أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ستراتيجية أوباما: قراءة في الثابت والمتغيّر















المزيد.....



ستراتيجية أوباما: قراءة في الثابت والمتغيّر


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2822 - 2009 / 11 / 7 - 14:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل أن نستعرض الستراتيجية الامركية الجديدة في عهد الرئيس أوباما، سنتوقف قليلاً عن تركة سلفه الرئيس بوش فإرثه الثقيل قد يستمر في تقييد الرئيس أوباما لفترة غير قليلة، إنْ لم يستطع التخلص منه ومن تأثيراته، باتباع سياسات منسّقة ومتناسقة وضمن خطة ستراتيجية واضحة، وسنتوقف بعد المراجعة الاستعراضية العامة عند محطات في سياسات الرئيس أوباما الداخلية، لننتقل بعدها الى السياسة الخارجية، خصوصاً شقها الأوروبي، ومن ثم نبحث في تأثير الأزمة الاقتصادية الدولية على استراتيجية أوباما، لنصل الى سياسته الشرق أوسطية والعراقية.

1- أوباما والارث الثقيل!؟

أصبح الرئيس الامريكي باراك أوباما سيّداً على البيت الأبيض بعد فوزه الساحق على منافسه الجمهوري جون ماكين، ولعله وهو الرئيس رقم 44 سيكون أول رئيس أسود يحكم الولايات المتحدة، حيث ظلّ العالم كلّه يتطلع الى سياسة جديدة للحزب الديمقراطي، بعد دورتين متتاليتين (ثمان سنوات) حكم خلالهما الرئيس جورج دبليو بوش من الحزب الجمهوري.
وقد شهدت الولايات المتحدة أطول وأقسى حملة انتخابات في تاريخها، انتصر فيها أوباما من ذوي الأصول الأفريقية المتواضعة على ماكين ابن قائد الاسطول البحري الامريكي في المحيط الهادي.
إن صورة الولايات المتحدة قبل بداية حكم الرئيس بوش كانت تمثّل لوناًً قاتماً بالنسبة لكثير من الشعوب والبلدان، لكنها أصبحت بعد ثمان سنوات أكثر قتامة، لاسيما مشاهد الرعب التي اختفت وراءها، من أحداث 11 أيلول (سبتمبر) الارهابية العام 2001 وردود أفعالها الى غزو أفغانستان العام 2002، الى الحرب على العراق واحتلاله، العام 2003، ثم الحرب على لبنان العام 2006 وبعدها الحرب على غزة نهاية العام 2008 ومطلع العام 2009 بعد حصارها الذي زاد عن سنتين، يضاف الى ذلك أوضاع سجناء أبو غريب وغوانتانامو والسجون السرية الطائرة والعائمة، وقبل الأزمة المالية الطاحنة التي انفجرت عشية توّلي أوباما الرئاسة وتحوّلت الى أزمة اقتصادية شاملة انعكست على العالم كلّه، كان هناك اعاصير وكوارث طبيعية مثل اعصار كاترينا وغيرها، ولعل هذه تركة ثقيلة انتقلت الى أوباما، على الصعيد الداخلي وعلى الصعيد الخارجي.
قبل مجيء الرئيس بوش الى الحكم، كان العالم في حالة شبه سلام واستقرار نسبياً، واسعار النفط لم ترتفع عن 32 دولاراً، والجيش الأمريكي لم يكن لديه مهمات خارج بلاده، باستثناء القواعد العسكرية المعروفة، لاسيما بعد حرب الخليج الثانية العام 1991 والاقتصاد الامريكي في حالة نمو زاد عن 3%، وسعر الدولار كان "معقولاً" وديون واشنطن أقل من 6 تريليون دولار رغم العجز المستمر. وبعد أن ترك بوش البيت الأبيض، تحوّلت كل هذه التركة الثقيلة، وهذا الحمل القاسي الى ظهر أوباما، الأمر قد لا يكون بمقدوره تحملها ومواجهة التحديات بحكمة وبُعد نظر؟
لقد ورث أوباما، حربين مفتوحتين في أفغانستان والعراق، وقوات مسلحة منهكة ومبعثرة على أكثر من جبهة، وحروباً على الارهاب بدأت بعد أحداث 11 أيلول(سبتمبر)، لكنها لم تنتهِ ويبدو أنها ستستمر حسب تقديرات واشنطن الاولية الى أكثر من 10 سنوات، وقد تطال بلداناً أخرى حتى وإن اختلفت اللهجة والتسمية، وإن خفّت حدة النبرة أو حتى خفتت! وهذه المشكلات المتعاظمة أوقعت المواطن الأمريكي في ورطة كبيرة لدرجة مؤرقة، خصوصاً وهو مازال يتساءل كيف سيتم وضع حد لهذين الحربين؟ وهل سينفذ أوباما وعوده بشأن الانسحاب من العراق في أقرب وقت ممكن؟ وعلى الأقل تخفيف مشاعر السخط والعدائية إزاء الولايات المتحدة؟ وما هو السبيل لايجاد حلول ناجعة وسريعة للازمة الاقتصادية؟
كما ورث أوباما صعوداً في اسعار النفط وصلت الى نحو 150 دولاراً، رغم عودتها الى الانخفاض الى أقل من النصف قليلاً، وعجزاً بلغ أكثر من تريليون دولار وديناً زاد عن 10 تريليون دولار، ناهيكم عن تدني في النمو الاقتصادي، وأخيراً انفجار الأزمة المالية والاقتصادية، التي أدت الى انهيارات كبرى لشركات التأمين العملاقة مثل شركة ليمان براذرز وبنوك عالمية كبرى، لاسيما بعد أزمة الرهن العقاري وانخفاض سعر الدولار وارتفاع اسعار النفط.
وورث أوباماً ملفاً ساخناً جديداً، وهو العلاقة المتوترة مع روسيا، فبعد انتهاء الحرب الباردة وتقلّص النفوذ الروسي، وانحلال المنظومة السوفياتية، عادت روسيا بقوة الى منطقة القوقاز والبلقان وأوربا الشرقية، لاسيما بسبب سياسة واشنطن الاستفزازية، الأمر الذي دفعها الى معارضتها الشديدة، خصوصاً بعد نصْبِ واشنطن دروعاً صاروخية مضادة للصواريخ، وتوسيع دائرة حلف الناتو في دول الجوار الروسي، وبخاصة في جمهوريتي بولونيا والتشيك.
وإذا كان أوباما يتولى رئاسة الولايات المتحدة بعد مضي أكثر من عقدين على انتهاء الحرب الباردة وتحوّل الصراع الآيديولوجي من شكل الى شكل آخر، لاسيما بعد انهيار الشيوعية الدولية، وصعود الاسلام السياسي كعدو شرس ضد واشنطن وسياساتها، فكيف ستتعامل واشنطن مع هذا الملف الساخن، وقد شاع خلال الحملة الاعلامية والآيديولوجية في حينها بأن " التهديد" إنْ لم يكن موجوداً، فلا بدّ من "تلفيقه"، بالتنظير لصدام الحضارات، ولابقاء الاحتراس الدائم والتسلح المستمر والصراع المتواصل على المستوى العالمي، حتى وإن اتخذ صفة صراع الثقافات، بعد ذبول صراع الآيديولوجيات الذي طبع القرن العشرين كله، وصراع القوميات الذي طبع القرن التاسع عشر حسب الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك.
وقد حاولت واشنطن تطبيق ذلك على الملف التسليحي وهذا له علاقة بالمسألة الايرانية بالدرجة الاساسية، خصوصاً البرنامج النووي الذي يعتبر أحد مجالات الاحتكاك الامريكية- الايرانية، إضافة الى نفوذ طهران في المنطقة باعتبارها رأس حربة ضد السياسة الامريكية (العراق ولبنان وفلسطين)، رغم أن أوباما أبدى استعداده لسلوك سبيل مفاوضات أطلق عليها "حازمة"، وهو أمر لا بدّ من أخذه بنظر الاعتبار بعد ما حصل من تجاذبات في الانتخابات الايرانية الأخيرة.
وإذا كانت الحروب تُصنع في العقول، فإن السلام هو الآخر يصنع في العقول أيضاً، حسبما جاء في دستور اليونسكو، ومثل هذا الأمر سيواجه الرئيس أوباما على نحو راهن، لاسيما في الشرق الأوسط، وهو أمر سيكون إحدى المجسّات الاساسية لسياسته الستراتيجية إزاء المنطقة.
ان الرئيس أوباما واجه تركة الرئيس بوش واشكالياته جميعها وعليه الخوض في المشكلات العويصة الخاصة، لاسيما بشأن الشرق الأوسط، التي شكلت نقطة تجاذب شديدة منذ عهد الرئيس جيمي كارتر واتفاقيات كامب ديفيد والصلح المنفرد. وإذا كانت واشنطن تسعى الى دور نشيط في الشرق الأوسط وتحريك خارطة الطريق الفلسطينية – الاسرائيلية، خصوصاً تجاوز الصعوبات التي جابهت العديد من الرؤساء الامريكيين قبله، فإن الأمر يحتاج الى تأكيد إقامة دولة فلسطينية، تلك الأطروحة التي اعتمدت منذ عهد الرئيس بيل كلينتون، لكنها ظلّت باردة وباهتة، خصوصاً في ظل التصعيد العدواني الاسرائيلي ضد الشعب العربي الفلسطيني منذ العام 2000، لمواجهة الانتفاضة الفلسطينية السلمية التي اندلعت، بعد أن وصلت اتفاقات أوسلو الى طريق مسدود.
وزاد الامر تعقيداً حصار غزة وبعدها الحرب المفتوحة عليها والتي دامت 22 يوماً وقبلها حصار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ومن ثم بناء جدار الفصل العنصري الذي قالت محكمة العدل الدولية رأياً استشارياً في عدم شرعيته، الأمر الذي اقتضى ازالته وتعويض السكان المدنيين المتضررين، وهو ما كان ينبغي على واشنطن أن تضغط على حليفتها اسرائيل للعدول عنه والعودة الى خيار المفاوضات ضمن خارطة الطريق المقترحة، رغم عدم تلبية هذه الأخيرة للحد الأدنى من حقوق الشعب العربي الفلسطيني، لاسيما حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين.
وإذا تردد الرئيس أوباما عن تعيين السيناتور الجمهوري تشاك هيغل وزيراً للخارجية وهو شخصية متوازنة نسبياً واختار هيلاري كلينتون بدلاً عنه، فإن واحداً من الأسباب تعود الى مواقف اسرائيل ورؤيتها إزاء الحل، وكان هيغل قد زار الارض المحتلة مع أوباما والتقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس يضاف الى ذلك تعيين عدد من المستشارين معظمهم من اليهود وبعضهم من العناصر المعروفة بموالاتها لاسرائيل، بمن فيهم أمين عام البيت الأبيض رام بنيامين مانوئيل الذي سبق له ان ادى الخدمة العسكرية في جيش الدفاع الاسرائيلي عام 1997 كما تطوّع في الحرب على العراق 1991 في مكتب التجنيد التابع لاسرائيل، إضافة الى كبير المخططين الستراتيجيين لحملته الانتخابية وهو ديفيد أكسل رود، الأمر الذي قد لا يساعد في حلحلة الأمور باتجاه إيجاد حل ولو بمعيار الحد الأدنى، ولعل الاستثناء في هذا الشأن هو تعيين مستشار لأوباما للشؤون الخارجية وهو دنيس روس منسق عمليات السلام في الشرق الأوسط.
حقاً إنها تركة ثقيلة وسيتوقف حملها بجدارة على ما سينتهجه أوباما من سياسة ومراجعة وإعادة نظر بأخطاء وخطايا السياسات السابقة خلال الثمان سنوات الماضية وما قبلها!!

2- المحطة الاوروبية – الدولية!
عادت القضايا الدولية مرّة أخرى الى الواجهة في ستراتيجية الولايات المتحدة التي احتلت لنحو ثمان سنوات المكانة الأولى، ولكن هذه المرّة جاءت في إطار إدارة جديدة ديمقراطية وليست جمهورية. فبعد أن تصدّرت جهود انقاذ الاقتصاد الامريكي الحيّز الأكبر، سواءً في برنامج الرئيس باراك أوباما الانتخابي أو خلال الأشهر الأخيرة منذ توليه مسؤولية البيت الأبيض، عادت السياسة الخارجية من جديد لتأخذ موقعها المتقدم.
ولكن كيف سيتعامل أوباما مع التركة الثقيلة للرئيس بوش بخصوص أوروبا، التي أطلق عليها سلفه اسم " العجوز" عشية غزو العراق العام 2003 وممانعة فرنسا وألمانيا وبلجيكا؟ لا شك أن العودة الى المسرح الدولي وتحديداً الخشبة الاوروبية مسألة ليست بالسهولة رغم ما حظيت به توجهات الرئيس الجديد أوروبياً وما استقطبه شعبياً، لكن الكثير من العقبات والتحديّات تعترض طريقها وتقف حجة عثرة أمامها.
ما الذي ينوي فعله الرئيس أوباما؟ هل يعتزم حسبما تشير مفردات بعض عناوينه الستراتيجية الى دفع الامور باتجاه مقاربة جديدة للحرب في افغانستان بعد اعلان الانسحاب من العراق، خصوصاً بعد إعادة الانتشار للقوات الامريكية وسحبها من المدن وابقائها في معسكرات خارجها ؟ وتبرز سياسة أوباما الاوروبية بخصوص تكثيف الجهود لوقف انتشار الاسلحة، لاسيما بعد اعادة بعض عناوين وتهديدات الحرب الباردة مع روسيا بشأن الصواريخ الامريكية في بولونيا والتشيك. ويضاف الى ذلك ضم الجهود الى بعضها لاتخاذ مواقف موحدة إزاء محاربة الركود الاقتصادي على الصعيد العالمي، وهو ما تنتظر أوروبا موقفاً بشأنه يخفف عنها العبء.
ومع أن هذه الرافعات تحظى بدعم أوروبي وربما دولي، لكن ثمة اعتراضات فيما يتعلق بإرسال المزيد من الجنود الى افغانستان، من جانب ألمانيا، في حين تعترض روسيا بشدّة على إقامة نظام درع صاروخي لحلف الناتو في جمهورية التشيك وجمهورية بولونيا.
ومع ان واشنطن أكدت أنها لا تريد أن تملي على العواصم الاوروبية، كيفية الانفاق لانعاش الاقتصاد العالمي، الاّ أن الأمر ظل ملتبساً، لاسيما باعتراضات فرنسا وألمانيا ودول أخرى، وهذا سيضع مسألة وحدة الموقف الامريكي- الاوروبي أمام امتحان جديد، فقد لا تستطيع واشنطن والإدارة الجديدة لأوباما أن تسحب أوروبا خلفها، لا كما أخفق الرئيس بوش في ذلك، تاركاً ندوباً وتصدّعات على العلاقات الاوروبية- الامريكية. وإذا كان ثمة ترحيب كبير بمجيء اوباما ورحيل بوش، الاّ ان القضايا العالقة والساخنة كثيرة وستثير نقاشاً وجدلاً حاداً في الأشهر القادمة، ما لم تتضح الرؤية والمسار للسياسة الخارجية الامريكية، لاسيما بالتوافق مع أوروبا وأخذ مصالحها بنظر الاعتبار، وبخاصة الاتحاد الاوروبي كمنظمة اقليمية فاعلة ومهمة.
ومن جانبه حاول أوباما الظهور بأن عهده يشكل قطيعة من سلفه محاولاً فتح صفحة جديدة وفي إطار دبلوماسية عالية ورفيعة المستوى، رغم أن اوروبا ظلّت متحفظة مع أنها استبشرت بفوزه وهزيمة الجمهوريين، حيث شعر الاوروبيون انه تم التقليل من شأنهم خلال ادارة الرئيس بوش، الذين كانوا ينظرون اليه كصاحب قرار حاسم في الوضع الدولي، الآّ أنه يتخذ قرارات انفرادية ويمضي بتطبيقها ويضعهم أمام الأمر الواقع، ولا يراعي مصالح أوروبا بنظر الاعتبار.
لقد كانت زيارة أوباما الى اوروبا بمثابة جس النبض إزاء الموروث وإزاء المستقبل، إذ أن مشاركاته في القمم الثلاث جعلته يقدم مقاربات جديدة بشأن انعاش الاقتصاد العالمي ومحاربة الارهاب والسعي للوصول الى تأمين السلام في بعض مناطق العالم، لاسيما غير المستقرة، وإنْ ستظل القضية الفلسطينية إحدى القضايا المستعصية والمعقدة، خصوصاً في ظل صعود إدارة اسرائيلية متطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو!!
لقد كانت لندن أول محطة للرئيس الامريكي أوباما لحضور قمة الـ 20 زعيماً وبعدها شارك في قمة حلف شمال الاطلسي بمناسبة الذكرى الستين لتأسيسه حيث تم الاحتفال في ستراسبورغ، وقام بعبور الحدود الالمانية- الفرنسية، ولعل هذا الحدث مهماً، خصوصاً بعودة فرنسا الى أحضان الحلف بعد غياب استمر نحو أربعة عقود من الزمان. وبعدها زار جمهورية التشيك وتركيا، كما اجتمع بزعماء روسيا والصين، وكان جدول أعماله حافلاً وثقيلاً وعدّ أول اختبار دولي لادارته وستراتيجيته وعلاقاته الدولية.
فهل ستظل صورة امريكا كما طبعها الرئيس بوش أم ثمة اصلاحات وتعديلات تقضي تحسينها في ظل الادارة الجديدة؟ وهل ستكفي نجومية أوباما العابرة للقارات والمحيطات، في إيجاد حلول ومعالجات للأوضاع القائمة، خصوصاً إذا استطاع الحفاظ عليها؟ علماً بأن الكثير من القادة الاوروبيين يميلون الى مصاحبة أوباما، ولعلها وسيلة مفيدة لهم لكي يدعموا شعبيتهم، لكنه من جهة أخرى قد يكون الأمر عبئاً جديداً على واشنطن، بعد تركة ثقيلة قد تجعل كل ما يفكر به هو الخروج منها!؟ وليس الاستغراق في تحسينها، فقد يكون المطلوب هو تبنّي ستراتيجية جديدة تكون الولايات المتحدة بواسطتها قادرة على أن تلعب دوراً اكثر ايجابية على المستوى العالمي، بحيث تستعيد جزءًا من هيبتها وصدقيتها اللتان بددهما الرئيس بوش.
إذاً هل نحن أمام أوهام في أن استبدال بوش بأوباما سيمحي الصورة السيئة أو يغيّرها الى هذه الدرجة، أم أنها أوقات عصيبة ومعقدة لا بدّ من عمل مضني لتجاوزها؟ ولعل ذلك سيتوقف على مدى وفاء أوباما بالتزاماته ووعوده سواءً التي أطلقها في حملته الانتخابية أو بعدها، وقد حاول أوباما حسب مساعديه الاتصال بالعديد من رؤوساء العالم بعد وصوله الى البيت الأبيض، بهدف تهيئة الظروف المناسبة للاعلان عن ستراتيجيته الجديدة.
وإذا كان اغلاق سجن غوانتانامو السيئ الصيت في كوبا خطوة ايجابية، فإن الخطوة الاساسية التي ستتوقف عليها ستراتيجية واشنطن وصدقية الادارة الامريكية تتعلق بالانسحاب الامريكي من العراق تنفيذاً لوعد أطلقه وعمل على وضع برنامج له بعد وصوله الى البيت الأبيض رغم بعض التعديلات وربما الضغوط، لاسيما من جهة العسكريين. من جهة أخرى إن اعلان الاستمرار في ملاحقة تنظيمات القاعدة والشروع بالتحرك باتجاه أفغانستان وباكستان يقتضي التركيز على نجاحات محددة وليس اطلاق حملة دون تحديد مدى زمني لها.
ان الستراتيجية الامريكية، لاسيما سياسة الادارة الجديدة الخارجية وتحركاتها الدولية، ترافقت إضافة الى الحضور الاوروبي، اتخاذ اجراءات على الصعيد الداخلي، لاسيما عمليات التحفيز الاقتصادي والاصلاح الاداري في مجالات الرهن العقاري والسكن والاستقرار المالي وغيرها، ولكن السبيل للخروج من المأزق يبقى صعب المنال إن لم تتخلص الادارة الجديدة من التركة الثقيلة، لاسيما على الصعيد الخارجي.

3- استحقاقات أوباما

استثمر أوباما ومن خلفه الديمقراطيين ثلاث قضايا أساسية لهجومهم ضد الجمهوريين، وهذه المسائل الاشكالية الثلاث تشكل المحتوى الرئيسي للاستراتيجية الامريكية على المستوى الكوني.
القضية الأولى السياسة الداخلية، لاسيما بعد اندلاع الأزمة المالية المعروفة باسم " الديون المسمومة" والتي انفجرت في خريف العام 2008 وشتاء العام 2009، وتحوّلت أزمة الرهن العقاري وانخفاض سعر الدولار وانهيار شركات تأمين كبرى وبنوك عالمية، الى أزمة اقتصادية ومالية طاحنة، ساهمت بامتياز في فوز الديمقراطيين، خصوصاًُ في ظل الهلع الذي اصاب الناخب الامريكي وضياع مدخّرات أصحاب دخول محدودة، ناهيكم عن الأفق الغائم للسياسات الاجتماعية والصحية والخدمية خلال السنوات الثمان الأخيرة.
وقد قدّم أوباما برنامجاً يختلف تماماً عن برنامج ماكين فيما يتعلق بالسياسة الداخلية، لاسيما فرض الضرائب على الأغنياء وأصحاب الثروات الكبيرة، ودعوته الى تدخل الدولة لحماية العملية الاقتصادية، ونزعته الاجتماعية لتحسين نظام الصحة والتعليم وتقليص البطالة. وركز أوباما في برنامجه الانتخابي على السياسة الداخلية، وهو ما أكسبه ثقة أكبر من الشعب الامريكي الذي عانى الكثير خلال ولاية الرئيس بوش، في حين أن منافسه ماكين ركّز على السياسة الخارجية دون أن يقدّم برنامجاً مختلفاً عن برنامج سلفه الجمهوري أو اعادة النظر به.
أما القضية الثانية، فقد كانت تخص السياسة الخارجية، حيث ظلّت تؤرق الامريكان وأعني بها الحربين المفتوحتين في كل من أفغانستان العام 2002 والعراق العام 2003، وقد وقعت الولايات المتحدة بسبب هاتين الحربين في ورطة حقيقية وتعرّضت سمعتها الى الهبوط تدريجياً حتى وصلت الى الحضيض، الأمر الذي أخذه أوباما بنظر الاعتبار عند صياغة برنامجه حين دعا الى انسحاب سريع قدر الامكان من العراق، على ان تبدأ عملية الانسحاب في منتصف العام 2009، (حيث تم انسحاب القوات الامريكية من المدن العراقية الى معسكرات خارجها) وفي ذلك تأكيد جديد على إقرار العسكريين بفشل الحل العسكري، مع تركيز الحملة على أفغانستان بسبب تهديدات تنظيمات القاعدة ونشاطها المعروف، رغم الاعتراف بامكانية التفاوض مع قيادات طالبان المعتدلة.
ولعل هناك علاقة وثيقة بين الحرب على العراق وبين الملف العربي- الاسرائيلي الذي يستمر منذ ستة عقود من الزمان، فقد أهملت إدارة الرئيس بوش هذا الملف طيلة ثمان سنوات، في حين تم تفعيله في فترة حكم الرئيس كلينتون، خصوصاً الدعوة الى انشاء دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل، لكن اسرائيل استثمرت فترة وجود بوش في الحكم، إضافة الى أحداث 11 أيلول (سبتمبر) الارهابية فتنكرت لخارطة الطريق وزادت من تعنّتها، بل قامت ببناء جدار الفصل العنصري رغم صدور قرار استشاري من محكمة العدل الدولية يدعو الى تهديمه وعدم اكماله لعدم شرعيته، كما فرضت عقوبات جماعية ضد الفلسطينيين، لاسيما بحصار غزة ومارست أعمال الارهاب والعنف المنفلت من عقاله، والأكثر من ذلك يوم شنت هجوماً عدوانياً على لبنان (في 12 تموز /يوليو 2006) بتشجيع وتواطؤ من إدارة بوش الذي بشّرت بميلاد شرق اوسط جديد، كما جاء على لسان كونداليزا رايس وزيرة خارجية واشنطن، وفيما بعد قامت بعدوانها المفتوح على غزة والذي دام 22 يوماً.
أما القضية الثالثة فهي ذات بُعد دولي أيضاً فتتعلق بشقين: الشق الأول- هو الملف الروسي الذي عاد الى الحضور بشدة بما يذكّر بعهد الحرب الباردة، خصوصاً بالضد من سياسات واشنطن الاستفزازية على الجوار الروسي، في القوقاز والبلقان وأوروبا الشرقية، وبشكل خاص محاولة نصب دروع صاروخية في كل من جمهوريتي التشيك وبولونيا وتوسيع نطاق دائرة حلف الناتو، الأمر الذي أثار حفيظة روسيا فأصدرت عدة إشارات، كان أولها الرد المباشر في جورجيا، خصوصاً وأن الدب الروسي هو قطب مهم ولا يمكن الاستهانة به، وكادت أوكرانيا بعد جورجيا أن تكون قاب قوسين أو أدنى من خطتها " الدفاعية".
وإذا كانت روسيا حاسمة بشأن الاوضاع في امبراطوريتها القديمة، لكنها في الوقت نفسه تدرك مخاطر السير في سباق تسلّح وحرب باردة ليس بوسعها أو لا يمكنها المضي فيها، ولعلها تتطلع الى تعامل مختلف من جانب أوباما، الذي لا بدّ له أن ينظر بواقعية أكبر وتوازن أكثر الى ملف العلاقات.
أما الشق الثاني فهو الملف الايراني، والمقصود هنا بشكل خاص المفاعل النووي الايراني وتخصيب اليورانيوم، وهو ملف متوتر ومعقد بين البلدين منذ العام 1979 ولحد الآن. فإيران تشكل بنظامها الاسلامي ومعاداتها للسياسة الامريكية وموقفها المناوئ لاسرائيل إضافة الى تحالفها مع سوريا، عقبة كأداء أمام السياسة الامريكية، بغض النظر عن مشاريعها وأهدافها الخاصة ف يمنطقة الشرق الأوسط.
وإذا كان أوباما يسعى لفتح حوارات وتنشيط دبلوماسية حازمة كما قال، فلا بدّ من التفكير ببعد نظر إزاء الملف الدولي خصوصاً الروسي والايراني، دون مغامرات أو ردود فعل تلحق ضرراً بمصالح واشنطن، كما فعل سلفه بوش من قبل، وهو ما يشكل الاستحقاق في ستراتيجيته الدولية.

4- أولويات الرئيس أوباما!!

لم تعد قضية العراق تستحوذ على الاهتمام المطلوب أو أن لها الأولوية الاساسية، خصوصاً لدى واجهات وعناوين الصحف ووسائل الاعلام، ولعل الامر لا يعود الى ثانوية المسألة العراقية، بل بسبب انهيار مؤشر داوجونز وطغيان أعراض الأزمة المالية، والتي ضاعفها استمرار المأزق العراقي بوجود 150 الف جندي أمريكي في العراق وتكلفة أكثر من ثلاث تريليونات من الدولارات.
ولعل هذه المرة هي الأولى حين يفوز حزب معارض على حزب حاكم في ظل استمرار الحرب، سواءً منذ احتلال أفغانستان 2002 واحتلال العراق 2003 وقبلها الحرب على الارهاب 2001، كما أنها المرة الأولى حين ينتخب الشعب الامريكي رئيساً بعد جيلين من الحرب العالمية الثانية، وهو مولود بعدها.
تراجعت قضية العراق في نظر الرأي العام الامريكي والرئيس أوباما لأن الذي حلّ محلها شبح الأزمة المالية الخانقة وقضايا الرعاية الصحية، لدرجة أن الكثير من الأمريكيين في ظل تلك الدوامة لم " يلتفتوا" الى الجنود العائدين من العراق وأفغانستان، رغم حساسية موقف مثل ذاك، خصوصاً للعسكرية والوطنية الامريكية، ولسيل الدعاية الصاخب.
ويعود السبب الأول في هذا " النسيان"، إذا جاز القول، هو تحوّل انتباه الرأي العام والكثير من الامريكيين الى المشاكل الداخلية وليس الى مأزق العراق، أما السبب الثاني فيعود الى الأزمة الاقتصادية وانهيار الاسواق، والسبب الثالث هو ان الدعاية الامريكية ضجّت بشأن انخفاض موجة العنف في العراق، لاسيما إزاء الجنود الامريكيين، الذين وصلت نسبة قتلاهم الى 4320 قتيلاً واكثر من 26 الف جريح حسب الاحصاءات الرسمية، وهي احدى مفارقات الوضع العراقي.
وإذا كان هناك سبب رابع فإن المعركة الانتخابية ذاتها لم توضح الفرق الكبير في الموقف من العراق بين أوباما وماكين، وقد عكست ذلك استطلاعات الرأي العام التي كانت تؤكد أن حرب العراق لا تلقى تأييد الامريكيين بسبب الأزمة الاقتصادية وصعوبات الطاقة والرعاية الصحية ومشاكل وعقبات اجتماعية، وتلك كانت في صلب الاهتمامات التنافسية للمرشحين وتصدّرت أولوياتهم، بما فيها بعض القضايا المثيرة مثل حق الاجهاض وزواج المثليين وغيرها.
وإذا اعتقد المرشح الجمهوري ماكين البالغ من العمر 72 عاماً والمشارك في حرب الفيتنام، ان الأمن القومي هو الورقة " الرابحة" فإن المرشح الديمقراطي الشاب كانت ورقته الفائزة بامتياز هي قضايا الاقتصاد والرعاية الصحية والخدمات ومسائل اجتماعية تهم المواطن الامريكي، وبخاصة جمهرة الفقراء أو من هم دون خط الفقر البالغ عددهم أكثر من 40 مليون نسمة، ولعل هذا الاصطفاف هو الذي حسم الأمر وحدد الأولويات على نحو واضح ودون لبس أو غموض.
لقد عكس التحول غير المتوقع في الأحداث السياسية كفة الرجحان الى أوباما وبرنامجه الاجتماعي والاقتصادي وليس للسياسة الخارجية حسب، بعد أن كانت الانتخابات النصفية في الكونغرس الامريكي عام 2006 ترفع شعار الانسحاب من العراق عالياً، وهي المسألة التي لعبها الديمقراطيون على أحسن وجه آنذاك.
وقد ظن ماكين أن سياسة زيادة القوات قد نجحت لذلك تمسّك بها، في حين أنها أصبحت ورقة محروقة كما يقال، وأن النجاح كان يعني صرف الانظار الى مسائل أخرى، وهو ما سعى أوباما للعزف عليه بايقاع مؤثر، وهكذا تماهى الموقف بين الفريقين في مسألة الانسحاب التدريجي من العراق، في حين ظلاّ يختلفان في المدة الزمنية، مثلما يختلفان حول التاريخ والماضي.
وكان أوباما قد أعلن ان القوات الامريكية ستنسحب من العراق، بينما قال منافسه الجمهوري الذي انهزم شر هزيمة أن وعود الانسحاب تتسم بالتهور، لكنه رأى فرصة لخفض حجم القوات، وهذه الارضية المشتركة للانسحاب، رجحت كفة أوباما، خصوصاً بإيلاء اهتمام أكبر للقضايا الاقتصادية والاجتماعية.
ان الجنود الامريكان الذين ما زالوا حتى الآن يستقبلون في مطار دالاس بعبارات "بارك الرب أمريكا" و" شكراً للرب"، كانوا يقابلون عند عودتهم من فيتنام بالازدراء والاهانة، خصوصاً عندما أصبح الرأي العام ينظر الى استمرار حرب فيتنام بمثابة كارثة وطنية، الأمر الذي لم يتحقق في حرب العراق حتى الآن. فهل ستزيد الأزمة الاقتصادية من شعور النسيان أم ستساعد على إعادة النظر بالأولويات وتمهّد لتنفيذ باراك أوباما لوعوده بالانسحاب التدريجي، ذلك السؤال سيتحدد في ضوء تنفيذ الخطة الستراتيجية للرئيس أوباما، خصوصاً عند استحقاق الاتفاقية العراقية- الامريكية في نهاية العام 2011!؟
إن تكاليف غزو العراق وصلت الى 3 تريليون دولار وفقاً لتقديرات جوزيف ستيكليتز ولندا بيلمنس، فهل كانت هذه خطة محكمة لاستنزاف الولايات المتحدة؟ الجواب هذه المرّة جاء من أسامة بن لادن وهو جالس في كهفه الذي قال في تشرين الثاني (نوفمبر) 2004 وهو يفخز بنجاح ستراتيجيته في جعل أمريكا تنزف الى حد الافلاس، حين ردد ساخراً: أن كل دولار أنفقته القاعدة في حملتها كلّف الامريكان بالمقابل مليون دولار.
وإذا كان أوباما بذكائه وحضوره قد استطاع تحسس جزء مهم من نبض الشارع الامريكي عندما لامس قضاياهم الحياتية مباشرة ودعا الى تنظيم الأسواق وأن على الحكومة أن تلعب دوراً لا غنى عنه في مسار الاقتصاد، الأمر الذي جعل ماكين يهاجمه باعتباره " اشتراكي"، وهي تهمة نفعته بالقدر التي أضرّت ماكين.
فهل سيدرك أوباما أن السياسة الداخلية ليست بمعزل عن السياسة الخارجية، وهذه الأخيرة التي هي انعكاس للسياسة الداخلية ووجه آخر من وجوهها، ولا يمكن تحقيق نجاح في أحدهما والاخفاق في الأخرى، لأن الفشل سيمسح النجاح، وما عليه إذا أراد انجاز برنامجه الاجتماعي – الاقتصادي وامتصاص الأزمة المالية الطاحنة، الاّ إعادة النظر بسياسة واشنطن الخارجية، والاسراع بتنفيذ وعوده بالانسحاب من العراق مثلما أعلن ذلك، وقبل فوات الأوان. وكما يقال ليس المهم تحقيق الفوز، بل المحافظة عليه والسعي لمواصلته وتوسيع دائرته، فهل سيستطيع أوباما أن يفعل ذلك وكم سيحتاج من الوقت؟ ومن أين سيبدأ؟
هذه أسئلة واجهت الرئيس أوباما منذ أن وطأت قدماه عتبة البيت الأبيض، وستظلّ تلحّ عليه وتضغط بشدة إن لم يجد أجوبة مناسبة لها.

5- أوباما " شرق أوسطياً "!!

لاشك ان سياسة الرئيس بوش والجمهوريين خلال السنوات الثمان كانت هي الأسوأ، لاسيما بخصوص المسألة الفلسطينية والصراع العربي- الاسرائيلي، حيث أدخلت الولايات المتحدة في نفق مظلم زاد منه قتامة المشهد السياسي، خصوصاً بعد احتلال العراق.
ولهذا استبشر الكثير من العرب بالهزيمة التي مني بها الجمهوريون، وعبّروا عن ارتياحهم للفوز الساحق الذي حققه الديمقراطيون بفوز باراك أوباما، ويأتي نجاحه بعد فترة قاسية بالنسبة للعرب والفلسطينيين، حيث زادت من صورة الولايات المتحدة سلبية وتدهوراً في العالم العربي، فإضافة الى احتلال العراق العام 2003، فقد بررت واشنطن لاسرائيل عدوانها على لبنان العام 2006 معتبرة ذلك ولادة جديدة للشرق الأوسط، على حد تعبير وزيرة خارجية الولايات المتحدة كونداليزا رايس خلال العدوان، وحاولت واشنطن ثني مجلس الأمن الدولي من إصدار أي قرار يدعو الى وقف القتال، ناهيكم عن إدانة اسرائيل، متنصلة عن موقعها الدولي باعتبارها عضوا دائم العضوية في مجلس الأمن الدولي، إضافة الى كونها معنية بشكل خاص بالملف العربي – الاسرائيل.
وقد وصلت القضية الفلسطينية في فترة رئاسة بوش الى طريق مغلق بسبب التعنت الاسرائيلي والعنف والارهاب الذي مارسته اسرائيل خلال الفترة المنصرمة، خصوصاً بعد تعثر اتفاقيات أوسلو، ومسار خارطة الطريق الفلسطينية- الاسرائيلية، وبالأخص الآفاق المضببة التي واجهتها قبل نهاية العام 1999 وحتى الآن، بما فيها بعد ذلك بناء جدار الفصل العنصري وتقطيع أوصال الارض الفلسطينية ومحاصرة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وتطبيق عقوبات اقتصادية مشددة ضد قطاع غزة خلافاً للشرعية الدولية ولمبادئ حقوق الانسان وقواعد القانون الدولي الانساني.
لعل بعض العرب يتوقعون أن يقدّم الرئيس أوباما شيئاً جديداً مختلفاً عن ادارة بوش، وهو وإن كان ممكناً، الاّ أنه ينبغي أن نأخذ بنظر الاعتبار ثبات أهداف السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط مع تغيير الرؤساء، إضافة الى تغلغل النفوذ الصهيوني واللوبي المساند لاسرائيل مالياً واقتصادياً واعلامياً وحكومياً، لكن الأمر يحتاج الى جهود ومثابرة ونضال على مختلف الجبهات وبجميع الأسلحة، وذلك ما ينبغي على العرب أن يأخذوه بالحسبان عند التصدي والمعالجة للقضية الفلسطينية وللصراع العربي – الاسرائيلي، سواءً من خلال تفعيل المبادرة العربية لعام 2002 أو ما بعدها، باتجاه حل يؤدي الى اقامة دولة فلسطينية على أساس حق تقرير المصير، وإن كان لا يلبّي كامل طموحات الشعب العربي الفلسطيني.
وإذا كانت الأزمة المالية التي لم يشهد لها العالم مثيلاً بعد الكساد العالمي والانكماش الاقتصادي للفترة 1929-1933، فإن الأولويات ستتجه بلا أدنى شك لمعالجة هذه الأزمة، بما فيها النفقات الباهظة للحربين المفتوحتين منذ عام 2002 و2003 وأعني بذلك الحرب في أفغانستان والحرب في العراق.
لكن الرئيس أوباما الذي كان قد أبدى اهتماماً خاصاً بالشرق الأوسط، عشية انتخابه بما في ذلك زيارة فلسطين ولقاء الرئيس محمود عباس، ليس بوسعه التقدم بتحركات واسعة ونشيطة على هذا الصعيد، إن لم يتبين هناك رغبة شديدة وقدرة على التأثير لفتح هذا الملف المعقد، والذي كان منذ عهد كلينتون قد توقف عند تأييد قيام دولة فلسطينية، لاسيما في أشهره الأخيرة، لكنه لم يمضِ قدماً، حيث بهتت الدعوة وبردت همّة الداعين اليها في ظل تصاعد الارهاب الاسرائيلي، فازدادت الصورة سوءًا وقتامة، خصوصاً بعد قمع الانتفاضة السلمية الفلسطينية منذ 28 أيلول (سبتمبر) 2000 وحتى الآن، وقد تدهور الأمر على نحو مريع بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) الارهابية- الاجرامية التي حصلت في الولايات المتحدة والتي استغلتها اسرائيل أبشع استغلال، فشنّت حملات متتالية لقمع الفلسطينيين وملاحقتهم واتهامهم بالارهاب.
كيف للرئيس أوباما أن يبدأ سياسة نشطة في الشرق الأوسط، بعد أن راوحت الولايات المتحدة في مكانها طيلة السنوات الثمان، هل بتعيين رام بنيامين مانوئيل كبيراً لموظفي البيت الأبيض (الأمين العام )!؟ وهو من أصل يهودي (اسرائيلي)، وأدّى الخدمة في جيش الدفاع الاسرائيلي العام 1997، وتطوّع في مكتب تجنيد تابع للجيش الاسرائيلي في فترة سبقت حرب الخليج الاولى ضد العراق العام 1991، كما أشرنا.
جدير بالذكر ان بنيامين والد رام مانوئيل كان عضواً في منظمة الارغون السرية الصهيونية ، التي مارست أعمالاً ارهابية في فلسطين منذ العام 1931 ولغاية العام 1948، أي حتى قيام اسرائيل في 15 أيار(مايو) 1948، وقد هاجر هو وأسرته الى شيكاغو في الستينات، كان قد صرح بعد تعيين ولده مانوئيل بأن اختيار ابنه سيكون عاملاً مساعداً للتأثير على الرئيس أوباما ليكون صديقاً لاسرائيل، ولم يكن هو عكس ذلك، لكن والد مانوئيل يريده أكثر صداقة وحميمية مع اسرائيل، وهذا يعني فيما يعنيه ادارة الظهر عن العرب والفلسطينيين، والتخلي عن دور الرعاية أو الضامن لاتفاق خارطة الطريق، أو وضعها ومعها فكرة الدولة الفلسطينية في الأدراج، ولعل ذلك سعي ثابت من جانب اسرائيل مع جميع الرؤساء الامريكان جمهوريون كانوا أم ديمقراطيون!!؟ فهل ستفلح اسرائيل في ذلك أم أن الأمر سيكلّف واشنطن خسائر جديدة فادحة، وهي الخسائر التي كانت سبباً في تدهور شعبية الرئيس بوش وحزبه الجمهوري!؟
إذا أراد الرئيس أوباما أن يعيد جزءًا من " صدقية" الولايات المتحدة لاسيما في الشرق الأوسط، تلك التي نزلت الى الحضيض، فما عليه الاّ اتخاذ سياسة نشيطة ومتوازنة بحيث تضغط على حليفتها اسرائيل لتنفيذ مقررات ما يسمى بالشرعية الدولية رغم انتقامها من مبادئ القانون الدولي المعاصر أحياناً.
ولعل التخلص من هيمنة " الصقور" الذين مسكوا بمقاليد البيت الأبيض طيلة ثمان سنوات وسياسات التصعيد التي عرفتها واشنطن منذ أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، والضغط على حكومة اسرائيل ولاسيما بعد وصول نتنياهو الى سدة الحكم للامتثال بخيار الدولتين، في حين أن اخذت تشدد على أطروحة تطالب بها العرب " الاعتراف باسرائيل دولة نقية لليهود" ، الأمر جعل الأفق غائم وزاد من احتمالات استمرار الحال على ما هو عليه، وهذا سيعني فيما يعنيه فشل في واحد من الملفات المهمة والساخنة التي ستلقي ظلالها على العرب والفلسطينيين!!

أوباما: شرق أوسط ممكن.. شرق أوسط مستحيل!

انطفأ الحديث الذي راج خلال السنوات الماضية، لاسيما في فترة الرئيس بوش بخصوص " الشرق الأوسط الكبير"، والذي استُبدِل أو طُوِّر الى فكرة "الشرق الاوسط الجديد" التي روَّجت اليها وزيرة خارجية الولايات المتحدة كونداليزا رايس خلال العدوان الاسرائيلي على لبنان في 12 تموز (يوليو) 2006 حين قالت : أنه مخاض حيث سيولد بعدها شرق أوسط جديد، لكن تلك " النبوءة: لم تتحقق، بل إن الذين دعوا اليها سرعان ما عادوا يتحدثون عن الاستقرار والأمن بعد مشاريع وطموحات كبرى بحلول ربيع الحرية وبزوغ شمس الديمقراطية، لا في العراق حسب، بل في عموم المنطقة، الأمر الذي سيضعُ هذه الاخفاقات والطموحات غير الواقعية أمام الرئيس أوباما.
ولعل الشرق الأوسط البوشي (الأب) والكلينتوني والبوشي (الابن) لم يكن ممكناً، لاسيما في ظل اختلال موازين القوى بين العرب والاسرائيليين، حيث وصلت اتفاقيات أوسلو التي تم التوقيع عليها عام 1993 الى طريق مسدود بسبب النهج الاسرائيلي المتعنّت والممالئة الامريكية التي أدّت الى استخفاف تل أبيب بقرارات الشرعية الدولية والتنكر لحقوق الشعب العربي الفلسطيني. فهل سيتمكن الرئيس أوباما وضع خطة جديدة وانتهاج سياسة واقعية من شأنها أخذ تكوينات الشرق الأوسط بنظر الاعتبار، لا برسم سياسة أثبتت حتى الآن استحالتها لتغيير خارطة الشرق الأوسط طبقاً لهوى الادارة الامريكية ومشاريعها الامبراطورية الحالمة، بل بالنظر الى امكانية تطبيقها واقعياً على الارض، حتى وإن كانت بمرارة أيضاً!؟
سيكون التفكير بشرق أوسط ممكن أو واقعي هو أحد التحديات التي تواجه الرئيس أوباما، إذ أن ذلك سيكون محل اختبار لمدى نجاحه في تجاوز السياسات الخاطئة التي اتبعها سلفه الرئيس بوش، حيث أنها كانت الأسوأ في تاريخ المنطقة، وفقدت الولايات المتحدة صدقيتها لا أمام خصومها التقليديين حسب، بل حتى بالنسبة لأصدقائها المقربين، وضعُفت الى درجة كبيرة، الكثير من عوامل الوصل وجسور الثقة بينها وبين العرب.
وقد ساهمت أحداث 11 أيلول (سبتمبر) الارهابية الاجرامية في قتامة الصورة، خصوصاً بعد ردود الفعل الخاطئة والتي ألحقت ضرراً بسمعة الولايات المتحدة كدولة عظمى لها مسؤولياتها في إطار المُنتظم الدولي، لاسيما في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، كعضو دائم العضوية.
وإذا كانت فترة الثمان سنوات الماضية قاسية في الشرق الاوسط بشكل عام فإنها كانت الاقسى بالنسبة للعرب، خصوصاً في فلسطين والعراق ولبنان ويمكن أن نضيف عليها السودان والصومال وغيرها، حيث شهدت احتلالاً للعراق العام 2003 بعد احتلال أفغانستان العام 2002 وعدواناً اسرائيلياً بتشجيع أمريكي على لبنان العام 2006، وحصاراً ما زال مستمراً على غزة بعد العدوان عليها (أواخر العام 2008 ومطلع العام 2009)، ناهيكم عن تدهور في المسار السلمي ووصول اتفاقيات أوسلو الى طريق مسدود منذ العام 1999.
ولم تفلح كل محاولات اعادة الروح الى اتفاقيات أوسلو وتحريك المسار السلمي المتعثر، رغم اجتماعات واي ريفر وخارطة طريق جديدة، بل انها سارت باتجاهات أخرى، خصوصاً في ظل عاملين أساسيين: الاول- استمرار العنف والارهاب، لاسيما المتمثل بـ حصار غزة بعد حصار الرئيس عرفات حتى وفاته وبناء جدار الفصل العنصري والثاني – تخلّي الولايات المتحدة عن دور الراعي أو الضامن وانحيازها الكامل الى اسرائيل، الأمر الذي فاقم من تردي الاوضاع وتدهورها.
وإذا أضفنا موضوع احتلال العراق وما تبعه من انفلات أمني وعنف طائفي وتشظي مجتمعي واستشراء الميليشيات وتفشي الفساد والرشوة الى درجة مريعة، ناهيكم عن ورطة الجيش الامريكي ذاته في حرب لا نهاية لها، فإن التغيير سيتخذ طابعاً أكثر إلحاحاً بخصوص الستراتيجية العامة، وهو ما وعد به الرئيس أوباما في حملته الانتخابية، التي اتخذت من " التغيير" Change عنواناً، سواءً على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الخارجي.
هل سيكون ممكناً بالنسبة للرئيس أوباما تحويل منطقة الشرق الأوسط الغنية بالحضارة والثروة والتنوع الثقافي، الى منطقة سلام، بدلاً من الحرب والعدوان والحصار، وهدر حقوق الانسان؟ وكيف السبيل لدور للولايات المتحدة إذا ما قررت ذلك؟
ولعل هذا الأمر يضع عدداً من الاستحقاقات أمام الادارة الامريكية:
1- اتخاذ سياسة معتدلة في الشرق الأوسط، لاسيما بين العرب والاسرائيليين، الأمر الذي يتطلب أولاً وقبل كل شيء كإجراء عاجل وانساني، انهاء حصار غزة وفتح جميع المعابر وتيسير حركة السكان المدنيين بإنسيابية على نحو يضمن حقوق الانسان الجماعية والفردية، وتهيئة المستلزمات لتمكين الشعب العربي الفلسطيني من تقرير مصيره بنفسه وإقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين ووقف المستوطنات، طبقا للشرعية الدولية والقرارات الدولية 181 و194 و 242 و338. وهذا يعني مواصلة الجهود التي بذلها الرئيس كلينتون بشأن " الدولة الفلسطينية" ، لاسيما في آخر عهده، والتي بردت أو تكاد تكون تلاشت في عهد الرئيس بوش.
2- تنفيذ الوعود التي اطلقها الرئيس أوباما بالانسحاب من العراق و"انهاء الاحتلال"، والشروع بتخفيض القوات الامريكية، ولعل هذا الأمر لا يتعلق بالعراقيين حسب، وإنما يتعلق أيضا بمأزق السياسة الامريكية وأزمتها الاقتصادية الطاحنة، التي انعكست على العالم أجمع، خصوصاً تحمّل أعباء وتكاليف حربين مفتوحتين منذ العامين 2002 و2003 ومعها "الحرب على الارهاب الدولي" منذ العام 2001، وهي حروب حقيقية وبلا حدود، وهذا يتطلب من الرئيس أوباما مراجعة جدية وخطوات عاجلة وسريعة، بدلاً من الاستمرار في التوغّل بالمزيد من الأخطاء والخطايا.
وإذا كان الأمر يقتضي عدم حصول فراغ سياسي وأمني وعسكري، وهو مسألة مشروعة ومهمة فلا بدّ من نقل المسؤولية مؤقتا الى الأمم المتحدة بصورة تزامنية تبدأ مع الانسحاب، وهذا يحتاج الى تعهدات من المجتمع الدولي بحماية سيادة العراق لدى تعرّضها للانتهاك من أي طرف خارجي، وتعهد عربي وإقليمي بمساعدة العراق، على إعادة الاعمار، وذلك في إطار خطة ستراتيجية دولية، لمعافاة العراق الأمر الذي يمهد لإجراء انتخابات ديمقراطية باشراف دولي وفي إطار التعددية واحترام حقوق الانسان وفي ظل الخيار الديمقراطي، الذي ينبغي أن يكون حاسماً ولا عودة فيه.
ولعل هذه الخطوة تتطلب اسقاط جميع الديون عن العراق وتعويضه عما لحق به من غبن وأضرار طيلة السنوات الماضية والعمل على اخراجه من الفصل السابع الخاص بالعقوبات طبقاً لميثاق الامم المتحدة، بل والأكثر من ذلك تعويضه عن الخسارة البشرية، لاسيما في العقول والأدمغة ونهب الآثار والممتلكات التاريخية، وتتطلب العدالة الدولية مساءلة المتهمين بممارسة التعذيب وانتهاك حقوق الانسان والمُفسدين ومن قاموا بهدر المال العام في فترة الحاكم المدني بول بريمر أو ما بعده.
3- اتخاذ علاقة متوازنة تقوم على أساس الحوار والمصالح المشتركة والمنافع المتبادلة مع سوريا، والسعي لإحداث نوع من الانفراج لتنقية الاجواء بدلا من توتيرها مع لبنان، والضغط على اسرائيل للامتناع عن العدوان مجدداً على لبنان واحترام سيادته وإعادة مزارع شبعا اليه، وإعادة الجولان الى سوريا في إطار تسوية سلمية شاملة، الأمر الذي يقتضي أيضاً فتح حوار مع إيران، طبقاً لخطة بيكر- هاملتون (أواخر العام 2006) واشراكها وسوريا في بحث حلول ايجابية في المنطقة.
اما موضوع الملف النووي الايراني الشائك والمعقد، فهو يحتاج الى الصبر والمزيد من الحوار والتفاهم والضغط الدولي السلمي لتقديم ضمانات حول الوجهة السلمية للمفاعلات النووية الايرانية، وطبقاً للمتطلبات والمعايير الدولية لمنظمة الطاقة وللمعاهدات والاتفاقية الدولية بهذا الخصوص، وعدم الاستخدام للأغراض الحربية، وسيكون الأمر ممكناً إذا ما توفرت فرصة السلام الحقيقي، خصوصاً بإقامة الدولة الفلسطينية والانسحاب الامريكي من العراق، إذ أن مثل هذه الأجواء ستنعكس على ملف العلاقات الايرانية- الامريكية إيجاباً.
4- دمقرطة المنطقة، ولعلها المسألة الملحّة الأخرى، بل هي الوجه الثاني للسلام والتقدم والتنمية، ذلك تشجيع خطط الاصلاح والتحديث والدمقرطة في المنطقة يقتضي فتح حوارات على المستوى الدولي لتنشيط ثقافة الديمقراطية واحترام حقوق الانسان، لدى الجميع، الأمر الذي يتطلب احترام المعايير الدولية، لاسيما قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 4 كانون الاول (ديسمبر) العام 2000، القاضي بالتنوع الثقافي وعدم وجود موديل واحد للديمقراطية مع تاكيد احترام خاصيات الشعوب والأمم وتراثها الانساني، إضافة الى المشترك الانساني الدولي. ولعل هذا الأمر يتطلب اشراك المجتمع المدني ومؤسساته في القرار وتطويق الارهاب، خصوصا ببحث أسبابه وجذوره الاجتماعية والاقتصادية ومعالجة آثاره بهدف القضاء عليه واستئصال شأفته ووضع حد لهذه الظاهرة المشينة.
وبقدر نجاح أوباما في مواجهة هذه التحديات بشجاعة وجرأة سيكون قد حقق له وللولايات المتحدة ولمنطقة الشرق الأوسط، فرصة كبيرة للسلام الممكن وليس المستحيل وهذا بدوره سيسهم في تعزيز التنمية والديمقراطية والتخلص من إخطبوط الارهاب الدولي.!!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بغداد - واشنطن: الحوار حول المستقبل
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (1)
- 5 اتجاهات إزاء الفيدرالية في العراق
- الفيدرالية في البرلمان الكندي
- 92 عاماً على وعد بلفور
- تراثنا والمشاحنة الفكرية للمجتمع المدني
- المجتمع المدني بين الفلسفة والقانون
- كيف نقرأ إستراتيجية أوباما عربيا?
- تقرير غولدستون وقلق -إسرائيل-
- تجارة الأعضاء البشرية: أين المسؤولية؟!
- السجون السرية وجدار الصمت
- استراتيجية أوباما والإرث الثقيل
- أول اختبار لأوباما في الأمم المتحدة
- صورة الأمم المتحدة
- - سعد صالح: الضوء والظل- في الوسطية والفرصة الضائعة-.
- كل عام وأنتم بخير
- العرب وثقافة ما قبل الدولة
- النفط وألغام الصراع في العراق
- تذبذب أوباما إزاء العدالة الدولية
- جرائم تحتاج إلى تحقيق


المزيد.....




- بالأسماء.. 48 دول توقع على بيان إدانة هجوم إيران على إسرائيل ...
- عم بايدن وأكلة لحوم البشر.. تصريح للرئيس الأمريكي يثير تفاعل ...
- افتتاح مخبأ موسوليني من زمن الحرب الثانية أمام الجمهور في رو ...
- حاولت الاحتيال على بنك.. برازيلية تصطحب عمها المتوفى إلى مصر ...
- قمة الاتحاد الأوروبي: قادة التكتل يتوعدون طهران بمزيد من الع ...
- الحرب في غزة| قصف مستمر على القطاع وانسحاب من النصيرات وتصعي ...
- قبل أيام فقط كانت الأجواء صيفية... والآن عادت الثلوج لتغطي أ ...
- النزاع بين إيران وإسرائيل - من الذي يمكنه أن يؤثر على موقف ط ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي يشيد بقرار الاتحاد الأوروبي فرض عقو ...
- فيضانات روسيا تغمر المزيد من الأراضي والمنازل (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ستراتيجية أوباما: قراءة في الثابت والمتغيّر