أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود المصلح - ذكريات من المطبخ














المزيد.....

ذكريات من المطبخ


محمود المصلح

الحوار المتمدن-العدد: 2831 - 2009 / 11 / 16 - 12:49
المحور: كتابات ساخرة
    


يأتي يوم الجمعة بعد كل خميس منذ ان خلق الخلق .. يأتي وهو يحمل هموم الاسبوع كاملة .. يخزن طاقته لاسبوع قادم .. وتستمر الدورة الزمنية .. كأسبوع كما تستمر كساعة ويوم وشهر وسنة وقرن .. لكن يبقى ليوم الجمعة في نفوسنا طعم خاص .. فيوم الجمعة عيد صغير .. فيه نجتمع كعائلة .. وفية الغداء الكبير ( وليمة ) فيما مضى من العمر ونحن صغارا كانت الوجبة الجيدة ( لحمة ) عيد وقد لا تكون اللحمة لحمة ربما تكون دجاجة صغيرة ..نعد منها وليمة ..نذهب الى الصلاة ( صلاة الجمعة ) في المسجد الكبير قرب بيتنا في المخيم .. وقرب المسجد كان السوق وفي السوق كان الجزار ( اللحام ) يذبح عجلا او خروفا كل يوم جمعة فقط .. فلن يشتري أحد قبل يوم الجمع لحما ولم تكن هناك ثلاجات لحفظ اللحم الزائد ..يجمع الاباء وخلفهم الصغار امام الجزار وهو يلف رأسة بكوفية .. والدم يلطخ ثوبة الابيض .. وحبات العرق تلمع على جبينة بينما ابنه يقف الى جانبة يساعدة .. وثمة عراك على الدور ..نذهب نشتري البصل والبقدونس .. لتفرم بعد ذلك مع اللحم .. ربما نكثر من البصل والبقدونس لنزيد حجم الطبخة ( الوليمة ) لتعدها الوالدات من بعدها كفتة .. بالطحينية او بالبندورة .. وسبقى نتذكر الكفتة طوال الاسبوع . . ونتتطلع الى يوم الجمعة القادم ونحن ننتظر الكفتة بالطحينية ..
اليوم تجاوزنا حالة العوز .. وتجاوزنا .. لحظات الانتظار امام الجزار .. وافتقدنا ثوبة الابيض الملطخ بالدم .. وصراخة على ابنه وهو يتلكأ في العمل ..لنأخذ اللحم مجمدا مغلفا مصنعا .. قادم الينا من اصقاع الارض .. بعد أن فقدنا القدرة على تربية الحيوانات التي كانت حرفتنا على مر العصور .. واعتقدنا ان الحياة العصرية هي ان نتخلى الانتاج الزراعي والحيواني .. لنفهم بعد حين ان الانتاج الزراعي والحيواني بحاجة الى علم نفتقده ولا نستطيع ان نحيط به .. واننا علينا ان نلجأ الى الصناعة .. وعنما لجأنا اليها اكتشفنا انها بحاجة الى علم اكبر من الزراعة . فحاولنا ان نعود الى الزراعة فوجدنا اننا قد نسينا الزراعة .. وضيعنا اماكن تواجد الماء ..
فأخذنا نستورد المنتجات الزراعية ونحن نعيش في أخصب بقاع الارض قاطبة ..وكما قال صديق ذات يوم .. اعجب كل العجب ان يعيش اهل العراق في فقر وعندهم دجلة والفرات .. كما اعجب كيف يجوع اهل مصر وعندهم اضخم نهر في العالم .. وكيف نجوع في الاردن وعندنا سلة الغور الاردني . . ونهر الاردن ونهر اليرموك سيل الزرقاء .. الذي اوهمونا بانها لم تعد كافية كموارد للماء علما بأن الاردن تعوم على محيط من الماء العذب .
اليوم نستورد الكفته جاهزة .. بالبصل والبقدونس على طريقة احدهم في العالم .. نفتقد طعم كفتة يوم الجمة ورائحتها الزكية .. ونفتقد اللمة والجمعة الهنية ..تاتينا اللحوم من كل الدنيا مغلفة كما الثمار المختلفة .. نجهل مصدرها الحقيقي .. ومكوناتها الحقيقية ..وطريقة صنعها ونقلها ..لنكتشف بعد ان توزع في ارجاء بلداننا العربية انها غير صالحة للاستخدام البشري .. ملوثة بالأشعاع .. ينغل فيها الدود بعد ان يذوب عنها الجليد ..منتهية مدة صلاحيتها ..معدلة وراثيا ..نسبة المادة الحافظة اعلى من معدلها الطبيعي..
لنكتشف بعد دراسات وابحاث ان نسبة السرطان في تزايد .. وان معدل المناعة في تناقص مستمر .. وان نسبة الخصوبة عند المرأة العربية اقل من معدلاتها في السنوات السابقة .. لنقول .. اين جزارنا القديم .. واين حوض البقدونس والنعنع والبصل الاخضر والزعتر في باب البيت والحاكورة .. والطابون ورائحة الخبز الزكية ..والبطاطا المشوية ..
تلك ايام سبقت ... وهذه ايام لا حياة فيها ولا طعم ..الا طعم من يعرفون طعم حياتنا الخاصة .. التي باتت هذه الايام مرة كالعلقم .




#محمود_المصلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحجر بارضه قنطار ..
- النخوة .. رخوة
- بابا ... بلا حنان ..
- جرائم ضد الانسانية ........
- قراءة في النقد الديني
- الفصل الاول من رواية صوت الجبل
- حوسبة التعليم .. قيم جديدة .. تحديات كبيرة
- شاشات ...
- التربية المرورية
- الالحاد ... والتدين .. نظرة من الخارج
- التعليم أم التجهيل
- واتشافيزاه ..........
- الفردية
- الجيرنكا............... غزة ....... أين بيكاسو؟؟؟.....


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود المصلح - ذكريات من المطبخ