة في الإنتخابات وهم أكثر إرتباطاً في شأنهم ومعاشهم اليومي بالحكومة التي ستسفر عنها تلك الإنتخابات.



#محمد_عثمان_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي وعلي : الصمت وجوهر الكلام
- تحالف كومبيتاليا : اليمين واليسار في السودان
- في السودان: الشرطة في خدمة الشغب
- د. جون قرنق دي مابيور وأنا 3
- هيلاري في افريقيا: الصين والنفط والسلاح
- د. جون قرنق دي مابيور وأنا 2
- د. جون قرنق دي مابيور وأنا 1
- الغوث في زمن الحرب (1-2)
- الأحزاب التأريخية ، كم لبثتم في الأرض؟ (2-2)
- الأحزاب التأريخية ، كم لبثتم في الأرض؟ (1-2)
- دليل السكنى في بيت المجتمع الدولي (2-2)
- السودان: دليل السكنى في بيت المجتمع الدولي (1-2)
- روزمين عثمان : الماما قراندى في الخرطوم
- عرض لرواية النمر الأبيض الفائزة بجائزة مان بوكر
- فرنسا و السودان : زاد الحساب على الحساب (2-2)
- فرنسا و السودان : زاد الحساب على الحساب*(1)
- نحو دبلوماسية سودانية بديلة (2-2)
- نحو دبلوماسية سودانية بديلة (1-2)
- السودان: بداية التأريخ و سلفاكير الأول (2-2)
- السودان:بداية التأريخ و سلفاكير الأول (1-2)


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد عثمان ابراهيم - الناخبون المهاجرون: كيف تختار تكساس للسودان حكامه