أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب حسين الصائغ - الجزء الثاني من رواية( عادت منحرفة)















المزيد.....



الجزء الثاني من رواية( عادت منحرفة)


رحاب حسين الصائغ

الحوار المتمدن-العدد: 2814 - 2009 / 10 / 29 - 11:43
المحور: الادب والفن
    


(2)

طال صمت أمي. نفد صبري. بينما نكسر حبات الفستق لطحن اللحظات مع أول الليل وسواده الحالك، قدّمت زوجة أخي الشاي وخرجت. تنهدت أمي مما علق بحبال "أم بتول" وأيامها المصفوعة، كأنها تفتت الكلمات، شرعت بحديثها: "أم بتول" امرأة ضعيفة الحال. عانت كثيراً من أجل أن تحصل على طفل صحيح الجسم مثل باقي النساء يدفئ حضنها، لكن حظها التعيس، لم يظهر لها ووجهه الحسن إلاّ بعد معاناة دامت خمس سنوات، أنجبت خلالها أربعة أطفال مشوهين، كلهم ماتوا. عانت في تلك السنوات الكثير من سخرية النساء، وغمزاتهن، لأنه يوجد اعتقاد سائد بأن من تنجب طفلاً مشوّهاً، يكون زوجها قد جامعها في ليلة شريفة، مع أنها امرأة بسيطة، إلاّ أن قسمتها هكذا. اعتلّت صحتها بعض الشيء. أكل الحزن قلب زوجها. إحدى جاراتها تتعمد في إحراجهم. تبث حديثها بسخرية عنهم. يصاحب كلامها ابتسامة ساخرة. ما أن تصادفهم حتى تزمّ شفتيها، ثم تدلق ضحكة فاترة. أصبحت "أم بتول" وزوجها يتحاشيان كل نساء الحي. كانت نساء الحي يحجبن عنهما أطفالهن خوفاً من نظرة حسد. ترفع "أم بتول" يديها بالدعاء على نفسها. كم تمنت الموت أو حتى عاصفة تجرفها وتطمرها بالتراب. صبرت وتحملت الكثير إلى أن رزقت بـ"بتول". منذ تزوجت والفقر يلاحقها. دائم الجلوس عند عتبة بيتها. لم يتركها تعرف طعم السعادة. أما زوجها فأكثر الأيام يقعده المريض في البيت، فتضطر إلى بيع شيء من أثاث المنزل ومحتوياته. عندما تكون صحته جيدة يعمل. تمر الأيام. لم يبق لها غير الصندوق الخشبي المصنوع من خشب الأبنوس الأسود. هو من رائحة أمها حرصت على أن لا تبيعه معتقدة أنه خير وبركة في البيت. تذكر "أم بتول" أن يوم ولادة ابنتها سبقها سبعة أيام بلياليها مطيرة بغزارة، وبرد شديد. حينها لم تكن تملك من حطام الدنيا غير أسمال هي ما تبقت لديها، فكانا يلفانها هي وزوجها بفرحتهم بها، ويتدفآن بصورتها الجميلة. لساعات يتطلعان بوجهها غير مصدقين أنهما نالا المراد بطفلة كاملة الجسم، صحيحة، غير مشوهة. يجدانها نور الشمس، وضوء القمر. يجلسان على السرير الخشبي لوالدها وما عليه من أغطية مهلهلة. يضمّانها بشوق كبير، فتغمرهما السعادة. كانا لا يفارقانها لحظة واحدة. مع الأيام تزداد صحة والدها سوءاً. لم يعد قادراً على العمل، ففقد مصدر العيش. وبتول تكبر. تملأ جو البيت فرحاً وسعادة. كانا يحسان أنها تعوضهما كل ظرف عصيب وأيام مُرَّة. أخذت "أم بتول" تعمل في البيت في لف ورق السجائر المحلية. تجاوزت "بتول" الأربع سنوات. كل الأولاد في مثل عمرها يذهبن (للملا) ليتعلمن القراءة والكتابة وحفظ القرآن. خوفها عليها منعها من إرسالها. حزنت "بتول" لعدم ذهابها مع فتيات المحلة اللواتي يأتين كل يوم لأخذها معهن وأمها ترفض. أخيراً خضعت لرغبتها في الذهاب مع الفتيات. حفظت بتول جزءاً من القرآن. تعلمت كيف تكتب وتقرأ. كانت متميزة عن الكل. وقع والدها طريح الفراش. لم يمهله المرض طويلاً. لفهُ الموت تحت إبطه. ذبلت فرحة "بتول" وأمها. غادرت البسمة شفتيهما. في يومٍ مرضت "بتول". وقع قلب أُمها من الخوف عليها، ولم تعد ترسلها إلى (الكتاب)، ولم تعد تدعها تخرج من البيت، لأن عودها الطري دبت فيه علامات النضوج ما كان يدعو العيون أن تصاحبها أينما ذهبت. أتعبها العمل في لف ورق السجائر الذي لم يدر عليهما ما يكفي لسد رمقيهما، فأخذت تعمل في البيوت، وحبست "بتول" في الدار. ما إن تخرج من الصباح، تقفل الباب عليها. قلبها يتمزق من الحزن لبقائها وحيدة في بيتهما الصغير الذي لا تزيد مساحته عن خمسة وثلاثين متراً مربعاً، ويقع في حي قديم بقدم المدينة، ويحتوي على غرفة واحدة تحتها سرداب رطب يقع بابه تحت درج السطح، وفي السطح يوجد الحمّام. كانت أمها قد حذرتها من الصعود إلى السطح خوفاً عليها قائلة لها: إذا كان لديك حاجة للمرافق اقضيها وراء باب الدار، ثم ادفعيها إلى البالوعة.
الغرفة لا تحوي غير سرير والدها الذي أصبح لها من بعدهِ، وأمها قبل ذهابها إلى العمل كل يوم تطلب منها أن تنظف الصندوق وتعتني به جيداً. تلمّع أزراره الذهبية. هي تعلم أنه لا ينفع معها تنظيف، فهي صدئة منذ زمان. تعود من العمل، لتجدها قد أتمت فروضها. لم تدع أيَّ ذرة غبار نائمة على الصندوق. تلحُّ في تلميع مساميره الصدئة مثلما تطلب أمها. عندما تعود أمها وتجد ما بذلته ابنتها من محاولات، تطرب لوجود الصندوق نظيفاً، فتغدق عليها كل ما أتت به من أشياء قديمة جلبتها معها من البيوت التي عملت فيها؛ ملابس، بقايا طعام، حاجيات لم تعد نافعة عند أصحابها، أما الفلوس فتضعها في الصندوق بعيداً عن عيونها، لظنها قد تنفعهم في يوم شدة أو ضيق يمرّان به. كان كل ما يشغل "بتول" أمر الصندوق ومفتاحه المعلق على صدر أمها بخيط سميك. أمها فاقدة الإحساس تجاهها. لم يخالجها يوماً أنها مشغولة إلى هذا الحد بالصندوق في هذا البيت الذي لا تعرف الشمس إليه سبيلاً إلاَّ ساعات العصر، ولدقائق يقع ظلها على جانب من نافذة الغرفة المطل على فناء الدار وفي الصيف فقط، أما في الشتاء فلا يعرف البيت طعم الشمس أو حتى لونها، مثل أمها وما تعتنقه من أفكار تجاه كلام الناس، وخوفها من المدينة كسياط شتوية تمزق علاقتها بأمها. كثيراً ما طلبت من أمها، بعد عودتها من العمل، أن تصطحبها لزيارة الجيران أو بعض الأقارب. ترفض قائلة: ماذا سيقولون عنا؟ جئنا لطلب حاجة ولم نقدر على طلبها؟ سيظنون بنا الظنون، وستكثر الأقاويل عنا. وتختم كلامها بقول: (بنتي الحجر الثقيلة تبقى مكانها).
الصندوق صامت، فتتأكد أنه باقٍ في مكانه. لم يداعب النوم جفون "بتول" في كثير من الليالي، فالعتمة الموجودة تجعلها لا تفرق بين أصابع اليد الواحدة، على المنوال نفسه كل ليلة. تفكر كيف تحصل على مفتاح الصندوق، كي تفتحه وتعلم ما به. كثيراً ما يطرب فكرها لسرقة المفتاح، كأنْ تهجم على أمها وتخطفه وتحتفظ به، لكن ما يحول إقدامها على تنفيذ الفكرة، تخيّلها حال أمها حين تسلك مثل هذا السلوك، فتعود لجر أذيال فكرتها الساذجة، ثم تنظر أمها النائمة قرب سريرها الذي بجانب الصندوق، فتعود إلى ما تحسه من إزعاج لوحدها في البيت طوال النهار بين جدران الغرفة والصندوق. حين تضجر منه، تخرج إلى فناء الدار تجلس على درج السطح في انتظار عودة أمها. تطول ساعات الانتظار. تعود إلى الغرفة. لم يكن أمامها غير الصندوق. في كثير من الأوقات ينتابها إحساس أن هذا الصندوق هو بيت الجحيم والعذاب. تسأل نفسها كثيراً: لماذا أمي تهتم به بهذا الشكل؟! مرات بصيبها الخوف منه. عندما تقترب منه لتمسح الغبار عنه، تحس أن داخله ثعبان كبير يريد أن يلتهمها، أو أن داخله عفريت. شيء ما يخيفها ويثيرها في هذا الصندوق، فتجد نفسها تهرب منه إلى فناء الدار لتجلس على درج السطح، وعيناها تحيط باب الدار الذي ما أ تخرج أمها وتقفله، فلا ينفتح إلاّ عند عودتها، وتجد أنها منشغلة بما يدور خارج الدار. تتبع صوت الخطوات؛ منها سريعة، منها بطيئة، منها متعاقبة، وكأنها لشخصين يتحادثان. صوت الأطفال يلعبون. هي جالسة تشق الوقت بالانتظار المبهم الذي لا ينتهي، فلم تجد ما يشغلها غير صندوق الموت هذا. أيام المطر، لا تجد غير الغرفة مكاناً للجلوس مع الصندوق ما يزيد من التفكير به، فهو ينال اهتمام أمها، ويغضبها وجوده. حيرتها تدفعها لمحادثته: أنا لا أريد أن تبقى حياتي بهذا الشكل الضيق.
صوت أمها يدور في أذنها حول كلام الناس، وما يحاك من دسائس مقيتة في هذا العالم هما في غنى عنها، فتتكور أمانيها في فراغ البيت، وتسقط رغباتها في عالم الصندوق المقفل. تزداد رغبتها في تحقيق ما تريده من أحلام فتية تدور برأسها المحبوس مثلها، ومعرفة سر الصندوق المغلق. تعود لمخاطبته بهمس لعلها تعالج صمته، لكنها لا تجد لصوتها غير الالتصاق بالصدى، يلعق ذهنها سواداً متوغلاً كرعشة في جسدها. تجتاحها خيالات آتية من الألم تشبه سيل الدود في كومةٍ نتنة تعفنت من العيش في ظل رطب كحياتها التي يصاحبها الملل. قفزت في رأسها فكرة، جعلتها تطرب بشدة، وأحست كأنها قطة تطارد فأراً؛ يجب إحراق الصندوق! لكن كيف يتم ذلك؟ الفانوس تطفئه أمي قبل أن تنام. أنا أخاف العتمة، في الظلام لا أقدر حتى على تحريك إصبع قدمي. الظلام متشابك حولي. رغبتي تلك تحولت في داخلي إلى حقيقة عشت في خيالي جزءاً منها.
منكبَّ "أم بتول" تبكي وهي تحكي لي ما حدث لها مع ابنتها الوحيدة، ماسحة دموعها، باقية هنيهة من الوقت تنتحب، ثم تعاود الكلام غير مصدقة ما حدث لها مع ابنتها، متذكرة ما كانت تقصُّه لها أيام مرضها، قائلة لي: أنتِ تعلمين جيداً كم كنت منشغلة عليها لوجدها وحيدة في البيت، ولكن؟!
تهزُّ برأسها وعيناها تحدقان في الأرض. لا تقوى على كفكفة دموعها وهي تلوك الكلمات بحزن يثقب القلب.
- أمي.. تخيلت الصندوق يحترق. انسجمت مع نفسي في مشاهدة النار تلتهمه. هو يستغيث بصيحات تذكرني بصوت العظام التي كنت تأتين بها، وتُكَسريها لعمل الحساء. أسمع أنين الخشب وهو يحترق، حتى وصلت النار عروة القفل. لم أعمل على تخليصه من سعير الاحتراق الذي كنت أحسه وأعيشه، ولا أجد من يسكب عليّ الماء لينقذني. كنت متحمسة. لا أصدق أنه سيفتح. أغمضت عينيّ لأزيد من شعوري بالسعادة لاحتراق هذا الغول. دبَّ في جسدي طغيان المرارة، عنف الألم. لهب أزرق، أحمر، أصفر، يتراقص حول الصندوق. أنعشتني حرارة وهج النار. النار تتعالى!
- أمي.. كأنَّ النوم العميق أخذني إلى حلم أفقدني صوابي بما حمله من صور لم تخطر على بالي أبدأ!
- أمي.. أنا خائفة. أصابني الهلع حين انفتح الصندوق. خرج منه شاب اقترب مني. لفّ ساعديه حول خصري. شدني بقوة نحوه. التصق جسده بجسدي. لثم رقبتي بقبلة. ألحقها بأخرى على خدي. بدأ يسكب في أذني عبارات ناعمة ورقيقة لم أسمع بمثلها من قبل. مع كل قبلة يحدثني عن مفاتن جسدي الناعم، رقته، سحر جماله، نظارتي، ووجهي المشرق كالبدر في كماله الذي يشبه رقة الربيع، وعذوبة شفتيّ وهو يلعق من رحيقها لشفتيه عذوبة. أسكرتني لمساته حين زاد من لصق جسده الطري بقامتي ملامساً كل جزء فيه. أحسست كأنني من الشمع أذوب بين يديه. دمي بدا متدفقاً بحرارة شعرت بها تارةً دافئة، وتارةً باردة. لم أقدر على صدهِ، أو الابتعاد عنه. رفعت عيني لأغرق في ملامحه. كاد عقلي يطير من الخجل والخوف. اعتلى وجنتيّ جمر العنف. شعرتُ كأنني نضجت تلك اللحظات. نسيتك أمي. نسيت عار العائلة، وحكايات العقاب، ولم أعد أعي، أو أشاهد غير هذا الأمل الشاخص أمامي الذي يفوق حسنه كل ما يحتمله عقلي، فأنا لا أعرف غير حكاياتكِ المنطفئة، وأسوار الشرف الذي لا أعرف من هم حراسه، مَنْ السارقون؟ آنسني ما وجدته في جسده الفتي، دعاني للجري معه إلى النهر القريب والغوص فيه. لم أجد ما يمنعني من الرفض. رفعت بصري لأشاهد من حولي الأعشاب، الخمائل الخضراء، الأشجار المتشابكة، الزهور بألوانها البهية، عطرها العبق، تزين الأرض من حولنا، نقاؤها الذي يشبه المصابيح المضيئة. بينما نحن سائران مسترسلان في مرح، نجري باتجاه النهر، تعثرت قدمي، ووقعت على الأرض. رمى بجسده نحوي. أردت أن أنهض. كنت فزعة وأنا أحاول النهوض. فتحت عيني. وجدتك جالسة قربي فزعة مثلي. تقرئين الآيات الكريمة. تنفخين على وجهي. الفجر أقبل. دَخَل بصيص مِن النور إلى الغرفة. نظرت حولي لم أصدق. الصندوق لم يحترق. أنا لست قرب ذلك الشاب على حافة النهر! ماذا يحدث؟ والمفتاح على صدرك، هممت بأخذه، منعتني قائلة: ماذا بكِ؟!
قصصتُ لي كل ما رأت. لم أصدقها. طلبت مني أن أعطيها المفتاح. رفضتُ. أخذت تعيد الكلام كأنها تهذي. أقلقني أمرها، وأمر الصندوق، بعد أن أصبح كل كلامها عن ذلك الشاب، النهر، وقبلاته، تصفه بالقمر. بدأت الظنون تلعب بعقلي تجاه "بتول"، وسلوكها، فهي عندما تصحو قليلاً، تحضر خرق القماش، ما أن تقترب من الصندوق، حتى تعود أدراجها، ترتعد مرتجفة تصرخ بي، أنه هنا موجود. تطلب مني فتح الصندوق. تسري قشعريرة في جسمها كأنها تتذكر شيئاً ما. تعود للقول: أمي أحرقني. مسد على رقبتي.
بعدها تعود إلى حالة الغيبوبة التي لم تفارقها منذ ذلك اليوم ما أضعف صحتها. ساءت حالها. لم أعد أعرف بالضبط ماذا أصابها، فأخذتُ أندب حالي، وتنتابني الهواجس مِن تصرفاتها تلك. الشك داخلني. كنت أكثر من الصلاة والدعاء لها بالشفاء. لم أعد قادرة على الخروج من البيت للعمل، لظني أنه أصابها مسّ من الشيطان، ولأنها ما أن تصحو، تتلفظ بتلك الكلمات متوسلة بي أن افتح الصندوق. أنا لا أفهم منها شيئاً. الحيرة تدفعني لسؤال نفسي مالها والصندوق؟ إنه لا يحوي غير مناشف بيضاء اللون، هي من يوم عرسي، استعملتها عند كل ولادة مرة واحدة، حتى أن لونها مال للاصفرار. لا بأس، ستكون لها من بعدي، ومبلغ ضئيل حصدته من شقاء عمري. أخذتُ أندب حالي حيال تصرفها. أجد نفسي كمن وقع علية حائط من الهموم الجديدة، وغير قادرة على فعل شيء. أتمنى لو متّ قبل أن يحدث هذا، إنه أفضل من الذي أسمعه من "بتول". ما قاسيته من قبل أرحم مما أشاهده اليوم. أي عار حملتني!
بينما أمي عائمة في الحديث عن "أم بتول"، اخترق صوت صفارة الإنذار أجواء المدينة معلناًً دخول طائرات العدو سماء أراضينا، ممزقاً ذهولي لما أسمع من أمي وحديثها عن "أم بتول"، وما تجده "بتول" من أمها، وعدم تجاوبها معها في فتح الصندوق.
كيف لا تفهم ما يجوس مدركات ابنتها؟! أحزنني ما عانته "بتول" من حواسها ومشاعرها. علا صوت أمي بالدعاء والذكر الحكيم المصاحب لما يحدث في تلك اللحظات يرافقه قذائف المقاومة من قبل جنودنا، بم.. بم، ليطفئ نارهُ بنورهِ، دو.. دو.. بم.. دو.. ط. ط ط .ط .ط، ليكسر شوكة الظالمين، دو.. دو دو.. بم، الله لا إله إلاَّ هو الحي القيوم، بم دو بم بم ط طط، لا تأخذه سنَةٌ، بو بو طا بم. يا رب تعلم السر وما يخفى. ألطفْ بعبادك، ألطفْ بنا من كل شر مستطير. ابتعد هدير الطائرات. هوى صوت الصفارة منهكاً، يعلن انتهاء الغارة. أمي مستمرة في الدعاء. الدموع تفيض من عينيها قائلة: حتى في هذا الشهر الكريم؟!
لملمنا زفراتنا المنهكة. تركت أمي، ودلفت إلى غرفتي أجرُّ معي وحشة الموت المتساقط على المدينة. الغارة أجّلت معرفتي بآخر الأحداث عن ما كان من "بتول" وأمها إلى حين آخر. استلقيت على سريري، تحركت في جانب من نفسي فكرة حول رجلٍ ما. يعانقني تحت غطاء الأنين المنبعث من قصة "بتول"، وعمرها المحبوس داخل حلقات الانتظار، لأزلزل الخوف, وأبيد النحس الذي يلاحق الإناث. كلمح البرق صاحبني شيء من المغص تجاه ما راودني من رغبة في الرجل الذي أشتهي، وملامحهُ المزكومة في أنفي، متذكرة أيام الحرب الأولى، كيف كنا نياماً في السطح وما حدث في ذلك اليوم؛ حامت الطائرات منخفضة بشكل استطعنا رؤية الطيار. عندما يهبط بطائرته بقوة مخيفة يطلق حمم ناره ثم يرتفع. شلت أقدامنا ونحن نريد النزول من السطح إلى داخل البيت، بينما يدفعنا الاندهاش لمتابعة ما يحدث. حماس شديد دفع الشباب لحمل رشاشاتهم، وأطلقوا النار نحو تلك الطائرات، كأنهُ شيء من الجنون؛ إحساس بالخوف والشجاعة. توالت الهجمات من قبل العدو، لأكثر من مرة. عمَّ الوجوم، لا.. بل القلق يصاحبه الرعب، وما ستؤول إليه الحالة، بين مصدقين ومكذبين، الأخبار تتوالى في قنوات البث المرئي والمسموع، بالوعود من الجهات الرسمية أنَّ الأمر لن يطول. إنها الحرب من أجل الجبهة الشرقية للعراق. لأيام سينتهي كل شيء، ولكن في الأشهر الأولى منها طلب ثلاثة مواليد للانضمام إلى جبهات القتال، وأصبح قرب مقرات التجنيد أعداد هائلة من الشباب في عمر الورد ليكونوا حطب تلك النار. قطعت الشوارع المحاذية لأماكن تسويق الشباب، ولا فرق بين أميٍّ وحامل أعلى الشهادات، لكثرة الشباب المساق إلى ساحات القتال، اثنان منهم إخوتي. مرت سنة، والوعود تصاحبها وعود أخرى بأن انتهاء الحرب وشيك من القيادة الحكيمة. التلفاز يبث الأخبار كل عشر دقائق، والأخبار جازمة بأن الانتصار لجيوشنا، بقول: سنحطمهم.. سنلقنهم.. سنعلمهم درساً لن ينسوهُ.
هكذا تمر الأيام؛ كثرت اللافتات السوداء. أصبح مع كل موعد غداء وعشاء تظهر بعد الأخبار صور من المعركة، تبث على القنوات المحلية، مشاهد مقززة من أشلاء البشر تغطيها الدماء، تحرق قلوب الأمهات تفزع الأطفال، تبعث في النفس الحزن ورغبة في التقيؤ، يصاحبها أخبار النصر والفوز، عندما تشاهدها أمي تقول: وأولادنا؟ ماذا يحل بهم؟ ألم يصبهم ما يصيب الطرف المقابل؟ أم أنهم يقاتلونهم بالورد؟!
مع ما يُسمع من الأخبار، (الأمل) يتضاعف في النفوس من انتهاء تلك الحرب، والسنين تمر. آمن الجميع بالقدر المحتوم، لأنَّ كِلاَ الطرفين لم يتعلم من الدروس الموعودة شيئاً. تأزم الوضع العام؛ أصبح الكل مغلوباً على أمره. من يومها ظهرت مشاكل جديدة؛ أولها فقدان بعض المواد الغذائية المهمة في السوق، وكثرة الإشاعات التي يطلقها الطابور الخامس، لا أحد لهذا اليوم يعرف من هم قادة هذا الطابور؟! أذكر ظهور أزمة اللحم المسموم، ثم شح الدهن في السوق، بعدها عدم توفر الأرز، وارتفاع أسعار اللحوم، وظهور لحم المصلحة المجمد الذي لم يسبق له وجود قبل الحرب. اضطر أكثر الناس على أكله لرخص أثمانه، ولم يعرف لها مصدر، أو بأي طرقة ذبحت (الطريقة الإسلامية أم غيرها). هناك من حلل أكلها، وهناك من أمتنع عنها. أصبح شغل الناس وشاغلهم، المتاخمة لهموم الحرب، البحث عن ما يفقد في السوق من المواد الغذائية. لعب تجار الحرب دورهم بنجاح ساحق. مع الأيام لم يعد بيت يخلو من (شهيد، مفقود، أسير، معوق). قلق الموت والشائعات مستمر، أحدث خللاً في عموم الحياة. نشط دور جهات معينة.، خف دور جهات أخرى. اعتادت النساء لبس الأسود، وعمرت المقابر. مشاكل أخرى ظهرت متداخلة وما خفي منها كان أعظم. ضاعت الأيام الجميلة. الحرب سلبت لحظات الأنس على شاطئ دجلة وغابات الموصل. انعدم شيء اسمه اجتماع أفراد العائلة على موائد الفرح في أي مناسبة. أغلب البيوت تبتلع لقمتها مع الدموع، يصاحبها الحسرة على شبابهم الذين إما في جبهات القتال، أو المقابر. تلون الصفاء بلون الخاكي. عمَّ طابع التقليد المزيف كل محطات اليوم. توشحَ الأسود المدرج في شقوق ساعات النهار، سارياً في القلوب القاسية عند البعض. ظهرت جرائم يندى لها الجبين. حرموا الأطفال ثلث حقوقهم الطبيعية، أما من مثلي، لم يبق لها غير الذكريات تقتات عليها لتزيل الجمود العارم داخلها. سمعت طرقاً على باب الدار جعلني أستفيق من أوهامي كغارق وجد له قشة أحسَّ أنها ستنقذهُ من الغرق. نهضت خارجة من غرفتي لأتحقق من مصدر الصوت. فتحَ الباب الخارجي: يا الله، الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، من؟ للحظات شعرت بالخوف الشديد. هل يعقل أن يكون لصّاً! كيف سنواجه الموقف؟ لا يوجد غيرنا، أنا وأمي وأبي، بينما الأفكار تتسارع في داخلي. فُتِحَ الباب الخشبي، ودخل أخي "سعيد"؟ فرحت جداً، سلمت عليه بعجلة. أسرعت متجهة إلى غرفة أمي أُعلمها بقدوم "سعيد"، كأنني غير مصدقة، ومتذكرة أن ما دفعني إلى جعل أمي تحدثني عن "أم بتول"، هو إبعاد شبح القلق عنها في لحظات الانتظار التي كانت والدتي تعد الدقائق وتحسب الأيام عند اقتراب موعد إجازة أحد إخوتي، وما تعيشه من انفعالات تزيد من مرض السكر وضغط الدم الذي صاحبها أيام الحرب الأولى. في الحرب لا يوجد سلام، فالكل يتفجر يتمزق لمَا يتعرض له من حالات الخوف، القلق، الانتظار، الفراق. لا أحد يخفف من هوسها المصبوغ بلون الغروب غير وجودي على حد قولها، لذا أدخلتها مصل الذكريات يوم طلبت منها الحديث عن "أم بتول" وقصتها التي لم أعرف نهايتها بعد بسبب تلك الغارة. على الفور خرجت أمي من غرفتها، كأنها لم يغمض لها جفن، وعانقت "سعيد" وهي تبكي من الفرح والشوق، قائلة لهُ: لقد تأخرت كثيراً هذه المرة لماذا؟!
لم نسمع منه غير كلمة تعبان جداً وجائع. بسرعة جهزت له العشاء الذي اشتهته أمي وأعدته من أجله اليوم، (قلب الأم دليل).
تركت أمي و"سعيد". دلفت إلى غرفتي أريد النوم. ما أن وضعت جسدي على سريري حتى مرت سحابةُ غيم ثقيلة من الأفكار. أصابت فمي لزوجة غطت حلقي لشعوري بأن كل حياة الإناث مثل أواني مستطرقة. يعشنَّ اللون الرمادي منذ عشق الأسود للأبيض. تفترش حياتهن عواصف التشتت وانعدام الموازين في وعاء التغيير. قد يصعب تفتيت تلك العادات المعقدة التي تفوح منها رائحة الملل في وعيّ عظامهم. تسلحت بالصبر عند شعوري بأن الرجل الذي اشتهي لا جدوى من انتظاره. سافرتُ في البعد الزماني عائدة بخيالاتي إلى أطياف محببة، لا يخلو التأمل فيها من وخز الضمير. الانسلاخ نوع من التمرد المثقل بالمعاناة، نوع من غسل للشعور المزيف. يخلقه ضغط الإحساس بالغربة. أمارسه لعدم وجود إنسان يشاركني معاناتي الجسدية، بينما أقلب الصور في زاوية ميتة من غرفتي، علا صوت المؤذن في الجامع عن موعد السحور.
وجدت صباح اليوم التالي هزيلاً من اللحظة التي فتحت فيها عيني فزعة على صوت الرصاص. أسرعت أسأل والدي عن مصدر الصوت. صاحب جوابه توجع، وكأنه يشعر بوخز حقنة في فخذهِ.
- إنهم فرق الموت، ابن الحاج عادل كان هارباً، ولا نعلم من بلغ عنه.
نزلت الكلمات كالحمى على جسدي وصعقته، بلهفة سألت والدي مرة أخرى: ... هل؟!
هزّ رأسه مجاوباً: نعم، نعم.
شعرتُ بحالة غثيان، ولم أتمالك نفسي. أسرعت إلى الحمام لأفرغ معدتي الخاوية من سم الجرم، وأحسست كأنني حيوان أليف دهسته سيارة ولم يمت. الدم يسيل منه على قارعة الطريق، ولا أحد يأبه له. عدت إلى والدي كي أسائله مرّة أخرى، وأردت أن أصرخ، أشار إلي بيدهِ أن لا أفعل.
يا لسخافة دهاليز الاشتهاء عندي، بالقرب مني، وفي الليلة نفسها؛ شاب يشتهي الهرب من ذل الموت، دافناً نفسه في أمواج ذل آخر. الصباح لم يحمل له الاستقلال، بل عبودية شظت أعضاءهُ مع ما يحمل من زخم للأحلام! سخيف هذا العمر المسور بالغروب ومساءاته القاحلة. يلبس الرعب ملابسنا المشغولة بغليان لا مثيل لهُ. اجتاح جسدي. ألم لا تفهمه غير الشمس حين تحجبها الغيوم بثقلها الخانق. لماذا تكتبنا الأسطر على ورقة الحياة وكأننا نمل تسحقهُ أقدام المتسلطين؟ انسحبت مذعورة أتأمل قصر قامتي أمام المرآة متسائلة: أين الذي ندركه بعقولنا ولم نره، وكل ما يحدث هو يراهُ؟ وبأي حق تستبدل الطموحات بالخوف والتسلط؟
بنشاط ساخن وثمل اتجهت إلى المطبخ، وجرعت كوباً من الماء لأخمد معارك بدأت هجومها في جهازي المعوي، وصوت الرصاص يهتزّ في أذني كراقصة عجوز أفقدتها طبيعة الانتعاش السيطرة على احتساء هذا العالم، ووقفت أمام زجاج نافذة المطبخ المطل على الأفق. كنت أنظر في حالة عشوائية إلى لا شيء، فلم تلتقط ذاكرتي غير هلوسات الموت، والنكبات التي تمر بها المدينة.
عدت إلى غرفتي لأدقق باقي الملفات. بحثت عن نظاراتي، لم أجدها، وانشغلت بالبحث عنها ما يقارب الساعتين. دخلت غرفة الجلوس، وجدت أمي تتابع التلفاز، وما يبثه من أخبار عن المعارك الدائرة في الجبهة الشرقية، سألتها عن نظارتي، قالت: لا أعلم عنها شيئاً. قلت: ألا تكملي حكاية "أم بتول" وما حصل لها؟ قالت: اجلسي قربي، سأحكي لك بعد انتهاء الموجز.
جلست قربها أسائل نفسي أين وضعت تلك النظارة اللعينة، كلما احتجتها لا أجدها، خصوصاً عند مراجعة الملفات. شعرت بثقل فوق صدري. نظرت إلى الساعة على جدار الغرفة. لا بأس، الوقت مازال أمامي. انتهى الموجز، مع تنهيدة قصيرة التفتت أمي إليّ قائلة: كل من عليه ذنب يقول: التوبة وأستغفر الله. هذه عبارة تقال عندما يبدأ الحكواتي بحكاياته، قلت: ليس لدية ذنب ومع ذلك، الاستغفار ضروري.
تنهدت أمي مرة أخرى قائلة: يا منال.. بعد ما لحق من إحساس عند "أم بتول" بأن ابنتها ألبستها العار، غير مصدقة ما يجري، قامت بكل الطقوس التي تعرفها، لتبعد الشر عن ابنتها، حصنتها بالآيات، (صبت لها الشب) وهي عملية موروثة لإبعاد الشر عن من يصاب بالقلق أو أي نوع من الكآبة. قرأت على الماء، وجعلتها تشربه. أتت بملابس امرأة نفساء وغسلتها. بمائها غسّلت "بتول" ولم تجد أي فائدة. ذهبت إلى الرجل الذي يقرأ التعاويذ، ويعمل التمائم. ألبستها التميمة. لم ينفع معها كل هذا. لم يبق أمامها غير زيارة الأولياء والأنبياء. تعلم أن مثل هذا العمل يتطلب مصاريف كثيرة هي غير قادرة عليها. لم يبق عندها غير الصندوق، عليها بيعه، قد يسد ثمنه ما تحتاجه من مصاريف. "بتول" عندها أعز من الصندوق. مع ازدياد حالة "بتول" سوءاً، قررت بيعه. في يوم انتظرت أن تنام "بتول" لتتمكن من الخروج إلى السوق لكي تجد من يشتري الصندوق، لأنها لا تستطيع حمله لكبر حجمه. وجدت في سوق النجارين نجاراً قَبِل عرضها، وأتى معها إلى البيت لمعاينة الصندوق. ما إن دخلت البيت، توجهت إلى الغرفة لتتأكد من أن "بتول" نائمة. بعدها دعت الرجل لدخول الغرفة ليتفحص الصندوق. استلم المفتاح بعد أن عاينه من الخارج جيداً. أراد تفحصه من الداخل. جو الغرفة المعتم. دفعه للنزول إلى داخله. في تلك اللحظات استيقظت "بتول" من نومها. لم تصدق عينيها. رجل داخل الصندوق! أخذت تقول لأمها: ألم أقل لك إنه هنا. لماذا لم تصدقيني.
نهضت متوجه إلى الصندوق وهي تكلم الرجل الذي داخله: لماذا تركتني؟ لماذا لم تأخذني معك؟ أمي لم تصدق ما قلته لها عنك. المفتاح معها. طلبت منها أن تعطيني المفتاح فلم تقبل.
وهمّت بأن تلقي نفسها عليه. أمسكت بها أمها وهي تحاول أن تُفهم الرجل أن ابنتها مريضة. عرض الرجل عليها مبلغاً من النقود. لكي تتخلص من الموقف الحرج الذي أحسته من تصرف "بتول"، جعلها توافق دون مناقشة. وخرج الرجل على أن يعود بالمبلغ، ومعه من يحمل الصندوق، و"أم بتول" مذهولة من موقف ابنتها التي أرادت اللحاق بالرجل. لم تتمالك نفسها مما جلبته "بتول" من عار للعائلة. فقدت صوابها. هجمت عليها. أطبقت على عنقها. لم تتركها إلاّ جثة هامدة لإحساسها أنها فقدت شرف العائلة، ومتصورة أنها قد تخلصت من كل الهموم، وأنها ستعيش باقي حياتها محافظة على سمعتها. ثبت لها بعد ذلك أن ابنتها بكامل عفافها، لم يمسها بشر. سيطرت على "أم بتول" الأفكار المتوالية بين ما قامت به وما سمعت من الطبيب الشرعي، فشذ عقلها. أخذت تجوب الشوارع والبيوت، وتحكي لهم ما أصاب ابنتها العفيفة من ألم وسوء لم يصدقها أحد.
بعد انتهاء أمي من حكايتها عن "أم بتول"، صوت أمي يشدني لصوت جدتي المبحوح، حديثها الساكن أعماقي بكل جذوره. أحسست بحرقة تجول في أحشائي.




#رحاب_حسين_الصائغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزء الاول من رواية ( عادت منحرفة)
- الجزء الرابع من كتاب الشعر( رحلة في قعر الشيء)
- الجزء الثالث من كتاب ( رحلة في قعر الشيء)
- الجزء الثاني من قصائد كتاب الشعر ( رحلة في قعر الشيء)
- قصائد من كتاب الشعر ( رحلة في قعر الشيء)
- جهد الفكر ورقي وسائل الاعلام
- زمان المحدثات ونوافل الحلم
- المالك الحزين
- تهنئة الى احبائي اينما كانوا وحلوا
- حفلة اعتبارية
- العلاقات المنطقية وتنازعات الانتماء
- المطرقة والانحناء
- المرأة ومواسم استباق لحظات التيه
- لاهوتية اللغة والشكل الانثوي
- المرأة ومسارات شاردة في العراء
- تفتح النص الأزلي في جوهر الفكر
- الحقائق واقفال الاسئلة
- فوارق الحب المتيقض
- التماثل واتشابه والتكرار الذهني
- الإعلام المرئي والصحافة دائرة المجتمع


المزيد.....




- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب حسين الصائغ - الجزء الثاني من رواية( عادت منحرفة)