أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - -إسرائيل- أي قانون دولي تريد؟















المزيد.....

-إسرائيل- أي قانون دولي تريد؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2833 - 2009 / 11 / 18 - 19:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لم يعر العرب اهتماماً بالقانون الدولي منذ أن اندلع الصراع العربي الصهيوني، ورغم أن الصراع هو صراع سياسي بالأساس، إلا أنه يجري في سياقات وأطر قانونية، ولعل وراء كل مسألة قانونية هناك مشكلة سياسية، وهو الأمر الذي شغل المحافل الدولية قبل وبعد صدور قرار التقسيم من الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 في العام 1947. ولعله منذ ذلك التاريخ والقانون الدولي يلعب دوراً مهماً في الصراع، وربما ازداد وتعاظم هذا الدور في الوقت الحاضر، لاسيما بعد عدوان “إسرائيل” على لبنان في العام 2006 وعدوانها على قطاع غزة أواخر العام 2008 ومطلع العام 2009 والذي دام 22 يوماً بعد حصار شامل استمر أكثر من سنتين.

ومع صدور تقرير غولدستون بشأن الاتهامات الموجهة إلى “إسرائيل” بارتكاب جرائم حرب، والجدل الذي رافقه والاستعادات لبعض المواقف القانونية بخصوص الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية 2004 بعدم شرعية بناء الجدار وطلب تفكيكه وتعويض السكان المدنيين المتضررين، إضافة إلى الطعون المتراكمة ببطلان قرار الكنيست بضم القدس 1980 وقراره بضم مرتفعات الجولان ،1981 فإن الجدل والنقاش القانونيين ازدادا بخصوص موقف “إسرائيل” تاريخياً من القانون الدولي وانتهاكاتها المستمرة والمتصاعدة لقواعده، الأمر الذي لم يستمر توظيفه على نحو سليم من جانب العرب منذ قيام “إسرائيل” العام ،1948 وشنها الحروب المتكررة وتهديدها للسلم والأمن الدوليين وحتى الآن.

ففي ما يزيد على 60 عاماً قامت “إسرائيل” بانتهاك أكثر المعايير والقواعد الاساسية الملزمة في القانون الدولي المسمّاة باللاتينية Jus Cogens دون أن تتعرض للعقاب، والأمر لا يتعلق بالضحايا والمتضررين فحسب، وبالعرب عموماً، بل إن مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الانسان وغيرها من الهيئات والمنظمات الدولية وجهت أصبع الاتهام إلى “إسرائيل”، وهو الأمر الذي كان كثير الشبه بنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا المنبوذ من المجتمع الدولي والمعاقب من قبل مجلس الأمن الدولي، في حين ظلّت “إسرائيل” طليقة خارج المساءلة والملاحقة الدولية رغم سياساتها المناوئة لنظام العدالة الدولية.

لقد مارست “إسرائيل” سياسة تطهير عرقي منذ قيامها يوم أجبرت نحو 750 ألف فلسطيني على الهجرة من أراضيهم وديارهم في عملية تهجير قسرية. ولعل التطهير العرقي يعتبر إحدى أكبر الجرائم الدولية وهو جريمة ضد الإنسانية، وقد يشكّل جريمة إبادة جماعية.

وتجاهلت “إسرائيل” قرار الجمعية العامة رقم 194 الخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين الصادر في 11/12/،1948 وعندما تقرر قبولها عضواً في الأمم المتحدة 1949 تعهدت بانتهاج سياسة تقوم على احترام مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، لاسيما حماية السلم والأمن الدوليين، وهو الأمر الذي قامت بخرقه على نحو صارخ طيلة ما يزيد على 60 عاماً في حروبها وعدوانها على الدول العربية وتنكّرها لحقوق الشعب العربي الفلسطيني، لاسيما حقه في العودة وتقرير المصير بما فيها إقامة الدولة المستقلة. ورفضت “إسرائيل” جميع القرارات الدولية ولم تمتثل لمقتضيات القرار 242 لعام 1967 والقرار 338 لعام 1973 بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة (باستثناء سيناء) مبررة أن تلك القرارات لا تنص على “كل” أو “جميع” الأراضي المحتلة، وهو الأمر الذي يسمح لها بالاحتفاظ ببعض الأراضي العربية، في حجة واهية خلافاً لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها لعام ،1977 لاسيما الاتفاقية الرابعة “الملزمة ل”إسرائيل” في تعاملها مع الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، زاعمة أنها تحتل أراضي غير تابعة لدولة ذات سيادة، وهو الأمر الذي تتحدث عنه اتفاقية جنيف الرابعة.

وتحت الحجج والمزاعم القانونية ذاتها تبرر “إسرائيل” عدم انصياعها للرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بخصوص الجدار ووقف بناء المستوطنات، الذي يعتبر انتهاكاً سافراً لروح اتفاقية جنيف الرابعة، لاسيما للمادة 49 منها. ولعل “إسرائيل” عندما تصرّ على فرض العقوبات الجماعية بحق السكان المدنيين وتقوم بتدمير ومصادرة الأراضي والمنازل وتجريف المزارع بادعاء وجود ضرورات عسكرية أو أمنية، فإنها في الوقت نفسه تتنصل من واجباتها كدولة محتلّة طبقا لقواعد القانون الدولي الإنساني، وعليها حماية السكان المدنيين وتوفير الأمن لهم وتلبية احتياجاتهم الصحية والتعليمية والتغذوية وغيرها.

وتستخدم “إسرائيل” القانون الدولي بطريقة ديماغوجية تضليلية حين توقع على بعض الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز، واتفاقية حقوق الطفل والاتفاقية الخاصة بمناهضة التعذيب، لكنها في الوقت نفسه تبرر عدم انطباقها على الأراضي العربية المحتلة، في حين تعتبر المعايير الواردة في هذه الاتفاقيات قواعد ملزمة واجبة الأداء، أي أنها Jus Cogens.

وبهذا الصدد يقول جون دوغار المبعوث الخاص لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لقد تقصّدت القيام بزيارة الجدار والحديث إلى المزارعين والسكان المتضررين من قيامه، وليس لدي شك بأن الهدف الأساسي من بنائه هو الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية بحكم الأمر الواقع Status Que. وبهذا المعنى فهو يفضح ادعاء “إسرائيل” بكون الجدار “سياجاً أمنياً”، الأمر الذي بدأت لا تكترث به اليوم، حين تتحدث عن “إعادة ترسيم حدود “إسرائيل”” وهو أمر يتعارض مع قواعد القانوني الدولي، وهو ما أكدته منظمة مراقبة حقوق الإنسان، ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان ولجنة مارتين التي شكّلها الأمين العام للأمم المتحدة للتحقيق بشأن اعتداءات الجيش “الإسرائيلي” على منشآت الأمم المتحدة في غزة، إضافة إلى تقرير غولدستون.

إن “إسرائيل” التي استخفّت بقواعد القانون الدولي بتشجيع وتبرير من بعض القوى الدولية المتنفذة في العلاقات الدولية، ولاسيما الولايات المتحدة، لم تعد تتورع في السعي لتغيير ما استقر عليه العرف والقانون الدولي من قوانين واتفاقيات دولية بشأن “الحرب والقانون الدولي الإنساني” من أجل إطلاق يدها والسماح لها بارتكاب جرائمها تحت مبررات ومزاعم “قانونية” وتحت باب “الحرب على الإرهاب”، الأمر الذي يعني ضمناً إقرارها بارتكاب جرائم حرب في غزة.

ولعل “دولة” بهذا السجل الفاضح، لاسيما بانتهاك الشرعية الدولية لحقوق الإنسان وحق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير المصير، ناهيكم عن الممارسات المدموغة دولياً بالعنصرية والتمييز، يجعلها خارج نطاق القانون الدولي، خصوصاً بما تجسّده من استعمار استيطاني إجلائي في وقت تغرب فيه شمس الاستعمار منذ صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1960 بشأن تصفية الاستعمار، الأمر الذي يمكن تصنيفه في سياقات العدالة الدولية بكونها “دولة” مارقة، وقياداتها العسكرية والسياسية قامت بشن حروب وعدوان متكرر على البلدان العربية، ولعل ذلك يحتاج إلى تفعيل وتطبيق قواعد القانون الدولي ونظام العدالة الدولية عليها وملاحقة ومساءلة المرتكبين. وقد كان هذا المدخل موضوع ندوة فكرية مهمة نظمها مركز الزيتونة في بيروت بمشاركة نخبة من المفكرين والباحثين والحقوقيين العرب والأجانب، وقد وجدتُ في الالتفاتة إلى موضوع القانون الدولي، مناسبة مهمة لإعادة بحث قضايا الصراع العربي الصهيوني، في إطار مقاربات قانونية كجزء من متطلبات المعركة المتعددة الجوانب، إذ لم تعد هناك أية مبررات لإهمال أو الاستخفاف بالعامل القانوني الدولي والمعركة القانونية الدبلوماسية التي تحتاج إلى تكريس وتراكم العلم والمعرفة والخبرة والعمل الطويل الأمد.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (3)
- بغداد - واشنطن: للعلاقة تاريخ
- الانتخابات العراقية والحل السحري
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (2)
- ستراتيجية أوباما: قراءة في الثابت والمتغيّر
- بغداد - واشنطن: الحوار حول المستقبل
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (1)
- 5 اتجاهات إزاء الفيدرالية في العراق
- الفيدرالية في البرلمان الكندي
- 92 عاماً على وعد بلفور
- تراثنا والمشاحنة الفكرية للمجتمع المدني
- المجتمع المدني بين الفلسفة والقانون
- كيف نقرأ إستراتيجية أوباما عربيا?
- تقرير غولدستون وقلق -إسرائيل-
- تجارة الأعضاء البشرية: أين المسؤولية؟!
- السجون السرية وجدار الصمت
- استراتيجية أوباما والإرث الثقيل
- أول اختبار لأوباما في الأمم المتحدة
- صورة الأمم المتحدة
- - سعد صالح: الضوء والظل- في الوسطية والفرصة الضائعة-.


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - -إسرائيل- أي قانون دولي تريد؟