أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جهاد علاونه - ملك العالم















المزيد.....

ملك العالم


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2818 - 2009 / 11 / 2 - 20:07
المحور: سيرة ذاتية
    


جلّّّ جلال الله..جلّّ جلال اللهْ ..لا مسلم ولا نصراني ..جل جلال الله وجل جلال الله .

بهذه الكلمات كان ينهي ملك العالم خطاباته الموجهة إلى الفاتيكان والعالمين العربي والإسلامي .

فحرية الرأي والرأي الآخر لا يمكن أن تكون من حق الإنسان العادي في الدول الدكتاتورية , إلا إذا كان الحر شخص مجنون والحرة أيضاً امرأة مجنونة .

فالحر لو كان يقول ما كان يقوله ملك العالم لأعدم أكثر من 100مرة على مر السبعين سنة التي عاشها من حياته بين المشي في الطرقات والتسكع هنا وهناك .

ربما أن الدول الديمقراطية لا يمكن أن نجد فيها شخصيات مثل تلك الشخصية التي كانت تقول عن نفسها أنها (ملك العالم) فإذا كانت الشخصية تتهبل أو تكذب حتى تقول ما تريده فأظن أنه في الدول الديمقراطية الكل يقول ما يريده , ولكن هنالك فرق كبير وهو أن أصحاب حرية الرأي لا يمكن أن يدعوا الجنون في الدول الديمقراطية على عكس الدول الديكتاتورية التي تحتاجُ فيها حرية الرأي إلى أن تدعي الهبل والجنون لكي تهرب من العقاب .

فأن تقول رأيك بحرية دون أن تتعرض للمسائلة من المستحيل في ذلك الزمن الصعب الذي ظهر به أشخاص مثل (بهلول) أو غيره من البهاليل , حتى أن جحا الضاحك المُضحك كما وصفه العقاد لم يكن شخصاً طبيعياً , كان يستخدم الكاهة والضحكة وخفة الدم والظُرف لكي يعبر عن رأيه بجرأة نادرة.

وكان في حارتنا رجل يدعي أنه ملك العالم ومات قبل أن يكون له وريثاً شرعياً يرث العرش من بعده , وكان كثير المشي في النهار والليل ومن النادر جداً أن تراه وهو يضحك إنه لم يكن ظريفاً كجحا أو كبهلول أو ك ريانه المجنونه , بل كان عابساً أو غالباً طبيعياً إلا في ملابسه الوسخة ورفضه للإستحمام ورفضه بأن يسلم بهزيمته بأنه ليس ملك العالم أو الحارة التي يعيشُ فيها .

وكانت بعض الناس تحسده وتقول : نياله هذا على الجنه وارد لا حساب ولا عذاب , لا حساب في الدنيا ولا حساب في الآخرة , لأن الله إذا أخذ ما أوهب أسقط ما أوجب.

ولم يكن أحد يستطيع إقناعه بأنه ليس ملك العالم , ولم يكن يقبل بأن يكون ملك المدينة التي يقطن بها ولا حتى يقبل بأن يكون ملك قريتنا ولا حتى حارتنا فقد ملكوه علينا كثيراً ولكنه كان ينظرُ إلينا بازدراءٍ شديد ويقول (أنا ملك العالم) .

ملك العالم ..وملك القارات الخمس وكان يطلب التأييد من بابا روما والفاتيكان وكان يبدء خطابه بالحمد والشكر لله وكان ينهي خطابه وهو يلتف حول نفسه ويضرب بأرجله على الأرض وهو يقول (جلّ جلال الله..جل جلال الله...لامسلم ولا نصراني).

وكانت كل خطاباته موجهةً إلى بابا روما والفاتيكان , وكان كثير التحدث عن المسيحيين وعن الأقباط وهو أول رجل دلني على أن هنالك علم أو تخصص علمي في الوطن العربي اسمه (الأقباط).

وفي التاريخ صورٌ كثيرة لهذا الشخصيات مثل صورة بهلول الذي يقال أنه كان أعقل المجانين أو أنه كان يتمجنن إذ كان بهلول طوال النهار يركبُ على رمح من القصيب وكان يشتم خليفة المسلمين والناس وكان من الصعب أن يلقى محاكمة وكأن هبله وجنانه أعطاه حصانة دبلوماسية , ولقيه الرشيد ذات مرة وقال له:
-أنت بهلول؟

-نعم.

-اشتقتُ إليك ..سمعتُ عنك كثيراً واشتقتُ لرؤياك.

-وأنا سمعتُ عنك كثيراً ولم أرغب ولم أشتق لرؤياك.

-ههههه أطلب أي شيء يا بهلول وسأعطيك إياه.

-أتظن أن الله يعطيك وينساني؟
ومن ثم ركب على رمحه وترك الخليفة وهو يتكلم معه .

وأظن أن هذه الصورة من المستحيل أن يقدر عليها أي كاتب أو ناقد أو ثائر على النظام السياسي أو الثقافي أو الإجتماعي إلا إذا كانت شخصيته مثل شخصية بهلول أو (ملك العالم).
فملك العالم هو وحده الذي من حقه أن يشتم الملوك والناس والرؤساء , حتى غالباً لا يستطيع ملك العالم الأصلي أن يشتم ملك أو رئيس سلطه أو رئيس جمهورية أو حتى مواطن عادي في الدول الديموقراطية الجمهورية.

وكان جريئاً جداً وكان يشتم رئيس البلدية وأهل الحارة والدجاجلة الكذابين ومن ثم كانشيئاً فشيئاً يتطور بالتدريج ليشتم رئيس الحكومة ورؤساء الدول العربية كلُ واحد باسمه وبمحل إقامته.

وكان زمان في حارتنا رجل غيره أقل جرأه منه بس ماكان يشتم حدى هذاك كان يشتم نفسه وأمه وأبوه وقد مات منذ أقل من عشرة سنين وتبعه الذي أتحدثُ عنه بسنة أو سنتين وكانت الناس تقول عنه أنه مجنون وبعض الناس تقول أنه يتمجنن علينا وبعض الناس تقول أنه أعقل العاقلين والبعض كان يصفه بأنه أعقل مجنون في الحاره.


كان يبدء خطابه بكلام مثل العسل وليس عليه غبار ثم شيئاً فشيئاً يبدء بخلط صلصه خطابيه لها أول وليس لها آخر , والمهم والأهم أنه كان خارج المسئولية فلم يكن يتعرض لا للضرب ولا للاعتقالات السياسية أو الملاحقات الأمنية وكان أبي رحمه الله يحسده على ذلك .

وكان يقف في منتصف الشارع ويخطب في الناس تقريباً أكثر من ساعة أو ساعتين دون التوقفللاستراحة أو لشرب الماء وكان صوته خطابياً عالياً وقوياً أقوى من صوت وديع الصافي ووائل كفوري وكانت لغته سليمةً 100% , وكانت سيرته العلمية حافلة بالشهادات إلى أن تخرج في الأزهر سنة 1955م.

كنتُ أقتنع وأنا أستمعُ إلى إلى حدٍ ما..أنه ليس مجنوناً, أما الناس فقد كانت على طول تعتبره مجنوناً وأهبلاً وقد قيل أنه لم يكن هكذا بل كان أزين شاب وأفهم شاب وأعقل شاب في البلدة كلها وليس الحارة وحسب.

وكان ضميره يؤنبه حين يخاطب بابا روما وكان يقول أنا ملك العالم .

ملك العالم ليس في حارتنا وحسب إنك أنت وأنت تقرأ المقال ترى في حارتكم أو حيكم أو مدينتكم رجلاً على هذه الشاكلة , ترى ما السبب؟

بعض الذين يشربون الأفيون أو المخدرات يصلون إلى مرحلة ما بعد المرحلة أو إلى مرحلة ليس بعدها مرحلة , وكل المتعاطين بالمخدرات يشعرون في أحلى حالاتهم أنهم ملوك وسلاطين سعداء جداً ينامون على الرصيف وهم شاعرون أنهم ملوك العالم ثم يستيقظون وإذا بهم ملوك الشوارع والبنكيتات العريضة والجزر التي تشق الطرق والشوارع الإسفلتية.

وهذا الرجل لم يكن يتعاطى بأي نوع من أنواع المخدرات ولكنه كان على طول مخدر أو سكران وكان جسمه ضد كل الأمراض المعدية وغير المعدية وكن ألاحظ فيه عادة ترافقه على طول وهي البصاق على الأرض كثيراً وكأن جسمه يرشح بالجراثيم , وكانت الغرفة التي يقطن فيها من المستحيل جداً أن تعيش فيها الكلاب أو الجراذين أو الفئران كانت عبارة عن مكرهة صحية وكان ينامُ فيها في الشتاء , أما معظم أيام الصيف فقد كان يكتفي بالنوم في أحضان الشوارع ولا أستطيع القول أنه كان ينامُ في أحضان الطبيعة فمن المستحيل أن تكون الشوارع التي كان ينامُ عليها جميلة أو رومنسية إنها دائماً في حالة من الوباء الصحي.

وكان يهوى الكتابة على أي ورقة يلقاها في الطريق وكان ضد كل أشكال الاستحمام والاغتسال وكان بعض أهل الخير يأخذونه أو يخطفونه خطفاً ليحلقوا له شعر رأسه وذقنه ومن ثم يحممونه بالماء الساخن .
ولستُ أدري إن كان يكره نفسه نظيفاً ولكن ما أعرفه عن مرضى الإكتئاب أنهم ضد كل أشكال الإعتناء بالمظهر الخارجي للجسم وهذا النوع من المرض يعاني منه غالبية المثقفين فكل مثقف حقيقي يشعر بالإكتئاب وبعدم الرغبة بوضع الماء على جسمه.

ووضع الماء على الجسم من المثيرات جداً لأصحاب مرضى الإكتئاب وكذلك وضع العقل في الرأس لأصحاب مرضى الفصام الشخصي( شيزوفرينيا).




#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسد وثعلب ماكر وحمار بلا مخ
- الكاتب الذي لا يكسب من قلمه
- تعليم التفكير
- المرأة هاضمة حقوق الرجل
- لغة الواوا
- فساد النحاة العرب
- مرتاح البال
- ليلة الأمس
- الحراميه أنواع
- رزق الهُبل على المجانين
- المرأة التي أحبها
- طفولتي
- الرجل الذي أضاع حمار أهله
- امرأة وثلاثة حمير
- من يغار أكثر ؟ المرأة أم الرجل؟
- من قصص موسى
- قصص الفقراء
- كلام الأغنياء
- المثقف والفنان الغنائي
- هل كانت قريش تهمز الخراء؟


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - جهاد علاونه - ملك العالم