أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - غريب عسقلاني - رواية نجمة النواتي - 4,5,6















المزيد.....

غريب عسقلاني - رواية نجمة النواتي - 4,5,6


غريب عسقلاني

الحوار المتمدن-العدد: 2811 - 2009 / 10 / 26 - 03:49
المحور: الادب والفن
    


غريب عسقلاني - رواية نجمة النواتي - 4,5,6,


- 4 -

لفجر...ثلاث دقات على باب الدار, أطل الرجل, ما زال بثياب النوم, وقعت عينه على البدوية, استعاد حواسه, تكلم قبل أن تنطق:
- بلغي أباك السلام.
تساءلت زوجته:
- ماذا وراء البدوية؟
- لا تقلقي, سأرجع بعد هبوط العتمة, وتصرفي مع أم حسن فلا ضرورة لحضورها غداً:
وبعد آذان العشاء تعلقت بعنق الرجل الذي دخل البيت ملثماً, وبكت على صدره, نز دمعه حتى غسل مفرق شعرها وانحدر على جبهة وجهها, ثم انحدرت قطراته على سنام أنفها, وتأرجحت ملوحة حنونة.. نهنهت واحتمت تحت إبطه, رجعت طفلة:
- يل حبيبي يا أخي.
ومضت به إلى حجرة الأولاد, قبلهم وانسحب بهدوء.. قالت:
- جاءوا إلى الدنيا في غياب خالهم.
وفي الليل كان البدوي يفترش عباءته بالقرب من المصنع يرصد دورية الهجانة على الشاطئ, ويؤلف حكايته أذا لزم الأمر مع شياطين قص الأثر.
وفي المصنع كانوا ثلاثتهم أبو خليل والنواني والرجل, يتهامسون في أمر الأمانة المودعة عند البدوي, وعن رجال سيمرون ويعبرون, وعن الموتور الذي يطير بالشختورة إلى بحر حيفا في أقل من ساعتين.
***
وفي الصباح لم تجد أم حسن ما يشغلها, فذهبت إلى السوق, وفي طريقها عرجت على صفية, الني خرجت متورمة الخدين.. ضحكت:
- حمدان لم يسرح الليلة يا شقية؟
- لم يسرح.
قالتها وهي تتثائب, وسحبتها للداخل, كان شخير الرجل يصل إليهما واضحاً.. داعبتها:
- عودي إليه قبل أن يبرد فراشه.
- شبحني حتى آذان الفجر.
- الله يلعنكم جيل فاسد لا يشبع.. أرجعه أليكِ آخر النهار
وعلى رأس الزقاق كان خميس ينتظر سيارة تقله إلى عمله, كان مهندما ًيتأبط دفاتره وكتبه,حيَّاها فسألته:
- كيف الشغل؟
- الحمد لله
- الشغل ينظف صاحبه, الأساتذة مثل العرسان
وعاينت الحذاء اللامع والقميص الأبيض على صدره الرهيف, هتفت:
- فشروا زوار الصيف.
قفز إلى السيارة ولوح لها, دعت له كثيراً وتذكرت سناء الني لم تعد تظهر على طلمبة المياه, وتفرغت لمناكفة زوجة أخيها التي تشتكي من رعونتها, وانكبابها على دروسها, وتفوقها في الدراسة, ووقوفها أمام المرآة تزجج حاجبيها, فتستثير الزوجة الشقيانة في أعمال البيت, قالت زوجة الأخ:
- شايفه حالها علينا بدروسها, ونسيت تربيتي لها, والله لولا خوفي من زوجي يشكمني ويقتلها , لأخبرته بمشاويرها مع خميس.
انشرح صدر أم حسن, وتذكرت رعشة الثدي على كفها, زجرت الزوجة الثرثارة:
- اسكتي بلا كلام ناقص يجلب الفضائح, ويخرب البيوت, البنت لم تغلط وأنتِ عارفة, زوجك يطلقك يا مستورة.
- كتبه دائما معها, وآخر مرة ذهبت معه إلى السينما..
- شوفي بيتك وزوجكِ, وخميس منا وفينا يا هبله.

- 5 –

يتجمع البحارة حول العيماوي تحت الشادر الكبير المثبت على جدار مركز التموين, والشادر هو شراع الباخرة التركية التي تحطمت على صخورغزة بفعل الإعصار الذي فاجأ المدينة بعد دخول قوات الطوارئ الدولية بقليل.
العيماوي يبني فلوكة صغيرة "شختورة" بالكاد تتسع لرجلين, تختلف عن فلوكات الشاطئ وحسكاته, ويتساءلون عن غرام العيماوي بخشب الكينياء الأحمر الذي يستخدمه في تشكيل ضلوعها, ويعجبون لبوزها المدبب ومؤخرتها المشطوفة, يتباهى العيماوي:
- هذه اللعبة الصغيرة, ستطارد فحول اللوكس على مياه مئة قامة.
ويوم أصبحت الفلوكة جاهزة, تبت الدفة على جذعها المشطوف وأعلن:
- غدا نطيش بإذن الله.
***
وفي الغد, تجمع البحارة ينتظرون الرجل في طرف المخيم. ظهر النواتي بالصديري والشال يتبعه حمدان يحمل الموتور على كتفه.
دفعوا المركب فطاشت على الماء وكان على ظهرها العماوي والنواتي.. جدفا حتى اجتازا مكسر الموج, علق النواتي الموتور في حلقته المعدنية, سحب حبل التشغيل, تنفس الموتور بطيئاً ثم سرعان ما انتظمت دورته, وجه العيماوي الدفة فانطلق غرباً مخلفاً وراءه أخدودا من رغوة الماء. وعلى الشاطئ تابع البحارة حتى أصبحت الفلوكة بقعة سوداء صغيرة عند خط انعدام الرؤية..
انبسط الماء, فأطفأ العيماوي الموتور, ودار بالفلوكة دورات أخذت تضيق حتى استقرت بعد مقتل قوة الاندفاع, وراح العيماوي يوازن الشختورة بالمجداف, قال:- طاوعتك وها نحن في الماء, أخبرني لماذا الشختورة؟
- كم يلزمنا لبحر حيفا؟
- أقل من ساعتين.
غمغم النواتي:
- ولبحر بيروت أربع ساعات.
- بماذا تهذي يا معلم!
- أنتً معلمنا جميعاً يا عيماوي.
وشغل الموتور وعادا باتجاه الشاطئ, كان الظلام قد خيم, والبحارة ينتظرون قلقين وقد أشعلوا النار على الشاطئ في أكثر من مكان, بالإضافة إلى الشنبر الذي علقه حمدان على سارية لنش النواتي الرابض على الشاطئ..
هللوا عندما دفع الموج دقات الموتور, ولمّا اقتربت الشختورة من الشاطئ زود النواتي الموتور بدفق بنزين, فنترت الشختوره جسدها واستقرت على الرمل كمهر حرون, ومالت على جنبها, وحمل حمدان الموتور إلى ورشة العيماوي..
وفي الليل لم يذق حمدان طعم النوم, يقلب في رأسه أمر اللعبة, من سيركبها, ومن سيطارد اللوكس والصلفوح, وماذا ستضيف لصيد اللنش.. وهل هي غواية من غوايات البحر وجنياته..
قبل يومين كان يلعب مع النواتي السيجة, شرد الريس وربح حمدان, خربش الريس مربع اللعبة وقال:
- هل تحب صفية يا حمدان؟
فوجئ.. كيف يرد, وبماذا يرد, وكرر المعلم السؤال:
- هل تحب صفية يا حمدان؟
- أم العيال, والولية مستورة, والعشرة أصل المحبة يا ريس.
- اتعب من أجلها
تشجع وسأل:
- لماذا لا تتزوج يا ريس
ارتعش شاربه الكث على فمه, ومضى لم يرد, ندم حمدان وراح يقلب حكاية عروس البحر.. تململت صفية نامت على ظهرها, وانفلت ثديها من فم الصغير الغافي عليه.. جسد عفي, ينهض على بلاطة صدرها أرنبان متحفزان.. لامس الحلمة البنية المنتصبة, كانت دافئة, مصها وتذوق الحليب, طوقته وعبثت خلف أذنيه, داهمته فحولته حتى همد على لحمها.. وصاح الديك الذي نبه الصغير الغافي.. فرك حمدان عينيه ولم يكن مجهداً..


- 6 -

قالت سناء لأم حسن, وقد ودعتا أم خليل:
- لو أركب الشختورة!!
- يا دلوعة البنات.
وأردفت:
- مبروك يا بنت
- خير يا خالة؟
- أبو خليل حدثني عنكِ وعن خميس.
- يعني؟
- يعني استعدي للصيف بعد التوجيهي
تدللت وأسبلت رموشها:
- من قال؟
أخذتها تحت إبطها في دروب المخيم وعندما افترقتا همست في أذنها:
- كلام أبوة خليل عنك طيب.
- وكيف عرفت بالأمر؟
هل نسيت القصيدة!؟
- الله يسترنا من الشعراء والقصائد.
قرصتها:
- الشعراء يغنون ولا يعرفون النكد, بضاعتهم وتر وقوس وربابة.
- خميس شاعر بدون ربابة!
- كلهم شعراء يا بنت, وصدر الحبيب ربابة, طيرت سناء قلبها, ورفرفت تغذ الخطى وتشتاق لرسالته الأخيرة, كانت قصيدة لها, وندمت كثيراً على الرسائل التي مزقتها تحرزا من عين زوجة أخيها, وتنمرت أمام نفسها.. ماذا لو وقعت عليها.. سأطلب يده..ذعرت من خواطرها, قالت لأم حسن:
- ماذا يحدث لو تقدمت وطلبت يد خميس من أهل المخيم؟
ضربتها العجوز على صدرها:
- تعمليها يا مجنونة!1 يذبحوكِ ويرموكِ على المزبلة.
مر بهما الهليون تفوح منه رائحة كالونيا الشبراويشي, ضحكت سناء:
- عاشق وعايق, صدق المثل, زبال وفي يده وردة
مجنونة حتى الهليون لا يسلم من لسانها, المسكين يكسح مراحيض المخيم نهاراً, وفي الليل يتعطر,ويفرغ جيوبه في حجر أنصاف الجنكية, التي تعده بالزواج من ابنتها دلال ذات السنة الذهبية التي تبرق في فمها كلما طرقعت بلبانتها, أنصاف تعابث أم حسن كلما التقتا في حنة عروس:
- ريحي الهليون يا أنصاف.
- ماله الهليون يا أختي؟ رجلنا وفارد ظله علينا.
قالت أم حسن لو يسمعك الهليون, لا ترقص أنصاف في عرسكِ.
- أنصاف في عرسي معزومة, التي سترقص دلال.
وتنانتشتا سيرة أنصاف جنكية العجمي المعروفة, وعرجتا على علاقتها بالنواتي, وعن دلال التي تعلن للبنات أنها لا تقبل عيدية يوم العيد إلا من الريس النواتي والهليون, وعندما يسألنها عن السر في ذلك, تفرقع لبانتها, وتمد لسانها خارج فمها الشهي:
- النواتي عمي ورجل الحارة.
ويحمر وجهها خجلاً وتهمس بعشق:
- والهليون حبيبي..
قالت سناء وقد اكتشفت مدى قربها من دلال:
- لو يسير العشاق في المخيم جهارا, ماذا يحدث يا خالة؟
- ينهبلوا..







#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية نجمة النواتي - 2 , 3
- غريب عسقلاني - رواية نجمة النواتي – 1 –
- عطش الندى - قصة قصيرة
- بيض اليمامة - قصة قصيرة
- رواية زمن الانتباة - سميرة - الفصل الأخير
- رلواية زمن الانتباة - حسني
- رواية زمن الانتباه - الاستاذ ناجي
- رواية زمن الانتياه - محمود
- رواية زمن الانتباه - ابو يوسف
- سحر التركواز والقراءة الموازية - - قراءة في رواية سحر التركو ...
- في فيافي الغربة - - قراءة في المجموعة القصصية - بيت العانس- ...
- فاتنة الغرة امرأة مشاغبة حتى التعب
- ترنيمة نادل الوقت - نص
- الذهاب إلى بئر الرغبات
- مارثون مفارقات القهر - - قراءة في المجموعة القصصية - إحراج - ...
- على جناح القبرة
- مقهى الذاكرة - نص مشترك
- حكاية الليلة الثانية بعد الألف..- نص مشترك مع هناء القاضي
- تجليات الرغبة في مدار الوردة
- كله تمام يا فندم, وغياب الحقائق


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - غريب عسقلاني - رواية نجمة النواتي - 4,5,6