أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رياض الحبيّب - تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي 16















المزيد.....

تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي 16


رياض الحبيّب

الحوار المتمدن-العدد: 2819 - 2009 / 11 / 3 - 08:23
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تناولت في الحلقة الخامسة عشرة تحليلاً للآية القرآنية المرقمة ٦٤ في سورة آل عمران وكانت المثال الأول من الأمثلة التي ساق الرصافي في كتابه الموسوم “الشخصية المحمدية” حول الآيات التي اعتبرها في الذروة العليا من البلاغة في القرآن؛ إذ ورد في نهاية الصفحة 614 من كلام الرصافي:
{لا يُنكـَرُ أنّ في القرآن ما هو جدير بأن يكون في الذروة العليا من البلاغة، فانظر إلى قوله في سورة آل عمران: ٦٤ … إلخ} ثمّ أضاف:
{وانظر في سورة النساء: ٤٧ (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نـَزَّلـْنا مُصَدِّقاً لما معكم من قبل أن نطمس وجوهاً فنردّها على أدبارها) إلى ما في هذا الكلام من الوعيد بطمس الوجوه وردّها على أدبارها. فليس من المستطاع أن يوعد الإنسان خصومَهُ بأشدّ تقريعاً وتعنيفاً ولا أبلغ إرهاباً وتخويفاً من هذا الوعيد. إنّ طمس الوجوه وردّها على الأدبار لو قيل لصخرة لصدعها خشية، فهو كلام يدلّ على أنّ الموعد قادر قهّار وأنـّهُ لا يليق أن يقوله إلّا الله القادر الجبار العزيز المتعالي} انتهى

تعليقي:
1 سأكتب أوّلاً الآية القرآنية المذكورة كاملة-
(يا أيّها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزّلنا مُصدّقاً لما معكم من قبْل أنْ نطمس وجوها فنردّها على أدبارها أو نلعنهم كما لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وكان أمرُ الله مفعولا) – النساء: ٤٧

2 هنا تفسير القرطبي:
[وجدتُهُ أكثر تفصيلاً وشمولية من تفاسير الطبري والجلالين لتلك الآية]

يَا أَيُّهَا الَّذِين أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا
قال ابن إسحاق: كلّم رسول الله ص رؤساء من أحبار يهود منهم عبد الله بن صوريا الأعور وكعب بن أسد فقال لهم: (يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فوالله إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به الحق) قالوا: ما نعرف ذلك يا محمد. وجحدوا ما عرفوا وأصروا على الكفر; فأنزل الله عزّ وجلّ فيهم "يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها" إلى آخر الآية .

نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا:
نصب على الحال.

مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى:
الطمس استئصال أثر الشيء; ومنه قوله تعالى (فإذا النجوم طمست) - المرسلات: 8 ونطمس بكسر الميم وضمها في المستقبل لغتان. ويقال في الكلام : طسم يطسم ويطسم بمعنى طمس; يقال: طمس الأثر وطسم أي امّحى, كله لغات; ومنه قوله تعالى: (ربنا اطمس على أموالهم) - يونس: 88 أي أهلكها; عن ابن عرفة. ويقال: طمسته فطمس لازم ومُتعَدٍّ. وطمس الله بصره, وهو مطموس البصر إذا ذهب أثر العين; ومنه قوله تعالى (ولو نشاء لطمسنا على أعينهم) - يس: 66 يقول أعميناهم .

واختلف العلماء في المعنى المراد بهذه الآية; هل هو حقيقة فيجعل الوجه كالقفا فيذهب بالأنف والفم والحاجب والعين. أو ذلك عبارة عن الضلال في قلوبهم وسلبهم التوفيق؟ قولان. روي عن أ ُبَيّ بن كعب أنه قال: "من قبل أن نطمس" من قبل أن نضلكم إضلالاً لا تهتدون بعده. يذهب إلى أنه تمثيل وأنهم إن لم يؤمنوا فعل هذا بهم عقوبة. وقال قتادة: معناه من قبل أن نجعل الوجوه أقفاء. أي يذهب بالأنف والشفاه والأعين والحواجب; هذا معناه عند أهل اللغة. ورُوي عن ابن عباس وعطية العوفي: أن الطمس أن تزال العينان خاصة وتـُرَدّ في القفا; فيكون ذلك ردّاً على الدبر ويمشي القهقرى. وقال مالك رحمه الله: كان أوّل إسلام كعب الأحبار أنه مرّ برجل من الليل وهو يقرأ هذه الآية: "يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا" فوضع كفيه على وجهه ورجع القهقرى إلى بيته فأسلم مكانه وقال: والله لقد خفت ألا أبلغ بيتي حتى يطمس وجهي. وكذلك فعل عبد الله بن سلام، لما نزلت هذه الآية وسمعها أتى رسول الله ص قبل أن يأتي أهله وأسلم وقال: يا رسول الله، ما كنت أدرى أن أصل إليك حتى يحول وجهي في قفاي. فإن قيل: كيف جاز أن يهددهم بطمس الوجوه إن لم يؤمنوا ثم لم يؤمنوا ولم يفعل ذلك بهم; فقيل: إنه لما آمن هؤلاء ومن اٌتـّبعهم رفع الوعيد عن الباقين. وقال المبرد: الوعيد باق منتظر. وقال: لا بد من طمس في اليهود ومسخ قبل يوم القيامة.

أَدْبَارِهَا أَوْ (أي أصحاب الوجوه) نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ:
أي نمسخهم قردة وخنازير; عن الحسن وقتادة. وقيل: هو خروج من الخطاب إلى الغيبة

وَكَان أَمْرُ اللهِ مفعولا:
أي كائناً موجودا. ويراد بالأمر المأمور فهو مصدر وقع موقع المفعول; فالمعنى أنه متى أراده أوجده. وقيل: معناه أن كل أمر أخبر بكونه فهو كائن على ما أخبر به.

3 والآن وبعد معرفة معنى الآية القرآنية المذكورة استناداً على تفاسير معتمدة من المسلمين؛ أرى أنّها (آية) مرعبة وفي الذروة العليا من الفظاعة قبل النظر إليها من جهة البلاغة- ممّا يأتي تناوله بعد قليل. وقد أخبَرَنا الرصافي في كتابه عن النوبات العصبيّة الحادّة التي انتابت رسول الإسلام قبل نزول الوحي عليه وبعده، في الصفحة 114-117 ممّا نقل عن السيرة الحلبية، كما ورد ذكر تلكم النوبات في كتاب “محنة العقل في الإسلام” لمؤلّفه الصحافي اللبناني مصطفى جحا والذي دفع حياته ثمناً عن كتابه هذا. ومن جهة أخرى، لا داعيَ بعدئذ لإنكار الحديث الآتي أو الإدّعاء بضعفه- وقد رواه ابن بابويه القمي ت 329 هـ في “عيون أخبار الرضا” ج 2 ص 9 ح 24 وقد ورد أيضاً في “بحار الأنوار” ج 8 ص 310 ب 24 ح75 لمؤلفه الشيخ محمد باقر المجلسي المعروف بالعلّامة المجلسي ت 1111 هـ:

عن الامام علي بن أبي طالب (رض) قال: دخلت أنا وفاطمة على رسول الله ص فوجدته يبكي بكاء شديداً فقلت: فداك أبي وأمي يا رسول الله ما الذي أبكاك؟ فقال (ص) يا عليّ: ليلة أ ُسري بي الى السماء رأيت نساءً من أمّتي في عذاب شديد واذكرت شأنهن لما رأيت من شدة عذابهن؛ رأيت امرأة معلقة بشعرها يغلي دماغ رأسها ورأيت امرأة معلقة بلسانها والحميم يصب في حلقها ورأيت امرأة معلقة بثديَيها ورأيت امرأة تأكل لحم جسدها والنار توقد من تحتها ورأيت امرأة قد شـُدّ رجلاها الى يدها وقد سُلّط عليها الحيّات والعقارب ورأيت امرأة عمياء في تابوت من النار يخرج دماغ رأسها من فخذيها وبدنها يتقطع من الجذاع والبرص ورأيت امرأة مُعلّقة برجليها في النار ورأيت امرأة تقطّع لحم جسدها في مقدّمها ومؤخرها بمقارض من نار ورأيت امرأة تحرّق وجهها ويدها وهي تأكل امعائها ورأيت امرأة رأسها رأس خنزير وبدنها بدن حمار وعليها ألف ألف لون من بدنها ورأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل من دبرها وتخرج من فمها والملائكة يضربون على رأسها وبدنها بمقاطع من النار.
فقالت فاطمة: حسبي وقرّة عيني أخبرْني ما كان عملهن وسيرهنّ حتى وضع الله عليهنّ هذا العذاب؟

فقال ص: يا بنيّتي أمّا المُعلّقة بشعرها فإنها كانت لا تغطّي شعرها من الرجال. أمّا المعلقة بلسانها كانت تؤذي زوجها. أمّا المعلقة بثديها فانها كانت تمتنع عن فراش زوجها. أمّا المعلقة برجلها فانها كانت تخرج من بيتها بغير اذن زوجها. أمّا التي تأكل لحم جسدها فانها كانت تزيّن بدنها للناس. أمّا التي شدّ رجلاها الى يدها وسُلّط عليها الحيات والعقارب فإنها كانت قليلة الوضوء قذرة اللعاب وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض ولا تنظف وكانت تستهين بالصلاة. أمّا العمياء والصمّاء والخرساء فإنها كانت تلد من الزنا فتعلّقه بأعنق زوجها. أمّا التي كانت تقرض لحمها بالمقارض فإنها كانت قوّادة. أمّا التي رأسها رأس خنزير وبدنها بدن حمار فإنها كانت نمّامة كذ ّابة. أمّا التي على صورة الكلب والنار تدخل من دبرها وتخرج من فمها فإنها كانت معليّة نوّاحة.

ويُروى أنّ تلك الحادثة حدثت أثناء المعراج تحديداً أي صعود محمد إلى السموات السبع لمقابلة الله وأنّ من الناس في مكة ممّن رفضوا تصديق هذه القصة بل ارتدّوا بسببها قائلين أنّ محمداً قد خرف وأصابه مسّ من الجنون. بَيْدَ أنّ اللافت في القصة هو غياب رؤية أيّ عذاب للرجال، إنما العقوبات (الإلهية) في الرؤيا المحمدية كانت مقتصرة على النساء! وأمّا اليوم فلو رآى شخص رؤيا شبيهة بالرؤيا المحمدية المذكورة فلا يختلف عاقلان في تشخيص مشكلة ما في مخ الشخص ما يستوجب إمّا تدخلاً جراحيّاً أو مصحّة نفسيّة ذات عناية فائقة.

4 أمّا تقدير درجة البلاغة وتقويمها- بعد ما تقدّم من تفسير للآية القرآنية- فأظنّ أنّ المطّلعين على كلام العرب في تلك الحقبة من الزمان- والمطّلعات- ولا سيّما الدارسين سيرون أنـّه كلام لا يستحقّ ضرب مثال به على البلاغة، لأنّ من سمات الكلام البليغ حسن اللفظ والتعبير، بالإضافة إلى انسجام العبارة ووضوح المعنى وحبكة الأسلوب ورصانة المقصد، إنما سيختارون مثالاً من كتاب مؤلّفه إنسان سويّ أي طبيعي. ولو افترضنا أنّ كلاماً ما مصدره فكرٌ غير عادي فأوّل إعتبار يُحسَبُ له هو أن يكون عقلانيّاً وبعيداً عن أيّة هلوسة كلّ البعد! لأنّ فكراً صاحبه إنسان طبيعي لا يقتضي جريه وفق العادة فحسْبُ، بل أحياناً كثيرة ما خرجت أفكار المفكّرين لتصبح فوق العادة (باتساع زاوية الرؤية والتعمّق في النظر) ولكنها لم تخرج عن العقلانية حتـّى لو خرجت عن إطار العاديّة.

5 لو جاز لنا أن نقارن بلاغة القرآن مع غيرها فالحكمة- في رأيي- أن تتمّ المقارنة مع المؤلّفات المعاصرة لزمن تأليف القرآن من جهة- ولكنْ من جهة أخرى، لا يجب أن تتفوّق بلاغة أيّة جملة- عربيّة أو غير عربيّة- على بلاغة أيّة آية قرآنيّة ولا يتفوق بيت شعر ما أو أسجوعة ما بلاغيّاً على القرآن لا قبل الإسلام ولا بعده، هذا إنْ أصرّ المتعصبون للقرآن على اعتباره موحىً به من الله أو صالحاً لزمان ما ومكان.

6هنا بضعة أبيات من معلّقة عمرو بن كلثوم، هي بحسب خبرتي مع الأدب الجاهلي في الذروة العليا من البلاغة، علماً أنّ المعلّقات قد سبقت القرآن:

إِذَا بَلَغَ الفِطَامَ لَنَا صَبِيٌّ *** تَخِرُّ لَهُ الجَبَابِرُ سَاجدِينَا
عقاراً عُتِّقت من عهد نوحٍ *** ببطن الدّنِ يبتذل السنينا
هو ذا الشاعر عمرو بن كلثوم قد تكلّم في معلّقته بصيغة الجمع- وبها تكلّم مؤلّف القرآن أيضاً، لكنْ لم يدّع الشاعر بكلامه نبوّة ولم ينسبْ قوله إلى الله ولم يقل أحد أنّ الأبيات التالية موحىً بها من الله. فقد اخترت له:
وأنّا الطالبون إذا انتقمنا *** وأنّا الضاربون إذا ابتـُلينا
وأنّا النازلون بكلّ ثغرٍ *** يخاف النازلون به المَنونا
إذا لم نحمهنّ فلا بقينا *** لشيء بعدهنّ ولا حيينا
لنا الدنيا ومن أضحى عليها *** ونبطش حين نبطش قادرينا

وهنا ما اخترت من معلّقة لبيد بن ربيعة العامري:
دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعْدَ عَهْدِ أَنِيسِهَا *** حِجَجٌ خـَلَوْنَ حَلالُهَا وَحَرَامُهَا
شرح الزوزني- يقول: هي آثار ديار قد تمّت وكملت وانقطعت بعد عهد سكانها بها سنون مضت أشهر الحرم وأشهر الحلّ منها، وتحرير المعنى: قد مضت بعد ارتحالهم عنها سنون بكمالها. خلون: المضمر فيه راجع إلى الحجيج، وحلالها بدل من الحجيج، وحرامها معطوف عليها، والسنة لا تعدو أشهر الحرم وأشهر الحلّ، فعبر عن مضي السنة بمضيهما.

حَتَّى إِذا سَلَخا جُمَادَى سِتَّة ً *** جَزءاً فطَالَ صِيَامُهُ وَصِيَامُها
[هو ذا الصيام معروف في جزيرة العرب قبل الإسلام وكذلك الحج والأشهر الحرم]
رَجَعَا بِأَمْرِهِمَا إِلىَ ذِي مِرَّةٍ *** حَصِدٍ وَنُجْحُ صَرِيْمَةٍ إِبْرَامها
[ذو مِرّة فاستوى - سورة النجم: 6]
فَالضَّيْفُ وَالجَارُ الجنيبُ كَأَنَّمَا هَبَطَا تَبَالَةَ مُخْصِبَاً أَهْضَامُها
[وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ - سورة النساء: 36]

وهل في القرآن كلّه بلاغة مُجْدية ليقارنها إنسان عاقل وعادل مع التالي من الروعة والرقـّة والتلقائيّة والإنصاف:
إِنَّا إِذا الْتقتِ الْمَجَامِعُ لَمْ يَزَلْ *** مِنَّا لِزَازُ عَظِيمَةٍ جَشَّامُها
وَمُقَسِّمٌ يُعْطِي الْعَشِيرَةَ حَقَّها *** وَمُغذمِرٌ لِحُقوقِها هَضَّامُها
فضْلاً وذو كَرَمٍ يُعِينُ عَلَى النَّدى *** سَمْحٌ كَسُوبُ رَغائِبٍ غـَنَّامُها
مِنْ مَعْشَرٍ سَنَّتْ لَهُمْ آبَاؤُهُمْ *** ولِكُلِّ قوْمٍ سُنَّةٌ وإِمامُها
لَا يَطْبَعُون ولاَ يَبُورُ فِعَالُهُمْ *** إِذ لا يَمِيلُ مَعَ الْهَوَى أَحْلامُها
فاٌقـْنـَعْ بِمَا قَسَمَ الْمَلِيكُ فإِنَّمَا *** قَسَمَ الْخلائِقَ بَيْنَنَا عَلاَّمُها
وإِذا الأَمَانَةُ قـُسِّمَتْ في مَعْشرٍ *** أوْفى بأَوفر حَظِّنا قـَسَّامُها

7 أين قول مؤلّف القرآن بقوله (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نـَزَّلـْنا مُصَدِّقاً لما معكم من قبل أن نطمس وجوهاً فنردّها على أدبارها) من قوله في سورة البقرة: ٤٧ و ١٢٢ (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضّلتكم على العالمين) أم أنه كان يحاول استمالة اليهود إلى دينه قبلما يئس منهم، حتـّى نعتهم بنعوت مزرية ولعنهم ودعا أخيراً إلى قتالهم وفرض الجزية عليهم- التوبة: 29 وغيرها. وعلى أيّة حال فكلام مؤلف القرآن من كلام العرب ولا أدري لماذا يميّزه المتعصّبون بلاغيّاً عن غيره ولماذا يعتبرونه سماويّاً وأنّ المعلّقات في نظري أرقى فكراً من القرآن وأرقّ عاطفة، بالإضافة إلى ما تقدّم من سمات الكلام البليغ؟

8 قوله (نلعنهم كما لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ) يتناقض لاهوتيّاً مع عهد الله في الكتاب المقدس؛ فمتى لعن الله اليهود وكيف لعنهم والمُخلّصُ (أي السيد المسيح له المجد) مزمع أنْ يأتي منهم؟ بل لا تجوز اللعنة حتى قرآنيّاً بسبب التناقض، إذ ورد في القرآن- سورة النساء عينها والآية 171 (إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد... إلخ) والسيدة العذراء التي ولدت يسوع كانت يهودية من نسل داود الملك ومن سبط يهوذا- وهو أحد أسباط إسرائيل الإثني عشر وأهمّها- وهذا بغض النظر عن غلط القرآن في تأنيث كلمة “كلمة” بقوله “ألقاها” والهاء ضمير متـّصل يعود على الكلمة، لأنّ الكلمة مؤنثة لفظاً مذكّرة معنىً إذ المسيح هو الكلمة- كما في بداية الإنجيل بتدوين يوحنـّا:
يو-1-1 فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ.
[يقول: كان الكلمة ُ ولم يقل: كانت]

وبغضّ النظر أيضاً عن فهم مؤلّف القرآن المغلوط للعقيدة المسيحية بقوله (ولا تقولوا ثلاثة) فأين مزاعم القرآن في الكتاب المقدّس الزاخر بمئات الآيات في التوحيد؟ وذلك سواء ما ورد في النساء: 171 أو في المائدة: 73 (لقد كفر الذين قالوا إنّ الله ثالث ثلاثة... إلخ) وغيرها من مزاعم جاهلة أو افترائية باطلة.
______________

في الحلقة السابعة عشرة تعليق على البلاغة في سورة الشعراء: ٢٢٧ وغيرها- ما أمكن- من الأمثلة التي ساق الرصافي على الذروة العليا من البلاغة في القرآن.




#رياض_الحبيّب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي 15
- تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي- 14
- المنهل الطَّيِّب في موجز تعليقات الحبيِّب- سابعاً
- سارة القيس
- تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي- الحلقة 13
- سمفونيّة مريم العذراء
- تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي- الحلقة 12
- سونيتا: سأدّعي النبوّة
- لا نبيّ من نسل إسماعيل- خامساً وأخيراً
- ززز
- لا نبيّ من نسل إسماعيل- رابعاً
- مِنْ وَحْي اٌضطهاد الأقلّيّات
- عاش الزعيم عبد الكريم
- لَا يُفتِ رسولُكَ بالجنّهْ
- لا نبيّ من نسل إسماعيل- ثالثاً
- قالتْ إنّي أعشقُ كُفري
- لا نبيّ من نسل إسماعيل- ثانياً
- لا نبيّ من نسل إسماعيل- أوّلاً
- والقمر إذا خسَف
- رحمة ابن الإنسان وجرائم رجم الزانية والزاني- 3 من 3


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رياض الحبيّب - تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي 16