|
عن أي مسرح نتحدث ، والمواطن في بلادنا تأكله أرضة الفقر ؟؟
حامد حمودي عباس
الحوار المتمدن-العدد: 2830 - 2009 / 11 / 15 - 19:04
المحور:
المجتمع المدني
ضمن تواصل مثمر ، أوجد موقع ( مسرحيون ) الالكتروني ، منصة للحوار أساسها الاجابة على سؤال ( ما الدور الذي لعبه المسرح في مجتمعك ، وما أهمية وجوده ؟ ) .. القائمون على إدارة الموقع هم من المسرحيين العراقيين ، يتواصل معهم ويغذيهم في إغناء توجههم الفني مجموعة من حاملي ذات الاهتمام من المثقفين العرب .
وحين اطلاعي على ما وضعه الاخرون من إجابات لهذا السؤال ، وجلهم – ما عداي – ممن لهم صلة قريبة بالمسرح ، وجدتني قادر على أن أدلو بدلوي في مجال كهذا ، كونه يمثل معينا له تأثيره المباشر في عملية إغناء الثقافة العامه ، إذ ساهم – المسرح – بخلق مؤثرات لا يمكن إغفالها في صنع الوعي الجماهيري في البلدان التي شعت فيها ملامحه وبقوة وانتشار كبيرين . ولكون أن صيغة السؤال قد جائت وهي تدعو لبيان وجهة نظر المتلقي بتأثير المسرح في مجتمعه الضيق ، وليس في عموم المجتمعات ، وباعتباري عراقي ، فإنني سوف الج الى الموضوع من هذا المنطلق .
إن أية وسيلة ثقافية ، مهما كان نوعها ، الهدف منها هو إحداث التغيير الايجابي في المجتمع ، لا يمكن أن يقال عنها بأنها قد أدت ما عليها لإحداث ذلك التغيير ، إن لم تكن بالتأكيد قد فعلت فعلها بهذا الاتجاه وكما يجب .. فالثقافة المتجهة صوب خلق الوعي المجتمعي في بلد ما ، لا يمكن أن يقال عنها بكونها حيز للعطاء المفيد إن هي بقيت حبيسة النخب ، والتي تبدو في الغالب متعالية تتباهى بما لديها من شطحات فكرية تنثرها هنا وهناك ، وتقتصر في التناول والبحث عليها هي دون غيرها من ألاطراف .. وما يمكن أن يقال بشأن الثقافة النخبوية ، وضمورها وسط إصرار القائمين عليها في أن تبقى حبيسة عرشها بعيدا عن الاهتمام بواقع الجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية في أي تغيير منشود ، يقال في المسرح هو الاخر كمنبع رئيسي من منابع الفكر الثقافي المتجدد .
لقد برع الرواد في مجال المسرح والفنون عموما في العراق ، بنشر وعي فني أسهب في محاكاة بعض الجوانب الحسية لدى الجماهير ، وذلك من خلال أعمال مؤثرة لا تغيب عن الذاكرة العراقية .. غير أن هذا التأثير لم يبتعد كثيرا عن محيط العاصمة بغداد إلا في حالات نادره ، وإقتصرت معالم الانتشار المسرحي على ما كان يعرض من على شاشات التلفزيون فقط ، في حين بقيت شرائح واسعة من ابناء الشعب بعيدة عن عطاء هذا الجانب الفعال من جوانب الفن الهادف ، سيما أولئك الذين يعيشون بعيدين عن مراكز المدن ، لو اعتبرنا بانهم الاكثر حرمانا وهم الهدف المقصود من وراء أي عطاء فني ثر، يراد منه أن يخدم مصالح الفقراء قبل الاغنياء .
قد يصار الى بناء فكرة تقول بأن مذهب كهذا هو ضرب من المثالية الداعية الى تحقيق ما لا يمكن تحقيقه ، غير أننا وعلى الدوام ، نجد أنفسنا محاصرين بمقاييس أخرى توزن بموجبها قيمة الافكار بما تحدثه من آثار في محيطها المجتمعي .. ولا يمكننا ، بفعل منطقية الاشياء ، أن نحسم أمر التأثير الثقافي والفكري عموما بالصالونات الضيقه والتي لا تريد في أغلب الاحيان مخاطبة الشارع ، وعكس ما تولده من أفكار في فضاء رحب يتيح للجميع الاغتراف منه وبفهم واسع ومرن
من هنا ، يمكنني الزعم وبثقة عاليه ، بأن ما سمي لدينا بالمسرح ، لم يكن بالمستوى المتعارف عليه عالميا من حيث التأثير ، وقطعا فان الذنب ليس هو ذنب المسرح ولا المسرحيين ، وإنما هو ذنب الانظمة التي سادت في البلاد لعقود عده ، تلك الانظمة التي أماتت في الناس روح الجمال وفنون الحياة ، وقتلت كل معاني التطور الحضاري باتجاه بناء حياة خالية من منغصات العسف والقهر والفقر والمرض ، تلك المتلازمات التي لا تتناسب وشيء اسمه رقي في العطاء كالمسرح والموسيقى والرسم ... لذا فان إبقاء التخاطب الفني النخبوي حيا ولحد الان وعدم الاقرار بالواقع لا يجب أن يستمر ، وكذا الامر بالنسبة لبقية الفنون ..
ومن المحتمل بأنني سوف أثير حفيظة الكثيرين من هواة التجريد في الفن ، لو تسائلت .. ما فائدة أن نرسم لوحة فنية لا يفهمها الا ذوو الاختصاص ، وبالكاد أحيانا ، وقد يتطلب ذلك غالبا شرحا مباشرا من راسمها ، أو قصيدة شعرية نثرية تحمل في مفرداتها لغة تخاطب الجن وما وراء المجهول وليس بشرا لهم محدوديتهم في تحمل التفسير ، أو قصة قصيرة تتضمن حكايا غريبة كتلك التي تروي لنا كيف يطير انف الرجل ، وتبقى لديه عينا واحده ، وتتوزع فروة رأسه بين الرقبة والابط ، حتى ننتهي من قراءة تلك القصة لنخرج بلا شيء سوى ما يعقبها مما يسمى نقدا فنيا يتبارى اليه عشاق صنع الاشياء من العدم ، بهدف الظهور ولا شيء غير الظهور ؟! .
بكلمة واحده .. فان المسرح في بلادي ، لم يمتد لغير المكان الذي هو فيه ، وجميع المسرحيات الخالده والقليله ، هي تلك التي بادرت وبشجاعة الى إقتحام واقع الجماهير ، من خلال لغة بسيطة ، بل متناهية التبسيط ، لتكون قريبة من هموم الشعب ، وعاكسة لغاياته ومطاليبه وداعية لتوفير حقوقه .. وليس ذلك المسرح المتعالي والذي بادر لاتخاذ مبدأ التقليد الاعمى لمسيرة المسرح العالمي ، حيث أقحم شكسبير وسواه من الرواد العالميين ، في عالم لا تتوفر فيه للمشاهد المستهدف لقمة الخبز .
#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لتتوحد كافة الأصوات الوطنية والتقدمية في بلادنا من أجل نصرة
...
-
بين هموم النخبة الثقافية ، ومعاناة الجماهير .. مسافات لا زال
...
-
ألبغاء .. وحياء المجتمع .
-
صوتها من داخل الطائره
-
لتتوقف جميع دعاوى التصدي الرجعي للمفكر والكاتب التقدمي سيد ا
...
-
حملة من أجل إطلاق سراح الملكين المحجوزين بأرض بابل
-
ألقطيعة بين قمة الثقافة العربية وقاعدتها .. أزمة تبحث لها عن
...
-
ترى .. من يحمي بناتي من أجلاف البشر ودعاة أعراف الموت ؟؟
-
ما ألمانع من خلق جبهة تتوحد فيها قوى التحرر القومي والوطني ا
...
-
هذيان اللحظة الأخيره
-
صرخة ألم في فضاء عذابات المرأة العراقية .. بائعات الملح يبصق
...
-
عشق ما بعد الستين
-
إعتذار
-
نداء عاجل لكافة الوطنيين والتقدميين في العراق
-
فلتسقط السياسه .. وليتوقف تدمير عراق النهرين والشط
-
تحدي
-
إشراقات خارج حدود وطن الأزمه
-
ألعقلية العربية وتصدير الأزمات
-
ألعقلية العربية لا شأن لها بثقافة التغيير والديمقراطيه
-
عشق غير مألوف
المزيد.....
-
اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
-
مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است
...
-
الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي
...
-
إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل
...
-
الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟
-
اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بشبهة -رشوة-
-
قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس
...
-
الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا
...
-
مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء
...
-
لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|