أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - م. زياد صيدم - صخب الموانئ (3)














المزيد.....

صخب الموانئ (3)


م. زياد صيدم

الحوار المتمدن-العدد: 2816 - 2009 / 10 / 31 - 10:24
المحور: الادب والفن
    


كان إبراهيم يتوق إليها منذ أن بدأ قلبه في الخفقان، خاصة عندما ذكرت له اسمها لأول مرة.. وكأن القدر عاد ليفتح ذراعيه له من جديد.. فقد سرى اسم حنان برعشات هزت جسده كماس كهربائي، - حنان اسم جميل أعاده مرة أخرى عليها ليتأكد أكثر وليطمئن قلبه، - نعم إبراهيم اسمي حنان أجابته باستغراب ودهشة !- ألا يعجبك اسمي تساءلت!.. فصمت مطرقا تاركا العنان لفكره : أتكون هي الحنان الذي انتظره منذ شهور طويلة ؟ حدث نفسه .. أيعقل بان يكون القدر كريما رؤوفا و إلى جانبي هذه المرة ؟..انتبه إلى إرسالها إشارة تنبيه .. - لا أبدا، على العكس تماما، انه أجمل وارق اسم عرفته يا حناني الحاضر والمستقبل.. أجابها ونبضاته تتسارع بوتيرة اشد، وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة رضى وأمل بتغيير كلى قادم في حياته، بدأت بشائره تتجسد واضحة في داخل نفسه، وعلى تقاسيم وجهه ...

انقطع التيار الكهربائي فجأة.. نجم عنه قطع في الشبكة، مما أربكه واحتار ماذا يفعل؟ وكيف السبيل ليعاود التواصل؟ وماذا ستفكر الآن؟ وهل ستعطيه مبررا ؟ وكيف ستعي وتدرك وقوع خلل فادح، ولم يكن هروبا مفاجئا منه ..أصبح يدور في الغرفة يمينا و شمالا فهو لا يعرف رقم هاتفها الخاص كي يعلمها بالأمر على الأقل، مما زاد من ارتباكه .. تساؤلات وقعت على رأسه كصخب يلاحقه.. يشابه وصول إحدى سفن الشحن العملاقة حين تبدأ في تفريغ حمولتها، ويصبح المكان ضجيجا وعراكا وصراخا .. تسرب بهدوء وخفه على ضوء كشاف صغيرة يضعه بالجوار دوما، تأهبا لهذه الحالات المتكررة، يسير بخفة وحذر باتجاه فانوس يعمل بالغاز فيشعله، و يضعه في مكان معين في الصالة.. ثم يفتح أبواب غرف نوم أبنائه ليدخل إليها بصيص من أشعة تنسل على حياء .. وكذلك لم ينس شق باب غرفة الشغالة أم سعد...
يعود إلى غرفته يحاول النوم.. يتململ، يسرح فكره هنا وهناك، يستذكر حاله وما كان عليه وما آلت إليه أحواله الأسرية .. يكاد كبده ينفطر حزنا على زوجته وأبنائه، إنهم سر قلقه الدائم وحيرته وتشتت أفكاره، فقد عجز حتى الآن في إيجاد حل يخلصه من همومه المتفاقمة ..يذهب تفكيره باتجاه زوجته وحبيبته المغيبة عن البيت قسرا ؟.. والذي فقد دفء وجودها وركنا أساسيا منه ..يتذكرها حين كانت تسارع إلى إشعال فانوس الغاز في مثل هذه الحالة القائمة وهم نيام، لا يشعرون بخطواتها فقد كانت حريصة على راحته، لاسيما وانه يستيقظ مبكرا إلى عمله، ولابد وان يكون مرتاحا ونشيطا، بحكم منصبه المرموق ومسئولياته في سلطة الموانئ ..
كانت تتحرك بهدوء تام و خطوات حانية حتى لا تزعج أحدا.. قبل أن تقع ضحية مرض خطير،علم تفاصيله المحزنة من الطبيب المختص، والمتابع لحالتها منذ شهور طويلة .. إنها تعانى من انفصام خطير في الشخصية، أخبره الطبيب وهو في حالة وجوم كاملة .. يؤدى إلى العيش بشخصيتين معا الأولى تتلبسها في النهار، والثانية تأتيها في الليل.. وأحيانا تمتزج الحالتان معا، وهنا كانت تسوء حالتها للغاية جراء هذا الاختلاط، مما يوقعها في حالة من الجنون والهلوسة..ثم يشرح له الطبيب المعالج في المصحة الخاصة لاحقا تفاصيل حالتها: إنها تعيش حياة كاتبة وأديبة عظيمة، تعمل على كتابة روايتها من واقع معاش!.. فتتقمص كل الشخصيات التي تتخيلها.. وبالتالي هذا كان يفسر علاقاتها المشوهة وعدم منطقيتها .. فلا تعي كونها زوجة، وأم، وحبيبة له، إلا في أوقات الليل حيث تعود شخصيتها الهلامية الخيالية الثانية لتحاول صياغة شخصياتها المحورية في روايتها الموعودة من داخل أسرتها!.. فتكون في صراع مع اختلاق الأحداث، والتي تمثل لها فصولا في عقلها المفصوم، كأنها تضع بنفسها سيناريو لفيلم يتخذ من روايتها المنشودة مشاهده المثيرة !.. فتدب في البيت حالة من متاعب ومشاكل وخلافات، يمتزج فيها الحزن والألم والمعاناة معا.. ليتذكر تلك المرة التي لحق بها في آخر لحظة، بعد خروجها بغير هدف من البيت بعد منتصف الليل.. ويستذكر أخر أيام ساءت فيها حالتها.. فكان القرار الصعب والذي لابد منه...

كان يخفى اختفائها عن الأولاد بحجة سفرها إلى دورة تعليمية طويلة كبعثة دراسية، حيث أرسلتها الوزارة تقديرا لها.. وبأنها ستعود قريبا لتحتضنهم من جديد.. كان يعتقد بان شفائها قريب وأنها مسألة وقت لن يطول .. أو هكذا خيل إليه، عندما أودعها في مصحة علاجية خاصة، ينفق عليها جل مرتبه، إلا أن الوقت مر ثقيلا متباطئا.. ولا خبر يفرحه ولا ابتسامة تغمر وجوه أبنائه المساكين الواهمين بعودتها قريبا، وقد مضت أكثر من سنة على ذلك دون إحراز أي تقدم في العلاج والرعاية والمتابعة الحثيثة لها في أرقى المراكز المتخصصة ...

كان شريطا من ذكريات مرت في مخيلته ، وهو مستلقٍ على سريره، وذاك الضوء الخافت يتسلل إليه من باب غرفته المفتوح، قادما من ركن في الصالة حيث يقبع فانوس الغاز..
في هذه اللحظات أحس بألم يعتصر قلبه..وبدموع و زفرات الحسرة تنتابه وتتملكه، فكانت دموعه خلاصا وراحة بال وسكينة.. فغاب هروبا في نوم عميق.. حيث سيأتيه سائقه في السابعة والنصف صباحا كالعادة، ليستقبل يوما جديدا على أمل في غد أجمل.. ولم يكن يعلم بان واقعة كبيرة في انتظاره هذا اليوم سيرتجف لها قلبه المشغول، ما بين زوجة مريضه تنعدم فرص شفائها، و بيته حيث أبنائه الصغار من ناحية.. وبين حياته العملية في الميناء، والتي يحرص جاهدا بعدم التأثر والتشويش عليها، بذكائه وفطنته، وبين قلبه وخفقانه بحب جارف لاشك قادمة رياحها مع حنان من الناحية الأخرى، حيث بدأت تغزو قلبه، فيستقبله بنثر زهور الياسمين احتفاء، وفتح بوابات قلبه الملتاع .. فهي تعيد له إحساسه المفقود كرجل.. ما يزال يصرخ بأعلى صوته: أريد الحياة..!!
يتبع..

إلى اللقاء.




#م._زياد_صيدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صرخات ندم ( ق. ق.ج )
- صخب الموانئ 2
- فرحة لم تكتمل / (ق .ق.ج) .
- صخب الموانىء 1
- كان زعيما ( قصص قصيرة جدا).
- لم يكن كلبا ! (قصة قصيرة).
- أمنيات رجل مختلف (2 ) أفول طيف.
- أمنيات رجل مختلف


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - م. زياد صيدم - صخب الموانئ (3)