أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الماركسية تأسست على الحقيقة المطلقة















المزيد.....

الماركسية تأسست على الحقيقة المطلقة


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 2813 - 2009 / 10 / 28 - 19:33
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



نحن لا ننسب الصحّة المطلقة للماركسية تعسفاً أو تحزّباً، ولا نقرر صحتها بالإطلاق لأنها تقدم دائماً أجوبة صحيحة على كافة الأسئلة المطروحة أبداً أمام البشرية. صحة الماركسية ليست من صناعة أحد من بني البشر، لا لينين ولا إنجلز ولا حتى ماركس. إنها " كليّة الصحّة " كما وصفها لينين لأنها تأسست كليّاً على الحقيقة المطلقة، حقيقة الديالكتيك أو القانون العام للحركة في الطبيعة. كان فردريك إنجلز قد قال في كبد الحقيقة .. " لا يمكن تصور المادة بلا حركة "، والحركة هي الديالكتيك أو صراع االتناقضات. ثم بعد نحو ثلاثة عقود توصل حجة الفيزياء العالم ألبرت أنشتاين إلى اكتشاف قانون تحول المادة إلى طاقة (الطاقة = الكتلة X مربع سرعة الضوء) ، وهو ما يعني أن ليس هناك في الجوهر فرق بين المادة والطاقة. ولما كانت الطاقة هي في الجوهر صراع الأضداد أو الديالكتيك فإن الديالكتيك هو الوجود ذاته وهو الحقيقة المطلقة. من غريب القول هو قول بعضهم بعدم وجود الحقيقة المطلقة بينما يؤمن معظمهم بوجود الله ؛ فإذا لم يكن الله، وهو بداية الكون ونهايته كما يقولون، هو الحقيقة المطلقة فما عساها تكون تلك الحقيقة !؟ أما أولئك الذين ينكرون وجود الله منهم فليتفضلوا ويقولوا لنا ما الذي تكونه حقيقتهم المطلقة، إذ لا يجوز للمرء أن ينفي أمراً ما دون أن يعرفه تمام المعرفة!! ليفسروا لنا الزمن غير أن يكون الحقيقة المطلقة، كما قد يضطرون إلى الإعتراف ـ والأحرى أن الزمن هو إحدى ظواهر الحقيقة المطلقة، الديالكتيك ـ ربّ من يحاججنا منهم فيقول .. لكنكم تنكرون وجود الله دون أن تعرفوه ! من قال أننا لا نعرفه؟ إننا نعرفه تمام المعرفة من خلال ما روى عنه أنبياء اليهود والمسيحيين والمسلمين وقصص كتبهم المعلومة. نحن لم ننفِ وجوده إلا لأننا عرفناه.

لأن الماركسية تأسست على الحقيقة المطلقة، الديالكتيك، فقد غدت النور الذي ينير الطريق أمام الإنسانية، ويفتح بوابة الأنسنة عريضة على مصراعها لانعتاق الإنسانية العام والشامل من كل القيود التي كبلت الإنسان منذ فجر التاريخ وأثقلها هو قيد الإنتاج. منذ فجر التاريخ ظل الإنسان على الدوام أسير قيد الإنتاج وأول شروطه: إنتج تبقَ، أي تعش (survive)، ولا يتحطم هذا القيد العبودي الصدئ الثقيل إلا بعد دخول بوابة الشيوعية التي كشف عنها ماركس بضوئه الساطع لتصبح معادلة الإنتاج وراء بوابة الشيوعية .. يعيش الإنسان فينتج، بمعنى أن يصبح الإنتاج حاصلاً لفعل الأنسنة. فيما قبل الشيوعية ظلت الأنسنة هي المنتوج الثانوي لفعل الإنتاج ؛ وبتوضيح أكثر فإن شرط البقاء قبل الشيوعية هو الإنتاج ليصبح الإنتاج بعدها هو الدافع لفعل الأنسنة، وفعل الأنسنة هو سبب بقاء الإنسان في الأرض وتطوره النوعي بخصائص رفيعة مجهولة حتى اليوم. إنسان الشيوعية مطهر من كل آثار الوحشية التي تحدرت مع الإنسان من أصوله السحيقة.

للماركسية أعداء كثيرون ـ تكاثروا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي رغم أن الانهيار قد أكّد الصحة المطلقة للماركسية ـ منهم الكبار الذين لا بدّ من الإستعداد لمنازلتهم ودحض دعاواهم المعادية للإنسانية، ومنهم الصغار الصغار الذين يتعفف المرء عن إيلائهم أي اهتمام ما لم يحط من كرامته ويسمح بذات الوقت للبعض في أن يشتبه أو يتخيل بعض الظلال على وضاءة الماركسية . بعض الصغار الصغار حشكتهم الأقدار لأن يتقيدوا في بعض المعاهد المشبوهة الموظفة في خدمة التجهيل والتي تدّعي أنها تدرّس الفلسفة بينما هي في الحقيقة لا تبحث إلا في كيف يمكن لها أن تنقض حجراً من عمارة الماركسية العالية وخاصة فيما يسمى بالفلسفة الماركسية وهي " المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية " في سياق حمايتهم لعارٍ ظل يلطخ جبين الإنسانية منذ بداية التاريخ ألا وهو استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.

لأجل أن نلقم هؤلاء الصغار حجارة تحبس ألسنتهم في حلوقهم دفاعاً عن الإنسانية ومستقبلها الوضيء المطهر من مختلف القيود، نخاطب هؤلاء الصغار بلغتهم، لغة الميتافيزيق، ولنفترض أن " الله "، إله المسلمين والمسيحيين واليهود، خالق السموات والأرضين، ضاق بكفر عبيده البشر فقرر أن ينزل من عليائه فوق السماء السابعة إلى أرضنا ويقيم ملكوته وسط العالم تحرسه قواته والملائكة وجميع الأطقم المكلفة بالخدمة . فما الذي سيحدث عندئذٍ؟ ستتحلل إذّاك كل الديانات ومنها الديانات السماوية الثلاثة، وسيغيب الأنبياء في عالم النسيان وسيستقيل رجال الإكليروس من وظائفهم ويخلعون جلابيبهم وعمائمهم، وبكلمة سيموت الدين . لن يعود ثمة حاجة لأي دين طالما كانت وظيفة الدين هي البحث عن " الحقيقة المطلقة " التي هي الله كما يقول قراره، فالله غدا حقيقة على الأرض ولا حاجة للبحث عنه ولا حاجة للرسل وللأنبياء أو الإكليروس.

ذات الشيء هي العلاقة بين " الفلسفة " الماركسية من جهة وسائر الفلسفات الأخرى من جهة أخرى. " الفلسفة " الماركسية كشفت عن الحقيقة المطلقة وهي المادية الديالكتيكية، وبذلك، حفر ماركس ومعاونه إنجلز قبراً عميقاً للفلسفة بمختلف مدارسها وتشعباتها ودفناها في العمق وهالا عليها كل التراب لتطمر إلى الأبد . في محاكمة مادية للفلسفات السائدة في القرن التاسع عشر وما قبله وجد ماركس وإنجلز أن تلك الفلسفات لا تشتبك اشتباكاً حقيقياً مع الواقع المادي وأنها لا تتعدى أن تكون تخرصات أو تخمينات (speculations) لا يسندها سوى "علم" الكلام . في تلك الأثناء اكتشف ماركس وإنجلز " الحقيقة المطلقة " ألا وهي " القانون العام للحركة في الطبيعة " أو " الديالكتيك " . كل ما هو في الوجود محكوم بوجوده وبكل مظاهره وأنشطته بالديالكتيك بل إن الديالكتيك سابق لوجوده . قالت لنا الأديان أن " الله " هو الحقيقة المطلقة وأن شعرة لا تسقط من رأس الإنسان إلا بإذنه . وجاء ماركس ليقول أن الديالكتيك هو الحقيقة المطلقة وأن شعرة لا تسقط من رأس الإنسان إلا بفعله، فعل القانون العام للحركة في الطبيعة . لقد نقل ماركس الفلسفة من دائرة التخمينات و "علم الكلام" إلى دائرة العلوم. الفضل كل الفضل يعود لكارل اركس ورفيقه فردريك إنجلز في تحرير الإنسانية من مفازات الفلسفة والدين الذي هو أصلاً الستنبت الذي نمت فيه مختلف أجناس الفلسفة.

" ألله " لم ينزل على الأرض ولذلك ظل للأنبياء والرسل دور يقومون به، يبشرون بوجود " الله " في الأعالي فوق السماء السابعة، وظل الإكليروس يمنّون النفس بألا ينزل الله يوماً إلى الأرض فتنتهي وظيفتهم ويقعدون بلا عمل ويفقدون أرزاقهم ومركزهم الإجتماعي المتميز . لكن إله ماركس، القانون العام للحركة في الطبيعة، هو في الأرض منذ الأزل، بل ما قبل الأزل، وحالما اكتشفه ماركس توجب أن تنتهي كل النشاطات الفلسفية لتتحول إلى المختبرات وإعتماد قوانين الديالكتيك في تطور العلوم وخاصة في دراسات العلوم الكونية (cosmology) . كل الظواهر الكونية، المحسوسة وغير المحسوسة، لا يمكن تفسيرها خارج فعل القانون العام للحركة في الطبيعة .

الصغار، الذين تعلموا " الفلسفة " في المعاهد المتخصصة في خدمة الرأسمالية الإمبريالية والمعادية للإنسانية، ينكرون علاقة القانون العام للحركة في الطبيعة بالحياة في مختلف المجتمعات الإنسانية التي أخذت أشواطها في التاريخ . بأي حجة يستند هؤلاء الصغار من أعداء الإنسانية لإنكار مثل هذه العلاقة الطبيعية؟ لكأن الحياة في الأرض ليست إحدى الظواهر الكونية!! لكأنها مستوردة من خارج الكون!! نعم، الأساطير الدينية أجمعت على أن الإنسان قد تم تصنيعه خارج الكون، لكن مع ذلك، وبعد أن غضب عليه خالقه ونفاه إلى عالم الكون، إلى الدنيا، حكم عليه بالخضوع لقانون الكون، يلد ويولد، يحيا ويموت، ويتصارع أبناؤه ويقتل الأخ أخاه لأجل لقمة العيش . كيف ينكر هؤلاء الصغار أن الإنسان يحيا ويحقق ذاته بالإنتاج وليس بأي شيء آخر؛ ولأجل أن ينتج عليه أن يدخل في علاقة مع أدوات الإنتاج، علاقة ديالكتيكية أبدية لا تتوقف.. الإنسان المتطور يخلق أدوات إنتاج أكثر تطوراً وأدوات الإنتاج الأكثر تطوراً تخلق إنساناً أكثر تطوراً وهكذا دواليك ! من هنا يمكن القول بأن الأنسنة هي العلاقة بين الإنسان وأدوات الإنتاج ؛ هكذا كانت وهكذا ستبقى !

طالما أن حياة الإنسان لا تتحصل إلا عن طريق الأدوات، أدوات الإنتاج، وأن الأنسنة هي العلاقة الديالكتيكية بين الإنسان من جهة، وأدوات الإنتاج ن جهة أخرى، فذلك يعني بالضرورة أن لكل جيل من أدوات الإنتاج إنسانه الخاص والعلاقة الخاصة بين الطرفين، علاقة الإنتاج . إنسان المشاعية الأولى ارتبط بالفأس الحجرية ؛ إنسان العبودية، في طبقتي العبيد والسادة، ارتبط بالأدوات الحديدية، المعول والسيف ؛ إنسان الإقطاع، في طبقتي الأقنان والإقطاعيين، ارتبط بالمحراث الخشبي تجره الحيوانات ؛ إنسان الرأسمالية، في طبقتي البروليتاريا والرأسماليين، ارتبط بالماكنات تعمل بقوة المادة المتحولة. وقد نضيف ساخرين ارتباط إنسان اليوم، في الطبقة الوسطى المنفلشة وطبقة البروليتاريا المنكمشة، بأدوات الإنتاج الناعم كالكومبيوتر والخلوي وعائلتيهما، الإنتاج الناعم الذي لا يغني عن جوع. هكذا قالت المادية التاريخية مستندة إلى المادية الديالكتيكية وهي القانون النافذ أبداً في الوجود. فكيف لدعيٍّ أن يدّعي أن التاريخ لم يجرِ في هذا المساق وعلى النحو الذي قصته علينا كتب التاريخ نفسها!؟ أدوات الإنتاج لا تحكم الحياة البيولوجية للإنسان فقط عن طريق الإنتاج نفسه، بل تحكم أيضاً تنظيم المجتمع البشري بما يعرف بعلاقات الإنتاج، ويمتد حكمها ليشمل البنى الفوقية بمختلف أجناسها.

فـؤاد النمـري
www.fuadnimri.yolasite.com




#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطبقة الوسطى كما البروليتاريا، كلتاهما تنفيان الرأسمالية
- ماذا عن راهنية البيان الشيوعي (المانيفستو) ؟
- فَليُشطب نهائياً مراجعو الماركسية !
- الحادي عشر من سبتمبر
- إشكالية انهيار النظام الرأسمالي
- ما الذي يجري في إيران ؟
- من هو الشيوعي الماركسي ؟
- القول الفصل فيما يُسمّى بالعلمانية
- اليسار لا يملك إلا الخداع والخيانة
- كيف انهار النظام الرأسمالي في العالم ولماذا ؟؟
- أثر التخلف السياسي في حركة التاريخ
- صمت الشيوعيين التقليديين
- العمل البورجوازي والعامل البورجوازي
- لا علاج للأزمة الإقتصادية الماثلة
- ضعة البورجوازية الوضيعة
- لماذا العودة إلى الأممية الأولى
- تتكامل الديموقراطية في ظل دكتاتورية البروليتاريا
- العولمة والعولمة البديلة
- الجهد الضائع لطارق حجّي
- السقوط المدوّي لطارق حجّي


المزيد.....




- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - الماركسية تأسست على الحقيقة المطلقة