أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - حصاد الهشيم - الحلقة الثانية















المزيد.....


حصاد الهشيم - الحلقة الثانية


كامل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2825 - 2009 / 11 / 10 - 17:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


واجب الدولة الثاني نحو مواطنيها هو توفير الأمن والكرامة لهم. فهل توفر دولة "الإسلام دينٌ ودولة" الأمن لمواطنيها مع كثرة ادعائهم أن الإسلام ابتكر حقوق الإنسان قبل أن يعرفها الغرب، وأن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وإذا تداعى عضوٌ منه تداعى له سائرُ الجسد بالسهر والحمى؟ فدعونا نمر مروراً سريعاً على الدول المحكومة بالشريعة:
السعودية: أمن المواطن أو المقيم هو آخر ما تفكر به حكومة الدولة الوهابية. أمن العائلة المالكة هو الشغل الشاغل لهم. أمن المواطنين تقدمه الدولة السعودية كجائزة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مقابل صمت رجال الدين عما تفعله العائلة المالكة. الهيئة أصبحت سلطة تثير الخوف في أنحاء المملكة، كما يقول سلطان القحطاني في إيلاف، عدد 30 يوليو 2006. ويقول كذلك " من مساء كل يوم خميس تكمن سيارة من نوع جي.ام.سي ذات لون أزرق قاتم في زاوية معتمة لأحد الشوارع الخلفية التي تجاور شارع التحلية في العاصمة الرياض، والذي يكون عادة مكتظاً بالشباب من الجنسين خلال هذا اليوم الذي يوافق إجازة نهاية الأسبوع في المملكة العربية السعودية. وهذا الكمون به تربص من قبل أحد خلايا هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الرياض بمدخل العوائل الخلفي الخاص بأحد محال بيع القهوة الأميركية ومشتقاتها، بغية الحصول على صيد من أولئك العشاق السعوديين الذين تنشط مواعيدهم في هذا المكان وفي مثل هذا التوقيت) انتهى. هذه الشرطة الدينية أصبحت البعبع الذي يتجسس على المواطنين ويقتحم منازلهم بغير إذن ويعتقل ويعذب المعتقلين، وفي بعض الحالات يموتون من التعذيب تحت هراوات رجال الهيئة، التي يصدر قضاءهم المسيس البراءة بحقهم لأن "الرأس ليس بمقتل"، بمعنى آخر يمكن لرجال الهيئة ضرب المواطنين على رؤوسهم حتى يموتوا، ولا مسؤولية لهم في ذلك.
يحدث هذا رغم أن هناك حديث رواه مالك عن أبي هريرة يقول " لا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا". وهناك قصة تُروى عن عمر بن الخطاب (كان يعس بالمدينة من الليل، فسمع صوت رجل في بيت يتغنى، فتسور عليه، فوجد عنده امرأة وعنده خمر، فقال: يا عدو الله أظننت أن الله يسترك وأنت على معصيته، فقال: وأنت يا أمير المؤمنين لا تعجل على أن أكون عصيتُ الله واحدة فقد عصيتَ الله في ثلاث. قال الله: {لا تجسسوا} وقد تجسست، وقال (وأتوا البيوت من أبوابها) (البقرة 189) وقد تسورت علي ودخلت علي بغير إذن، وقال الله (لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها) قال عمر رضي الله عنه: فهل عندك من خير إن عفوت عنك؟ قال: نعم، فعفا عنه وخرج وتركه) (الدر المنثور للسيوطي، ج7، سورة الحجرات، الآية 12).
المواطن السعودي لا يعرف إذا خرج من بيته صباحاً هل يعود له مساءً أم تقتنصه أيدي الهيئة أو الشرطة أو غيرها بسبب دعوى حسبة أقامها ضده شخص ما. حتى أساتذة الجامعات تطالهم يد "العدالة" القضائية في مملكة الوهابية ويجلدون كما كان يُجلد العبيد والإماء في صدر الإسلام، والأستاذ حمزة المزيني خير مثال على ذلك بعد أن رفع عليه زميل في الجامعة دعوى حسبة لأنه انتقده في مقال بالصحف، فحكمت المحكمة بحبسه أربعة أشهر وجلده مائتي جلدة. و أستاذ علم النفس في جامعة أم القرى حُكِم عليه 180 جلدة و8 أشهر سجن لأنه جلس مع امرأة في مقهى عام. والجلد يطال المدرسين والمدرسات والأطباء وحتى الذين يحكم عليهم بالإعدام. والغرض منه إذلال المواطن حتى لا يجرؤ على انتقاد أولي الأمر. يحدث هذا رغم أن هناك حديث يقول (لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله) (الجامع الصغير للسيوطي، ج6، حرف لا، حديث 9951) ولكن المحاكم السعودية تحكم بألفي جلدة أو أكثر، إمعاناً في الإذلال.
والمواطن أو المقيم الذي يسوء حظه ويدخل سجون آل سعود يتعرض لأسوأ أنواع التعذيب والمهانة، كما يظهر من النداء الذي قدمه أبناء القصيم المسجونين بالرياض (نرفع اليكم معاناتنا من داخل السجون السعودية, حيث انطلقت رحلة الظلم والاضطهاد في يوم الجمعة الموافق 7-6-1428 هـ حينما نقلتنا السلطات السعودية على متن ثلاث طائرات مسحوبين على الأرض، مكبلين بالقيود والسلاسل مدفوعين بركل أقدام الجنود إلى سجن الملز بالرياض (موقعنا حالياً)،،، ثم بدأ مشوار العذاب من داخل أسوار السجن باستخدام جميع أساليب التعذيب من لكم على الوجه، والإسقاط على الأرض وضرب الوجوه بالأقدام ومنع المياه والطعام إلا بنسب قليلة جداً والإطلاع على العورات بفتح أبواب دورات المياه علينا أثناء قضاء الحاجة أكرمكم الله والضرب بالسياط، والصعق الكهربائي، والسحب من اللحية، والركل بالأقدام على المناطق الحساسة، وإجبارنا على السهر بفتح الأنوار الكاشفة على وجوهنا، وكل هذه الأساليب تمارس معنا من قبل الجنود وهم واضعين أقنعة على وجوههم.)
ولأن الإسلام يبيح الكذب للمؤمن، أنكر الأمير نايف وزير الداخلية وجود أي تعذيب بالسجون السعودية (نفى وجود تعذيب في السجون السعودية. وقال: «فتحنا السجون أمام منظمات حقوق الإنسان، وزوار أجانب».) (إيلاف 1/4/2009). وكاتب المقال رأى بأم عينه آثار التعذيب في السجون السعودية عندما كان يعمل جراحاً بالمملكة.
وهناك بالطبع الخوف من التكفير الذي ربما يقود إلى الاغتيال على أيدي المتزمتين، وما أكثرهم في السعودية. وهم لا يكتفون بتكفير شخص واحد، بل يكفّرون شريحة واسعة من المجتمع – شريحة الشيعة - الذين تستخرج المملكة البترول من أراضيهم في شرق المملكة وتهمشهم ولا تعتبرهم مواطنين. فها هو إمام الحرم المكي الذي عيّنه الملك عبد الله حديثاً، وصف علماء الشيعة بـ"الكفار". وقال الكلباني في مقابلة مع قناة بي. بي. سي ضمن برنامج "في الصميم" (إن الشيعة لا يحق لهم أن يكونوا مُمثَلين في "هيئة كبار العلماء" التي تعتبر أعلى هيئة دينية في المملكة العربية السعودية. وسئل الكلباني، الذي عيّنه الملك عبد الله بن عبد العزيز في سبتمبر 2008 لإمامة المصلين في مكة المكرمة، إن كان "مع من يكفرون الشيعة"، فأجاب بأن تكفير "عامة الشيعة (مسألة) يمكن أن يكون فيها نظر، أما بخصوص علمائهم فأرى أنهم كفار، بدون تمييز) (إيلاف 1/4/2009).
أما كرامة الإنسان في مملكة آل سعود الحديثة فلا مكان لها. الرق هو أشد أنواع الإذلال للفرد، ولذا ألغت عصبة الأمم الرق عام 1926 ولكن مملكة آل سعود لم تلغه إلا عام 1963، وحتى هذا الإلغاء ما زال حبراً على ورق. فقد اخترعت المملكة نظاماً جديداً للرق أسمته "الكفيل". فالكفيل يستطيع أن يبيع مكفوله، بمعنى أن يبيع كفالته لشخص آخر، ويستطيع أن ينكح ما شاء من كفيلاته الأسيويات العاملات بالمنازل، ويستطيع ضرب مكفوله. وما زال الحرم المكي يشرف عليه عبيد أخصياء. والاتجار بالبشر ظل معمولاً به في المملكة منذ سنوات رغم انتقاد هيئات حقوق الإنسان لهذا العمل المشين. فهم يبيعون الأطفال المخطوفين من اليمن للعمل في المنازل أو الدعارة، والأطفال المستوردين من الصومال والسودان ليستعملوهم في سباق الجمال. وظلت المملكة تغمض عيونها عن هذا السلوك حتى الآن.( في أول اجتماعاتها، شرعت لجنة مكافحة جرائم الاتجار في الأشخاص في السعودية، في إعداد خطة وطنية لمكافحة مثل هذا النوع من الجرائم .. واجتمع الممثلون عن تلك الجهات أمس برئاسة الدكتور بندر العيبان رئيس هيئة حقوق الإنسان، حول طاولة الاجتماع الأول لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص. وأوكل إلى هذه اللجنة، بحسب معلومات «الشرق الأوسط»، متابعة أوضاع ضحايا الاتجار بالأشخاص لضمان عدم معاودة إيذائهم) (تركي الصهيل، الشرق الأوسط، 9/11/2009).
ولأن المواطن السعودي اعتاد على التعذيب وتربي على الخوف وأصبح يعترف للشرطة بكل شيء لتفادي التعذيب، (نصحت وزارة الخارجية السعودية، رعاياها الذين يتوقع أن يتواجدوا بكثافة خارج البلاد، خلال الشهر الجاري، بالتزام الصمت حين التحقيق معهم أو استجوابهم من قبل سلطات البلدان التي سيتواجدون فيها صيف هذا العام.) (الشرق الأوسط 5 يوليو 2009). ولنا أن نسأل: ما دامت السلطات تنصح المواطنين بالصمت عند الاعتقال في بلاد الغرب، لماذا تعذبهم في سجونها لينطقوا؟
السودان: منذ أن اغتصبت الجبهة الإسلامية الحكم عن طريق إنقلاب قاده المشير عمر البشير، وغيرت اسمها إلى "جبهة الإنقاذ"، أصبح السودان سجناً كبيراً لمواطنية، حتى المسيحيين منهم. أول ما فعلته جبهة الإنقاذ كان إنشاء المحاكم الشرعية التي انصب جلُ همها في جلد النساء اللاتي لا يتقيدن باللباس الشرعي. وما قصة الصحفية السودانية لبنى أحمد حسين ببعيدة عن الأذهان.
في محاكاة واضحة للمملكة الوهابية، أنشأت حكومة الأنقاذ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسمتها جهاز الأمن العام، وأصبح المواطن عرضة للحبس في "بيوت الأشباح" وللتعذيب والتنكيل (يكتب المفكر اليساري السوداني الحاج وراق عن معارض شيوعي تعرض للتعذيب (ادخلوا له زجاجة في مستقيمه! وهذا لم يكن مجرد ادعاء وانما اثبته الكشف الطبي! أحد اشكال التعذيب التي يقشعر لها وجدان كل شريف، والتي تعرض لها الطبيب عمر التاج النجيب! وقبله تعرض طلاب جامعة أم درمان الاهلية، ومعتقلو (إقليم) دارفور و(حزب المؤتمر) الشعبي، وقبلهم الألوف في بيوت الاشباح من الديمقراطيين والمعارضين الى شبيه لهذه الممارسات الوحشية، مما يطرح بإلحاح قضية التعذيب في البلاد: أهي تجاوز لبعض افراد في أجهزة الأمن ام مظهر من مظاهر انتهاكات حقوق الانسان في البلاد؟.ويثير وراق هنا نقطة جديرة تماما بالمناقشة. فالدولة "الإسلامية" ما تزال بعد 17 عاما عاجزة عن احترام حقوق الانسان، وما تزال بعيدة عن أي قانون "أخلاقي وضعي" ناهيك عن أي وازع ديني !! وبطبيعة الحال فقد أدرك السودانيون بعد مرور بضعة أشهر فقط على حكم الإسلامويين بأن "الدولة الإسلامية" ما هي إلا "معتقل كبير" ترتكب فيه أفظع الجرائم وأكثرها وحشية بضمائر تستأنس بنصوص القرآن والأحاديث الشريفة. ما حدث للدكتور عمر التاج ظل ممارسة "أصيلة" لأجهزة الأمن التابعة لدولة الإسلامويين. ولنتعرف على عدل دولة الإسلامويين، وأخلاق هذه الدولة، من خلال قراءة جزء من رسالة (العميد) محمد أحمد الريح الموجهة لوزير العدل السوداني في 15 أغسطس 1993:"تعرضت شخصيا للاغتصاب وإدخال أجسام صلبة داخل الدبر، وقام بذلك النقيب عاصم كباشي وآخرون لا أعرفهم: الإخصاء بضغط الخصية بواسطة زردية والجر من العضو التناسلي بنفس الآلة وقد قام بذلك النقيب عاصم كباشي عضو لجنة التحقيق. القذف بالألفاظ النابية والتهديد المستمر بإمكانية إحضار زوجتي وفعل المنكر معها أمام ناظري بواسطة عاصم كباشى وآخر يحضر من وقت لآخر لمكان التحقيق يدعى صلاح عبد الله وشهرته صلاح قوش") ( خالد عويس، الحوار المتمدن 17/8/2006، نقلاً عن موقع سودان للجميع).
ثم أعلنت جبهة الإنقاذ الجهاد ضد أبناء جنوب السودان لأنهم مسيحيون أو لا دين لهم. وأصبح ديدن قوات الشرطة هو الهجوم على البصات المدرسية في الخرطوم لاصطياد الصبيان الذين في مرحلة التعليم الثانوي، وأخذهم إلى معسكرات يتم فيها تجنيدهم إجبارياً وإرسالهم إلى ساحة القتال في الجنوب دون علم ذويهم. (ومن خلال إعلان الجهاد فقد السودان أكثر من مليون ونصف المليون قتيل سوداني وشردت هذه الحرب الضروس عشرات الآلاف من البشر نزحوا إلى الدول المجاورة مثل مصر و كينيا ويوغندا وإثيوبيا, هذا علاوة على الأطفال الذين تيتموا والنساء اللائي ترملن والجرحى الذي فقدوا أطرافهم بفعل الألغام الأرضية) (خالد أبو أحمد، كتابات، 14/12/2005).
ثم جاءت حرب الإبادة في دارفور عن طريق مليشيات الجنجويد وطيران جبهة الإنقاذ، فقتلوا الآلاف واغتصيوا النساء وشردوا أكثر من مليوني شخص عن قراهم. وكل هذا بدافع نشر الإسلام في دارفور (ومن خلال حرب دارفور تتضارب الأرقام مابين 50 ألف قتيل إلى 150 ألف قتيل إضافة إلى الذين تشردوا ولازالوا إلى هذه اللحظة يكابدون آلام الحرب والتشريد بين الحدود السودانية التشادية,وما حدث للأهالي من تأثيرات نفسية جراء قصف الطائرات لهم وهدير الدبابات,مسألة لا يمكن ان تتصور حيث لازالت هناك بعض التجاوزات من (الجنجويد) وغيرهم, ويحدث هذا برغم ندم قادة الحركة الإسلامية على ضياع فرص السلام مع الجنوبيين في أوقات سابقة) (نفس المصدر). فأمن المواطن السوداني قد ذهب مع رياح ثورة الإنقاذ. وأمن المواطن وحقه في العيش في منزل بناه بشق الأنفس أصبح مهدوراً من قبل حكومة الإنقاذ (سجل وزير البنى التحتية بولاية الخرطوم اعترافت جديدة بفشل حكومته في تصريف مياه الامطار ما اسفر عن مقتل نحو "10 " اشخاص ، تدمير نحو " 21 " الف منزل، ونحو " 180 " مدرسة في العاصمة الخرطوم ، وحمل الوزير حكومة بلاده مسؤولية الفشل . ووصف جهاز الحكومة العامل في هذا المجال بـ"الكسيح". واعترف بان الفشل سببه عدم إكمالها العمل في تطهير المصارف القديمة والحديثة بالولاية، وأشار لعدم كفاءة المهندسين الذين تمّ اختيارهم لرصف الطرق والشوارع) (الشرق الأوسط 5 سيتمبر 2009). أما أمنه الغذائي فلا يعلم به إلا إله قادة ثورة الإنقاذ التي أتت لتثبت للناس أن الإسلام "دينٌ ودولة".
إيران: إيران الشاه لم تكن الدولة المثلى التي يجب أن يُقتدى بها، ولكنها حتماً كانت أحسن مما آل إليه حال إيران الخميني. فحكومة الخميني الدينية عملت منذ البدء على تركيز دكتاتوريتها على المواطنين، فأنشأت مجالساً غير منتخبة هدفها استمرار السلطة الدينية في الحكم، وسمتها "مجلس تشخيص مصلحة النظام" و "مجلس صيانة الدستور" و "مجلس الخبراء" وما شابه، ونرى هنا أن تشخيص مصلحة النظام أهم من تشخيص مصلحة المواطنين. إيران التي أعطت المرأة حق التصويت عام 1906، أصبحت الآن لا هم لها إلا مطاردة المرأة في الشوارع وجلدها إذا لم تحكم لف الشادور حول جسمها. وأصبحت الشرطة الدينية تقوم بحملات سنوية في الشوارع لإجبار النساء على اللباس الإسلامي.
أمن المواطن الإيراني أصبح من مخلفات الماضي بعد أن استولت قوات الحرس القومي و "الباسيج" على توطيد أمن الدولة الدينية وأصبح التعذيب والتنكيل والقتل من سمات الحياة في إيران التي نزح عنها كثير من صحافييها ومثقفيها. وفي خطوة نادرة أقر القضاء الإيراني بحدوث التعذيب في السجون (أقر القضاء الإيراني اليوم، في تقرير لا سابق له، بوقوع ممارسات تعذيب وعزل في السجون الإيرانية، لكنه أوضح أن ذلك "كان في الماضي"، في وقت أبدت فيه المحامية الإيرانية شيرين عبادي الفائزة بجائزة نوبل للسلام قلقها إزاء تدهور الوضع الصحي للصحافي المعارض أكبر غانجي، واحتجت على منعها من زيارته في السجن. و تحدث التقرير الذي أعده رئيس القضاء في طهران عباس علي علي زاده ، و لوبشكل غير مباشر، عن انتزاع اعترافات عن طريق ممارسة التعذيب وسوء المعاملة واعتقال الاشخاص لسنوات عديدة بدون محاكمة (إيلاف 24 يوليو 2005). وقبل ذلك كان قد اعترف القضاء بالممارسات غير القانونية (طهران ـ ا.ف. ب: في خطوة غير معهودة، انتقد القضاء الايراني ممارسات الشرطة، مقارنا ما يتعرض له بعض المساجين بالممارسات التي ارتكبها عدد من الجنود الاميركيين في سجن ابو غريب العراقي) (الشرق الأوسط 6 مايو 2005). وفي المظاهرات الأخيرة التي عمت إيران بعد تزييف الانتخابات الرئاسية الأخيرة، شاهد العالم كله قوات الباسيج وهم في ملابس مدنية على دراجاتهم النارية motorcycles أو مختبين في العمارات المجاورة للمايدين العامة، وهم يصطادون المتظاهرين بأسلحتهم النارية.
أما الذين اعتقلتهم الشرطة فقد تعرضوا للاغتصاب وانتزاع الاعترافات الكاذبة منهم ثم تقديمهم لمحاكمات صورية أفضت إلى إعدام بعضهم وسجن الآخرين. أما سجن وتعذيب الطلبة فحدث عنه ولا حرج، فقد مات عدد كبير من الطلاب في المعتقلات الإيرانية مما دعا الاتحاد الأوربي للاحتجاج لدى إيران (أعربت رئاسة الاتحاد الاوروبي التي تتولاها فنلندا حالياً عن «قلق شديد» بشأن حقوق الانسان في ايران والمدافعين عنه، داعية للتحقيق في وفاة الناشط الطلابي اكبر محمدي في السجن. وقالت فنلندا في بيان صادر عنها أمس: «يشعر الاتحاد الاوروبي بقلق شديد بخصوص وضع المدافعين عن حقوق الانسان الايرانيين». وقال الاتحاد انه «سيتابع عن كثب حالة منوشهر محمدي، شقيق أكبر محمدي، كما يتابع حالة جميع الناشطين الطلاب الايرانيين المسجونين حاليا») (الشرق الأوسط، 25 أغسطس 2006).
والتجسس على المواطنين لا يقل حدة عن ما يحدث في السعودية (اعلن في طهران عن اعتقال 230 مشاركاً في حفل لموسيقى الروك الشيطانية بمدينة كرج في محافظة طهران تمت الدعوة اليها عن طريق الانترنت. وقال الامير رضا زارعي قائد قوات الشرطة في محافظة طهران: هذه هي المرة الاولى التي تتم فيها الدعوة لعشرات من الفتيات والصبايا باسلوب جديد عن طريق الانترنت وعلى مستوى دولي، حيث ان معظم المعتقلين هم من ابناء الاغنياء وعدد منهم من الايرانيين المقيمين في الخارج تمت دعوتهم للمشاركة في حفلة موسيقية شيطانية و صاخبة) (إيلاف 4 أغسطس 2007). شباب يجتمعون في منزل خاص لإقامة حفلة فتتهجم عليهم الشرطة الدينية وتعتقلهم. إنها حقوق الإنسان الإسلامية.
أما حقوق النساء وسلامتهن من الاعتقالات والاغتصاب فأمر لا يهم القيادة الإيرانية ( في أعنف تصريحات علنية له منذ فترة ضد المنظمات النسائية فى إيران، قال الزعيم الأعلى لإيران آية الله على خامنئي أنه لا يتعين على الناشطات النسويات العبث بالشريعة الاسلامية من اجل الترويج لمبادئ حقوق النساء في ايران. وتأتي تلك التصريحات بعد صدور حكم بسجن ناشطة نسوية ايرانية لمدة 34 شهرا، وجلدها عشر جلدات، بسبب حضورها تجمعا محظورا حول حقوق النساء) (الشرق الأوسط 5 يوليو 2007).
أما الأقليات في إيران فلا حقوق لها تحت حكم الملالي (إقليم الأحواز العربي المحتل من إيران منذ عام 1925 لم يتوقف شعبه عن النضال من أجل الحرية والكرامة والاستقلال، وخلال مسيرته النضالية تتعامل الأنظمة الإيرانية من نظام الشاهنشاه إلى نظام الخميني وخامئني مع المناضلين الأحوازيين بوحشية منقطعة النظير، خاصة من خلال أسلوب الإعدامات التي أودت بعشرات من هؤلاء المناضلين الذين كان آخر من أعدمتهم السلطات الإيرانية هو المناضل (زامل باوي) بتاريخ الحادي والثلاثين من يناير لعام 2008، ثم قامت باعتقال غالبية أفراد أسرته بما فيهم والده الحاج (سالم باوي) وأشقائه الخمسة (محسن وعماد و هاني و مسلم و أسد باوي) وتعريضهم لشتى أنواع التعذيب. وفي الرابع عشر من فبراير لعام 2007 وبدون أية محاكمات أعدمت السلطات الإيرانية أربعة ناشطين أحوازيين هم: المهندس سعيد حميدان، والمدرس ريسان سواري، وقاسم سلامات، وماجد البوغبيش، وفي الرابع والعشرين من نوفمبر لعام 2006 تم إعدام مجموعة لا تقل عن سبعة أشخاص مما أثار احتجاجات عنيفة في مختلف أرجاء العالم، إذ تمّ إعدامهم بطرق وحشية دون تمتعهم بأية حقوق قانونية أو محاكمات مدنية عادلة) (أحمد أبو مطر، إيلاف 18 فبرائر 2008). ودولة الملالي تقتل وتسجن المسلمين السنة كما تفعل الدول السنية مع الشيعة و "مافيش حد أحسن من حد" كما يقول المثل.
وفي إمارة غزة يسود جو من الخوف على المواطنين بسبب التعديات الصارخة على حقوق الإنسان في غزة، سواء من إسرائيل أو أمراء الإمارة نفسها من قياديي حماس. فالقتل والتنكيل ب "الأعداء" من فتح لم يعد من الممكن لحماس إخفاؤه. (في الوقت الذي اتهمت فيه حركة فتح، حركة حماس، باعتقال وإعدام عدد من أنصارها في قطاع غزة أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير وبعده، ردت حماس بقولها إنها أعدمت عملاء، وهي بذلك تنفي تهم فتح، وتغمز في اتجاه أن ناشطين من فتح متورطون فعلا في التخابر مع الإسرائيليين، وهي اتهامات تنفيها فتح على أي حال. ووزعت حركة فتح، كشفاً يتضمن أسماء عشرات الناشطين الذين ينتمون للحركة، وقالت إن حماس أعدمتهم. وكانت السلطة الفلسطينية، اتهمت مسلحي حماس رسميا بإعدام العديد من المواطنين في القطاع أثناء العدوان الإسرائيلي. ونشرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، ومواقع فتح، كشفا بقتلى الحركة، وقالت إن مليشيات حماس خلال فترة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أقدمت على إعدام 17 من كوادر ونشطاء حركة فتح، فيما أطلقت واعتدت بالضرب على المئات منهم) (الشرق الأوسط 25/1/2009).
ويقول مراسل الإندبندنت البريطانية في القدس دونالد ماكينتاير في تفاصيل التقرير عن منظمات معنية بحقوق الإنسان (إن التعذيب يمارس بصورة منتظمة على الفلسطينيين الذين تعتقلهم الاجهزة الأمنية التابعة لحركة فتح في الضفة الغربية وكذلك الذين تعتقلهم حركة حماس في قطاع غزة. وينقل المراسل عن منظمة الحق الفلسطينية المعنية بحقوق الانسان قولها "إن ما بين 20 إلى 30 في المئة من الأشخاص الذين يعتقلون بصورة عشوائية في الضفة والقطاع يعانون من الضرب المبرح والضرب بالسياط وإجبارهم على الوقوف أو الجلوس في أوضاع مؤلمة لساعات وغيرها من العقوبات المهينة) (إيلاف 29/7/2008). فلا فرق بين الإسلام دين المحبة الذي تمارسه حماس وبين الحكومات المدنية المتسلطة.
واستمرأت حماس قتل المعارضين لها تحت زعم أنهم جواسيس لإسرائيل. ولم تقدم حماس أي منهم للمحاكم إنما أعدمتهم بالتهمة فقط (قال الغصين "المتحدث باسم المقاومة" إن المقاومة أبلغت وزارة الداخلية أنها قتلت عملاء أثناء الحرب، أو حذرتهم، وهذا التحذير شمل إطلاق النار وقصصا أخرى. وبحسب الغصين، فإن «من حق المقاومة أن تحمي ظهرها، لكن في الوضع الطبيعي هذا مرفوض، أما في الحرب فإن إجراءاتنا لم تكن طبيعية، وإذا وجدت فصائل المقاومة من يعمل ضدها، فمن حقها أن تتعامل معهم، ونحن نحقق في كل قضايا القتل) (الشرق الأوسط 4/2/2009). وبذا أصبحت حماس مثل الكاوبويات الأمريكان الذين كان شعارهم "إفتح النار أولاً ثم حقق فيما بعد".
أما قتل المسيحيين وإحراق مكتباتهم ما عاد يحرك في المواطنين أي عاطفة (اعلن مصدر طبي فلسطيني الاحد ان شابا فلسطينيا يعمل سكرتير جمعية الكتاب المقدس المسيحية التابعة للطائفة المعمدانية كان خطف السبت، قتل على ايدي مجهولين في غزة بينما اكدت وزارة الداخلية التابعة لحماس ان هذه "الجريمة" لن تمر "من دون عقاب". وقال المصدر الطبي انه "تم العثور اليوم على رامي خضر عياد (31 عاما) مقتولا في مدينة غزة وعليه اثار تعذيب" (إيلاف 7/10/2007). وقد مرت سنتان على قتل هذاالشاب ولم تعاقب حماس أي شخص، كما وعدت.
أما المرأة في إمارة غزة فوضعها أصبح لا يختلف كثيراً عن وضع الحصان الذي يجر عربة الكارو، فهو يّضرب ويُجوّع ولا يُشكرعلى مجهوده الخارق رغم الضعف والوهن. والفرق الوحيد هو أن الحصان لا يُقتل مهما صدر منه لأنهم يعتمدون عليه، أما المرأة فتُقتل لأتفه الأسباب وباسم الشرف الإسلامي الرفيع.
فالحكومات الإسلامية التي تطبق "شرع الله" وتدعي إقامة العدل بين الناس، لا تختلف في انتهاك عروض وحقوق مواطنيها عن الحكومات غير الإسلامية، فكلاهما يفعل ذلك، غير أن الدولة الإسلامية تفعله باسم الله.





#كامل_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حصاد الهشيم - الحلقة الأولى
- عَوْدٌ على بدء - الرجوع إلى الفيزياء
- ماذا ترك العلم لإله السماء؟
- تعقيباً على القراء
- إله أم صنم؟
- ماذا أراد عائض القرني من نشيده؟
- ملحد أم لا ديني؟
- لماذا نقد الإسلام دون غيره؟
- تفنيد أركان الإسلام الخمسة
- ردود على القراء
- مرة أخرى أعتذر
- متى ينتهي هذا الصلف؟
- يا نهدها
- إبراهيم بن نبي والمفاهيم الخاطئة 2
- الحبُ في مدينةِ الزحام
- إبراهيم بن نبي والمفاهيم الخاطئة 1
- أفتخر بأني أنثى
- إجابات للقراء عن موضوع الدفاع عن القرآن
- السيد المرداني ودفاعه البائس عن القرآن
- الصحوة التي تسبق الموت


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - حصاد الهشيم - الحلقة الثانية