أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعيد الكحل - القيم بين الخصوصية والكونية .















المزيد.....

القيم بين الخصوصية والكونية .


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 2813 - 2009 / 10 / 28 - 19:33
المحور: حقوق الانسان
    


اختار "بيت الحكمة" تنظيم ندوات دراسية في موضوع القيم لما يمثله من أهمية قصوى في مقاربة الإشكالات الفلسفية والقانونية والدينية والاجتماعية التي تثيرها العلاقة بين الخصوصية والكونية ، إما على مستوى الممانعة التي تبديها القوى المحافظة لجعل الخصوصية المحلية تشرعن ذاتها وتحصن نديتها مستغلة الهامش الذي تسمح به الكونية في باب احترام الهوية والتنوع الثقافي ؛ وإما على مستوى هيمنة وسمو الكوني على القيم والممارسات المحلية التي تتنافى وقيم حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا . بالتأكيد أن المجتمعات العربية تعيش هذه الإشكالات بحدة وتتردد في حسمها لصالح الخصوصية المحلية وحدها أو لصالح الكونية . واعتبارا لطبيعة الأنظمة السياسية الحاكمة في المنطقة العربية ، فإن التردد طبع السياسات العمومية في كل المناحي : التعليمية ، الدينية ، السياسية ، الإعلامية والقضائية وغيرها . كانت الأنظمة السياسية ولا زالت تركن إلى المحافظة مما يشجع القوى السياسية والاجتماعية على الاصطفاف خلفها ، ليس بهدف دعم سياساتها العمومية في الغالب الأعم ، ولكن لتقاطع مصالحهما في معاندة التغيير وممانعة التحديث . إذ ليس من مصلحة الطرفين ـ الأنظمة السياسية والقوى المحافظة ـ خلخلة البنيات الاجتماعية كمقدمة لإشاعة قيم الحداثة والمعاصرة داخل المجتمعات وعلى مستوى الذهنيات . من هنا يتخذ الصراع بين قوى الحداثة وقوى المحافظة أبعادا سياسية ، واجتماعية وثقافية لتشيكل قوى اجتماعية معينة تنتصر لهذا التوجه أو ذاك . والصراع الذي احتدم في المغرب ، مطلع 2000 الميلادية ، حول مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية بين المحافظين والحداثيين يجسد لحظة تقاطب قصوى تمايزت فيها المشاريع المجتمعية وتوضحت القوى الاجتماعية التي تحمل كل مشروع على حدة أو تدعمه . وإذا كان من إيجابيات لهذا الصراع فإنه مكن من فرز حقيقي لم تألفه الساحة السياسية في المغرب التي ألفت النظام الملكي كقوة جذب تستند إليها التيارات المحافظة وتستقوي بها في عرقلة جهود التحديث . ذلك أن الملك محمد السادس سيحدث تغييرا حقيقيا على مستوى جوهر الملكية لينقلها من خندق المحافظين إلى ساحة التحديث والتغيير لتكون مبادِرة وفاعلة . وجسدت مدونة الأسرة أهمية القطائع التي أحدثها الملك مع مواقف التردد واللعب على التناقضات بين القوى السياسية التي طبعت حكم الملك الراحل الحسن الثاني . بل وضع الملك محمد السادس الملكية في مواجهة قوى الجمود والتطرف داخل معاقلها الفقهية والدينية التي تحصنت خلفها لمناهضة كل جهود الإصلاح والتحديث . فعلى مدى عقد كامل ــ من 1990 إلى 1999 ــ لم تستطع قوى التحديث والدمقرطة من إدخال تغييرات جوهرية على بنود مدونة الأحوال الشخصية رغم المبادرات المتعددة التي قامت بها بعض الأحزاب وقطاعاتها النسائية . وظلت التعديلات التي مست جوانب من المدونة سطحية حتى لا تثير حفيظة الإسلاميين الذين جعل منهم الملك الراحل الحسن الثاني فزاعة يحمل بها خصومه السياسيين على التراجع عن جوهر مطالبهم . وأذكر هنا بالمناسبة ما قاله الملك الحسن الثاني حين استقباله لوفد نسائي صيف 1992 ( واش باغيين تنوضوا علي مالين اللحي؟) . بالتأكيد أن معركة التحديث والتغيير معركة حقيقية تستوجب تكثيف جهود القوى السياسية والمجتمعية واستنهاضها لدعم المشروع المجتمعي الحداثي وإنجاح معركة الإصلاح والتغيير . لكن الواقع المغربي يشهد تضاؤل القوى الطامحة إلى التغيير بعد أن غشاها حب الكراسي والمواقع . ليظل الملك يقود مبادرة الإصلاح والتغيير وفق إستراتيجية محددة استبعدت الأحزاب السياسية نفسها من صياغة معالمها بعد أن تراجعت ــ هذه الأحزاب ــ عن ميولاتها الحداثية التي ترجمتها إلى شعارات أو مواقف رافضة للسياسيات العمومية قبل سنة 1998. بل إن هذه الأحزاب باتت تنشد المناصب والمواقع وتمد يدها للتحالف مع القوى المحافظة والمناوئة للتغيير والحداثة . الأمر الذي يجعلنا أمام سؤال مباشر وحقيقي :
هل يمكن للملك أن يخوض معركة التغيير والتحديث في ظل تراجع الأحزاب الديمقراطية وطغيان النزوعات السياسوية ؟
أكيد أن التغيير والتحديث لا يتحقق إلا إذا وُجدت قوى اجتماعية وسياسية تحمل قيمه وتحوله إلى حركة مجتمعية تنخرط فيها معظم الشرائح الاجتماعية ضمانا للتغيير ومنعا لكل ردة محتملة . فالملك يمكن أن يقود معركة التغيير والتحديث ويخوضها منفردا إلى حدود معينة ، لكن لا يمكنه المغامرة باستقرار الملكية . من هذا المنطلق تطرح إشكالية الخصوصية والكونية وأيهما تسمو على الأخرى ، خاصة في ظل تنامي مد الحركات الإسلامية التي باتت تشكل قوى ضاغطة على الحكومات العربية لتشكيل جبهة الممانعة والتصدي لمطالب الانفتاح على ثقافة حقوق الإنسان . ولعل التراجع الملموس على مستوى هامش الحريات الدينية التي كان المجتمع المغربي مثلا يسمح بممارستها دون أن تلجأ الدولة إلى تفعيل القوانين الزجرية ، ينبئ بأن الآتي أخطر إن لم تتكاثف جهود القوى الطامحة إلى التغيير والتحديث ( = الملك ، الأحزاب ، الهيئات الحقوقية والمدنية ) لإطلاق ديناميكية فعالة داخل المجتمع تجعل القضايا السياسية والاجتماعية والحقوقية من صلب اهتمامها ، فيما القضايا الدينية تبقى من اختصاص الملك الذي يسمح له وضعه الدستوري ، كأمير المؤمنين ، بضمان الفصل بين السياسي والديني على مستوى إدارة الدولة وما يرتبط بها من تشريعات وقوانين . وليس لأي جهة ، خلا الملك ، أن تعلن نفسها ناطقة باسم الدين أو وصية على الضمائر . لأن كل تساهل في هذا المجال ، سيجعل الباب مشرعا أما التيارات الدينية لاستعداء المجتمع ضد قيم وثقافة حقوق الإنسان التي لا تحتمل التجزيء أو الخصوصية . وإذا كان عدد من تيارات الإسلام السياسي قد أعلن ، من قبل ،عن الانفتاح على حقوق الإنسان بدعوى تضمنها في النصوص القرآنية والحديثية ، فإن نفس التيارات تعود اليوم للانقلاب على تلك الحقوق بدعوى الخصوصية والحفاظ على الهوية الإسلامية ، وكأننا أمام حركة ردة ثقافية وحقوقية ترسم معالمها حركات الإسلام السياسي التي تعمل جاهدة لفرض أجندتها على الدولة والأحزاب معا .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة بين اتهامات الإعلاميين ومخططات الإرهابيين .
- أما آن للحكومة أن تتحمل كامل مسئوليتها تجاه الشعب ؟
- مواجهة الإرهاب والتطرف ضرورة تحتمها نوعية الخلايا المفكَّكة ...
- 11 شتنبر :ذكرى الأحداث الإرهابية التي جسدت مخاطر التطرف الدي ...
- لم يتمسح مصطفى العلوي بأعتاب الشيخ ياسين ؟
- جماعة العدل والإحسان حركة انقلابية ترفض العمل في إطار حزبي . ...
- هل التحالف مع حزب العدالة والتنمية يخدم الحداثة والديمقراطية ...
- جماعة العدل والإحسان وعقيدة رفض الإقرار بمشروعية النظام المل ...
- جماعة العدل والإحسان تنتقد مجمّليها لدى النظام والرأي العام ...
- تأهيل الأئمة مدخل رئيسي لتأهيل الحقل الديني .
- لما ينتقد الملك انتظارية الحكومة وسلبيتها .
- البيجيديون وخطيئة الاحتماء بالأجنبي .
- إستراتيجية تأهيل الأئمة ضرورة أم غاية ؟
- هل ثقة الملك في الحكومة تحميها من كل تعديل أو إسقاط ؟
- شهادة البكالوريا بوابة مفتوحة على المجهول .
- هل فعلا لفظ الجلالة وتقبيل يد الملك هما ما يمنعان جماعة العد ...
- فتاوى شيوخ التطرف دليل إدانتهم .
- التحالف بين الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة يقتضيه المن ...
- براءة شيوخ التطرف المفترى عليها .
- ما الذي يمنع التحالف بين الاتحاد الاشتراكي وحزب الأصالة والم ...


المزيد.....




- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...
- الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء الأونروا في دعم جهود الإغاثة ل ...
- كيان الاحتلال يستعد لسيناريو صدور مذكرات اعتقال بحق قادته
- سويسرا تؤجّل اتّخاذ قرار حول تمويل الأونروا
- السودان: خلاف ضريبي يُبقي مواد إغاثة أممية ضرورية عالقة في م ...
- احتجاجات أمام سجن محلي في تكساس للإفراج عن طلبة تظاهروا دعما ...
- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعيد الكحل - القيم بين الخصوصية والكونية .