أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبد الغفار شكر - إصلاح النظام الحزبى فى مصر (3)















المزيد.....

إصلاح النظام الحزبى فى مصر (3)


عبد الغفار شكر

الحوار المتمدن-العدد: 2821 - 2009 / 11 / 6 - 23:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


المشاكل الداخلية للأحزاب السياسية
من الشروط الجوهرية لتحول الحزب إلى قوة سياسية وجماهيرية مؤثرة هو نجاحه فى امتلاك أداة تنظيمية فعالة تنقل أهدافه السياسية إلى الجماهير، فالتنظيم الحزبى هو فى الأساس الإطار الذى يتم من خلاله تعبئة عضوية الحزب فى حركة نضالية موحدة بين الجماهير، وما لم يكن هذا التنظيم الحزبى قادرا على التغلغل فى صفوف الجماهير، وربط حركة الحزب بها فى مواقع عملها وسكنها وحياتها اليومية، فإن الحزب يبقى مجرد أفكار محلقة فى خيال أصحابها لم تتوفر لها بعد إمكانية التحقق فى الواقع.
وقد تأثرت الأحزاب السياسية كثيرا بالبيئة المحيطة والقيود الخارجية على حركتها سواء كانت قيودا قانونية أو إعلامية أو اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية.. الخ. وكان لهذه القيود الخارجية أكبر الأثر فى الحد من فاعليتها، وظهر ذلك بوضوح فى الجانب التنظيمى من نشاط هذه الأحزاب. ولما كان التنظيم هو حلقة الوصل بين فكر الحزب وأهدافه السياسية وبين حركته الجماهيرية، فإن المشكلات التنظيمية للأحزاب السياسية لم تكن مسألة داخلية تخص الحياة الداخلية للحزب، بل أثرت بشدة فى نشاطه الجماهيرى وقدرته على الاتصال بالجماهير. وعانت الأحزاب السياسية نتيجة لذلك من أزمة حادة مستديمة جوهرها عجز هذه الأحزاب عن التأثير فى الوضع السياسى القائم لعدم قدرتها على تعبئة قوى جماهيرية كافية للضغط على الحكم من أجل تغيير موقفه من قضايا الممارسة الديمقراطية، أو تغيير سياساته الاقتصادية والاجتماعية، أو تداول الحكم من خلال انتخابات دورية حرة. وهناك مظاهر متعددة لهذه الأزمة التى تعيشها أحزاب المعارضة منذ سنوات طويلة. من أهم هذه المظاهر:
-انصراف الجماهير عن أحزاب المعارضة وجمود عضويتها أو تراجعها.
-تراجع توزيع الصحف الحزبية.
-محدودية تمثيل أحزاب المعارضة فى مجلس الشعب والمجالس الشعبية المحلية، ليس فقط بسبب تزوير الانتخابات، بل أيضا لعدم قدرتها على المنافسة وتقديم العدد الكافى من المرشحين.
-تراجع تواجد الأحزاب فى المنظمات النقابية ومؤسسات المجتمع المدنى سواء فى عضويتها أو مجالس الإدارة المنتخية.
-تزايد حدة التوتر الداخلى وحدوث انشقاقات فى أكثر من حزب.
أما المشكلات التنظيمية والداخلية التى لعبت دورا فى تفاقم هذه الأزمة فإنه يمكن رصد أهمها على النحو التالى:
1-غياب التنظيم القاعدى:
تعتبر الوحدات الأساسية قاعدة البناء التنظيمى وهى تنشأ إما فى مواقع السكن (القرية، الحى، الشياخة) أو فى النشاط الجماهيرى (وحدات إنتاج، وحدات خدمات، وحدات تعليمية) وتشترط لوائح الأحزاب أن يسكن العضو فى وحدة أساسية سكنية أو جماهيرية حسب اختياره. وتمثل الوحدات الأساسية بالنسبة للحزب المستوى الذى سيتم فيه.
*التقاء الحزب بالشعب.
*تنظيم العضوية وتربيتها سياسيا وممارستها لنشاطها الحزبى بانتظام.
وتؤكد التجربة أنه إذا لم ينجح الحزب فى إنشاء وحدات أساسية فأنه لن ينجح فى إيجاد صلة منتظمة بالجماهير فى مواقع سكنها أو مواقع عملها ولن ينجح بالتالى فى تطوير علاقاته الجماهيرية، كما أنه لن ينجح فى الاستفادة من أعضائه فى نشاطه، ولن يتمكن من المحافظة على صلة منتظمة مع هؤلاء الأعضاء، بل إن هذه العضوية لن تستطيع أن تمارس حقوقها فى مناقشة خط الحزب وقدراته والتعبير عن رأيها فى ممارسات القيادة لأنه لا يوجد الإطار التنظيمى الذى يمكنها من ذلك وهو التنظيم القاعدى، وبالتالى فإن الحزب لا يستطيع أن يمارس تأثيرا يذكر على أعضائه ولا يستطيع أن يحاسبهم وهذا هو جوهر المأزق الذى تواجهه الأحزاب السياسية فى مصر حاليا بالنسبة لأعضائها. وقد تنبهت لهذه الظاهرة رسالة أكاديمية للحصول على درجة الدكتوراه سنة 1992 عن الأحزاب المصرية من الداخل تضمنت الاستنتاج التالى (تدل متابعة الحركة التنظيمية للأحزاب موضع الدراسة على عجزها جميعا لكن بدرجات متفاوتة عن استكمال المستوى القاعدى. ولذلك هناك فجوة ملموسة، وهائلة أحيانا، بين الإطار الذى حدده النظام الأساسى لكل منها وبين الواقع الفعلى للتنظيم الحزبى (20) وترى هذه الدراسة أن غياب التنظيم القاعدى له تأثير سلبى على الديمقراطية الداخلية للحزب (لأنه كلما اتسع نطاق المستوى القاعدى كلما زادت احتمالات توليد الضغوط من أسفل إلى أعلى، وبالتالى اضطر المستوى القيادى لأن يأخذها فى الاعتبار بدرجة أو بأخرى مما يقلل من قدرته على التلاعب بالجسد التنظيمى للحزب، وهو التلاعب الذى وصل ذروته فى حزب الأحرار الذى يعد أقل الأحزاب استكمالا لمستواه القاعدى (21) وهناك شواهد كثيرة على أن كافة الأحزاب السياسية تعانى الآن من افتقاد التنظيم القاعدى فى معظم المواقع، وأنه رغم تشكيل لجان قيادية منتخبة للوحدات الأساسية بمناسبة انعقاد المؤتمر العام للحزب فأنها سرعان ما تنهار وتعجز عن مواصلة عملها الجماعى. وهذا ما يؤكد تجربة الأحزاب التى تبدى اهتماما بالوحدات الأساسية مثل حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى والحزب العربى الديمقراطى الناصرى وحزب العمل. وقد أثر هذا الوضع سلبيا على المستويات الحزبية الوسيطة حيث يلاحظ أن اللجان المنتخبة فى الأقسام والمراكز سرعان ما تنهار وتعجز عن مواصلة العمل الجماعى مما يضعف علاقة الحزب بقواعده.
2-تراجع العضوية:
من الظواهر الملفتة للنظر أن معظم الأحزاب السياسية فى مصر بدأت نشاطها بعد التأسيس بعضوية كبيرة نسبيا ثم بدأت هذه العضوية فى التراجع لأسباب متعددة، منها الضغوط الأمنية والقيود المفروضة على النشاط الجماهيرى وغياب التنظيم القاعدى الذى يؤدى إلى عدم انتظام صلة الأعضاء بالحزب. ورغم أن الأحزاب تكسب عضوية جديدة من خلال المعارك الانتخابية لمجلس الشعب والمجالس المحلية أو النقابات المهنية والعمالية إلا أنها سرعان ما تخسر هذه العضوية مرة أخرى، فضلا عن أن ما تكسبه من عضوية جديدة أقل بكثير مما تفقده من عضوية قديمة، ومن الملاحظ هنا أن العضوية التى تتوقف عن النشاط الحزبى لا تقدم استقالتها من الحزب ، بل تنسحب من النشاط دون إعلان إما نتيجة اليأس من تحقيق نتائج ملموسة لهذا النشاط أو لأن الحزب لا يستطيع أن يقيم صلة منتظمة معها فى إطار مؤسسى، وإذا أخذنا حزب التجمع التقدمى الوحدوى مثالا لما يحدث فى سائر الأحزاب المصرية من تراجع فى العضوية لاكتشفنا أن عضوية هذا الحزب قد وصلت إلى أكثر من 150 ألف عضو فى ديسمبر 1976 أى بعد أقل من ثمانية شهور من تأسيسه وقد بلغ عدد الأعضاء المشاركين فى انتخابات المؤتمر العام الرابع المنعقد فى يوليو 1998 حوالى 13 ألف عضو فقط أى اقل من عشر العضوية فى 1976 وكان المشاركون فى انتخابات المؤتمر العام الخامس سنة 2003 أقل من ذلك، ويوضح هذا المثال ما حدث من تراجع فى عضوية الأحزاب السياسية فى مصر. وهى مشكلة تنظيمية تعانى منها كل الأحزاب بدرجات متفاوتة.
3-ضعف إعداد القيادات الجديدة:
يتوقف استمرار الحزب وتصاعد نفوذه السياسى على قدرته على اكتشاف قيادات جديدة باستمرار تضمن وجوده الفعال وسط الجماهير واستمرار تأثيره عليها وامتداد تأثيره إلى مواقع جديدة. ورغم وجود عوامل أخرى تلعب دورا هاما فى قدرة الحزب على الاستمرار والتأثير الجماهيرى مثل سلامة الخط السياسى وممارسة سياسة تحالفات صحيحة واستخدام أساليب ملائمة لنضاله الجماهيرى.
إلا أن العامل الحاسم فى جماهيرية أى حزب هو مدى ما يتوفر له من ثروة بشرية متمثلة فى قيادات مؤهلة مسلحة بالعلم والمعرفة تتمتع بنفوذ حقيقى وسط الجماهير، من هنا فإن الحزب يبدأ بحثه عن القيادات الجديدة باكتشاف العناصر النشطة فى الحياة اليومية للناس فى مواقع العمل والسكن والنشاط أى فى المصانع والورش القرى والأحياء السكنية فى المدارس والكليات ووحدات الخدمات، فى دور الثقافة ومركز الشباب نجد هذه العناصر النشطة فى النقابات والجمعيات التعاونية والجمعيات الأهلية والاتحادات الطلابية., إننا باختصار نجدها حيث ينتج الناس ويبدعون وحيث توجد مشاكلهم ومصالحهم. من هنا فإنه بدون أن يتواجد الحزب وسط الناس وبدون أن يتواجد الحزب مع الناس فى مواقع عملها ونشاطها وسكنها ومنظماتها الاجتماعية فإنه لن يستطيع اكتشاف هذه العناصر الحركية النشطة، أى أنه بدون أن يمارس الحزب عملا جماهيريا مع الناس فإنه لن يستطيع أن يكتشف قيادات جديدة يقوم بدوره فى إعدادها فكريا وتزويدها بالخبرات اللازمة لقيامها بدورها القيادى. ولما كانت التعددية الحزبية قد ولدت وسط العديد من القيود القانونية والإدارية والضغوط الأمنية التى حالت دون ممارستها نشاطا جماهيريا منتظما فإننا نلاحظ أن الأحزاب السياسية فى مصر التى تأسست منذ عام 1976 قد قامت على أكتاف قيادات تشكلت واكتسبت خبرتها الأساسية فى منظمات وأطر سابقة على قيام هذه الأحزاب، وبمرور الوقت وتوقف كثير من هذه القيادات عن النشاط لم تنجح الأحزاب فى تعويض هذه القيادات بقيادات جديدة. وهناك مشكلة بالفعل فى كل الأحزاب السياسية بالنسبة للصف الثانى من القيادات، ويلاحظ ارتفاع متوسط أعمار القيادات الحالية مما يهدد الوجود الفعلى لهذه الأحزاب بعد سنوات قليلة ما لم تنجح فى حل هذه المشكلة. وهو ما يتطلب مواجهة القيود الحالية المفروضة على نشاطها الجماهيرى.
4-ضعف الموارد المالية:
يحظر القانون على الأحزاب أن تمارس نشاطا اقتصاديا وتجاريا إلا فى مجال النشر والطباعة، كما يشترط القانون أن ينشر الحزب فى صحيفتين يوميتين أسماء المتبرعين له بمبالغ تزيد عن خمسمائة جنيه مع العلم بأن تكلفة نشر هذا الإعلان تكلف الحزب أضعاف هذا المبلغ، هذا بالإضافة إلى أن أعمال النشر سواء بالنسبة للصحافة أو الكتب لا تحقق عائدا ماليا سواء لارتفاع التكلفة أو لانخفاض معدلات التوزيع ونتيجة لهذا فإن الأحزاب مطالبة بالاعتماد فى مواردها المالية على اشتراكات الأعضاء وهو مصدر لا يكفى أبدا لتحقيق موارد ملائمة للنشاط الحزبى.
ويؤثر هذا الوضع على قدرات الحزب سواء بالنسبة لفتح مقرات جديدة فى المحافظات والمراكز أو بالنسبة لتغطية تكاليف النشاط اليومى والاتصال الحزبى بين المستويات المختلفة وعقد الاجتماعات الدورية للجان القيادية فى المحافظات وعلى المستوى المركزى كما أنه يؤثر على قدرة الحزب على خوض الانتخابات البرلمانية والمحلية وانتخابات النقابات العمالية والمهنية حيث يكتفى بالترشيح فى عدد محدود من الدوائر الانتخابية وفى المنظمات الجماهيرية. وما لم يحدث تعديل فى القانون يسمح للأحزاب بممارسة نشاط تجارى تمول من خلاله أنشطتها الجماهيرية والإعلامية والتثقيفية والتنظيمية فإن هذه الأحزاب ستظل عاجزة عن النمو والتطور خاصة وأن تكاليف النشاط قد تضاعفت بحكم ما حدث فى المجتمع خلال السنوات العشرين الماضية.
5-الاتصال الحزبى:
تتوقف فاعلية أى حزب سياسى وقدرته على الحركة والتأثير بمدى قدرته على تحديد آلياته وأدواته وأساليبه فى الاتصال بين المستويات الحزبية المختلفة (المستوى المركزى –لجان المحافظات- لجان الأقسام والمراكز- الوحدات الأساسية) بهدف الربط بين هذه المستويات وتزويدها بالمعلومات الضرورية اللازمة لتحقيق التنسيق بينها فى النشاط الحزبى. ويحقق الاتصال الحزبى الأهداف الأساسية التالية:
*الربط التنظيمى بين المستويات التنظيمية وبين القيادة والقواعد:
أ-صعوداً: بنقل الواقع ومتطلبات العمل الحزبى واحتياجاته ومشاكله واتجاهات الرأى بين القواعد حول مواقف القيادة المركزية.
ب-نزولاً: بتوصيل القرارات والتوجهات التى تتخذها المستويات الأعلى إلى المستويات الأدنى ومبررات اتخاذ هذه المواقف.
*توحيد حركة الحزب وضبط سير العمل الحزبى فى الاتجاه المطلوب.
*نقل الخبرات المكتسبة والتجارب النشطة الناجحة إلى سائر المستويات.
*ضمان انتشار الحزب فى مختلف المواقع الجماهيرية بنفس التوجهات.
وهناك وسائل عديدة للاتصال الحزبى يتم من خلالها تحقيق هذه الأهداف مثل:-
*الاجتماعات التنظيمية الدورية لمختلف المستويات.
*المتابعة الميدانية من خلال وفود من المستويات الأعلى للمستويات الأدنى.
*التقارير الدورية والنشرات الداخلية.
*الاتصال المباشر.
*المقرات.
ويتطلب استخدام هذه الوسائل بكفاءة وبانتظام توافر موارد مالية للحزب تكفى لتغطية تكاليفها الأمر الذى لا تستطيع معظم الأحزاب أن تضمنه بالفعل نتيجة للقيود المفروضة عليها بالنسبة للنشاط الاقتصادى والتجارى ويؤثر ذلك سلبياً على كفاءة العمل الحزبى الداخلى وبين الجماهير كما يضعف الوحدة الحزبية لغياب المعلومات الأساسية فى الوقت المناسب كما يضعف وحدة النشاط الحزبى الجماهيرى.
6-ضعف الاتصال الجماهيرى:
يصعب بناء الحزب السياسى بمعزل عن الحركة الجماهيرية للقوى الاجتماعية التى يعبر عن مصالحها، كما أنه لا يمكن بناء تنظيمات هذا الحزب بكفاءة فى غيبة نضال جماهيرى متصاعد، فهناك علاقة تأثير متبادلة بين عملية بناء الحزب ونضاله الجماهيرى. كلاهما يقوى الآخر ويستمد منه قوة دفع جديدة. وتتعدد وسائل الاتصال الجماهيرى فهناك المطبوعات والنشر والندوات والمؤتمرات الجماهيرية والبيانات الجماهيرية والشعارات الجماهيرية. كما تتنوع مواقع الاتصال الجماهيرى فهناك المنظمات الجماهيرية كالنقابات والأندية ومراكز الشباب وقصور الثقافة والمساجد والمقرات الحزبية والمقاهى وخاصة فى الأحياء الشعبية. وقد تأثر الاتصال الجماهيرى للأحزاب كثيراً بالقيود القانونية والإدارية والضغوط الأمنية المحيطة بالعمل الحزبى فى مصر حيث نلاحظ كما سبق توضيحه أنه لا يمكن فى ظل القوانين الحالية عقد المؤتمرات الجماهيرية أو لصق شعارات جماهيرية أو توزيع بيانات بمواقف الأحزاب على المواطنين وغالباً ما يؤدى ذلك إلى اعتقال أعضاء الأحزاب بتهمة تكدير الأمن العام وإثارة المواطنين وتعريض الأمن لعدم الاستقرار إلى آخر القائمة المعروفة من الاتهامات التى تجرمها القوانين المقيدة للحريات وقانون الطوارىء. كما أن أعضاء الأحزاب فى المنظمات الجماهيرية يتعرضون لملاحقة أجهزة الأمن، وكثيراً ما تحل المجالس المنتخبة للمنظمات الجماهيرية إذا حصل أعضاء من أحزاب المعارضة على أغلبيتها وأوضح الأمثلة على ذلك ما حدث من تجميد لنشاط النقابات المهنية التى فقد الحزب الحاكم أغلبية مجالسها مثل نقابة المحاميين ونقابة المهندسين.
7-الخلافات والانشقاقات:
عانت الأحزاب السياسية فى مصر من تصاعد الخلافات وما ترتب عليها من انشقاقات، ويرجع ذلك إلى تصاعد الخلاف إلى الحد الذى لم يعد من الممكن معه استمرارها معاً، ولأن الباب مغلق قانوناً أمام حرية تأسيس أحزاب جديدة فإن الأطراف المختلفة تواصل صراعها داخل الحزب للاستيلاء عليه مما يصيب العلاقات الداخلية بتوتر شديد. وقد تفاقمت الخلافات داخل الأحزاب السياسية إلى درجة أدت إلى تجميد ثمانية أحزاب وإيقاف صحف بعضها عن الصدور، وغالباً ما تقوم الحكومة بتغذية هذه الخلافات بل التشجيع عليها عندما تتجاوز هذه الأحزاب الخطوط الحمراء التى لا يجوز من وجهة نظر الحكومة تخطيها. وقد حدث ذلك بالنسبة لحزب العمل بعد تحالفه مع الإخوان المسلمين وأزمة رواية وليمة لأعشاب البحر التى أدت إلى مظاهرات بجامعة الأزهر، وكذلك خلافات حزب الشعب الديمقراطى بعد أن رشح رئيس الحزب نفسه لرئاسة الجمهورية، وكذلك خلافات حزب الوفاق القومى بعد سلسلة المقالات التى نشرتها صحيفة القرار. وأخيراً ما حدث من انشقاق فى حزب الغد بعد خوض رئيس الحزب انتخابات رئاسة الجمهورية سنة 2005 والخلافات داخل حزب الوفد فى يناير 2006. ويلاحظ أن معظم هذه الخلافات يدور حول التنازع على رئاسة الحزب وأسلوب إدارة العمل الحزبى، كما أنها بدأت فى بعض الأحزاب بعد وفاة مؤسس الحزب (حزب الأحرار- حزب مصر الفتاة- حزب الوفد)، أو بعد قيام صحيفة الحزب بنشر موضوعات يعتبرها الحكم تجاوزاً للخطوط الحمراء (حزب العمل- حزب الوفاق). وهناك أيضاً خلافات داخل الأحزاب الرئيسية تدور حول الخط السياسى للحزب وأسلوب إدارة الحزب، ولكنها تحل من خلال الحوار (حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى) ولم يمنع ذلك من توقف بعض أعضاء التجمع عن ممارسة النشاط الحزبى.


8-غياب أو ضعف الديمقراطية داخل الأحزاب:
يعتبر ضعف الديمقراطية الداخلية للأحزاب السياسية فى مصر أو غيابها من أهم أوجه الاختلال فى هذه الأحزاب وتعتبر من المشاكل الرئيسية التى تعوق تطورها وفاعليتها. وقد أجريت دراسة أكاديمية لقياس مستوى الديمقراطية داخل الأحزاب السياسية المصرية فى الفترة من 1976 إلى 1992 انتهت إلى أن مستوى هذه الديمقراطية أقل من أن يسمح بضمان تطور ديمقراطى مستقر ومطرد ويؤدى إلى مقرطة كاملة للنظام السياسى. وقد توصلت الدراسة إلى هذه النتيجة عبر بناء نموذج لقياس مستوى الممارسة الديمقراطية داخل الحزب الوطنى وحزب الوفد وحزب العمل وحزب التجمع وحزب الأحرار، وذلك من خلال ثلاثة مؤشرات رئيسية يضم كل منها مؤشرين فرعيين كالتالى:
-مؤشر خاص بنمط توزيع السلطة والاختصاص فى الأحزاب، ويشمل طبيعة البناء التنظيمى لهذه الأحزاب وعملية صنع القرار الحزبى.
-مؤشر يتعلق بطبيعة العلاقات بين النخبة والأعضاء فى الأحزاب ويشمل الأطر المؤسسية لمشاركة الأعضاء فى تسيير شئون الأحزاب والفرص المتاحة لهم فى هذا المجال. إلى جانب عملية التجنيد للمناصب القيادية ومدى انفتاحها وارتباطها بالنشاط الفعلى، وإلى أى حد توفر فرص لدوران النخبة، وبالتالى عدم احتفاظ عناصر هذه النخبة بمناصبهم الحزبية طول الوقت أو لفترة طويلة.
-مؤشر يرتبط بأنماط التفاعلات داخل النخب الحزبية منظوراً إليه من زاويتى إدارة الصراع على النفوذ والكيفية التى يتم بها، والتعامل مع الخلافات السياسية والفكرية (22).






#عبد_الغفار_شكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إصلاح النظام الحزبى فى مصر (2)
- إصلاح النظام الحزبى فى مصر (1)
- البنية الثقافية للنخبة المصرية ( 3)
- البنية الثقافية للنخبة المصرية ( 2)
- البنية الثقافية للنخبة المصرية (1 )
- الانتفاضة الفلسطينية: ارهاب أم مقاومة وطنية؟
- عبد الغفار شكر المتحدث بأسم التحالف الاشتراكي المصري للحوار ...
- التحالف الاشتراكى الوثيقة التأسيسية
- ثورة 23 يوليو وعمال مصر
- نشأة وتطور المجتمع المدنى: مكوناته وإطاره التنظيمي
- تجديد الحركة التقدمية المصرية - الجزء الرابع والأخير
- تجديد الحركة التقدمية المصرية - الجزء الثالث
- تجديد الحركة التقدمية المصرية - الجزء الثانى
- تجديد الحركة التقدمية المصرية - الجزء الأول
- أثر السلطوية على المجتمع المدنى - الجزء الثانى
- أثر السلطوية على المجتمع المدنى - الجزء الأول
- دور المجتمع المدنى فى بناء الديمقراطية-الجزء الرابع والأخير
- دور المجتمع المدنى فى بناء الديمقراطية- الجزء الثالث
- دور المجتمع المدنى فى بناء الديمقراطية - الجزء الثانى
- دور المجتمع المدنى فى بناء الديمقراطية-الجزء الأول


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبد الغفار شكر - إصلاح النظام الحزبى فى مصر (3)