أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الصگار - محمد شرارة الشجرة الوارفة















المزيد.....

محمد شرارة الشجرة الوارفة


محمد سعيد الصگار

الحوار المتمدن-العدد: 2816 - 2009 / 10 / 31 - 20:31
المحور: الادب والفن
    



قلت للسيدة بلقيس شرارة،‮ ‬في‮ ‬حوار تلفوني‮ ‬قبل اسبوعين،‮ ‬إنني‮ ‬لا أستطيع التعقيب على جهدها البارع في‮ ‬رسم صورة لأبيها الإنسان في‮ ‬كتابها‮ (‬محمد شرارة‮ - ‬من الإيمان إلى حرية الفكر‮)‬،‮ ‬ذلك الإنسان الذي‮ ‬أتحفني‮ ‬الزمان بالتعرف عليه في‮ ‬ما أتحفنا‮ ‬يومذاك،‮ ‬يوم كنا في‮ ‬مهرجان الشباب والطلاب في‮ ‬موسكو عام‮ ‬1957؛ فلست من الكفاءة النقدية التي‮ ‬تفي‮ ‬الكتاب حقه‮.‬

كنا نتمشى في‮ ‬الشارع القريب من فندقنا في‮ ‬موسكو،‮ ‬عندما التقيته،‮ ‬وعرّفني‮ ‬على زميلة كانت معه؛ هي‮ (‬محسنة توفيق‮) ‬التي‮ ‬صار لها شأن كبير في‮ ‬مجال الفنون المسرحية،‮ ‬والمواقف‮ ‬الوطنية‮.‬

كان ذلك عام‮ ‬1957‭.‬‮ ‬ولم نلتق إلا بعد ثلاثة أعوام في‮ ‬خلية حزبية شيوعية،‮ ‬شاء الحزب أن أكون مسؤولاً‮ ‬عن تنظيمها بعد‮ ‬غياب منظمها الشاعر محمد صالح بحر العلوم لأسباب لا أعرفها‮.‬

وكانت الخلية‮ ‬تضم عدداً‮ ‬من الكتاب والأدباء المرموقين،‮ ‬من بينهم عبدالرزاق عبدالواحد ورشدي‮ ‬العامل وغايب طعمة فرمان وسليم‮ ‬غاوي‮ ‬ومحمد شرارة؛ وكنت أصغرهم سنّاً،‮ ‬وكان ذلك‮ ‬يسبب لي‮ ‬حرجاً،‮ ‬إذ كبف لي‮ ‬أن أنظم شخصاً‮ ‬بقامة محمد شرارة الذى أضنى عمره في‮ ‬النضال قبل أن أولد أنا؟

ولكن محمد شرارة كان أخاً‮ ‬ورفيقاً‮ ‬وأستاذاً‮ ‬من الطراز الأمثل‮.‬

تقول السيدة بلقيس،‮ ‬في‮ (‬ص‮ ‬294‮ ‬وهامشها‮) ‬إن اجتماعاتنا كانت تُعقد في‮ ‬بيت الشاعر محمد صالح بحر العلوم،‮ ‬والحقيقة إنها لم تعقد أبداً‮ ‬في‮ ‬بيته،‮ ‬إنما كانت في‮ ‬بيوت أخرى من بينها بيت الشاعر عبد الرزاق عبدالواحد في‮ ‬الكاظمية‮. ‬ولم‮ ‬يكن بيننا في‮ ‬هذه الخلية قطعاً‮ ‬عبد الوهاب البياتي‮ ‬وسعدي‮ ‬يوسف‮.‬

لم‮ ‬يكن أحد منا‮ ‬يظن أن محمد شرارة،‮ ‬هذا الكاتب المكافح على مدى ستين عاماً‮ ‬لم‮ ‬يجد له مستقراً‮ ‬يؤيه،‮ ‬لا في‮ ‬بيروت ولا في‮ ‬بغداد،‮ ‬وهو‮ ‬ينتقل من بيت إلى بيت اثنتي‮ ‬عشرة مرة في‮ ‬بغداد وحدها،‮ ‬وأنه وعائلته عانوا من عسر العيش والمطاردات في‮ ‬الرزق وفي‮ ‬العمل وفي‮ ‬الإنتاج الفكري‮ ‬هذه المعاناة التي‮ ‬كان‮ ‬يخفي علينا الكثير منها،‮ ‬نحن تلامذته ورفاقه،‮ ‬لعزّة نفسه ورفعته،‮ ‬ومعنوياته العالية واكتفائه بدوره التنويري‮ ‬الذي‮ ‬تجاوز منجزه الفكري‮ ‬إلى واقعه الكفاحي‮ ‬الذي‮ ‬لم‮ ‬يبخل به في‮ ‬أحلك الأزمات‮. ‬فطورد وحوصر وضويق،‮ ‬ولم‮ ‬يرمِ‮ ‬قلمه ولم‮ ‬يؤجل موقفه الوطني‮ ‬والإنساني‮ ‬لحظة واحدة‮. ‬إنه من الشجرة الوارفة التي‮ ‬أرسلت أفياءها وهي‮ ‬تقاوم الريح والغبار وقسوة الطبيعة وظلام الأفكار‮.‬

بلقيس،‮ ‬في‮ ‬هذا الكتاب لم تكتف برسم صورة واسعة لحياة والدها،‮ ‬بل عززت ذلك بالنصوص الكثيرة التي‮ ‬تفصح عن دقّة المعنى وحلاوة الأسلوب ووضوح الرؤية التي‮ ‬عُرف بها الفقيد‮. ‬وراحت ترسم صورة مفصلة عن البيئة التي‮ ‬عاصرتها،‮ ‬والوضع السياسي،‮ ‬والحياة العائلية،‮ ‬فجاءت بالكثير من الممتع والمؤلم لما في‮ ‬بغداد في‮ ‬ذلك الزمان،‮ ‬موثّقة ذلك برسائل ومقابلات جعلت الكتاب وثيقة أدبية وسياسية،‮ ‬وأغنته بهوامشها الشخصية التي‮ ‬منحته نكهة أدبية رغم اختلاط المناهج التي‮ ‬اعتمدتها والأغلاط التي‮ ‬حفل بها الكتاب،‮ ‬نحوية ولغوية وإخراجية،‮ ‬وقد أخبرتني‮ ‬بأسبابها،‮ ‬وهي‮ ‬التدخل بأنظمة تصميم الحروف،‮ ‬مما‮ ‬يستلفت العناية في‮ ‬طبعته التالية،‮ ‬وهو ما وعدتني‮ ‬به المؤلفة،‮ ‬فلها الشكر على ما وعدت وما أنجزت‮.‬

محمد شرارة‮ ‬يستحق منا أن نتملى إنجازه الفكري‮ ‬والأدبي‮ ‬بوجه خاص،‮ ‬في‮ ‬مدار أوسع مما في‮ ‬الكتاب‮. ‬فهو ساحر الأسلوب دقيق‮ ‬المعاني‮ ‬أنيق العبارة بارع التحليل،‮ ‬سواء في‮ ‬مساجلاته الفكرية والسياسية،‮ ‬أم في‮ ‬كتاباته الإبداعية؛ وفي‮ ‬كتابيه‮ (‬نظرات في‮ ‬تراثنا القومي‮) ‬و‮ (‬المتنبي‮ ‬بين البطولة الإغتراب‮) ‬الذين جمعتهما ابنته الفقيدة حياة شرارة الكثير من تلك النصوص الثمينة الجديرة بالمراجعة والتقييم‮.‬



#محمد_سعيد_الصگار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجسّات القلم
- رجلان ... أي رجلين!
- يوسف العاني يلاطف حيرتي
- اوراق سياسية - لقاء مع حازم جواد
- أهي عناوين وهمية ؟
- ليس براءة ذمّة
- تحية إلى قمر البصرة
- بطاقة إلى الحزب الشيوعي العراقي
- أهذا هو الوفاء؟


المزيد.....




- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الصگار - محمد شرارة الشجرة الوارفة