أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حامد حمودي عباس - صوتها من داخل الطائره














المزيد.....

صوتها من داخل الطائره


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2821 - 2009 / 11 / 6 - 17:51
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


بلمحة كأنها رقصة جفن العين ، غابت عني بين زحام المغادرين في المطار ، وحاولت مد عنقي ما استطعت ، لأسجل في كوامن روحي آخر صورة لجسدها المتعب ، وهي تترنح تحت ثقل سنينها المحملة بالهموم .. كان أحد أبنا ئي يقف ملتصقا بي وهو يستدر عطف الزحام ، كي يحضى هو الآخر برؤية أمه ، والتي غادرتنا الى المجهول لتكمل ما عليها من ضريبة الأمومة ، إلى وطن إنسلخت منه أحاسيس الأمومه .
وحينما غابت عني تماما ، لا أعرف كيف سنحت لها فرصة الاتصال بي من داخل الطائره .. لقد أخبرتني بأنها الان تجلس في مقعدها ، وقد استعارت تلفون سيدة تجلس بجوارها لتتصل بي .. كان صوتها هو ذاته لم يتغير ، يحمل ذات القوة والقدرة على التأثير فينا نحن تلاميذها الصغار ، لم يثنها الخوف من ركوب متن المجهول أن توجه لي آخر نصائحها وتوجيهاتها بالنسبة للبنات والاولاد .. لا تنم لساعة متأخرة فيفوت موعد المدرسه .. لا تنسى إغلاق الابواب بإحكام حينما يجن الليل .. لا تترك ابنتك الصغرى تقترب من المطبخ لكي لا تؤذيها نار الفرن .. الصحون الموجوده على يسار الخزانة الموجوده في وسط الشقه ، انقلوها الى مكان آخر .. اطفيء الثلاجه وبقية الاجهزة عندما ينقطع التيار الكهربائي ...
لم أكن بالضبط مسحورا بغير موجات صوتها وقد تجسدت لي حينها كل قوة المرأة في ذلك الصوت .. وتأكدت كم هي ضعيفة تلك الإرادات المتهاويه ، حينما تحاول إزاحة المرأة لتضعها خلف الركب .. إنها زوجتي أم أبنائي .. تلك القوية التي سارت أمامي في المحن ، وقاومت ببسالة متناهية جبروت العوز والتشرد .. لتحرث معي الارض حينما لفضتني قوى الشر، وسلبت مني وظيفتي وبيتي بسبب أفكاري المتمرده ، وسارت مرفوعة الرأس ، وأمامي أيضا ، لتلبس سلاسل الاعتقال بكل شموخ حيث لم يرعبها موت الكثيرين امام أعينها .. ولم تكن يومذاك مذنبة بشيء الا كونها زوجتي
فهي لم تعتد أن تكون غير ربة بيت ومربية لجيل .. ولا تحسن في حياتها عدا أن تكون قائدة لركب أسره
لم تسألني في لحظة من لحظات رفقتها لي عن شيء غير الذي يتعلق برسم مصير أبنائنا وبناتنا .. ولم أجدها يوما منشغلة بغير تنظيم شئون محيطها الاسري المقدس لديها غاية التقديس ، خيوط شعرها الابيض كانت تروي لي حينما أراها ، سجلا حافلا بالعطاء ، وعيونها التي أذبلتها السنين العجاف تنطق دوما بالترقب والحذر مما يهدد عشها ويسعى لتخريبه ، لقد كنت أحسها أما لي كما هي لأبنائها ، وحينما تغيب عني ولو لوقت قصير ، يضطرب عندي كل شيء ، وتغيب عني سبل التدبير ، ويغادرني فن الاختيار بين الاشياء .
ترى .. كيف يجرؤ من لا يحترم في المرأة روحها الطيبة المتفانية ، ليقول فيها ما يقول من هدر لقيمتها الانسانية ، ومن ثم يسمح لنفسه أن يبقى يحمل صفات آدمية تتيح له أن يدخل رقما في تعداد سكان الارض ؟؟ .. كيف لمدعي بما يميزه عن حيوانات الغابة ، أن يجرح كرامة امرأة أيا كانت ، ويدفع بها الى الخطوط الخلفية دون وجه حق ؟؟ .. كيف ومن أقر أن تجلد النساء ، وترجم ، وتموت ظلما على أيدي يحركها عفن العقول ، ويدفع بها إلى ركوب متن الجريمة مع سبق الاصرار والترصد ؟؟ ..
ومع كل هذا الكم الهائل من العهر الاجتماعي والديني ، والمتحشد ضد المرأة ، ستبقى رمزا من رموز الحب والجمال والعطاء ، وكيانا يصارع خفافيش الظلام ، وهرما يحمل على جنباته ألوان الحياة الجميله ، وستبقى صوتا يرمز لألحان جنان من نوع آخر ، غير تلك التي ينتظرها ، ويعدنا بها ، من هم أعداء الفرح وسعادة الانسان .



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لتتوقف جميع دعاوى التصدي الرجعي للمفكر والكاتب التقدمي سيد ا ...
- حملة من أجل إطلاق سراح الملكين المحجوزين بأرض بابل
- ألقطيعة بين قمة الثقافة العربية وقاعدتها .. أزمة تبحث لها عن ...
- ترى .. من يحمي بناتي من أجلاف البشر ودعاة أعراف الموت ؟؟
- ما ألمانع من خلق جبهة تتوحد فيها قوى التحرر القومي والوطني ا ...
- هذيان اللحظة الأخيره
- صرخة ألم في فضاء عذابات المرأة العراقية .. بائعات الملح يبصق ...
- عشق ما بعد الستين
- إعتذار
- نداء عاجل لكافة الوطنيين والتقدميين في العراق
- فلتسقط السياسه .. وليتوقف تدمير عراق النهرين والشط
- تحدي
- إشراقات خارج حدود وطن الأزمه
- ألعقلية العربية وتصدير الأزمات
- ألعقلية العربية لا شأن لها بثقافة التغيير والديمقراطيه
- عشق غير مألوف
- متى ياعراق ؟؟
- سجال متأخر .. حول ضرورة وحدة قوى اليسار في العراق
- ألعوائل ألعراقية بدأت تسكن القبور ... أيها المحللون لواقع ال ...
- قوى اليسار في العراق .. بين أفعى الشيخ ( دبس ) .. وموفد المر ...


المزيد.....




- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران
- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...
- حوار مع الرفيق أنور ياسين مسؤول ملف الأسرى باللجنة المركزية ...
- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...
- شرطة الأخلاق الإيرانية تشن حملة على انتهاكات الحجاب عبر البل ...
- رحلة مريم مع المتعة
- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك
- قتل امرأة عتيبية دهسا بسيارة.. السعودية تنفذ الإعدام -قصاصا- ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حامد حمودي عباس - صوتها من داخل الطائره