أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إبراهيم الحسيني - أتيليه القاهرة على صفيح ساخن















المزيد.....

أتيليه القاهرة على صفيح ساخن


إبراهيم الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 2821 - 2009 / 11 / 6 - 23:43
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


يمر أتيليه القاهرة بمحنة عصيبة ، يتبادل أعضاؤه الاتهامات ، يتخندقون ويتعصبون فرقا وشيعا ، يسوده الاحتقان والتربص والضغينة ، بما يهدد بضياعه أو تآكل دوره ، كمنبر من أهم المنابر الثقافية المصرية والعربية ، فهو صيغة عبقرية نادرة ـ دون المنظمات والمنابر الثقافية المصرية والعربية والشرق أوسطية ـ يكاد يكون المنبر الوحيد الذي يجمع معظم الفنون والآداب ، ويضم في عضويته شعراء فصحى وعامية ، شعراء العمودي والتفعيلة وقصيدة النثر وكتاب أغاني ، قصاصين وروائيين ومسرحيين ونقاد وباحثين في علم الجمال أكاديميين وموهوبين ، ويفخر بوجود معظم ـ إن لم يكن كل ـ فناني مصر التشكيلين رسامين ونحاتين ومصورين من كافة المدارس والمذاهب الكلاسيكية والعصرية ، ويكاد يكون المنبر الثقافي الوحيد الذي يتجاوز الأوطان والأقطار ويفتح باب عضويته للأخوة العرب ، ومن بين أعضائه فلسطينيين وليبين كتاب وفنانين ، هذا هو الأتيليه وهكذا نشأ منتصف القرن العشرين ، بيت للكتاب والفنانين ، يتبادلون الخبرة الإبداعية والجمالية : بين الريشة والقلم .. بين الحروف والألوان ، فنانين يتذوقون نغم الكلمات شعرا ونثرا وفكرا ، وكتاب يتذوقون موسيقى الألوان والمساحات والخشب والحجر ، مبدعون تجمعهم الفنون والآداب ، في صيغة تقوم على احترام الحوار والتعدد والتباين والتنوع وحق الاختلاف ، هذا الأتيليه بيتي وبيت أقراني ، ماذا دهاه ؟ أية يد آثمة تعبث به ، تتطاول على تاريخه الفني والأدبي ، تشعل حرائقه ، تفكك بناءه ، تحلل روابطه ، تهدر ديمقراطيته ، لقد طالت العشوائية والفوضى وآليات التفكيك والتفتيت ، انتقلت فيروسات التجزئة والانشطار التي تسري في مؤسسات وهياكل المجتمع المدنية إلى بدن الأتيليه .
صباح يوم 21 ـ 6 ـ 2009 داهمته قوة من البوليس ، تجريده من الضباط والعسكر بصحبة روائية مرموقة ، مفوضة من وزارة التضامن " الحكومة " وتشكيلي موهوب وديكورست ، لتنفيذ قرار إداري بعزل مجلس الإدارة المنتخب في غيبة أي من أعضاء هيئة مكتب أو مجلس الإدارة إلا التشكيلي الذي آثار العاصفة ، واستخدمته " المفوضة من قبل الشئون الاجتماعية ووزارة التضامن لإدارة الأتيليه لحين إجراء انتخابات جديدة " مخلب قط للانقلاب للانقضاض على شرعية مجلس الإدارة المنتخب ثم اختلفا ، لفظته ، وافترقت بهما السبل ، فالطريق إلى الجحيم دائما ما يكون مفروشا بالنوايا الحسنة ، ولكل داء دواء إلا الحماقة أعيت من يداويها ، وعلى الفور خرجت السيدة المفوضة عن المهمة الموكلة إليها ، تجاوزت كل الأعراف والتقاليد الديمقراطية ، فقدت حيادها ، اشتطت وذهبت بعيدا مارست خصومة لا تليق بموقع المفوضة ، لدت في عداوة وتصفية حسابات شخصية ، ارتدت بطش العسكر ، وخلعت ضمير القضاة ، وهو ما كان يجب أن تتحلى به ، جرفها الحنين للاستبداد الشمولي الشعبوي الذي تربت في مدرسته ، مع فارق نوعي ، فقد وظفت الاستبداد الشمولي لخدمة حكومة الطبقات العليا التي هوت بطبقات مصر الوسطى والدنيا إلى حضيض الشمولية والفقر والتهميش ، أطلقت مجموعة من الاتهامات المرسلة لتشويه سمعة مجلس الإدارة المنتخب ، اتهامات بخيانة الوطن والعمالة لإسرائيل وبيع مقر الأتيليه لليهود بالتواطؤ وعدم دفع الإيجار لملاكه اليهود وسرقة أموال الأتيليه واختلاسها ، وهي اتهامات ـ لو صحت ـ لكان مكانها النيابة والقضاء وعقابها ـ لو صحت ـ جدران السجون وظلام الزنازين ، وقد شاب استيلاء السيدة المفوضة مخالفات جسيمة على قمتها أنها لم تحرر محضرا بما استلمته من مقتنيات وممتلكات الأتيليه ، خاصة وأن الأتيليه يملك بعض الوثائق التاريخية واللوحات النادرة والكتب الأثرية ، ومطلوب إجراء تحقيق إداري أو قضائي ، في من له مصلحة في الاستلام العشوائي دون ملامح أو معالم تحدد المسئوليات بين الشئون والمفوضة والمجلس المعزول ، وبمجرد استيلاءها على الأتيليه ، بدأت التنكيل بأعضاء الأتيليه بمنع الأستاذ أحمد سعيد القاص من دخوله ، فقد ضبطته السيدة الديكور ست " بودي جارد " السيدة المفوضة ، يوزع بيانا بوجهة نظر أعضاء مجلس الإدارة الشرعي المنتخب تفند ما تزعمه السيدة المفوضة من حكومة الحزب الوطني " حكومة كامب ديفيد " بعد حمم من الشتائم والسباب والاتهامات والألفاظ النابية أطلقتها السيدة المهذبة مهندسة الديكور ، في سابقة لم تحدث طوال تاريخ الاتيليه ، فلم يحدث من قبل منع عضو للأتيليه دون تحقيق إداري أو قضائي ، ولم يحدث منع المجني عليه وإطلاق يد الجاني وتشجيعه ، هذه شعبوية قادت وتقود البلاد إلى جحيم الاستبداد والطغيان ، وعندما أبدت الباحثة سمر إبراهيم نقدها لهذا الأسلوب في التعامل مع الأعضاء تلقت وابل من الشتائم والسباب والألفاظ البذيئة الجارحة ، فلم تستطع الباحثة صبرا على هذه المحنة ، تقدمت باستقالتها احتجاجا على بلاغة الدويقة وعزب الصفيح والخنازير والأحياء المهمشة التي أدخلتها السيدة المفوضة بواسطة سليلة البيوت العريقة صاحبة العصمة السيدة الديكور ست بدءا من ترقيص الحواجب ومصمصة الشفاه إلى هز الأرداف وتحريك الأصبع الوسطى وجلب البلطجية للأتيليه يوم الجمعية العمومية ، ونعم الثقافة الشعبية التي زودت بها السيدة المفوضة الأتيليه .
وبمجرد فتح باب الترشيح من قبل السيدة المفوضة ـ طبقا لتعليمات الشئون ـ تدافع عدد كبير من الفنانين والكتاب للترشح لمجلس الإدارة طمعا في كراسي مجلس الإدارة المعزول بغض النظر عن إهدار الشرعية والخبرة والقدرة والكفاءة ، فالكل مشتاق إلى المشاركة وثمة أزمة حقيقية في تداول السلطة وتدوير الإدارة تشمل كل مؤسسات وهياكل المجتمع ، ومن بينها بالطبع الأتيليه ، صنعت هذه الأزمة السلطة السياسية ، سلطة العسكر من 1952 حتى الآن ، التي استبدلت الملكية بجمهورية عسكرية وراثية ، تفاقمت في السنوات العشرين الماضية ، وفي تقديري أن الحركة الانقلابية في الأتيليه ، ليست تدويرا للإدارة ولا تداولا للسلطة ، فأي تغيير ديمقراطي حقيقي يتم بعيدا عن التدخل الإداري وقوانينه الشمولية الاستبدادية التي تعوق التطور والنمو الديمقراطي ، وفي حالة الأتيليه جرى تدخل إداري سافر بعزل مجلس الإدارة المنتخب من الجمعية العمومية ـ صاحبة الحق الأصيل ـ وعلى قاعدة القانون 84 لسنة 2002 الذي ينظم عمل الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني التي تشكو منه مر الشكوى ، ويعتقد نشطاء المجتمع المدني أن هذا القانون يشكل عائقا من بين عوائق عديدة أمام الديمقراطية والمبادرات الاجتماعية نخبوية وجماهيرية ، فهو يتيح لجهة الإدارة ـ السلطة السياسية ـ التدخل في أدق تفاصيل عمل مؤسسات المجتمع المدني ، بالمنح والمنع ، بالحل والعزل ، بالتجميد والتصفية .
وبما أني لست عضوا بمجلس الإدارة الشرعي " المعزول " ولست منوطا بالدفاع عنه في الاتهامات " الشائعات " فهم أجدر مني بذلك ، التي روجتها السيدة المفوضة " سابقا " وبعض صغار النفوس ، ستظل شائعات واتهامات مرسلة وتشهير غير أخلاقي ، طالما لم يحقق فيها أمام النيابة الإدارية والنيابة العامة ولم يصدر بشأنها أحكام قضائية نهائية ، والمجلس الشرعي ـ في تقديري ـ ليس معصوما ، وليس كتلة صماء متشابهة ، ويضم نخبة متنوعة من فناني مصر وكتابها ، تتعدد رؤاهم ومدارسهم الفكرية ووجهات نظرهم ، يصيبون ويخطئون ، ونادرا ما لجأ أعضاء الأتيليه إلى غير الحوار والجمعية العمومية ـ الدورية والطارئة ـ في تناول أمورهم وتصفية خلافاتهم بعيدا عن الأجهزة الإدارية والبيروقراطية ، لكن السيدة المفوضة فعلتها ، وأدخلت الإدارة البيروقراطية بيننا ، كل طرف يستصدر قرارا يناقض ما قبله ويستعدي على الطرف الآخر ، ويطل علينا البيروقراطي المصري من نافذة التاريخ هازئا ومستخفا .
كلمتان أخيرتان :
الأولى : لقد شاركت في الجمعية العمومية الأخيرة ـ التي اعتقد ببطلانها ـ لكني تركت استمارة تصويتي فارغة احتجاجا على التدخل الإداري " البيروقراطي " بعزل المجلس الشرعي المنتخب ، وفصل أعضاءه بقرار فردي ـ مخالف في تقديري للقانون واللائحة ـ من السيدة المفوضة ، وحرمانهم من حضور الجمعية العمومية حتى لعرض وجهة نظرهم والرد على الاتهامات المرسلة ، وهو حق لهم وللجمعية العمومية .
الثانية : خاض كاتب هذه السطور نضالا ضد التطبيع مع العدو الصهيوني وسلطة كامب يفيد والتطبيع التي منحت السيدة المفوضة " سابقا " تفويضها ، والتي قادته إلى السجن والاعتقال والتشريد والتلفيق مرات عديدة ، ومازال يخوض نضالا شرسا ضد تطبيع عدد من قيادات الحزب الوطني وأصحاب مصانع نسيج في شبرا الخيمة والقليوبية ، ولكن بالوثائق والأدلة والمستندات ، وليس بالأقوال والاتهامات المرسلة ، ويحذر من الشعبوية التي تخلط الوطنية بالديمقراطية لأغراض طالما عانينا منها ، ترسخ الاستبداد والديماجوجية ، ولم نحصد منها غير الهزائم المريرة .
وختاما : على الزملاء ـ في تقديري ـ أعضاء مجلس الإدارة الجديد ، إلى أن يفصل القضاء في شرعيته أو شرعية المجلس المعزول ، إزالة حالة الاحتقان والتربص وتبادل الاتهامات والغوغائية التي سادت الأتيليه الفترة الماضية ، وإصلاح ـ دون شروط ـ ما أفسدته السيدة المفوضة " سابقا " بإعادة العضوية لمن فصلتهم ـ بقرار فردي ـ والتحقيق في الاستقالات المسببة التي قبلتها دون النظر لأسبابها ، فمن بينهم فـنانين وكتاب ونقاد وباحثين موهوبين ونابهين ، يفخر الأتيليه وتعتز الأوطان بهم ، وعلى جميع الزملاء أعضاء الأتيليه ، عدم اللجوء إلى الجهة الإدارية ، واستخدام عصى البيروقراطية .
إبراهيم الحسيني





#إبراهيم_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطياف ماركس وأشباه هتلر
- قصة قصيرة
- الفران والكلب - قصة قصيرة -
- جدي
- لسان النار
- غروب - قصة قصيرة -
- فرح - قصة قصيرة -
- القوس -قصة قصيرة -
- سفر - قصة قصيرة -
- النخلة - قصة قصيرة -
- العائلة - قصة قصيرة -
- لهو
- أفخاخ - نصوص -
- فالس - قصة قصيرة -
- النهار الذي غاب
- جلسة ليست عائلية - قصة قصيرة -
- الحدود - قصة قصيرة -
- بيضة الصباح و المساء - قصة قصيرة -
- الغائب - قصة قصيرة -
- عرس


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إبراهيم الحسيني - أتيليه القاهرة على صفيح ساخن