أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - هايل نصر - من تجارب الآخرين في بناء دولة القانون 2















المزيد.....


من تجارب الآخرين في بناء دولة القانون 2


هايل نصر

الحوار المتمدن-العدد: 2827 - 2009 / 11 / 12 - 22:29
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


محكمة النقض الفرنسية 2/2
تجاوز عمر المحكمة المذكورة القرنين . لم تهرم أو تبدو عليها عوارضه. غادر مؤسسوها الأوائل الحياة منذ قرنين وبقيت المؤسسة. حملتها عبر التاريخ أجيال وأجيال. لم تبق على قيد الحياة لتعيشها, وإنما لتبقى, في المكان والزمان, جزءا من الحياة نفسها فاعلة ومؤثرة ومراقبة وحامية. و دعامة أساسية من دعائم الدولة . الدولة التي عرفت في مسيرتها عبر القرون انعطافات وتغيرات وتقلبات, وتتالت عليها أنظمة ملكية وإمبراطورية وجمهورية. وعرفت نزاعات وحروب منها حربين عالميتين. وصولا إلى البناء الأوروبي الحالي.
استطاعت المحكمة ــ رغم هذا كله, ورغم معركة الأفكار: الفلسفية, والقانونية, والسياسية والتحولات الاقتصادية.. ــ التكيف مع المعطيات والمتغيرات, والمستجدات بأنواعها, وأثبتت حضورا قويا فاعلا ومستقلا في الدولة الفرنسية القومية, وفي الدولة كعضو في الاتحاد الأوروبي. فهي كما وصفها رئيسها الأول غي كانيفييه " مؤسسة حية".
نصت المادة L 411-1 من قانون التنظيم القضائي على أن للجمهورية محكمة نقض وحيدة. وأعلنت المادة L 411-2 على أن : محكمة النقض تنظر في الطعون بالنقض المرفوعة ضد الأحكام النهائية الصادرة عن محاكم النظام القضائي العادي. محكمة النقض غير مختصة في النظر في موضوع القضايا. إلا إذا نص على ذلك تشريع مخالف. ونصت المادة R 121-1 أن باريس مقر محكمة النقض الفرنسية .
تتميز محكمة النقض بخاصيتين رئيسيتين: الأولى إنها وحيدة في الدولة. وهذا مرتبط بمهمتها الأساسية, الموكولة لها منذ النشوء, مهمة توحيد أحكام المحاكم jurisprudence . والثانية إنها لا تحاكم أطراف الدعوى, ولكن " الأحكام, والقرارات الصادرة في الدرجة الأخيرة.
فهي ليست مدعوة للبت في النزاعات, وإنما لتقرير إذا ما كان القرار أو الحكم موضوع الطعن أمامها صدر مطابقا لنص وروح القانون أم لا. في حالة الجواب بالإيجاب ترد الطعن rejette. وفي حالة النفي تنقض casse القرار المطعون فيه, وتحيل القضية لمحكمة جديدة من نفس طبيعة ودرجة المحكمة التي أصدرت القرار في المرة الأولى, للحكم فيها من جديد.
وعليه يقال بان محكمة النقض ليست درجة ثالثة في القضاء. والقول المعروف هو أن محكمة النقض قاضي القانون وليست قاضي الموضوع. ولا تستطيع الحكم إلا ضمن الطعن الذي رفع أمامها. فهي تنظر ضمن حدود الدفوع المقدمة لها. فالدفع المقدم لمساندة الطعن بالنقض متعلق إما في شكلية مخالفة القانون, أو لعيب في الشكل, أو في التعليل. وان قاضي النقض لا يستطيع البت في نقطة قانونية لم تعرض عليه. فهو" يحصر محتوى قراره مكيفا له على الحالة التي تم إخضاعها له. ( هيبرود).
تمارس المحكمة رقابة مزدوجة: انضباطية disciplinaire على قرارات قاضي الموضوع. و معيارية normatif على تطبيق القواعد القانونية. تفسيرها للقانون يهدف لتوحيد تطبيقه. وفي نفس الوقت تبني jurisprudence وحيد يكمل ويوضح معنى القانون. فوحدة الأحكام القضائية هي اللازمة الضرورية لوحدة التشريع في النظام الفرنسي. ( جورج بيكا و ليان كوبره).
عند ممارسة الرقابة لا يحرص قاضي النقض فقط على ان يكون القانون قد تم تأويله بشكل صحيح, وإنما كذلك أن يكون قد تم في نفس المعنى من قبل كل المحاكم. وتمارس بذلك مهمة معيارية normative لأنها تفرض تفسيرها هي للقانون. وبهذا يمكن القول كما يقرر بيكا انه أصبح من المقبول اليوم بان القاضي, وللضرورة, يملك بعض الدور كمنشئ للقانون. ولكن يجب القول بان محكمة النقض تمارس في هذا دورا محدودا,
تشمل اختصاصات محكمة النقض كل فروع القانون المتعددة, ما عدا, بطبيعة الحال, القانون العام لوجود قضاء إداري مختص في هذا المجال.
التنظيم الإداري للمحكمة:
يتكون ملاك المحكمة العامل من 206 قضاة. بينهم 178 قاض حكم magistrat de siège و 26 قاضي نيابة magistrat du parquet . وأميني سر عامين. Secrétaire général .
أما الملاك العامل من الموظفين فهو موزع بين قلم المحكمة greffe, وموظفي النيابة العامة. 34 كاتب رئيس فئة أ. و 41 كاتب فئة ب. و 155 موظف فئة ج . وتضم أمانة سر النيابة 3 كتاب فئة أ. و 5 فئة ب. و 20 موظفا فئة ج.
مرتبات الملاك والعاملون في محكمة النقض, 500 شخص, يماثل المرتبات المعتمدة في الوظيف العمومي fonction publique ( لا يسعني هنا إلا الخروج عن الموضوع والابتعاد عن الأساليب الأكاديمية ــ خروج تعوده منا القارئ في كل كتاباتنا ــ للإشارة لموقف حدث لي في زيارتي لقطر عربي ويحمل كثيرا من الدلالات. فاجأني قاض, وقع لي وثيقة دون أن ينظر لوجهي إلا حين أرشدته تلك الوثيقة لمكان إقامتي, بسؤال لم يسبقه سلام أو تمهيد بكلام: كم يبلغ مرتب القاضي هناك ؟. سؤال نترك الإجابة عليه للمستشار جان فرنسوا فيبر رئيس غرفة محكمة النقض, فقد أشار إلى مرتبات بعض القضاة , ولكن في الدرجات الأعلى من درجة السائل. (كتابه المشار إليه في الجزء الأول من هذا المقال. ص.23). يحصل الرئيس الأول لمحكمة النقض والنائب العام فيها على اعلي المرتبات المقررة في الوظيف العمومي. فئة حرف G . ويحصل المستشارون فئة حرف D-E . على مرتب شهري قدره 5554 يورو , والمستشار المقرر في المستوى المتوسط على 3835 يورو يضاف إليه تعويض اتفاقي يعادل 39%. وتعويض غير محدد يصل في المتوسط إلى 14% , بمقتضى المساهمة في العمل الجيد لسير المحكمة والنشاطات المتنوعة. رئيس قلم المحكمة يحصل على مرتب شهري يتراوح متوسطه بين 2267 و 3730 يورو. وليس هنا بطبيعة عرض جداول المرتبات وإنما اشرنا إلى ذلك كمثال ــ خاصة وان في بلداننا يُربط الفساد القضائي فقط بمرتبات القضاة !! ـ .
مكتب المحكمة:
يتكون مكتب المحكمة من الرئيس الأول, ورؤساء الغرف, والنائب العام, والمحامي العام الأول لدى المحكمة. يضاف إليهم رئيس قلم المحكمة greffier en chef . وقد حدد قانون التنظيم القضائي, ونصوص خاصة أخرى, اختصاصات المكتب. ومنها تحديد عدد الجلسات ومدة كل منها. واعتماد القائمة الوطنية للخبراء القضائيين. عند تعيينه رؤساء الغرف ورؤساء مكتب المساعدات القانونية, يستشير الرئيس الأول المكتب. و فيه تدور المداولات المشتركة التي تهم المحكمة.
تضاف إليه مكاتب إدارية مرتبطة فقط بمكتب الرئاسة الأولى وتتبعه مباشرة. وتتكون من الأمين العام للرئاسة, ومكتب إداري لإدارة المالية. الأمانة العامة للرئاسة الأولى تتكون من 5 قضاة و 16 موظفا. من مهامها تامين أعمال الإدارة الإدارية للقضاة وللموظفين وقلم المحكمة. و استقبال المتمرنين الفرنسيين والأجانب المدعوين للمشاركة في أعمال المحكمة. وتسهر على تنظيم الندوات والمحاضرات والنشاطات الثقافية المتعلقة بالمحكمة. كما تسهر على امن الأشخاص والأموال بالتنسيق مع القيادة العسكرية المسؤولة عن حماية قصر العدالة.
تسند إلى المصلحة " service" الدولية التابعة للمكتب التبادل والتواصل مع المحاكم الأجنبية العليا في تلك الدول. وتنظيم استقبال زوار المحكمة من الأجانب. وتنقلات قضاتها للخارج. وهي مسؤولية عن الاتصالات مع وسائل الإعلام (ميديا) فيما يخص القرارات القضائية ذات الحساسية بالنسبة للرأي العام. وتؤمن توظيف مساعدين قضائيين من طلبة الدكتوراه المساهمين في نشاط بعض المصالح, وخاصة المتعلقة بالوثائق والدراسات في المحكمة.
المصالح الإدارية لإدارة المالية: يشرف عليها قاض مكلف من قبل الرئيس الأول . وتشمل 30 موظفا. مهمتها استغلال وصيانة المكان بمكاتبه وتجهيزاته وأثاثه ومحتوياته .. والمواد والتجهيزات التابعة له. وتشمل مصلحة المعلوماتية ومصلحة المرتبات وتعويضات أفراد الملاك. وتتابع تنفيذ الميزانية ( بلغت ميزانية المحكمة أكثر من 8 ملايين يورو لعام 2006.).
تتولى ترتيب بعض المهام الإدارية للرئاسة الأول و للنيابة العامة, أمانات عامة يديرها قضاة شباب يقومون بمهام رئيس ومدير مكتب الرئاسة الأولى. إضافة إلى ذلك يمارس الأمين العام مهام مدير المصادر البشرية.
الجمعيات العامة Assemblées générales
ـ جمعيات التشاور. تجتمع مرتين في العام مع مجموع ملاك المحكمة (قضاة وموظفون). كما تجتمع مقتصرة على القضاة بهدف معالجة كل المسائل المتعلقة بعمل المحكمة. تُُعد لهذه الجمعيات لجنة دائمة مكونة من أعضاء منتخبين يستلمون الطلبات والاقتراحات المقدمة من قبل أعضاء المحكمة, وتعقد الجمعية مع الرئيس الأول والنائب العام ورئيس قلم المحكمة. وكاتب النيابة العامة.
الجمعيات التنظيمية: يُنتخب القضاة حسب النصوص القانونية من قبل مجموع قضاة الحكم أو قضاة النيابة, أو من قبل مجموع القضاة بالاقتراع السري.
المكتبة: تكونت مكتبة محكمة النقض عام 1796 بمبادرة ميرلان وزير العدل, الذي أحال للمحكمة مجموع محتويات مكتبة نقابة المحامين في محكمة باريس المصادرة عام 1791 بعد حل نقابتهم. إضافة للتبرعات الخاصة من رجال الدين والأعيان. وضمت مؤلفات ومخطوطات من القرون السابقة. وبلغ عدد محتوياتها 9000 مؤلف كرصيد أساسي . في منتصف القرن 19 ضمت المكتبة أكثر من 51 ألف مؤلف قانوني وديني وتاريخي, حرق منها في حريق كمونة باريس في 24 و 25 ماي 1871 حوالي 30 ألف مؤلف. وقد تطورت المكتبة الحالية بوسائلها الحديثة وانفتاحها على مجالات الوثائق الرقمية , لتصبح غنية جدا وزاخرة بكل ما يحتاج إليه القضاة في عملهم اليومي. كما أن فهرستها تمت حسب وسائل المعلوماتية, وممكن الوصول إليها عن طريق موقع الانترنت لمحكمة النقض. تتبع المكتبة وزارة الثقافة الوطنية.
مصلحة الوثائق والدراسات التي تم إنشاؤها بقانون 23 جويليه/تموز 1947 في مقر المحكمة تطور دورها تدريجيا لتتدخل في معالجة الملفات. ومع سياسية التوسع في نشر أحكام القضاء والتعريف به, نظمت جدولة مركزية تحت عنوان وحيد, يحتوي على موجز لكل القرارات المتخذة من قبل المحكمة, وموجزا عن الأحكام الهامة الصادرة عن المحاكم الأخرى.وتصدر شهريا نشرتين مدنية وجنائية. الى جانب نشرات اخرى فصلية وسنوية.
التنظيم القضائي لمحكمة النقض:
نصت المادة L 121-3 من قانون التنظيم القضائي على أن " محكمة النقض تضم غرفا مدنية. وغرفة جنائية على الأقل". وعليه فالمحكمة تتكون من 5 غرف مدنية , وغرفة جنائية. لكل غرفة منها رئيس ومستشارون ومستشارون مقررون , ومحامون عامون, وكتاب قلم الغرفة. بعد الحرب العالمية الثانية ومع زيادة الملاك الفاعل جرى تنظيم الغرف في أقسام sections مكلفة بالمنازعات الخاضعة لولاية الغرفة.
الغرفة الأولى تضم قسمين. اختصاصها الأساسي متعلق بالجنسية , والحقوق الشخصية, وشؤون الأسرة, والطلاق, والميراث, والالتزامات , والمسؤولية التعاقدية, والقانون الدولي الخاص, والتحكيم, والمهن المنظمة, والملكية الفنية والأدبية.
الغرفة الثانية. تضم 3 أقسام. من اختصاصاتها: الإجراءات المدنية , المسؤولية الجنحية, والتامين الاجتماعي, والتأمينات بشكل عام. والطعون في المواد الانتخابية, وديون الأفراد.
الغرفة الثالثة. تضم قسمين. تشمل اختصاصاتها: المنازعات المتعلقة بالعقارات, السكن, الملكية, منازعات البناء, نزع الملكية, والبيئة ..
الغرفة الرابعة. الغرفة التجارية والمالية والاقتصادية, (تضم قسمين), تنظر في منازعات القانون التجاري, وخاصة الشركات, والمنافسة, والإجراءات الجماعية, والملكية الصناعية..
الغرفة الخامسة. تضم 3 أقسام. تختص بمجموع علاقات العمل الفردية والجماعية.
الغرفة الجنائية. أقسامها أربعة. تحتكر النظر في كل المنازعات الجزائية. و لا تختص بالقضايا المدنية إلا عبر الدعاوى المدنية المتصلة بالدعاوى الجزائية. (المادة 567 من قانون الإجراءات الجزائية). كما تختص بالنظر بالطعون بالقرارات القضائية للقوات المسلحة (المادة 263 من قانون القضاء العسكري). و تتحول لمحكمة مراجعة العقوبات الجزائية عندما ترفع الدعوى أمامها من قبل لجنة المراجعة المنصوص عليها في المادة (622 من قانون الإجراءات الجزائية).
الغرف المختلطة les chambres mixtes
يلاحظ فيبر أن تعدد الغرف وأقسامها قد يقود إلى خطر فعلي يؤدي إلى اختلاف الأحكام القضائية بين الغرف. فالطعون تثير العديد من الدفوع التي تعود إلى غرف متعددة . كان يكون احد الدفوع مؤسس على مسألة إجرائية يعود النظر فيها للغرفة الثانية , والدفع الثاني يعود النظر فيه لغرفة أخرى. وعليه وتجنبا للدخول في بحث من هو صاحب الاختصاص, مع ما يتطلبه ذلك من وقت, نصت المادة L. 431-5 من قانون التنظيم القضائي إلى الإحالة في مثل هذه الحالات لغرفة مختلطة.
تتكون الغرفة المختلطة من. الرئيس الأول, ومن رؤساء وعمداء doyens وقاضيين في الغرف. عدد المشاركين في غرفة مختلطة يتراوح بين 13 و 21 إذا ما دعي إليها 5 غرف. الحكم الصادر عن الغرفة المختلطة يفرض نفسه على كل الغرف في المحكمة ويصبح من أحكام القضاء الثابتة والمستقرة. منذ شهر جانفي 2000 والى اليوم انعقدت المحكمة في تشكيل غرف 35 مرة وعالجت مسائل إجرائية, أو تمس موضوع القانون.
جمعيات الهيئات لكاملة les assemblées plénières
حلت محل جمعيات الغرف التي كانت تتكون من كامل قضاة المحكمة وألغيت عام 1967 لتقوم محلها الجمعيات الكاملة, والتي هي التشكيل القضائي الأكثر مهابة في المحكمة. فهي تتكون حاليا من الرئيس الأول, ورؤساء وعمداء الغرف الست, ومستشار من كل غرفة, ليصبح المجموع 19 قاض . تنعقد جمعياتها في احتمالات عدة, فعلى الراغب في معرفتها مراجعة فيبر, وايف شارتييه, وجورج بيكا وغيرهم.
قضاة محكمة النقض:
حتى صدور قانون 11 افريل/ نيسان 1946 كان جميع قضاة محكمة النقض من الرجال. وفي 16 أكتوبر 1946 دخلت السيدة بيكنيون لاكراد أستاذة القانون في جامعة ران المحكمة لتصبح أول قاضية في المحكمة. عام 2005 بلغت نسبة النساء من القضاة 45%. 33 مستشارة من مجموع المستشارين البالغ عددهم الكلي 98 مستشارا . و 46 مستشارة مقررة من مجموع المستشارين المقررين ال 74. و عام 1984 سُميت أول امرأة الرئيس الأول لمحكمة النقض منذ نشأتها, السيدة Rozèrs.
الرئيس الأول: يسمى الرئيس الأول , مثل كل قضاة الحكم في محكمة النقض, من قبل رئيس الجمهورية بناء على اقتراح مجلس القضاء الأعلى. ومنذ عام 1945 كما يذكر فيبر كان القضاة الذين عينوا بدرجة الرئيس الأول في محكمة النقض من بين القضاة المهنيين الذين مارسوا مهامهم بكفاءة عالية في المؤسسة القضائية. وفي العديد من المرات اختار مجلس القضاء الأعلى نوابا عامين في محكمة النقض كرؤساء أولين للمحكمة. وهذا ما يؤكد وحدة القضاء في فرنسا , بان ينتقل قاض نيابة عامة إلى قضاء الحكم, وقاض حكم إلى قاضي نيابة.
إضافة إلى الاختصاصات الإدارية والبروتوكولية الذي يتمتع بها القاضي الأول في فرنسا , يقوم بترؤس التشكيلات القضائية العامة للمحكمة : الجمعيات والغرف المختلطة ..و يمكنه ترؤس كل الغرف في المحكمة. عندما يرأس جلسة يكون هو المتدخل الأخير في المداولات. وصوته مثل أصوات الآخرين ليست له قيمة ترجيحية.
وهو مسؤول عن سير المحكمة. يوزع المنازعات بين الغرف, يعين قضاة الحكم في الغرف, ويحيل قضية أمام الغرفة المختلطة او أمام الجمعيات المشكلة بكامل الهيئة.
يمكن للرئيس الأول أو من يفوضه, شطب قضية من جدول القضايا إذا لم تتوفر فيها شروط معينة. يرأس المجلس الأعلى للقضاء المنعقد في المواد التأديبية المتعلقة بقاضي حكم. ويرأس لجنة ترقية القضاة, والمجلس الإداري لمعهد تكوين القضاة.
رؤساء الغرف:
يُختار رؤساء الغرف من بين قضاة محكمة النقض. أو من بين القضاة الذين مارسوا سابقا مهام في هذه المحكمة. وتتم تسميتهم من قبل رئيس الجمهورية بناء على اقتراح مجلس القضاء الأعلى. ولرئيس الغرفة اختصاصات إدارة غرفته, وبشكل خاص توزيع القضايا على المستشارين وتخصص كل منهم. والتوقيع على أصول القرارات. ومن مهامه القضائية رئاسة الجلسات القضائية في غرفته, وفي المداولات لا يملك صوتا ترجيحيا. يشارك في أعمال الغرفة المختلطة بشكل طبيعي, وكذلك في الجمعيات المنعقدة بهيئتها الكاملة, وغرفة التشاور. ويتخذ بعض القرارات. ينوب عنه في حالة تغيبه أقدم المستشارين الحاضرين.
المستشارون في محكمة النقض:
يُسمى المستشارون في محكمة النقض بناء على اقتراح مجلس القضاء الأعلى. وعمليا يتم اختيار الغالبية العظمى من المستشارين من بين القضاة الذين مارسوا مهامهم كرؤساء غرف في محاكم الاستئناف, وأحينا من بين المحامين العامين . ويطلب إليهم ممارسة فعاليات معينة في المحكمة, من طبيعة قضائية أو تربوية مع رئاسة المحلفين في الامتحانات والمسابقات, أو مهام إدارية بحتة.
قضاة النيابة:
النائب العام لدى محكمة النقض.
يُسمى بمرسوم جمهوري من قبل رئيس الجمهورية بناء على اقتراح من وزير العدل دون التشاور مع المجلس الأعلى للقضاء. وهو قاضي النيابة العامة الأول في فرنسا. يتمتع بسلطة معنوية كبرى في الجسم القضائي, وبشكل خاص لدى قضاة النيابة. لا يملك أية سلطة رئاسية على النواب العامين في محاكم الاستئناف. ولا على نواب الجمهورية Procureurs de la République . وتجب الملاحظة انه ليس النائب العام لمحكمة النقض وإنما النائب العام لدى محكمة النقض. مثلما هو الحال عليه بالنسبة للنواب العامون لدى محاكم الاستئناف. (فيبر).
حسب المادة L. 132- 1 من قانون التنظيم القضائي مهام النيابة العامة ممنوحة شخصيا للنائب العام وهذا ما يعطيه زيادة في الاستقلالية تجاه وزير العدل. وتملك النيابة العامة والنائب العام اختصاصات تميزها عن النيابات العامة في محاكم الاستئناف.
يترافع النائب العام أمام الغرف المختلطة وفي الجمعيات بهيئاتها الكاملة. وفي الجلسات العادية عندما يرى ملائمة ذلك, وهذا ما لا يحدث غالبا.
يملك اختصاصات خاصة لصياغة طعون " في مصلحة القانون" وهو ليس بحاجة في ذلك لأي ترخيص من وزير العدل. ويمارس دورا إداريا على النيابة العامة التابعة له. وهو نائب لجنة ترقية القضاة. ويرأس المجلس الإداري لمعهد تكوين القضاة. يرأس كذلك تشكيل النيابة لمجلس القضاء الأعلى عندما تنعقد في هيئة تأديبية لإعطاء رأي لوزير العدل حول عقوبة وملاحقة تنظيمية لقاضي نيابة.
المحامي العام الأول: يسمى بناء على اقتراح من وزير العدل بعد أن يكون هذا الأخير قد استشار مجلس القضاء الأعلى. وهو عضو في مكتب محكمة النقض. ينوب عن النائب العام في حالة غيابه ويمارس كل مسؤولياته. ولا تمنحه النصوص القانونية مهام خاصة زيادة على المقررة للمحامين العامين. ويكلف بتقديم ملخصاته أمام الغرف المختلطة والجمعيات المنعقدة بكامل ملاكها.
المحامون العامون: عددهم الرسمي 22 محام عام. وهم قضاة نيابة بموجب المادة 1ـ1 و L. 432 - 1 وما يليها من قانون التنظيم القضائي. وينطبق عليهم الوضع القانوني للقضاة. تضع المادة 5 قضاة النيابة تحت رقابة رؤسائهم في التنظيم الهرمي وتحت سلطة وزير العدل.
تحدد النصوص القانونية مهامهم, ومنها إبداء الرأي حول جدية الطعون المقدمة لمحكمة النقض. يترافعون في جلسات الغرف المتعددة. وفي القضايا الهامة يرسلون ملاحظاتهم إلى النائب العام, وإذا لم يوافق هذا الأخير عليها يفوض محام عام آخر للمهمة نفسها, أو يقوم بها هو بنفسه.
يتمتع المحامون العامون طبقا لما جرى عليه العمل في المحكمة باستقلال كامل. ويعدون الملخصات التي يرونها ملائمة. بكل حرية واستقلال أمام الغرف كلها بما فيها الجنائية. هذه الاستقلالية تسمح للمحامي العام أن يقضي الوقت الذي يراه مناسبا لدراسة الملف الذي يعالجه.
وحاليا وبعد إدانة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فرنسا لعدم توفير "وحدة السلاح" لما يتمتع به المحامي العام من حرية الوصول إلى ملاحظات المقرر, ولمشاريع القرارات, وهي وثائق ليس بمقدور الأطراف الوصول إليها ومعرفتها. وتطبيقا لمقتضيات الاتفاقية الأوروبية أصبح على المحامي العام في إجراءات الطعن التقيد بمستلزمات الاتفاقية الأوروبية. وتتابع النيابة العامة طلباتها في المنظور الجديد المحدد من قبل النائب العام.
قلم المحكمة. يقوم كتاب المحكمة بتأمين استلام الطعون, و تنظيم الإجراءات وترتيب الجلسات وإخراج القرارات بالشكل المناسب. وتأمين تبليغها للمعنيين.
وأخيرا تجب الإشارة إلى انه ليس بالإمكان متابعة التنظيم الإداري والقضائي للمحكمة وسير عملها و كيفية اتخاذ قراراتها , فهذا فوق طاقة هذه المقالة, وليس ضمن هدفها.
وإنما بالإمكان الإشارة إلى أن العمل لا يتوقف عند بناء المؤسسة, العمل الأكثر صعوبة هو إبقاء تلك المؤسسة فعالة وقادرة على التكيف مع الحقائق والوقائع المتطورة دائما بتطور الحياة, وإيجاد كل الوسائل والإمكانيات, بما فيها البشرية والمادية الضرورية لتأمين هذا للمؤسسة التي تقوم هي أيضا بدورها بتأمين تطور الإنسان والمجتمع والدولة.
وعليه, نرى فائدة مواصلة الإشارة, لاحقا, لذكر بعض تجارب الآخرين في بناء دولة القانون عن طريق بناء مؤسساتها. في محاولة للعن الظلام وإضاءة شمعة.




#هايل_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من تجارب الآخرين في بناء دولة القانون
- شعارات مرفوعة تحتها شعوب مقموعة
- قيم للتبشير وسياسية تدجيل. الاتحاد الأوروبي مثلا.
- أطفالنا. تغيرت المهن وبقيت المهانة
- رأيت رعايا ولم أر مواطنين
- موظفون شرقيون اجتهدوا فتميزوا
- في الحماية القضائية للطفولة 2/2
- في الحماية القضائية للطفولة. 1/2
- البرلمان الأوروبي
- قراءة في كتاب غير عربي 2/2
- في حق جمع الشمل (فرنسا) Regroupement familial
- من وحي قراءة في كتاب غير عربي
- ثقافة قانونية وقضائية خارج الثقافة !!!
- ما ضاع حق وراءه مطالب
- ما للدولة ليس للدولة
- ثقافة عربية دورية ومتنقلة .
- القضاء الجزائي الفرنسي في عيون رجاله 2/2
- في الأفق نصر عربي جديد !!!.
- قاضي التحقيق القاضي الأكثر إثارة للجدل2/2
- عن أية ديمقراطية يدافع هذا الغرب؟.


المزيد.....




- وسط تحذيرات من مجاعة.. الأونروا تحث إسرائيل على السماح بإدخا ...
- اعتقالات إسرائيلية جديدة بالضفة ترفع الحصيلة إلى 7870
- منظمات حقوقية توثق: تصاعد عنف المستوطنين في الضفة الغربية
- الأمن الروسي يعلن إحباط اعتداء في الجنوب واعتقال ثلاثة أشخاص ...
- الخارجية السودانية تتهم قوات الدعم السريع باحتجاز مساعدات إن ...
- الأمم المتحدة تحذر من تبعات القيود المفروضة على دخول المساعد ...
- كيف تفاعل الفلسطينييون على قرار محكمة العدل الذي يأمر إسرائي ...
- ليبيا شَظَايَا نَوَايَا (2من5)
- اليابان تعتزم استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسط ...
- الاحتلال يستهدف النازحين بنادي الشجاعية وإعلامه يتحدث عن حدث ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - هايل نصر - من تجارب الآخرين في بناء دولة القانون 2