أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - بغداد - واشنطن: الحوار حول المستقبل















المزيد.....

بغداد - واشنطن: الحوار حول المستقبل


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2819 - 2009 / 11 / 4 - 17:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بمبادرة من المركز الدولي للتجديد الحكومي CIGI ومؤسسة الخطوات البرغماتية للأمن العالمي Stimson، وبإشراف وتهيئة من السفير مختار لماني ممثل جامعة الدول العربية في العراق، الذي استقال من منصبه مطلع العام ،2007 وألين ليبسون المستشارة الخاصة السابقة للبعثة الدائمة الأمريكية في الأمم المتحدة، التأمت ندوة مهمة في البرلمان الكندي بخصوص العلاقات العراقية الأمريكية والحوار حول المستقبل، وشارك فيها نخبة من الأكاديميين والباحثين والممارسين العراقيين والأمريكان والكنديين. ولعل هدف الندوة هو تقديم قراءات ورؤى وتصورات حول مستقبل العلاقات بين بغداد وواشنطن.

وإذا كان هناك ثمة اختلافات في المنطلقات والأولويات والآفاق، فإن قراءة الحيثيات والمعطيات من زوايا نظر مختلفة، والجدل الذي دار بشأنها، شكّلت مجسّات وإرهاصات لحاضر ومستقبل العلاقات، سواء قبل الانسحاب الأمريكي من العراق أو بعده، لاسيما أن أهم ما ينصبّ الجدل حوله الآن، يتلخّص بالآليات والجداول الزمنية، إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار ما هو معلن من الطرفين الرسميين، مع وجود تحدّيات، وربما معوّقات قد تحول دون تنفيذ ذلك، ناهيكم عن أجندات معلنة أو مستترة. وقد تسنّى لي كباحث مستقل المشاركة في الحوار وتقديم مطالعة بخصوص مستقبل العلاقات العراقية الأمريكية.

أعتقد أن قراءة ارتجاعية لتاريخ العلاقات العراقية الأمريكية تجعل من رؤية المستقبل أكثر وضوحاً، خصوصاً ما رافقها من منعرجات وتضاريس حادة، بحيث تجعل خارطة الحاضر ملتبسة، حتى بالنسبة لبعض القوى المحسوبة على واشنطن، لاسيما بعد احتلال العراق في العام 2003.

إن قراءتي التاريخية تشمل تقسيم العلاقات العراقية الأمريكية إلى مراحل عديدة:

المرحلة الأولى، التي اتسمت بصعود الحرب الباردة وتفاقم الصراع الايديولوجي بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي. وقد شهدت فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية تطوراً في العلاقات العراقية الأمريكية، لاسيما عند توقيع اتفاقية بين البلدين العام ،1954 وتأسيس حلف بغداد العام ،1955 وتعاظم الدور الأمريكي في المنطقة، ترافقاً مع ما عُرف بمشروع “النقطة الرابعة”، وفيما بعد “بمشروع أيزنهاور” العام 1957 لملء الفراغ. لكن هذه العلاقات سرعان ما تدهورت على نحو شديد إثر ثورة 14 يوليو/ تموز العام ،1958 التي أطاحت بالنفوذ الغربي في العراق، وباستثناء فترة قصيرة تحسنت فيها العلاقات بعد الاطاحة بالزعيم عبدالكريم قاسم العام ،1963 فإن العلاقات العراقية الأمريكية شهدت انحداراً سريعاً، خصوصاً بعد عدوان 5 يونيو/ حزيران ،1967 وقد بادر العراق إلى قطع علاقاته مع واشنطن متهماً إيّاها بالانحياز الكامل ل”إسرائيل”.

المرحلة الثانية: هي المرحلة التي تبدأ من العام 1968 إثر مجيء حزب البعث إلى السلطة وتنتهي في العام ،1980 واتسمت العلاقات في هذه الفترة بنوع من التوتر والتعارض والعدائية، لاسيما عند تأميم النفط العام ،1972 وبعد حرب أكتوبر العام 1973 واستخدام النفط كسلاح في المعركة. وخلال هذه الفترة احتسبت الولايات المتحدة العراق ونظام حكمه، على ملاك النفوذ السوفييتي، لاسيما بتوقيع المعاهدة العراقية السوفييتية في إبريل/ نيسان 1972 وعقد الجبهة الوطنية مع الحزب الشيوعي العام 1973.

ولهذا السبب سعت الولايات المتحدة لإضعاف العراق وجيشه، وشجعت اندلاع القتال بين الحركة الكردية والحكومة العراقية، وهو ما عبّر عنه الملاّ مصطفى البارزاني بمرارة عن انعدام ثقته بواشنطن بعد توقيع اتفاقية 6 مارس/ آذار العام 1975 المعروفة باسم “اتفاقية الجزائر” بين شاه إيران وصدام حسين، وعلى اثر ذلك انهارت الحركة الكردية المسلحة، الأمر الذي كان مساومة على حسابها بررها هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة، بافتراق السياسة عن الاخلاق، ولعل ذلك كان أول إشارة لحساب تحسين العلاقات بين البلدين.

المرحلة الثالثة: هي فترة الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) التي شهدت عودة غير مباشرة للعلاقات العراقية الأمريكية، حيث كانت واشنطن ترغب في الإطاحة بالثورة الإيرانية التي قضت على شاه إيران العام ،1979 ولعل ذلك كان عنصر تشجيع لبغداد أيضاً. وبالإمكان وصف هذه الفترة “بشهر العسل الصامت” أو “الزواج غير المعلن”، فالعلاقات ظلّت مقطوعة رسمياً، لكن الكثير من الشركات الأمريكية أعادت عملها في العراق، وكان دونالد رامسفيلد الذي أصبح وزيراً للدفاع في عهد الرئيس بوش وأسهم بحماسة في غزو العراق، قد زار العراق والتقى الرئيس العراقي السابق صدام حسين، العام 1984.

وخلال فترة العدوان “الإسرائيلي” على لبنان واحتلال العاصمة بيروت، أدلى الرئيس السابق بتصريحات (في أغسطس/ آب 1982 أثناء استقباله عضو الكونجرس الأمريكي سولارز لم تنشر إلا بعد مرور نحو 4 أشهر في جريدة “الثورة” العراقية ديسمبر/ كانون الأول 1982) ما يفيد استعداد العراق للاعتراف ب”إسرائيل”، وفد فسّرت المسألة في حينها تكتيكاً لكسب واشنطن، طالما كانت الحرب قد اتخذت مسار التراجع من الجانب العراقي بعد تشديد الهجمات الإيرانية، وبخاصة بعد معركة المحمّرة (خورمشهر) 1982 وإعلان العراق سحب قواته، ومحاولة إيران اختراق الأراضي العراقية وعبور الحدود الدولية.

وحسب الجنرال (وفيق السامرائي) مدير الاستخبارات العراقية الأسبق فقد كان ممثل عن ال CIA “المخابرات المركزية الأمريكية” يداوم في مقر الاستخبارات العسكرية لتقديم الخبرة والدعم للعراق في حربه ضد إيران، ولعل هذه اللعبة كان الأمريكان قد مارسوها على نحو مزدوج مع الإيرانيين، حين كانو يسلّمون صور الأقمار الصناعية إلى البلدين، لاستمرار الحرب.

المرحلة الرابعة: بدأت بعد غزو القوات العراقية للكويت قي 2 أغسطس/ آب 1990 حيث عادت العلاقات العراقية الأمريكية إلى التدهور حتى وصلت نقطة اللاعودة بعد مغامرة صدام حسين. واستمرت هذه المرحلة إلى العام ،2003 وشهد العراق خلالها حربين ضده، الحرب الأولى سميت “حرب تحرير الكويت” ابتدأت في 17/1/1991 واستمرت 42 يوماً وانتهت بانسحاب القوات العراقية من الكويت بعد هزيمتها في 28 فبراير/ شباط من العام ذاته، وكانت هذه الحرب في الوقت نفسه “حرب تدمير العراق” وبنيته التحتية ومرافقه الاقتصادية والحيوية.

أما الحرب الثانية فهي حرب قوات التحالف ضد العراق، التي انتهت بوقوعه تحت الاحتلال في 9 إبريل/ نيسان ،2003 وإذا أردنا إضافة “الحصار الدولي” المفروض بقرارات مجلس الأمن التي زادت على 60 قراراً فإنه يمكننا التأشير لحرب ثالثة استمرت 13 عاماً، وعانى العراقيون خلالها من مجاعة حقيقية ومحق لإنسانيتهم، فاقمت من مأساتهم، وتركت هذه الفترة تأثيراتها السلبية الخطيرة على حاضر ومستقبل العراق اجتماعياً ونفسياً وعلى بنيته المجتمعية.

وإذا كان العراقيون بقسمهم الأكبر والأغلب يتطلعون إلى الخلاص من الدكتاتورية، فإن سقوط نظام صدام حسين أدى إلى انهيار الدولة العراقية، لاسيما بحل مؤسسة الجيش، العابرة للاثنيات والطوائف، والتي عمل بول بريمر على تفكيكها فاضطر العراقيون للاحتماء بمرجعياتهم التقليدية، بعد أن فقدوا مرجعية الدولة الحامية ومؤسستها العسكرية والأمنية.

المرحلة الخامسة: كانت بعد الاحتلال وشهدت فترة قصيرة تولى فيها الحاكم العسكري الأمريكي (جي غارنر) الحكم المباشر والتي انتهت بتسليم بول بريمر مقاليد السلطة المطلقة في 13 مايو/ أيار 2003 وبقائه فيها لغاية أواخر يونيو/ حزيران ،2004 رغم وجود ما سمّي بمجلس الحكم الانتقالي.

ويمكن القول إن علاقات بغداد واشنطن من عام 2003 ولغاية العام ،2008 هي الأشد سوءاً بالنسبة للعراقيين، لاسيما خلال فترة الرئيس بوش، حيث عانى العراق من نظام المحاصصة الطائفي والمذهبي والاثني، وشهد عنفاً لم يكن معروفاً على الإطلاق، وإرهاباً منفلتاً من عقاله، وميليشيات متنوعة وفساداً ورشوة، حيث ظل الوضع الأمني رغم التحسين هشّاً وقلقاً.

أما المرحلة السادسة: فهي مرحلة الرئيس أوباما ولا تزال مستمرة. وقد سألني معهد كارنيجي بعد نجاح الرئيس أوباما في استطلاع لعدد من المثقفين العرب: ماذا يريد المثقف العربي من الرئيس الأمريكي الجديد؟ وأظن أن إجابتي تتضمن رؤيتي المستقبلية للعلاقات العراقية الأمريكية، لاسيما بعد الأخطاء والخطايا الفادحة للرئيس بوش طيلة فترة حكمه، وبخاصة بعد احتلال العراق، وأجبت أنه يريد:

1 انسحاب القوات الأمريكية من العراق بأسرع وقت ممكن طبقاً لوعود الرئيس أوباما.

2 إعادة بناء العراق لأن ذلك جزء من مسؤولية الولايات المتحدة، التي عليها تعويضه.

3 مساعدة العراق للخروج من الفصل السابع طبقاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي.

4 مساعدة العراق في الحفاظ على وحدته واستعادة سيادته، وذلك لمواجهة محاولات التدخل الإقليمي بشؤونه.

5 دعم وتشجيع الخطوات نحو الديمقراطية والإصلاح في العراق ولدى دول المنطقة في إطار التعايش السلمي المجتمعي للمكوّنات المختلفة، وتحقيق أمنها الإنساني في إطار دولة مدنية حرة عصرية.

6 مساعدة الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بنفسه والضغط على “إسرائيل” لوقف العدوان وبشكل خاص على غزة، وإيجاد مخرج عملي لفكرة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة.

أعتقد أن الحوار بين بغداد وواشنطن لا بدّ أن يتضمن هذه المحاور الأساسية، سواء احتوتها الاتفاقية الأمنية أم لم تحتوها؟ وذلك بهدف استعادة الثقة بين العراقيين والأمريكان التي لا تزال مفقودة حتى الآن. وقد أدرك الرئيس أوباما الهوة السحيقة بين الولايات المتحدة والعالمين العربي والإسلامي، فدعا من على منبر جامعة القاهرة إلى حوار وتعايش وتسامح بين الأديان والثقافات والحضارات.

باحث ومفكر عربي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (1)
- 5 اتجاهات إزاء الفيدرالية في العراق
- الفيدرالية في البرلمان الكندي
- 92 عاماً على وعد بلفور
- تراثنا والمشاحنة الفكرية للمجتمع المدني
- المجتمع المدني بين الفلسفة والقانون
- كيف نقرأ إستراتيجية أوباما عربيا?
- تقرير غولدستون وقلق -إسرائيل-
- تجارة الأعضاء البشرية: أين المسؤولية؟!
- السجون السرية وجدار الصمت
- استراتيجية أوباما والإرث الثقيل
- أول اختبار لأوباما في الأمم المتحدة
- صورة الأمم المتحدة
- - سعد صالح: الضوء والظل- في الوسطية والفرصة الضائعة-.
- كل عام وأنتم بخير
- العرب وثقافة ما قبل الدولة
- النفط وألغام الصراع في العراق
- تذبذب أوباما إزاء العدالة الدولية
- جرائم تحتاج إلى تحقيق
- معسكر أشرف: مقاربة غير سياسية


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - بغداد - واشنطن: الحوار حول المستقبل