أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - من وحي كتاب فهد (الحلقة الرابعة عشرة) مزورو التاريخ















المزيد.....


من وحي كتاب فهد (الحلقة الرابعة عشرة) مزورو التاريخ


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 856 - 2004 / 6 / 6 - 10:05
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


في كتاب فهد مارس الباحثان حقهما في انتقاد فهد فوجدا في كل سياسة من سياساته جانبا سلبيا يستحق الانتقاد وكانا يرجعان اسباب اخطاء فهد دائما الى دراسته في جامعة كادحي الشرق والستالينية والى الاممية الشيوعية اضافة الى اسباب اخرى. ومع ذلك، ورغم ذكر الاممية الشيوعية في كل موضوع انتقدا فيه فهد، وجد الباحثان ان من الضروري كتابة مبحث خاص بالاممية الشيوعية تحت عنوان "فهد والاممية الشيوعية". وهذا اوحى لي ان اكتب حلقة عن الاممية الشيوعية. ولكنني وجدت ان هذا الموضوع واسع ومعقد احتاج فيه الى قراءة الكثير من الوثائق اذا توفرت لي لكي اعطيه حقه من الشرح اذا استعطعت ذلك. وعند قراءة المبحث وجدت ان الباحثين اعتمدا على كتاب كمرجع اساسي في مبحثهما. وفي مسار مبحثهما جاءت ملاحظة هامشية في الصفحة ١٥٢ من الكتاب وهذا نصها:
"ملاحظة: صدر في منتصف العقد التاسع من القرن العشرين كتاب باسم "الكومنترن والشرق – استراتيج والتكتيكات لمؤلفه أ. ريزنيكوف. وقد ترجم هذا الكتاب الى العربية من نصير سعيد الكاظمي (عزيز سباهي) ونشر عن مركز الابحاث والدراسات الاشتراكية في العالم العربي في دمشق ودار الفارابي في بيروت في عام١٩٨٧. وعندما يقرأ الانسان هذا الكتاب سيصطدم بحقيقة مؤسفة هي ان مؤلف هذا الكتاب، الذي تحدث عن الاممية الشيوعية منذ تأسيسها في عام ١٩١٩ حتى حلها في عام ١٩٤٣ لم يورد اسم ستالين حتى ولا مرة واحدة في هذا الكتاب الذي بلغت صفحاته ٤٣٢ صفحة. وهذا الكاتب يعرف تماما بان ستالين قد تسلم قيادة الحزب الشيوعي في عام ١٩٢٤، كما تسلم عمليا قيادة الاممية الشيوعية في اعقاب موت لينين، وانه قد لعب الدور الاساسي في تحديد الخط العام للحزب ابتداءا من عام ١٩٢٥، وبشكل خاص في تقريره الرئيسي الى المؤتمر الخامس عشر للحزب الشيوعي اكتوبر / تشرين اول – نوفمبر / تشرين ثاني ١٩٢٦، ومن ثم في الاجتماع الموسع السابع للجنة التنفيذية للاممية الشيوعية الذي عقد في موسكو في عام ١٩٢٦ ايضا. وبالتالي فالمؤلف يرتكب خطأين في آن واحد، وهما : اولا : تزوير التاريخ من خلال تجاوز الاحداث الحقيقية والشخصيات التي لعبت دورا اساسيا في مرحلة معينة بغض النظر عن مدى صواب او خطأ ما حصل منهم، وفي هذا الصدد يكون الكاتب قد تجاوز أو تناسى دور ستالين الاساسي والرئيسي في هذه الفترة قصدا ومع سبق اصرار. وثانيا: انه يعفي عمليا ستالين، ومعه بقية قيادة الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي، اذ كانا الموجهان الفعليان (الخطأ النحوي في الاصل) لسياسة الاممية الشيوعية حينذاك على امتداد فترة وجود ونشاط الكومنترن، من الاخطاء الفادحة التي وقعت في هذه المرحلة. كما ان هذا الاسلوب في التحليل التاريخي لا يقدم الدروس الضرورية والغنية لما نجم عن سيادة عبادة الفرد ودور هذا التقديس للفرد في صياغة القرارات الفردية وفي فرضها بمختلف الاساليب والطرق على الاخرين، او القبول بها لا تحت تاثير فهم المبادئ بقدر ما هو ايمان وعقيدة بعدم ارتكاب القائد الفرد اخطاءا وانه الاكثر وعيا وقدرة على فهم وتحليل الاحداث واتخاذ القرارات. وفي هذا تجاوز على الماركسية والمنهج المادي الديالكتيكي والمادي التاريخي، او المنهج العلمي في التحليل." (كتاب فهد، هامش في الصفحة ١٥٢)
وقد اوحت لي هذه الملاحظة كتابة شيء عن تزوير التاريخ ومزوري التاريخ في الوقت الذي احاول فيه جمع المعلومات عن الاممية الشيوعية. ولكن الملاحظ ان الباحثين مع ذلك استخدما كتاب ريزنيكوف اساسا لبحثهما عن الاممية الشيوعية. يبدو ان ريزنيكوف، حسب راي الباحثين، اكتفى بتزوير التاريخ مرة واحدة حين لم يذكر اسم ستالين ولكنه بحث تاريخ الاممية الشيوعية بامانة واخلاص المؤرخ الحقيقي. والحقيقة هي ان من يزور التاريخ مرة لا يتورع عن تزويره مرات ومرات. وما فات الباحثين هو ان ريزنيكوف كتب بحثه في منتصف الثمانينات في مجتمع كان فيه تزوير التاريخ في جميع الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية مبدأ ضروريا للطبقة الحاكمة في الاتحاد السوفييتي الايل الى الزوال. ولكني قبل ان ابحث هذا اود ان اتكلم شيئا عن تاريخ تزوير التاريخ.
كان تزوير التاريخ ضرورة قصوى لكافة الدول منذ نشوء اول دولة بعد زوال النظام الشيوعي البدائي وحتى يومنا هذا. لان هذه الدول كلها، باستثناء دولة الاتحاد السوفييتي في فترة بناء الاشتراكية، كانت دول اقلية تستغل اغلبية شعوبها وغير شعوبها. ففي كل هذه الدول لم تكن السيطرة السياسية والعسكرية وحدها كافية لخدع الشعوب وتضليلها من اجل ادامة استغلالها بل كان من الضروري ايجاد وسائل اخرى غير تسلطية لاستكمال هذا الخدع والتضليل. وكان اهم هذه الوسائل تزوير التاريخ. ويختلف تزوير التاريخ باختلاف تطور المجتمعات البشرية. ففي زمن النظام العبودي زيفوا التاريخ باعتبار سيد العبيد او رئيس اسياد العبيد الاها يجب ان يعبده الناس. وفي مراحل اخرى من التاريخ حين لم يعد الناس يؤمنون بوجود الاه على الارض اتخذ تزوير التاريخ صورة اخرى بوجوب عبادة الاه خلق العالم وهو ليس منه واعتبروا الملوك منزلين من قبل ذلك الالاه بشتى الصور التي تخيلوها لهذا الالاه. واتخد تزوير التاريخ احيانا اشاعة مفهوم ذوي الدم الازرق وذوي الدم الاحمر. وليس في هذا المقال الموجز مكان لبحث تاريخ كامل لتزوير التاريخ في مختلف مراحل التطور البشري. ولكننا نعيش الان في عصر الراسمالية الامبريالية، عصر الحروب العالمية، عصر التطاحن على استعمار الاغلبية الساحقة من سكان العالم من قبل اقلية ضئيلة تستغل شعوبها وشعوب العالم اجمع. وفي هذه الظروف لم تعد تنطلي على الشعوب التزويرات القديمة المبنية على الدين والالهة فكان من الضروري ايجاد وسائل اخرى لخدع الشعوب وتضليلها. وتحول واجب تزوير التاريخ من ايدي رجال الدين، ولو ان دورهم ما زال يحتل اهمية كبيرة، الى وسائل الاعلام، او ما نسميه اليوم السلطة الرابعة. ووسائل الاعلام فعلا سلطة رابعة تمارس سلطتها الى جانب سلطات الدولة الثلاث. وليست هذه السلطة الرابعة منفصلة عن سائر السلطات الثلاث اذ ان المسيطرين عليها وموجهيها هم نفس المسيطرين على السلطات الثلاث الاخرى وموجهيها، هم الطبقة الحاكمة.
لا يمكن في مقال كهذا سرد الكثير من تزوير التاريخ الذي ساد طيلة حياة المجتمع الانساني منذ نشوء اول دولة وحتى يومنا هذا. وقد كتب الكثير من الكتب حول تزوير التاريخ في ايامنا مثل حرب الفيتنام وحرب يوغوسلافيا وغيرها. ولكننا نعيش اليوم افظع فترات تزوير التاريخ.
كانت احدى صور تزوير التاريخ خلال الحرب العالمية الاولى خصوصا شعار الدفاع عن الوطن. ففي هذه الحرب التي كانت في حقيقتها حربا من اجل اعادة اقتسام العالم الذي تم اقتسامه بين الدول المتحاربة، اتخذت احزاب الاممية الثانية كلها تقريبا عدا الحزب البلشفي شعار الدفاع عن الوطن وسيلة لمشاركة حكوماتها وتأييدها في محاربة احداها الاخرى، اي دفعت عمال وكادحي كل دولة الى قتل عمال وكادحي الدولة الاخرى، دفاعا عن الوطن.
والعالم يعاني اليوم من حرب عالمية ثالثة منذ ان اعلنها بوش يوم ١١ سبتمبر ٢٠٠١ ولكن العالم كله ووسائل الاعلام العالمية تسمي هذه الحرب العالمية التي تهدف الى استعباد العالم والى عولمة الراسمال الاميركي بانها حرب ضد الارهاب. ولذا تسمي الانتفاضة في فلسطين ارهابا ومقاومة الجيوش المحتلة في افغانستان ارهابا واليوم يسمون مقاومة الجيوش المحتلة للعراق ارهابا. ويسمون ارهاب الدولة الذي تمارسه الولايات المتحدة وحلفاؤها من اجل فرض سيطرتها على العالم كله الى درجة سلب مستعمرات ونفوذ حلفائها الاوروبيين لهذا الغرض تحريرا واصلاحا وتطويرا وقضاء على الفقر وتوفير فرص العمل ونشر الديمقراطية والدفاع عن حقوق الانسان وغير ذلك من الادعاءات. ويعقد الرئيس المصري على سبيل المثال مؤتمرات قمة بمعدل عشر مؤتمرات في الشهر وتعلن لنا وسائل الاعلام ان الرئيس بحث مع زميله العلاقات المشتركة وقضية فلسطين وكيفية بعث المسيرة السلمية او تطبيق خارطة الطريق الاميركية وفي السنة الاخيرة اضيف الى ذلك بحث القضية العراقية. ولكن ماذا قال الرئيس وماذا قال زميله بهذا الخصوص فان ذلك سر لا يحق للشعوب معرفته.
وفي القضية العراقية الان نشاهد فترة من افظع هذه الفترات. فاحتلال العراق وتدميره بافظع اسلحة الدمار الشامل الاميركية اعتبرته وسائل الاعلام تحريرا يهدف الى منح الشعب العراقي الحرية والرفاه واعادة الاعمار وتحقيق نظام ديمقراطي يكون مثالا لسائر دول الشرق الاوسط الكبير. دمرت هذه الحرب كل معالم الدولة العراقية لافساح المجال امام الغزاة بجعل العراق مستعمرة مباشرة مثل المستعمرات التي "حررتها" جيوش الحلفاء في الحرب العالمية الاولى. وها هي جيوش الاحتلال تقيم دولة جديدة تسميها دولة عراقية ذات سيادة غير منقوصة. ولكن كل منشآت هذه الدولة الجديدة هي من صنع جيوش الاحتلال. فما يسمى اليوم الجيش العراقي هو جيش تدربه وتموله جيوش الاحتلال لكي يكون درعا حاميا لها ضد مقاوميها من الشعب العراقي. وتقيم شرطة تسمى شرطة عراقية وهي ليست سوى شرطة مرتزقة تنفذ ما كان على جيوش الاحتلال تنفيذه من تحقيق الامن لهذه الجيوش. ووضع للشعب قانون وضعه بول بريمر باسم مجلس الحكم الذي عينه بريمر نفسه ليكون القانون الذي يجب ان يخضع له جميع العراقيين. وهكذا يمكن الحكم على الجهاز القضائي الذي يجري تكوينه تحت اشراف وسيطرة بول بريمر. واخيرا شكلت حكومة جديدة لم يعينها بريمر مباشرة بل عينها بمساعدة الاخضر الابراهيمي وبرعاية الامم المتحدة. وقد رأينا ان اول تصريح لرئيس الوزراء الجديد اياد علاوي كان انه بحاجة الى بقاء الجيوش المحتلة لمساعدته على تنفيذ مهامه. ولكن وسائل الاعلام تضفي على هذه الحكومة صفة الحكومة المستقلة الكاملة السيادة. وفي الوقت ذاته يعلن وزير الخارجية الاميركية ان هذه الحكومة لا تستطيع الاعتراض على سلوك جيوش الاحتلال وان جيوش الاحتلال مستقلة في تصرفاتها عن هذه الحكومة الكاملة السيادة.وكذلك يعلن بوش ان الجيش الاميركي يبقى في العراق بطلب من حكومة كاملة السيادة. فمهمة الحكومة الجديدة اذن هي ان تمنح جيوش الاحتلال سيادة مطلقة غير منقوصة على العراق. ورأينا وزير العدف في هذه الحكومة الجديدة يقول ان الحكومة الجديدة ستكون في ٣٠ حزيران حكومة كاملة السيادة وان جيوش الاحتلال ستنسحب من المدن. ولكنه يؤكد ان الولايات المتحدة لم تحتل العراق لكي تتركه وانها لابد ان تجري اتفاقات مع الحكومة الجديدة للبقاء في قواعد عسكرية. وهو يعتقد جازما ان هذا لا ينتقص من السيادة الكاملة للحكومة الجديدة. ورأينا المتحدث باسم بول بريمر في محطة تلفزيون عربية يصرح بان جيوش الاحتلال ستبقى بعد تشكيل الحكومة الكاملة السيادة ضيفا على الشعب العراقي. وهل يبخل الشعب العراقي المعروف بكرمه الحاتمي عن ان يستضيف اقل من ربع مليون من جحافل جيوش العالم لمدة غير محددة؟ وبعد فضيحة التعذيب في سجن ابي غريب صورت لنا الدعاية الاميركية تشاركها وسائل الاعلام الموالية لها بان هذا التعذيب كان تصرفا فرديا من سبعة جنود سينالون جزاءهم بينما يعلم العالم كله من تجارب حروب الولايات المتحدة السابقة مثل حرب الفيتنام ان الولايات المتحدة تدرب جيوشها على منتهى الوحشية في معاملة المقاومين لاحتلالها. وطلع علينا بوش اخيرا واعدا الشعب العراقي بهدم سجن ابي غريب ليس لبناء متحف او منتزه او حديقة عامة في مكانه بل لبناء سجن حديث ينعم به الشعب العراقي بالسعادة والرفاه. وفتلكة بوش هي كأن السجن هو المسؤول عن التعذيب وليس جلاوزة جيوش الاحتلال المدربة على افظع انواع الوحشية والبربرية تجاه الشعوب المغلوبة. وانه ببناء سجن جديد ينقذ الشعب العراقي من التعذيب في المستقبل. ويبدو ان بوش قد نسي ان سلفه ترومان كان قد ساعد الشعب العراقي بموجب نقطته الرابعة بان اقام له سجنا حديثا في بعقوبة صمم خصيصا للتغلب على مقاومة السجناء السياسيين وتفكيك تنظيماتهم وتحطيم معنوياتهم ونفسياتهم.
ان اخفاء الحقائق عن الشعوب وتمويه الاحداث لغرض خدع هذه الشعوب وتضليلها ومواصلة استغلالها وتحطيم حركاتها المقاومة للاستعمار والاستغلال هو مبدأ ضروري لا مفر منه في السياسة الامبريالية التي تمارسها كل الدول الامبريالية بدون استثناء.
في ثورة اكتوبر ١٩١٧ في روسيا نشأت لاول مرة في تاريخ البشرية دولة لا تحتاج الى تزوير التاريخ لكي تحافظ على كيانها. فدولة دكتاتورية البروليتاريا هي دولة الاغلبية الساحقة من الشعب تمارس دكتاتوريتها ضد بقايا الطبقات الحاكمة السابقة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وفكريا. لذا كان من اول اعمالها كشف المعاهدات السرية للدولة القيصرية وفضح الوسائل التي سلكتها هذه الدولة مع الدول الامبريالية الاخرى من اجل اقتسام العالم والتي اخفيت عن انظار جميع شعوب العالم. ولم يكن من مصلحة هذه الدولة اخفاء الحقائق عن شعوب الاتحاد السوفييتي بل كانت تعلن عن مصاعبها ومشاكلها صراحة وتطلب من هذه الشعوب المساعدة على التغلب على تلك المصاعب والمشاكل. كانت هذه الحكومة تسمي التراجع تراجعا وتبين اسباب ذلك التراجع ولا تقدم التراجع على انه انتصار وتقدم. ففي صلح بريست ليتوفسك اعلنت الحكومة انها تتراجع وتتنازل تجاه الامبريالية الالمانية لان هذا التراجع كان الوسيلة الوحيدة لانهاء حالة الحرب مع المانيا. واعلن لينين ان سياسة النيب هي تراجع لصالح البرجوازية وبين اسباب هذا التراجع وكيفية التحول من التراجع الى التقدم في المستقبل. واذا تتبعنا تقارير تطور الاتحاد السوفييتي وبناء المجتمع الاشتراكي اقتصاديا وسياسيا نجد ان الحكومة السوفييتية صارحت شعوب الاتحاد السوفييتي سواء في النجاحات او الانتكاسات التي جابهت دولة دكتاتورية البروليتاريا في هذا السبيل. وقد راى العالم النتائج التي تمخضت عن كل ذلك في الفترة القصيرة التي عاشت فيها دكتاتورية البروليتاريا سواء في بناء الاشتراكية في الثلاثينات من القرن الماضي ام في مقاومة ودحر جحافل النازية في الحرب العالمية الثانية ام في اعادة بناء ما دمرته الحرب في الفترة القصيرة من ١٩٤٥ الى ١٩٥٣.
في ١٩٥٣ استولت زمرة خروشوف على الحكم في الدولة السوفييتية وفي قيادة الحزب الشيوعي السوفييتي. وكان برنامج هذه الزمرة اعادة الراسمالية الى الاتحاد السوفييتي. ومنذ ذلك الحين اصبح تزوير التاريخ ضرورة قصوى لخدع شعوب الاتحاد السوفييتي وشعوب العالم لتغطية تنفيذ هذا البرنامج. فصوروا التحول من الاشتراكية الى الراسمالية تقدما نحو الشيوعية وحتى حددوا سنة ١٩٨٠ الموعد الذي سيتحقق فيه انتقال الاتحاد السوفييتي الى النظام الشيوعي. وصوروا سباق التسلح بانه تقدم نحو نزع السلاح وتحقيق عالم بدون سلاح. وصوروا الغاء دكتاتورية البروليتاريا على ان الدكتاتورية قد انهت مهمتها ولم تعد حاجة الى وجود دكتاتورية البروليتاريا لان الدولة اصبحت دولة الشعب كله. وصوروا تخلي الحزب عن الماركسية بانه لم تعد ثمة حاجة الى حزب البروليتاريا لان الحزب اصبح حزب الشعب كله. ولكن افظع تزويرات التاريخ كان التخلي عن الماركسية. وقد صور التخلي عن الماركسية بانه مكافحة عبادة الشخصية التي اعتبروا ستالين مسؤولا عنها. فستالين كان اعظم من نفذ الماركسية وطورها بعد لينين ولذلك كان شجب ستالين ومهاجمته في الواقع شجب الماركسية ذاتها. واذا كان الباحثان يدركان ان ريزنيكوف قد زور التاريخ بعدم ذكر ستالين ودوره في الاممية الشيوعية سلبا ام ايجابا فانهما لم يدركا ان ريزنيكوف لم يكن سوى بيدق صغير في مجتمع كان مبدؤه الاساسي في الاعلام تزوير التاريخ. وعلى سبيل المثال صدر كتاب موجز تاريخ الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي (مع حذف كلمة البولشفي) سنة ١٩٧٠ في فترة حكم بريجنيف. وكان هذا الكتاب خاليا من دور ستالين الايجابي او السلبي في تاريخ الحزب الشيوعي السوفييتي. فقد ذكر اسم ستالين في هذا التاريخ مرتين. فقد ذكر اسمه في سرد اسماء حكومة لينين السوفييتية الاولى باعتباره مفوض الشعب للشؤون القومية وذكر مرة ثانية في الهجوم عليه في المؤتمر العشرين باعتباره المسؤول عن عبادة الشخصية. وخصص القسم الثاني من الكتاب للتحول الى المجتمع الشيوعي الكامل الذي لم يكن في الحقيقة سوى العودة الى الراسمالية. وما زالت وسائل الاعلام الامبريالية كلها حتى اليوم تتهم ستالين بانه كان يقضي على كل من يخالفه في الرأي وتؤخذ محاكمات الثلاثينات التي كانت في الواقع القضاء على الرتل الخامس السوفييتي بانها قضت على خيرة ابناء الحزب الشيوعي السوفييتي لانهم خالفوا ستالين. واذا تتبعنا المحاكمت الثلاث التي حدثت في ١٩٣٦، ١٩٣٧، ١٩٣٨ وهي موجودة بالنص الحرفي نجد ان ايا من المتهمين لم يحاكم على ارائه المعارضة لاراء ستالين بل كانت كلها محاكمات عن جرائم قتل واغتيالات وتخريبات واتفاقات ومعاهدات مع حكومة هتلر النازية ضد الاتحاد السوفييتي بحيث ان السفير الاميركي الاول في الاتحاد السوفييتي الذي حضر كل جلسة من جلسات المحاكمات التي جرت اثناء وجوده في الاتحاد السوفييتي بدون استثناء صرح في كتابه "مبعوثية الى موسكو" ان هذه المحاكمات لم تكن سوى القضاء على الرتل الخامس. والباحثان في كتاب فهد اتخذا تزوير التاريخ هذا على انه حقائق حددا بموجبها موقفهما من ستالين ومن الاتحاد السوفييتي وتبعا لذلك من فهد.
ان من واجب الباحث التاريخي ان يدرس الحقائق بدون ان ينحاز الى وسائل الاعلام الامبريالية التي تتعمد عن سبق اصرار الى تشويهها وتزويرها لكي لا يكون هو ايضا مزورا للتاريخ. وفي موضوعنا الحاسم الفوري اليوم، موضوع احتلال العراق وتحطيم الدولة العراقية ومحاولة بناء دولة صورية تحقق اهداف الامبريالية الاميركية في العراق والعالم كله على الباحث التاريخي ان يدرس الوضع العراقي بمعزل عن وسائل الاعلام هذه وان يتوصل الى الحلول الحقيقية التي تقود الشعب العراقي الى التحرر الحقيقي من الاحتلال الامبريالي ومن الدولة الموالية للامبريالية التي يراد انشاؤها على انها دولة ديمقراطية تحقق للشعب العراقي السيادة الحقيقية الكاملة غير المنقوصة.
حسقيل قوجمان



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثالثة عشرة) التطور العقلاني في الص ...
- النقابات العمالية، مصادر قوتها واسباب ضعفها
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثانية عشرة) سياسة لينين الاقتصادية ...
- ِتحية اجلال واكرام للفيلق السادس
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الحادية عشرة) اخيانة عظمى ام تصفيات ...
- من وحي كتاب فهد (الحلقة العاشرة) الانتقاد، اغراضه وفوائده
- الاحتفال الاول بعيدنا الوطني الجديد
- من وحي كتاب فهد (الحلقة التاسعة) فهد الستاليني
- مرحلة الثورة الاشتراكية وموعد اعلانها
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثامنة) الجبهة الوطنية والنضال ضد ا ...
- من وحي كتاب فهد (الحلقة السابعة) العقيدة الجامدة
- من وحي كتاب فهد (الحلقة السادسة) الستالينية
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الخامسة) الميثاق الوطني
- من وحي كتاب فهد، الحلقة الرابعة - احتكار الماركسية
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثالثة) ثورة اكتوبر
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثانية)العبودية المقيتة
- من وحي كتاب فهد - الحلقة الاولى
- المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي
- زوار موقعي الاعزاء
- جواب على رسالة ! حول الحزب الشيوعي الاسرائيلي


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - من وحي كتاب فهد (الحلقة الرابعة عشرة) مزورو التاريخ