أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - ضياء حميو - (إعدادية مختلطة.. وخيانة علمية )















المزيد.....

(إعدادية مختلطة.. وخيانة علمية )


ضياء حميو

الحوار المتمدن-العدد: 2813 - 2009 / 10 / 28 - 10:52
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


( لا حَياءَ في العلم )..هكذا و منذ بداية العام الدراسي لتلك السنة ، وأولى الجمل التي نطقها مدرس مادة " علم الأحياء " لطلاب الصف الأول الإعدادي "الرابع العام".. كانت تلك الجملة..!
وظل يرددها إلى نهاية العام الدراسي ..!.
للمدرس مبرراته المهمة في ترديده إياها..منها : انه سيدّرس مراهقين من الجنسين كليهما لم يسبق له الدراسة المختلطة..وبمدينة صغيرة من مدن الفرات الأوسط العراقية ، وخصوصيتها الدينية والعشائرية المحافظة.. ستزيد من عبء مهمته هو بالتحديد..!
بالإضافة إلى انه في هذه السنة لن يدّرس "علم النبات أو الصحة" مما يندرج ضمن تخصصه ولكن بشكل ما يخص جسم الإنسان.
بالنسبة لنا نحن الأولاد فقد كان معروفا لنا منذ العام الماضي..وكان لطيفا وحريصا على مادته، ولكنه بالنسبة لزميلاتنا الفتيات..جديد، ولذا صرن يسألن عنه كيف هو بالتدريس بإلحاح.!؟.
أكدنا لهن انه لطيف ومتخصص بمادته وهذه الأخيرة مهمة..لان ظروف التجنيد وخدمة الاحتياط الثانية استدعت الكثير من المدرسين إلى " جبهة الحرب " آنذاك، مما اضطر الكثير من إدارات المدارس إلى تقسيم حصص المواد الدراسية على مدرسين باختصاصات أخرى..كأن يقوم مدرس الفيزياء بتدريس التاريخ والجغرافية معا أو اللغة العربية والكيمياء..وهذه الخطوة كانت الضربة الثانية التي توجه للتعليم العراقي بعد سابقتها التي أبعدت خيرة الكفاءات التعليمية بسبب ميولهم السياسية التي لاتتوافق مع نهج الحزب الحاكم ..ولتتوالى الضربات وصولا إلى مهزلة دورات سريعة بسبب الحاجة " لخرافٍ تُساق الى مجزرة الحرب " لتخريج وتعيين معلمين ومعلمات بالكاد يجيدون القراءة والكتابة..!!
.
كان عدد زميلاتنا الفتيات يقارب العشر فتيات..!
قلة ُ عددهن لم يسمح بافتتاح مدرسة إعدادية خاصة بهن، على الرغم من إن عددهن في المتوسطة كبير..والسبب في قلة العدد يعود إلى مزاج الناس اليائس بسبب الحرب وكذلك محافظة الأهالي التي تريد لبناتها أن تتخرج بسرعة وتتزوج و"تستتر" على حد قناعتها، واقصر طريق لذلك هي الاعداديات التجارية والصناعية بدلا عن نظيرتها التقليدية التي يؤدي طريقها إلى سنوات دراسية أخرى في الجامعة او المعهد،هذا الطريق الطويل تماما كان هدف الأهالي لأبنائهم الذكور علهم يجنبوهم خطر الجندية ومن ثم الموت العبثي في حرب " تحرير فلسطين من الشرق ..!!".

شيئان تغيرا في ذلك العام الدراسي..!
أحدهما كان بهيئتنا نحن الطلاب الذكور..إذ صرنا أكثر اهتماما بهندامنا..وملابسنا وباستخدامنا للعطور..وتصفيفا لشعرنا..وبريق ولمعان أحذيتنا..كيف لا..ونحن بزمالة فتيات بعمرنا..!!.
والشيء الثاني: كان بطريقة تصرّف مدّرسنا معنا..صار عابسا دوما..وقاسيا إلى أقسى الحدود يعاقبنا لأدنى ابتسامة أو ضحكة، على خلاف عادته قبل عام..!!
يرحمه الله لقد التهمته الحرب في السنة التالية...!
أمضيت سنتين دراسيتين في صفين مختلطين في الإعدادية..لم يكن" للشيطان وجود بيننا "..!
إخوة وأخوات..هكذا حتى حين ننادي بعضنا..فأننا نسبقه بلفظ " خوية "..!
نساعد بعضنا ونحل واجباتنا..لم تحدث مشاجرة واحدة بين الذكور آنذاك على خلاف السنوات التي سبقتها من عراك وشتائم..والسبب هو حياؤنا من زميلاتنا...وكذا كن.. كثيرا ما تعاركن في مدرسة البنات..وشتمن بعضهن مثلنا تماما..!!
أولينا اهتماما كبيرا لتحضير واجباتنا البيتية ،خشية الإحراج أمام بعضنا..كان لوجودهن اثر كبير في اهتمامنا بالدراسة.. كما إن طريقة الاختلاط جعلتنا أكثر ثقة بالنفس حين التحق بعضنا لاحقا بالجامعات وأجوائها المختلطة.

منتصف العام الدراسي ..كان لدينا فصل كامل في مادة " علم الأحياء " عن الجهازين البولي والتناسلي عند الإنسان...بعضنا كان يتلهف شوقا للموضوع ولديه أسئلة كثيرة..ولكن الصعوبة كانت.. "كيف يمكننا طرحها بوجود زميلاتنا..؟!".ومن يدري وربما من المؤكد كان لديهن ..الأسئلة ذاتها وربما غيرها...!
بإجماع ومن غير اتفاق..صرنا نردد مقولة مدرسنا..فيما بيننا :( ..انه علم.. ونحن طلاب كما إن أستاذ فلان ومنذ بداية السنة كان يكرر " لا حياء في العلم "...نعم " لاحياء في العلم ") هكذا رددنا ..أولاد وبنات..وقد هيأنا أنفسنا لهذا..ساعدنا في هذا إن الكتاب المنهجي كان يسمي" الأعضاء التناسلية " بتسميات علمية بحته لاتسبب حرجا نوعا ما حين نستخدمها في الدرس.
وهكذا في اليوم الموعود..دخل مدرسنا..ونحن نتشوق لجملته الأثيرة..! وهذه المرة تلهفنا لسماعها أكثر من السابق، بل أحببناها واحترمناها بصدق..!
قال :" أبنائي وبناتي : كما أخبرتكم سابقا.. لاحياء في العلم "..هززنا رؤوسنا جميعا بحماس علامة الموافقة..وأضاف الأستاذ: " فيما يخص الفصل التالي:فانه ترك انتم غير مطالبين به ولن ترد أي أسئلة في الامتحانات منه"..!!!
هنا خان الأمانة العلمية ..!!
إذ أفرغ جملته التي كررها مئات المرات من محتواها..حين آن أوان وضعها على المحك..!!
تعلمت بعد سنين..أهمية أن يشعر التربوي بالثقة بالنفس ،وهذه الأخيرة لن تتوفر من خلال تمكنه من تخصصه وحسب..بل من شعوره هو كإنسان بالأمان الاجتماعي والاقتصادي والسياسي،من دونها سيظل يخون أمانته العلمية مجبرا أو مختارا ولعشرات المرات يوميا..!..وسيكون نتاجه أجيالا ممسوخة وجاهلة..!!.
أما بالنسبة لي فلم أجد حينها من يُجب على تساؤلاتي بهذا الخصوص..ففي العام التالي كانت مادة علوم الحياة مخصصة لعلم النبات فقط..وكان علي أن انتظر لسنة الإعدادية الأخيرة التي فارقتُ بها صفي المختلط إلى إعدادية أخرى للبنين في مركز المحافظة هذه المرة.. بسبب قلة الكادر التدريسي" أيضا هي الحرب"..وهنا.. وجدت مدرّسا بارعا بل ونادرا في تخصصه "كان أستاذا في الجامعة وعوقب لسبب نجهله وتم تحويله للتدريس في التعليم الثانوي " ..إذ انتخبته مديرية التربية..ليعطي محاضرات في طرق تدريس علوم الحياة..لمدرِّسين آخرين من مدارس أخرى..وهنا درّسنا الجهاز البولي والتناسلي بشكل تحسدنا المدارس الأخرى عليه..من خلال استعانته بوسائل توضيحية..بمنتهى الروعة "ساعده فيها كونه رسام محترف أصبح مشهورا لاحقا كرسام كاريكاتير وصاحب نكته لاتفارق روحه السمحة..!!
ولكن للأسف..كان أنموذج الكتاب المنهجي لمادة علم الحيوان..وفيما يخص الجهاز البولي والتناسلي بالتحديد..ليس الإنسان..بل هو إحدى اللبائن القريبة وكان" الأرنب"..!!
وهكذا ظللت لسنين لاحقة ( اعرف عن جهاز الأرنب البولي والتناسلي أكثر مما عند الإنسان )...!!.



#ضياء_حميو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة كلمات ماركس الثلاث (الدين أفيون الشعوب )
- حكايات من إذاعة الحزب الشيوعي العراقي ( أبو صويحب )
- حمّالات الصدر والمساواة في السويد
- غشاء بكارة - صيني -
- الفيتامينات -والعادة الشهرية - والجنس في المناهج المدرسية
- نداء إلى الكتاب والرفاق اليساريين في المغرب (العربي)
- حكايات جامعية (دبابات في الحرم الجامعي )
- عالم ال ( طُزْ )
- لو كنتُ حارسا في بنك عراقي
- رسالة اعتذار الى الحيوانات
- الضوء الأخضر في إغتيال احمد عبد الحسين
- إمام جامع
- الى الكويت الحبيبة
- قراصنة سويديون
- البلدان الفاشلة
- الخلق
- تجارب دنماركية 31 (الضحك بلا سبب )
- تجارب دنماركية 30 (العراق ،إنموذج في كتاب مدرسي دنماركي )
- الحمير تلحسُ -آيس كريم-
- تجارب دنماركية 29 وزارة المساواة


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - ضياء حميو - (إعدادية مختلطة.. وخيانة علمية )