|
المُسلسل المرير
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2812 - 2009 / 10 / 27 - 12:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل تبلَدتْ حواسنا الى درجةٍ لم نعد نشعرُ فيها بالألم والفجيعة ؟ هل تراكُم المآسي اليومية طيلة سنوات ، جعلَ قلوبنا نحن العراقيين متحجرة قاسية ؟ اقولها بثقةٍ تامة ، ان كل " الآخرين " من دولِ جوار ومختلف بلدان العالم البعيدة والقريبة ، الشامتين بنا والمتعاطفين معنا ، على حدٍ سواء ، لا يشعرون حقيقةً بما نعانيهِ وما نُقاسيه . ففي هذه الدنيا المُعولمة حيث كاميرات الاعلام تتسابق على نقل خبر الانفجار الضخم الذي أودى بحياة المئات من البشر ، وتنقل عشرات المرات خلال نصف ساعة ، مناظر الطوابق الستة من مبنى وزارة العدل التي تأذتْ بصورةٍ كبيرة ، وتُرينا السقوف الثانوية المنهارة وزجاج النوافذ المتكسر هنا وهناك ، وكأنها دعوة مُبكرة الى شركات الإنشاءات والمقاولين للتهيؤ للترميمات وإعادة البناء ! ليس " الأبعدون " هم وحدهم الذين لا يكترثون ب " الانسان " العراقي ، فمعظم السياسيين العراقيين انفسهم ، يستغلون فرصة الحدث المأساوي من اجل " التنديد " وإتهام خصومهم بالتقصير وإظهار انفسهم وكأنهم المُخلصين الوحيدين على هذه الساحة الرّثة الكئيبة ! - " نوري المالكي " سارع الى التأكيد بانه سوف يلاحق الفاعلين ويقبض عليهم لينالوا قصاصهم العادل !... صحيح ، مثلما حاسبتَ مُفجري وزارة الخارجية وحاكمتهم علناً ونالوا جزاءهم ! . الاخوة الاعداء الامريكان يعرفون جيداً مدى التدخلات السافرة في الشأن العراقي مِنْ قِبَل كل دول الجوار ، وانت ياسيادة رئيس الوزراء تعرف ذلك ايضاً ، وسوريا ليست بالتأكيد بريئة وانت مُحقٌ في إتهامها " وهي خطوة متأخرة على كل حال " ، ولكن لماذا لا تنبس ببنت شفة عن دورِ أيران وإضطلاعها بكل اشكال التدخل ؟ تتهم الآخرين بانهم يكيلون بمكيالين وانت نفسك تقوم بذلك ! . ثم الى متى التستر والدفاع عن الاجهزة الامنية وما فيها من فساد ومتواطئين ومندسين ، اليسوا كلهم يأتمرون بأمرك بإعتبارك قائداً عاماً للقوات المسلحة ؟ اؤيدك بأن الايادي القذرة لمخلفات البعث الفاشي ليست بعيدة عن هذه العمليات ، ولكن مَنْ شّجعها ( ضِمناً ) ؟ طبعاً ليست هنالك مقراتٍ علنية لحزب البعث ولا يافطات بإسمهِ صراحةً ، ولكن أليستْ " جبهة الحوار الوطني " و " مجلس الحوار الوطني " و " قائمة الحدباء الوطنية " و " عراقيون " و حركات الضباط وتجمعات العشائر والعديد من الاحزاب الجديدة والجمعيات والمنظمات ، اليست معظمها واجهات لحزب البعث ومرتعاً مريحاً للبعثيين القدامى ؟ اوليس تسابق احزاب الاسلام السياسي المهيمنة ، على التحاور مع هؤلاء وكسب ودهم والوقوف الى جانبهم والتغاضي عن تأريخهم الاسود ، تشجيعاً لهم وتواطئاً معهم ؟ - " طارق الهاشمي " أّكد في تصريحهِ بُعَيد الحادث ، ان الايادي التي قامت بتفجيرات الاربعاء الاسود في وزارة الخارجية قبل اكثر من شهرين هي نفسها التي نفذت عملية وزارة العدل . وكان نائب الرئيس قد ألمح مراراً في عدة مناسبات الى تورط ايران في هذه العمليات ، والى براءة سوريا منها ! . الهاشمي هو اكثرهم ضجيجاً ضد المحاصصة الطائفية في الاعلام ، وأشدهم تمسكاً بها في الواقع المُعاش ! بعلاقاتهِ " المُميزة " مع سوريا وتركيا والسعودية والاردن ، ينفي تدخل هذه الدول في الشأن العراقي . وليس هذا فقط ، ولكنه الأكثر إستخداماً ل " حق الفيتو " في مجلس الرئاسة إنسجاماً مع أجندات دول الجوار هذه ، والأكثر عرقلةً لكثير من القوانين وتنفيذها ! . ان وجود " طارق الهاشمي " في هذا المنصب المهم ، هو دلالة على وجود نفوذٍ بعثي ! - " جلال الطالباني " ، أدان " بشدة " العملية الارهابية . لا ادري ما هو الفرق بين الادانة ب " شِدة " والادانة بغير شدة ؟! وّقِع ياسيادة الرئيس على الاحكام القضائية بإعدام " علي حسن المجيد " ورفاقه المجرمين الاخرين ، لكي تساهم فعلياً بالقضاء على مسببات الارهاب . لا تستخدم كبار البعثيين والضباط السابقين في مواقع مهمة قريبة من مطبخ صنع القرار ، مثل " وفيق السامرائي " والعشرات غيرهِ ، من اجل قطع دابر الارهاب . لا تتغاضى عن هروب الطيارين السجناء الذين قصفوا حلبجة بالاسلحة الكيمياوية من السليمانية ، لكي تثبت لعوائل الضحايا بانك معهم ضد الارهابيين . ماذا يفيدنا تنديدك الشديد ؟! - كل هؤلاء في جانب ، وبيانات الادانة الصادرة من السفير الامريكي وقائد القوات الامريكية في العراق وإتصال " اوباما " الهاتفي مع المالكي والطالباني ، في جانبٍ آخر . فالأمريكان هم آخر مَنْ يهمهم حياة العراقيين وآخر مَنْ يُبالي حتى لو اصبحت جميع ايام العراق سوداء وليس فقط الاربعاء والاحد ! . الامريكان هم الذين هندسوا الوضع العراقي لكي ينحدر الى هذه الدرجة ، انهم يتباحثون مع ايران وسوريا سراً وعلناً من اجل مصالحهم العليا ، ويسوقون السياسيين العراقيين المتنفذين في السلطة كيفما شاءوا ، ثم يرددون يومياً انهم يريدون إستتباب الامن في العراق ! . كيف يستتب الامن والامريكان أشاعوا " الفساد " واضافوه الى الفساد الموجود اصلاً، منذ 2003 وشجعوا الفاسدين ووفروا لهم الحماية وحتى هّربوهم الى خارج العراق ؟ كيف يستتب الامن ولا تحرك امريكا ساكناً من اجل خروج العراق من عقوبات البند السابع ، هل من المعقول انها لاتستطيع ( إقناع) الكويت للتخلي عن تعنتها المُخزي ؟ كيف يستتب الامن وامريكا تجتمع في عواصم دول الجوار بالبعثيين وتقنعهم بالعودة وتُغريهم بالمشاركة في السلطة ؟ كيف يستتب الامن وهنالك آلاف الضباط البعثيين الكبار في تشكيلات وزارتي الدفاع والداخلية الحاليين واكثر من مئتي ضابط مخابرات سابق في المخابرات الحالية ، وكل ذلك بتشجيع ومباركة الامريكان ؟ - ستحصل عوائل بعض القتلى القِلة ( المحظوظين ! ) ، من الذين لهم معارف مسؤولين في السلطة ، على تعويضات جيدة فورية ، والآخرون الاكثرية من عامة الشعب ، سوف تصلهم مكرمات وهدايا بالقَطارة وامام عدسات الاعلام ، وسوف يُنقَل بعض الجرحى من ذوي الواسطة " حتى لو كانت جروحهم بسيطة " الى دول الجوار او اوروبا للعلاج ، والمئات الاخرون من اولاد الخايبة ستستقبلهم مستشفياتنا المحلية بإمكانياتها المتواضعة المحدودة . وسيطل النواب والوزراء بِطَلاتِهِم البهية على الجرحى لنصف دقيقة مستصحبين معهم عشرات كاميرات الفضائيات ، التي ستنقل للعالم إهتمام النائب او الوزير او المسؤول بالجرحى ، خصوصاً وان موسم الانتخابات على الابواب ! هذه بعض أحداث المسلسل الذي نعيشه يومياً والذي تفوح منه رائحة المرارة .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- إئتلاف وحدة العراق -
-
- جبهة التوافق العراقي -
-
ماذا جرى قبل اجتماع المالكي / بايدن ؟
-
إطلالة على المشهد السياسي العراقي
-
برلمانٌ عجيب !
-
مَنْ الأكثر نفوذاً في العراق ؟
-
حَجي مُتلاعب بملايين الدولارات !
-
الشعارات الإنتخابية ..هنا وهناك
-
جهاز كشف الكذب يفضح المسؤولين الكبار !
-
متى يتوقف القصف التركي الايراني لِِقُرانا ؟
-
الحكومة المحلية في الموصل ، معَ مَنْ تقِف ؟
-
الى جماهير الموصل الشريفة : لاتنتخبوا المتطرفين هذه المرة !
-
في الانتخابات القادمة : لا للفاسدين و لا لعودة البعث
-
سيدي الرئيس الطالباني ..رفقاً بنفسك !
-
- فأرٌ - مشبوه على متن طائرة !
-
لماذا التخوف من الإحصاء السكاني ؟
-
جو باين للعراقيين : يصير خير إنشاء الله !
-
إختبارٌ لجدية محاربة الفساد في كردستان
-
- المُعارضة العراقية - في سوريا ، أمس واليوم
-
مأزق الإتحاد الوطني في كركوك
المزيد.....
-
السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج
...
-
الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال
...
-
الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص
...
-
شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق
...
-
قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي
...
-
-وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف
...
-
-لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
-
الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص
...
-
الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح
...
-
وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|