أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - تاج السر عثمان - علي هامش مؤتمر جوبا: حول الماركسية وقضايا المناطق المهمشة في السودان















المزيد.....



علي هامش مؤتمر جوبا: حول الماركسية وقضايا المناطق المهمشة في السودان


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 2810 - 2009 / 10 / 25 - 21:19
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


اشار التقرير السياسي المجاز في المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني الي مفردات المشروع الوطني الديمقراطي التي تتلخص في (دولة المواطنة المدنية والحقوق المتساوية، التحول الديمقراطي، انهاء التهميش، التنمية المتوازنة، ديمقراطية التعليم، الاصلاح الزراعي، وضع حد لخصخصة العشوائية، الحل الديمقراطي للمسألة القومية والجهوية في السودان..الخ)(ص 81).
كما أشار التقرير الي سياسات الرأسمالية الطفيلية التي قادت الي( تفاقم المسألة القومية والجهوية والهبت نيرانها، فاطلت برأسها كافرازات طبيعية والتوجه الحضاري الأحادي ، ومن ثم تعذر الحياة المشتركة لمكونات شعب السودان الحضارية ، دعاوي الانفصال التي يغذيها اهل الانقاذ من جهة وغلاة القوميين في حركة الاقليات القومية والجهوية المهمشة من جهة اخري. ان هذا الوضع يهدد وحدة السودان ويضعف من قدرات شعب السودان علي مواجهة التحديات الماثلة من قبل حركة العولمة والنظام العالمي الجديد في سعيهما لفرض نهج التبعية وتكريسه وتمزيق وحدة البلاد ، وهذا واقع يتطلب المشاركة النشطة في المنبر العالمي المناهض لسياسات العولمة وتوجهاتها).
كما لخص التقرير رؤية الحزب الشيوعي للخروج من الازمة في الآتي:
- الحل العادل للمسألة القومية والجهوية.
- قومية ثروات اهل السودان (تجزئة الثروات يمس وحدة الوطن).
- ردم الفجوات التنموية القائمة بين الاقاليم، في قطاعات الاقتصاد المختلفة : صناعية وزراعية وثقافية وخدمية، عن طريق المعاملة التفضيلية للاقاليم والمناطق المهمشة عبر آلية الميزانية السنوية العامة وميزانية التنمية، ولابد من الانتباه هنا لما يواجه هذا المبدأ في التنفيذ بعد اتفاقية نيفاشا والشرق والغرب، كما ان وحدة الوطن تتطلب آنيا دعم التنمية القومية في الاقليم الجنوبي واعادة البناء في دارفور وشرق السودان وجنوب النيل الازرق وجبال النوبا).
ما ورد في التقرير أعلاه جيد في عمومياته، ولكن من المهم معالجة المتغيرات التي حدثت في المناطق المهمشة منذ العام 1983م، بعمق اكثر، والاقتراب اكثر من واقع المناطق المهمشة، وتسليط الضوء علي دور نظام الانقاذ في انفجار هذه الحركات نتيجة للتهميش الديني والثقافي واللغوي، ومتابعة وتطوير منهج الحزب في معالجة قضايا ومشاكل القطاع التقليدي، أو المناطق الاقل تخلفا أو المناطق المهمشة، أو تكوينات ماقبل الرأسمالية في السودان، استنادا علي جهدنا السابق، كما ورد في وثيقة: الماركسية وقضايا الثورة السودانية، ووثيقة قضايا مابعد المؤتمر، يونيو 1968، ودورة اللجنة المركزية يونيو 1975، ووثيقة القطاع التقليدي والثورة الوطنية الديمقراطية 1976، ووثيقة الحزب الشيوعي وقضية الجنوب 1977، والوثيقة التي قدمها الحزب الشيوعي للمؤتمر الدستوري الذي لم يعقد بعنوان(ديمقراطية راسخة وتنمية متوازنة وسلم وطيد 1989).
ومن المهم متابعة هذا الموضوع الذي يتعلق بمعالجة الماركسية لتكوينات ماقبل الرأسمالية في السودان ومعالجة المستجدات فيه في اطار برنامج المرحلة الوطنية الديمقراطية.
نتناول في اتجاه توسيع المناقشة في هذا الموضوع الآتي: طبيعة وحدود الحركات في المناطق المهمشة، وملاحظات نقدية علي برامج الحركات في المناطق المهمشة.
أولا: ماهي طبيعة وحدود الحركات في المناطق المهمشة ؟
اصبح ملحا الوضوح النظري والفكري حول طبيعة وحدود الحركات في المناطق المهمشة أو الاقليمية والجهوية، والتي تعتبر من الظواهر الجديدة في الحياة السياسية السودانية والتي اتخذ بعضها طابع النضال المسلح في جنوب البلاد ودارفور والشرق وجبال النوبا وجنوب النيل الازرق.
ونبعت هذه الحركات من الاحساس بالتهميش والغبن وبظلامات قبائلها، نتيجة للتفاوت في التنمية والتهميش الاثني والثقافي واللغوي الذي عمقة الاستعمار، وبعد ذلك الانظمة(المدنية والعسكرية) التي حكمت بعد الاستقلال وسارت في طريق التنمية الرأسمالية التي عمقت التفاوت في الثروة والتفاوت بين اقاليم السودان المختلفة، والاستعلاء الثقافي والعرقي والديني مثل نظام الجبهة القومية الاسلامية بعد انقلاب يونيو 1989.
طرحت هذه الحركات تنمية مناطقها بتوفير خدمات التعليم والصحة وخدمات المياه والكهرباء وتوفير الخدمات البيطرية، وازالة التفاوت التنموي والاضطهاد الثقافي اللغوي والعرقي والديني.وكانت تلك خطوة متقدمة في الصراع السياسي. رحب الحزب الشيوعي السوداني بعد ثورة اكتوبر1964م بهذه الحركات، واشار الي مشروعية مطالبها في وجه دعاوي الاحزاب التقليدية(امة، اتحادي)، بانها حركات عنصرية.
وبعد مؤتمر البجا الذي تأسس عام 1958، برزت بقية الحركات بشكل واضح، كما اشرنا سابقا، بعد ثورة اكتوبر 1964 مثل: جبهة نهضة دارفور، واتحاد ابناء جبال النوبا، واتحاد جنوب وشمال الفونج،..الخ ، هذا فضلا أنه كان قبلها حركات الانيانيا في جنوب السودان تقود كفاحا مسلحا تحت شعارات متفاوتة(الحكم الفدرالي، الانفصال).
ولكن النقلة النوعية في تلك الحركات كانت عندما اندلع التمرد الثاني في الجنوب في يونيو 1983م، بواسطة الحركة الشعبية لتحرير السودان، والتي شكلت الجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة جون قرنق الذي اعلن أن هدف حركته هو تأسيس سودان موحد قائم علي المساواة والعدالة الاجتماعية والاقتصادية ، وعليه، فان هذه الحركة تختلف عن حركة انانيا التي كانت تنادي بانفصال جنوب السودان عن شماله. وكان ذلك نقطة تحول في تطور الحركة القومية والوطنية في جنوب السودان ، وتعبيرا عن تحول نوعي جديد في اقسام من الحركة السياسية الجنوبية، وفي المطالبة بوطن واحد يقوم علي العدالة والمساواة، صحيح أنه قبل جون قرنق ، كان هناك قادة وسياسيون جنوبيون تمسكوا ودافعوا عن وحدة السودان مثل: وليم دينق، وجوزيف قرنق ..الخ. ولكن ما يميز جون قرنق أنه حاول أن يؤصل للوحدة واستنبط مفهومي: الواقع التاريخي أو التنوع التاريخي والتنوع المعاصر والذي يؤكد استمرار وتنوع التاريخ المشترك في السودان مما يشكل الاساس المتين للوحدة(انظر:جون قرنق: رؤيته للسودان الجديد ، تحرير وتقديم الواثق كمير، دار رؤية 2005).وخلص جون قرنق في طرحه: (ان الواجب هو خلق سودان ننتسب له كلنا ، رابطة اجتماعية سياسية ننتمي اليها جميعا وندين لها بالولاء الكامل بغض النظر عن العرق أو الدين أو القبيلة أو الجنس حتي تستطيع المرأة ان تساهم بفعالية).
كما برز في اول بيان للحركة(المانفستو) الصادر بتاريخ:31/7/1983، مصطلح المناطق المهمشة ، والذي اصبح متداولا في السياسة السودانية ، حيث حدد (المانفستو) المناطق المهمشة بانها كل السودان ماعدا وسطه(الخرطوم ومديرية النيل الازرق) حيث توجد العاصمة ومشروع الجزيرة، كما حمّل البيان الاستعمار البريطاني مسئولية تهميش تلك المناطق ، ثم حمّل المسئولية من بعد الاستعمار لما اطلق عليه(انظمة شلل الاقلية) في الوسط من العام 1956م.
وقد ناقشنا في كتاب انجزه كاتب هذه السطور مفهوم التهميش والمناطق المهمشة(انظر: تاج السر عثمان: الجذور التاريخية للتهميش، مكتبة الشريف الاكاديمية 2005م).
وبعد الحركة الشعبية ظهرت حركات اخري مثل : في دارفور:حركة تحرير السودان، حركة العدل والمساواة، اضافة لمؤتمر البجا الذي ترجع جذوره الي عام 1958م، وغيرها من التنظيمات التي تطالب بتنمية مناطقها وتدافع عن هويتها الثقافية مثل تنظيمات ابناء النوبا في الشمال، وتجمعات ابناء شمال وجنوب كردفان ، وجنوب النيل الازرق.
واضح أن هذه الحركات اصبحت تلعب دورا مؤثرا في السياسة السودانية، مثل توقيع اتفاقية نيفاشا، بين الحركة الشعبية في جنوب السودان والمؤتمر الوطني، التي اوقفت حربا امتدت لمدة 22 عاما، وشاركت بموجبها في السلطة التشريعية والتنفيذية، وما زال واجب تنفيذ استحقاقات هذه الاتفاقية قائما الذي يتمثل في تحقيق التحول الديمقراطي والتنمية وتحسين احوال الناس المعيشية والحل الشامل لقضية دارفور وبقية الاقاليم، اضافة للاتفاقات الاخري التي وقعتها بقية الحركات.
ونود هنا مناقشة الاساس الفكري لهذه الحركات وما هو مستقبلها ومدى نجاحها واستمرارها والذي هو رهين بتحقيق التنمية في مناطقها ورفع المستويات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمناطقها.
نبدأ بالاجابة علي الاسئلة الآتية: ماهي العوامل التي ادت الي نشأتها وتطورها؟ وماهي حدود ومهام التنظيم الذي يقوم علي الرابطة الاقليمية؟ وكيف يقاس نجاح هذا التنظيم؟، وما هي سلبياته وايجابياته؟.
معلوم ان من مسار تطور التنظيم في السودان هو الطرق الصوفية التي انتقلت من الشكل القبلي الي الشكل الاوسع الذي يضم افراد من قبائل مختلفة علي اساس الانتماء للطريقة المعينة. اما النقلة الثانية في تطور التنظيم في السودان هو ظهور التنظيم السياسي الحديث الذي بدأ بجمعية اللواء الابيض التي ضمت سودانيين من قبائل زنجية ونوبية وعربية وبجاوية علي اساس سياسي، وتلك كانت نقلة اخرى متقدمة في تطور التنظيم في السودان، اضافة الي ظهور منظمات المجتمع المدني الاخري مثل الاندية الرياضية والثقافية والاجتماعية والجمعيات التعاونية والخيرية، ومؤتمر الخريجين والنقابات والاتحادات(طلاب، شباب، نساء..الخ)، والتي وحدت السودانيين علي اساس اهداف معينة تسعي لتحقيقها هذه التنظيمات، اضافة لظهور المؤسسات الاقتصادية والتعليمية والخدمية التي انشأها المستعمر مثل السكة الحديد، مشروع الجزيرة التعليم الحديث، القوات المسلحة، الخدمة المدنية، والميناء، وتطور المدينة السودانية..الخ، التي وحدت وضمت السودانيين من سحن وقبائل مختلفة، بغض النظر عن العرق او اللون.
كما تمت محاربة المستعمر الذي كان يمارس سياسة فرق تسد علي الاساس القبلي، وسياساته التي كرست التطور غير المتوازن بين اقاليم السودان المختلفة، وسياسة المناطق المقفولة التي عزلت مناطق مثل الجنوب، وشرق السودان ودارفور وجنوب النيل الازرق من المجرى العام للتطور وابقي علي تلك المناطق في تخلفها، وكان ذلك من الجذور التاريخية للتهميش، وبعد الاستقلال لم يحدث تغيير حقيقي ، وسارت البلاد علي طريق التطور الرأسمالي الذي كرس التفاوت في الثروة وبين الاقاليم وفي النوع، وكان ذلك جذرا اساسيا من جذور انفجار حركات المناطق المهمشة الحالية.
علي أن النقلة الكبيرة في انفجار حركات المناطق المهمشة، كانت بعد انقلاب 30/يونيو/1989، او انقلاب الجبهة القومية الاسلامية، الذي حل الاحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، وقفل الطريق امام اى عمل سلمي ، اضافة لسياسات القهر والتشريد وتدمير الخدمة المدنية. وتحولت الحرب من الجنوب لتشمل الشرق ودارفور، بسبب سياسات الانقاذ التي كرست التفاوت القبلي وفي الثروة وعمقت الاستعلاء الديني والاثني والثقافي، واتخذت حرب الجنوب طابعا دينيا، وكان ذلك من الاسباب الاساسية لتعميق الجهوية والانقسام في المجتمع ، وتم التراجع عن المسار الطبيعي للمجتمع السوداني الذي كان سائرا نحو القومية والاندماج منذ فترة السلطنة الزرقاء.
من ايجابيات التنظيمات الاقليمية ان ابناءها يلتفتون الي واقع اقليمهم وينظرون الي واقع تخلفه وينظرون في الاسباب الموضوعية والذاتية التي ادت الي تخلفه، ثم بعد ذلك يقترحون الحل لمشاكله، وهي تنظيمات تسعي الي ترقية مناطقها وتوفر لها خدمات: التعليم، الصحة المياه، الكهرباء، وتفجير الفائض الاقتصادي الكامن فيها لنقلها من حالة البؤس والشقاء الي حالة معيشية واقتصادية واجتماعية ارقي. التنظيم الاقليمي أو الجهوي يضم كل ابناء الاقليم بغض النظر عن انتماءاتهم الفكرية والسياسية بهدف تطوير المنطقة المعينة، والحكم الذاتي الذي يوفر للمواطنين احتياجاتهم الاساسية.
علي أن تطور الاقليم المعين لاننظر اليه بمعزل عن مشاكل السودان ككل، والتي تتطلب الرؤية الشاملة، التي تقدمها التنظيمات السياسية التي تضم السودانيين، غض النظر عن قبائلهم واديانهم. وحتي علي مستوى الاقليم المعين مهم الاخذ في الاعتبار مصالح كل القبائل والمجموعات السكانية التي تقطن هذا الاقليم، لااستعلاء مجموعة قبلية معينة تعيد انتاج الازمة علي مستوى الاقليم المعين.
كما أنه من ايجابيات هذه الحركات اثارتها لقضايا الكادحين والمستضعفين في الارض، ولكن نجاحها يعتمد علي الوضوح الفكري حول اسباب البؤس والفقر وفي قدرتها علي رفع الوعي الطبقي لا تغبيشه، و عدم احلال الصراع الجهوي والاقليمي محل الصراع الطبقي الذي يتجلي في اشكال اقتصادية وسياسية وثقافية. اضافة الي الربط العميق بين ما هو محلي والشأن العام في البلاد ككل، فقضايا الكادحين واحدة غض النظر عن اعراقهم واقاليمهم.
ولكن الجانب السلبي في الحركات الجهوية هو خطورة تحولها الي حركات عنصرية استعلائية تكرس التمايز الاثني والعرقي ، مما يقود لتمزيق وحدة البلاد ويتم اعادة انتاج احداث رواندا.وعندما تتحول الحركات الي هذا الجانب الخطير، فان تغبش الوعي الطبقي للكادحين وتزج بهم في آتون معارك اثنية خاسرة تقودهم في النهاية الي جرائم الحرب كما حدث في دارفور، عندما تم استهداف قبائل محددة علي اساس اثني.
كيف نحدد طبيعة السلطة الحاكمة في المركز؟.
طبيعة السلطة الحاكمة لايتم تحديدها علي اساس اثني، ولكن تتحدد علي اساس المصالح الطبقية التي تعبر عنها، فالمركز الحاكم الحالي وعلي المستوى الطبقي والسلطوى يضم فئات متباينة اثنيا، ولكن توحدها المصالح الطبقية والتي افقرت الكادحين في كل السودان. فالاستغلال الطبقي والرأسمالي لاتتغير طبيعته سواء كان افراد المركز من اثنية شمالية أو جنوبية أو من دارفور.قد تشكل الاثنية عاملا ايديولوجيا لاخفاء المصالح الطبقية وتصوير الصراع وكانه اثنيا، ويتحول الصراع المادي الاقتصادي الي صراع حول الهوية، كمثل نظام الجبهة الاسلامية الذي ادخل الاستعلاء الديني كغطاء للثراء والنهب والاستغلال باسم الدين، حتي اصبح 95% من الشعب السوداني يعيش تحت خط الفقر. وكون فرد معين من هذا المركز من الشمال(شايقي، جعلي، نوبي..)، فهذا لايعني، أن هناك ملايين من الكادحين من ابناء الشمال يطحنهم الفقر والبؤس، وكذلك من الاقاليم الاخري. ومعلوم ان الفئات الرأسمالية التي حكمت السودان بعد الاستقلال سارت علي طريق التنمية الرأسمالي الذي كرس الفقر والاستعلاء العنصري والديني والعرقي، باسم العروبة والاسلام وتعميق التهميش التنموي والثقافي، وبالتالي ، فان الصراع ليس اثنيا أو دينيا ولكنه صراع حول اى الطريق نسلك؟: طريق التطور الرأسمالي الذي يعمق التفاوت الطبقي والاثني والديني والثقافي والتهميش ام طريق الثورة الوطنية الديمقراطية الذي يفضي الي ازالة التفاوت الطبقي والتهميش الديني والثقافي، ويرسخ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية؟.
علي أن المعيار الحقيقي لنجاح الحركات الاقليمية هو نجاحها في تنمية وخدمة وتطوير مناطقها، وفي حل مشاكل السودان ككل، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
علي انه من الممكن أن يتم اعادة انتاج الازمة عندما تصل مجموعة من قادة الحركات الاقليمية أو الجهوية نتيجة لاتفاقات مع المركز الحاكم، وتنسي هذه المجموعة الشعارات التي رفعتها لتطور اقليمها والسودان وتنغمس في فساد ومنافع طبقية، ويظل الاقليم علي حاله من تخلف ، وبالتالي تصبح هذه الحركات اداة للصعود الطبقي والانضمام للمركز الحاكم والذي يقوم علي المصالح الطبقية وليس الاثنية(لايعرف القشة المرة).ويتم اعادة انتاج الازمة من جديد ويندلع الصراع المسلح بشكل اعنف من السابق.
وخلاصة مانود ان نقوله، ان من ايجابيات هذه الحركات الاقليمية انها طرحت قضايا التنمية في مناطقها والحكم الذاتي والتقسيم العادل للثروة والسلطة وازالة التهميش الثقافي واللغوي ودولة المواطنة التي تعبر عن الجميع غض النظر عن الدين والعرق وتحقيق التنمية المتوازنة في كل البلاد ، واحترام حقوق الانسان وحكم القانون ، ومحاربة الفقر ، وسياسة خارجية متوازنة، واحترام الجوار وانهاء التمييز العنصري، وحق الجميع في الوظائف العليا في الدولة غض النظر عن الدين والعرق..الخ، وان هذه الحركات اضافت زخما جديدا للحركة السياسية السودانية، ولعبت دورا كبيرا في طرح قضايا البلاد محليا وعالميا.
ولكن التحديات التي تواجه هذه الحركات هو النجاح في تحقيق التنمية في اقاليمها، وربط حل مشاكل اقاليمها بقضية البلاد ككل. ولاتصبح الشعارات التي ترفعها اداة لصعود بعض قادتها الي المركز الطبقي الحاكم ، وبالتالي يتم اعادة انتاج الازمة والصراع من جديد.

ثانيا: ملاحظات نقدية علي برامج الحركات في المناطق المهمشة
عرّفنا سابقا الحركات الاقليمية والجهوية التي برزت في السودان ، بأنها تلك التي عبرت عن ظلامات مناطقها وطالبت بالتنمية في تلك المناطق وطرحت ضرورة ازالة كل اشكال التهميش التنموي والثقافي واللغوي وكل اشكال التمييز العنصري، واشرنا الي ان هذه الحركات اضافت زخما جديدا وحيوية للحركة السياسية، وهي ظاهرة صحية وتعبر عن مطالب ديمقراطية مشروعة، ولكن نجاح هذه الحركات يكمن في احداث التنمية في مناطقها، وان يحس الناس، ولو في لمحة، انها اسهمت في توفير الخدمات الاساسية في مناطقها مثل:التعليم، الصحة، خدمات المياه والكهرباء، الطرق والبنيات التحتية..الخ، اضافة الي الحفاظ علي وحدة البلاد من خلال تنوعها.
وتفشل هذه الحركات ويذهب ريحها عندما تكون اداة للصعود الطبقي لبعض قادتها والانضمام للمركز الطبقي الحاكم، الذي لاتهمه الاثنية أو العرق، بل المصالح الطبقية، وتحقيق اقصي قدر من الثراء علي حساب الكادحين، فالصراع الدائر في السودان ليس اثنيا او عرقيا، ولكن الصراع الاثني ربما يعبر عن نفسه في شكل صراع طبقي حول اي الطريقين تسلك البلاد؟ :طريق التطور الرأسمالي الذي جربته البلاد لاكثر من خمسين عاما بعد الاستقلال، ولم نجني منه غير التفاوت الصارخ في توزيع الثروة، والتنمية غير المتوازنة والاستعلاء الديني والعنصري ومصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية، والتهميش التنموي والثقافي واللغوي، ام طريق التنمية في الطريق الوطني الديمقراطي الذي يكرس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ويحقق التنمية المتوازنة ويزيل التهميش التنموي والثقافي واللغوي؟.
كما اشرنا سابقا، أن طريق التنمية الرأسمالية بطبيعته يفرز التهميش بمختلف اشكاله الاقتصاية والثقافية والتفاوت بين المرأة والرجل وفي توزيع الثروة وتعميق النظرات العنصرية والشوفينية لتغبيش الوعي الطبقي للعاملين والكادحين حتي لايستطيعون ان يحددوا اين مصدر الظلم والوعي به، وبالتالي العمل علي ازالته، وان الايديولوجية التي تقوم علي الاستعلاء العرقي والديني واللغوي تشكل الغطاء للنهب والاستغلال وسجن الجماهير في حدود مصالح وتطلعات ورؤى المركز الطبقي الحاكم، وان الايديولوجية التي تقوم علي العنصرية والاستعلاء العرقي تغرق الكادحين في حروب اثنية لن يجني منها الكادحون غير ان يكونوا وقود لتلك الحروب الدينية والعنصرية كما فعل هتلر وموسوليني في الحرب العالمية الثانية، وكما فعل نظام الجبهة القومية الاسلامية بعد انقلاب 30/يونيو/1989 ، بتحويل حرب الجنوب الي حرب دينية وعمّق الاستعلاء والتهميش التنموي والثقافي واللغوي، حتي نهضت الحركات المسلحة في دارفور وشرق السودان وغير المسلحة في الشمال تطالب بحقوقها ومطالبها المشروعة في ازالة التهميش التنموي والثقافي واللغوي. كانت تلك الايديولوجية الاستعلائية هي الغطاء للنهب والثراء باسم الدين وتعميق الفوارق الطبقية في البلاد حتي وصلت نسبة الفقر 95% ، واتخذت الدولة سياسات معادية للكادحين بسحب دعم الدولة للتعليم والخدمات الصحية والخصخصة التي شردت مئات الالاف من الكادحين واسرهم وزادتهم رهقا علي رهق، حتي اتسع مفهوم التهميش نفسه والذي اصبح يشمل الكادحين من المناطق المهمشة والكادحين في المدن الذين لاتغطي اجورهم تكاليف الحياة، اضافة للتهميش الثقافي والاثني واللغوي والجنسي والديني.
استنادا علي هذه الخلفية النظرية، ننظر في برامج بعض الحركات الاقليمية، ونقدم بعض الملاحظات الناقدة عليها.
1: الحركة الشعبية لتحرير السودان(جنوب السودان).
حدثت تطورات ومتغيرات في اهداف وشعارات الحركة الشعبية لتحرير السودان، فبيان الحركة(المانفيستو) الصادر عام 1983 ، أشار الي ضرورة (النضال من اجل سودان موحد اشتراكي يبدأ النضال له من جنوب السودان)، والجدير بالذكر أن الحزب الشيوعي السوداني، كان قد انتقد في ذلك العام ذلك الشعار: باعتبار أن الهدف المباشر في ذلك الوقت هو ازالة حكم الفرد(النميري)، واستعادة الديمقراطية التي تمهد الطريق للنظام الوطني الديمقراطي الذي يفضي الي الاشتراكية ، اى أن الاشتراكية ليست هدفا مباشرا، اضافة الي ابتذال شعار الاشتراكية نفسه بعد انقلاب 25/مايو/1969 ، والجرائم والنهب والفساد ومصادرة الحقوق الديمقراطية باسم الاشتراكية، اضافة لملاحظات الحزب الشيوعي الناقدة التي طرحها حول نظام منقستو في اثيوبيا الذي كان يشكل الركيزة للحركة الشعبية في كفاحها المسلح ضد نظام النميري، وكان من رأى الحزب الشيوعي السوداني أنه لابد من اشاعة الديمقراطية كمنهج في الحكم والحل الديمقراطي السلمي للمسألة القومية في اثيوبيا، واعطاء تقرير المصير للشعب الاريتري. وقبل ذلك كان الحزب الشيوعي السوداني قد طرح في دورة اللجنة المركزية في اغسطس 1977م، ضرورة الديمقراطية والتعددية السياسية للوصول للنظام الوطني الديمقراطي ونبذ اسلوب الانقلابات العسكرية والحزب الواحد.
ويبدو ان الحركة الشعبية، ربما لم تكن جادة في شعار الاشتراكية نفسه، بل رفعته بهدف التأقلم مع الاوضاع التي كانت سائدة يومئذ، حيث أن شعارات الاشتراكية كانت قريبة من افئدة ملايين الكادحين في افريقيا، أو اقتنعت بالطريق الديمقراطي كاداة للعدالة الاجتماعية، اضافة للمتغيرات العالمية التي حدثت بعد سقوط نظام منقستو والمعسكر الاشتراكي في الاتحاد السوفيتي وبلدان شرق اوربا، كل ذلك اسهم في تخلي الحركة الشعبية عن شعار سودان موحد اشتراكي، اذ نلاحظ أن المؤتمر الاول للحركة الشعبية والذي انعقد في 1994م، طرح التخلي عن شعار سودان اشتراكي موحد ، ورفع شعار السودان الجديد( علي وزن الصين الجديدة، بعد انتصار الثورة الصينية) ، كما طرح المؤتمر شعار حق تقرير المصير لجنوب السودان والمناطق المهمشة.هذا اضافة للصراع الذي دار في الحركة الشعبية بعد انقلاب الناصر عام 1993، واتجاهات بعض قادتها للانكفاء علي جنوب السودان والاكتفاء بشعار الانفصال.
هذا وقد شخّصت الحركة الشعبية امراض السودان القديم في : عجز انظمة الحكم المتعاقبة في الخرطوم عن تطوير اطار قومي للحكم قابل للتطبيق، وانتهاج عملية ديمقراطية سليمة للبناء الوطني مؤسسة علي الاشكال المتعددة للتنوع ، وانجاز تنمية غير متكافئة، والفشل في صياغة برنامج للتنمية. كما أشارت الحركة الشعبية الي أن سودان الجبهة الاسلامية والقديم يقومان علي الشوفينية والعرقية.
كما جاء في بيان(مانفستو) الحركة الشعبية، مايو 2008م: ان السودان القديم ( انتهج سياسة خارجية غير متزنة تخضع لتوجهات ايديولوجية للمجموعات الحاكمة والنشطة سياسيا (القوميون العرب، الشيوعيون، واخيرا الاسلاميون)، مما يوحي وكأن السودان قد اضحي علي وجه الحصر دولة عربية أو اسلامية، او في احسن الفروض ذات توجهات منحازة، وعليه اصبحت المصالح للسودان مرهونة لاجندة خارجية عريضة بدون اعتبار لمستحقات المصلحة الوطنية).
ويبدو أن الشيوعيين قد تم حشرهم حشرا اعلاه، وبطريقة خاطئة، فالشيوعيون حتي في ايام انقلاب مايو 1969 الاولي: رفضوا السلم التعلميي الذي تم نقله بالمسطرة من التجربة المصرية، وطالبوا بأن تراعي المناهج خصائص السودان الثقافية الزنجية والعربية، ورفضوا النقل الاعمي لتجارب الآخرين، وطالبوا ببعث ثقافات المجموعات القبلية الاقل تخلفا، والاهتمام بلغاتها المحلية والتوسل بها في التعليم(راجع: عبد الخالق محجوب: حول البرنامج، دار عزة،2002)، كما رفض الحزب الشيوعي ميثاق طرابلس 1970، والوحدة الفورية بين مصر والسودان وليبيا، ومراعاة خصائص شعب السودان الافريقية والعربية، وأن تكون الوحدة طوعية وليست قسرية، وأن الشرط لنجاح الوحدة هو اشاعة الديمقراطية في هذه البلدان حتي تقوم علي الطوعية وحرية الارادة لهذه الشعوب(راجع بيان المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني، نوفمبر 1970 ، حول ميثاق طرابلس). وبالتالي، ان الحزب الشيوعي ، كان من اكثر الاحزاب حرصا علي السيادة الوطنية ومراعاة خصائص ظروف وواقع السودان في تطبيق الاشتراكية علي واقع بلادنا، وعدم رهن بلادنا للاجنبي وعدم الخضوع لضغوطه واملاءاته. هذا فضلا عن أن الحزب الشيوعي السوداني، كان اول حزب سوداني طرح قضية الحكم الذاتي الاقليمي لمشكلة الجنوب والاعتراف بالفوارق الثقافية بين الشمال والجنوب، والمطالبة بالاجر المتساوي للعمل المتساوى بين العامل الشمالي والجنوبي، وحق القبائل الجنوبية في استخدام لغاتها المحلية في التعليم، وغير ذلك مما جاء في اتفاقية نيفاشا، كما طرح ضرورة التنمية المتوازنة بين الشمال والجنوب، وعدم فرض الثقافة العربية والدين الاسلامي علي الجنوبيين بالقسر، وعندما قامت احداث التمرد 1955م، وارتفعت الاصوات الشوفينية المطالبة بالانتقام من الجنوبيين، رفع الحزب الشيوعي شعار اعلاء صوت العقل، ووقف الاعمال الانتقامية المنفلتة ومعالجة جذور المشكلة والتي عمقها الاستعمار وجعلها قنبلة موقوتة لتنفجر بعد خروجه من البلاد، تلك كلها مواقف تاريخية مشهودة للحزب الشيوعي، وبالتالي، فان هجوم الحركة الشعبية علي الحزب الشيوعي وتشويه التاريخ لايفيد شيئا، ولاأساس موضوعي له.
كما أشار بيان الحركة الشعبية، مايو 2008م الي أن رؤية السودان الجديد والتي تقوم علي: الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، المساواة والتوزيع العادل للسلطة وفرص التنمية، حكم القانون واحترام حقوق الانسان، وذلك هو الخيار الافضل لصيانة وحدة السودان وسيادة اراضيه ، والا التمزق.
وهي كلها شعارات عزيزة علينا، ولكن تجربة الثلاث سنوات من شراكة الحركة الشعبية مع المؤتمر ، اكدت سير البلاد في انتهاكات حقوق الانسان وضرب عرض الحائط بوثيقة الحقوق في دستور السودان الانتقالي للعام 2005م، من خلال الرقابة علي الصحف ، ولم يحصر جهاز الامن نفسه في جمع المعلومات كما اشار الدستور ، اضافة الي قمع المواكب والمسيرات السلمية واطلاق النار عليها كما حدث في بورتسودان وكجبار، اضافة الي عدم انجاز شئ في التحول الديمقراطي والغاء القوانين المقيدة للحريات والتي تتعارض مع الدستور، اضافة الي تدهور احوال الناس المعيشية وارتفاع ضروريات الحياة حتي اصبحت الحياة لاتطاق، وحتي في الجنوب نفسه لم يتم شئ يذكر في التنمية(التعليم ، الصحة، الخدمات(مياه، كهرباء..الخ)، اضافة الي ضعف البنيات الاساسية. قامت اتفاقية نيفاشا علي ركيزتين هما: التحول الديمقراطي وتحسين احوال الناس المعيشية والتنمية، وفي الاثنين لم يتم شئ يذكر حتي الآن مما يهدد بنسف الاتفاقية، اضافة لمعضلة ابيي، ومشاكل ترسيم الحدود، رغم الدور الكبير الذي لعبته الاتفاقية في وقف الحرب التي استمرت لمدة 22 عاما ورحب بها شعب السودان، ولكن ضمان استمرار ذلك هو تنفيذ الاتفاقية، وتحقيق التحول الديمقراطي والتنمية ، حتي لاتعود البلاد مرة اخري لمربع الحرب.
كما خلص (مانفستو) الحركة الشعبية: الي أن التهميش بكل اشكاله والظلم والتفرقة والتبعية يشكل جذور المشكلة، وان المشكلة ليست مشكلة الجنوب ، ولكنها مشكلة بقية السودان(دارفور، الشرق، ....الخ).
كما أشار المانفستو الي رؤية الحركة الشعبية لتحرير السودان والتي تستند علي: واقع التنوع التاريخي والمعاصر، ومفهوم تحقيق السودان الجديد والذي هو الطريق الوحيد لتطوير رؤية سودانية، وكيان سوداني قابل للحياة، اضافة الي أن الوحدة الطوعية في السودان الجديد مرهونة بخلق رابطة سياسية واقتصادية ينتسب لها كل السودانيين مواطنين في الحقوق والواجبات.
كما أشار المانفستو الي أن هناك خيارات: اما أن تنقسم البلاد الي عدة دول مستقلة ام نتفق علي اقامة السودان ككيان اجتماعي سياسي جديد ننتمي اليه جميعا وندين له بالولاء الكامل بغض النظر عن العرق أو الدين أو القبيلة أو الجنس.
وهذا طرح متقدم، ويحتاج لصراع ثقافي وفكري طويل حتي نصله، لأن ذلك يتعلق بالبنية الفوقية للمجتمع والموروثة من علاقات الانتاج العبودية والاقطاعية التي كانت سائدة في سودان القرون الوسطي وحتي بداية القرن العشرين، فالبنية الفوقية تظل موجودة رغم زوال اساسها المادي، ونحتاج لشن صراع فكري وثقافي لاهوادة فيه ضد العقلية الاستعلائية والعنصرية والتي تكرس دونية الثقافات والاجناس واللغات الافريقية والجنسية، والاستعلاء الكاذب بافضلية الثقافة العربية الاسلامية.
كما نتفق مع الشعار الذي طرحه (المانفستو) وهو بناء سودان موحد ديمقراطي علماني يقوم علي فصل الدين عن الدولة.
ولكن المانفستو يثير مشكلة فكرية عندما يحدد طبيعة الازمة الوطنية في السودانية، عندما يحددها بأنها (أزمة هوّية اساسها عجز السودانيين عن التصالح مع واقعهم الثقافي والاثني والذي يجعل منهم أمة).
وفي نظري أن ازمة الهوية منتوج تاريخي لطريق تنمية اقتصادي- اجتماعي- ثقافي سارت عليه البلاد منذ احتلال الانجليز للسودان عام 1898م، والذي كرّس التطور غير المتوازن، وكرس الفوارق الطبقية والاستعلاء الثقافي الذي شكل قناعا ايديولوجيا زائفا لنهب واستغلال كادحي المناطق المهمشة، وتحقيق اكبر قدر من الثراء بابقاء هذه القوميات الاقل تخلفا في اسر التخلف وعدم السير في طريق التطور الوطني الديمقراطي الذي يفجر الفائض الاقتصادي الكامن في الريف السوداني بتحقيق الاصلاح الزراعي الديمقراطي وتحرير جماهير الريف من الفقر والامية والتخلف، ونشر التعليم والخدمات الصحية وتوفير خدمات المياه والكهرباء وتوفير العناية البيطرية للثروة الحيوانية، وانجاز تحولات ثقافية تقوم علي تراثنا الزنجي والعربي، والاعتراف بالفوارق الثقافية وبعث لغات القبائل الافريقية والتوسل بها في التعليم، فالازمة كانت ولازالت ازمة طريق تطور رأسمالي سارت عليه الطبقات والفئات التي حكمت بعد الاستقلال(مدنية وعسكرية)، وكان من نتاجه عدم الاعتراف بالفوارق الثقافية والاثنية وعدم التصالح معها.
ان طرح الازمة، بانها أزمة هوّية فقط تغبش الوعي الطبقي للكادحين في الجنوب بعدم تحديد اسباب الازمة الحقيقية وهي تطلع اقسام من البورجوازية(في الشمال والجنوب) للثراء علي حساب الكادحين، وعدم تحقيق التنمية الاقتصادية التي يتم فيها توزيع الفائض الاقتصادي بعدالة والتي يتم فيها اشباع حاجات الجماهير الاساسية في معيشة تليق بالحياة، وتعليم وصحة ، وخدمات(مياه، كهرباء، عناية بيطرية..)، توفير البنيات الاساسية من طرق وكبارى ..الخ، واشاعة روح الانسانية واعلاء قيمة الانسان بغض النظر عن دينه وجنسه.
كما أن خطورة طرح الازمة بأنها ازمة هوّية فقط تؤدي الي الحرب العنصرية والاثنية، وتعمق الاتجاهات العرقية والانفصالية في الشمال، والتي ايضا لها مصلحة في تغبيش الوعي الطبقي للكادحين.
عموما الحركة الشعبية لتحرير السودان في الجنوب لعبت دورا كبيرا في الحياة السياسية السودانية، واسهمت في اسقاط نظام الطاغية نميري، كما لعبت دورا كبيرا في مقاومة نظام الانقاذ في اوائل التسعينيات من القرن الماضي، وساهمت مع قوي المعارضة الشمالية في كشفه وفضحه وساهمت الحركة في التجمع الوطني الديمقراطي بعد انقلاب الانقاذ، واسهمت في توقيع ميثاق اسمرا في يونيو 1995، والذي اكد علي حق تقرير المصير كحق ديمقراطي انساني، وفصل الدين عن السياسة، وكان ذلك انجازا كبيرا في الحياة السياسية السودانية، كما وقعت الحركة الشعبية علي اتفاقية نيفاشا مع نظام الانقاذ في يناير 2005م، والتي اوقفت حربا ضروسا استمرت 22 عاما وقضت علي الاخضر واليابس في الجنوب اضافة الي ضحاياها من الذين فقدوا ارواحهم والنازحين. وما زال الطريق شاقا لانجاز التحول الديمقراطي والذي لن يأتي منحة من احد كما اكدت تجارب الشعب السوداني في معارك الاستقلال 1956، واكتوبر 1964، ومارس- ابريل 1985م، بل يتم انتزاعه انتزاعا، باعتبار هو الشرط لتحسين احوال الناس المعيشية والتنمية وازالة كل اشكال التمييز الطبقي والاثني والديني والجنسي والثقافي.
اضافة الي أن الحركة الشعبية طرحت وعيا ديمقراطيا وانسانيا جديدا في السودان، وستبقي افكار الشهيد جون قرنق تنير الطريق من اجل سودان موحد ديمقراطي يقوم علي الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وأن للوحدة الطوعية اساسها المتين والذي يقوم علي التنوع التاريخي والمعاصر.
واخيرا نؤكد أن هذه الملاحظات الناقدة علي برنامج الحركة هي بهدف الحوار المثمر والذي لاغني عنه للتطور الوطني الديمقراطي في السودان.

2- : حركات دارفور:
أ- حركة العدل والمساواة
اشار بيان القيادة الثورية لحركة العدل والمساواة الصادر في نوفمبر 2001م الي أ ن السودان(يتكون سياسيا وثقافيا وتاريخيا من سبعة أقاليم معلومة وهي: الاقليم الاوسط، الاقليم الجنوبي، منطقة الخرطوم، اقليم دارفور، الاقليم الشرقي، الاقليم الشمالي، اقليم كردفان حسب الترتيب الابجدي. بالرغم من ذلك ظل السودان تحكمه وتسيطر عليه فئة قليلة من مثقفي اقليم واحد من جملة هذه الاقاليم وهو الاقليم الشمالي الذي عاني ايضا من تسلط هذه العصابة واهمالها وعقوقها له، والامثلة علي ذلك كثيرة. لقد استغلت هذه المجموعة ميزة الوعي النسبي التي كانت في صالحها عند استقلال البلاد ، فاستمرت متسلطة علي مقاليد الامور منذ ذلك الحين وظلت تحتكرها وتتوارثها جيلا بعد جيل الي يومنا هذا).
يواصل البيان ويقول( لقد مر علي حكم السودان اثنا عشر رئيسا للدولة منذ استقلاله في عام 1956م، جميعهم من الاقليم الشمالي الذي لايزيد عدد سكانه عن 5% من سكان السودان. جاءت حكومات هؤلاء الرؤساء علي نمط الحكومة الحالية التي تحتل فيها ابناء الاقليم الشمالي منصب رئيس الجمهورية ونائبه الاول والامين العام للحزب الحاكم ومناصب مستشاري رئاسة الجمهورية ومناصب جميع الوزارات السيادية : الخارجية، الداخلية، المالية، البترول ، الدفاع، العدل ، اضافة الي وزارات اخري متعددة بصورة لم يشهدها السودان من قبل ، كما انهم ينفردون بحكومة العاصمة القومية، وكذلك ، فانهم يسيطرون سيطرة كاملة علي قطاع المال من بنوك وشركات وطنية وهيئات ومؤسسات مختلفة بتدبير سري دقيق ادي الي حرمان ابناء الاقاليم الاخري من حقهم في هذا القطاع).
ويرى البيان أن هذه الاقلية (مارست تمييزا عنصريا في حكمها للبلاد بطريقة ماكرة ساعدت علي بقائها في السلطة لفترة طريلة واحتكارها للحكم والثروة في البلاد).
فالبيان، اذن يحدد القضية أو الازمة بانها ازمة عنصرية تتجلي في هيمنة الاقلية المتسلطة من ابناء الشمال واحتكارها للحكم والثروة. ولكن تبرز هناك عدة اسئلة منها: اذا افترضنا أن التركيبة الاثنية الحاكمة تغيرت سواء جاءت من ابناء دارفور أو الجنوب أو الشرق..الخ، أو بالتساوي من كل الاثنيات ، واستمر ت السياسات نفسها والتي قادتها الاقلية المتسلطة من ابناء الشمال والتي افقرت الشعب السوداني حتي اصبح 95% منه يعيش تحت خط الفقر، هل تكون الازمة قد تم حلها؟.
اذن ازمة البلاد ليست عنصرية ، وان كانت العنصرية تشكل احد الاقنعة الايديولوجية التي تغبش بها الطبقات الحاكمة وعي الجماهير الكادحة غض النظر عن اثنياتها ، والتي يهمها ويوحدها ازالة الفقر وتوفير احتياجاتها الاساسية والتنمية المتوازنة بين جميع اقاليم السودان. صحيح ان طريق التنمية غير المتوازن الذي سارت عليه البلاد وكّرس التنمية والتعليم في وسط وشمال السودان هو الذي ادي لهذا الواقع، ولكن هذه الفئة الحاكمة كما اشار البيان تنكرت حتي لجماهيرها في الشمالية، واصبحت الشمالية نفسها تعاني من الفقر والتهميش، والامراض مثل: السرطانات والملاريا، والهدام، ومشاكل السدود، والزحف الصحراوى، وهجرة شبابها وتوقف خدمات التعليم والصحة..الخ.
التمييز العنصري والديني والثقافي واللغوي هو ايديولوجية زائفة للطبقات الرأسمالية التي تهدف الي تزييف الصراع الدائر في البلاد والذي يتمثل في اى طريق التطور نسير؟: هل نواصل السير في طريق التنمية الرأسمالية الذي يعيد انتاج عدم المساواة والتوزيع غير العادل للثروة والسلطة، والقهر الاثني والعنصري والثقافي واللغوي، ام طريق الثورة الوطنية الديمقراطية التي تفضي الي تحرير الانسان السوداني من القهر الطبقي والقومي والاثني والثقافي؟.
وطرح بيان حركة العدل والمساواة اهداف عامة تتلخص في: انهاء التمييز العنصري في منهج الحكم في السودان، ورفع الظلم الاجتماعي والاقتصادي والاستبداد السياسي عن كاهل الجماهير رجالا ونساءا واشاعة الحرية والعدل والمساواة بين الناس كافة، وقف جميع الحروب وبسط الامن للمواطنين وتأمين وحدة البلاد، التنمية المتوازنة ومحاربة الفقر، النظام الفدرالي الذي يستجيب لخصائص اهل السودان، اصلاح دستوري جذري يضمن حقوق الانسان الاساسية التي اقرتها الاديان والقوانين والمجتمع الدولي وحق جميع الاقاليم في حكم البلاد، اضافة لانتهاج سياسة خارجية قائمة علي الاعتدال واحترام حقوق الانسان ومراعاة حسن الجوار والانفتاح السياسي مع كافة دول العالم وعدم التدخل في الشئون الداخلية لدول الأخري.
كما أشار البيان الي ضرورة تحقيق الاصلاحات الدستورية: باعتماد النظام الفدرالي، تاكيد سيادة حكم القانون والتوزيع العادل للمناصب بين الاقاليم المختلفة، اعتماد المواطنة اساسا للحقوق والواجبات دون تمييز علي اساس الدين أوالجنس أو العرق أو اللون أو الجهة وحماية حقوق الانسان، اضافة الي سياسات عادلة في الاستيعاب في الجيش والامن، واختيار رئيس الجمهورية وولاة الولايات بالانتخاب الحر المباشر ..الخ.
عموما برنامج حركة العدل والمساواة اكد علي وحدة السودان والتوزيع العادل للثروة والسلطة بين الاقاليم المختلفة، وهي شعارات عامة تعبر عن ظلامات حقيقية عمقها نظام الانقاذ، وان الحركة رغم انها تنطلق من دارفور الا انها تطرح قضايا تهم كل السودان، وتربط حل قضية دارفور بحل مشاكل البلاد كلها، رغم الملاحظات الناقدة التي قدمناها لرؤية الحركة بتصوير الازمة في البلاد باعتبارها ازمة عنصرية، في حين ان العنصرية منتوج لازمة التطور الرأسمالي الذي سارت عليه البلاد وامتداد للبنية الفوقية التي ورثتها البلاد من انظمة الرق والاقطاع المذلة للانسان السابقة.


ب- حركة تحرير السودان وجيش تحرير السودان(: (SLM/SLA
أكد البيان الصادر من حركة تحرير السودان، بتاريخ 13/مارس/2003م،(باللغة الانجليزية) بتوقيع منى اركوى مناوى السكرتير العام للحركة، قبل انشقاقها، علي الجذور التاريخية لاقليم دارفور والذي كان موحدا منذ عهد سلطنة دارفور ، وحتي ضم الانجليز لدارفور للسودان في العقد الثاني من القرن الماضي، وان الاقليم شهد التعايش السلمي بين شعوبه وقبائله الزراعية والرعوية.
وبعد الاستقلال لم يحدث تغيير تحت ظل الحكومات المدنية والعسكرية، وظل الاقليم يعاني التخلف والتهميش ، ومصدرا للايدي العاملة الرخيصة في المشاريع الزراعية والصناعية في وسط السودان، وشكل ابنائه وقودا كجنود في الحروب التي خاضتها الحكومات في الخرطوم: في الجنوب، الشرق ، جنوب النيل الازرق،جبال النوبا..الخ، واستغلال الاحزاب التقليدية لاصوات الناخبين في دارفور للوصول للسلطة واهمال الاقليم بعد ذلك، كما استنزفت الفئات الرأسمالية خيرات الاقليم الزراعية وفي الثروة الحيوانية دون الاهتمام بتنمية الاقليم، اضافة للتهميش الاثني وابعاد ابناء دارفور عن مراكز السلطة في المركز، وسيطرة (اولاد البحر) علي اغلب المناصب في الدولة واجهزة الحكم.
وحددت الحركة اهدافها في : ازالة التفرقة والابادة العرقية في دارفور ، وبالرغم من ان الحركة انطلقت من دارفور الا انها حركة لكل السودانيين وهدفها: قيام سودان ديمقراطي موحد يقوم علي اسس جديدة من العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة بين اقاليمه المختلفة، والاعتراف بالتعددية السياسية والثقافية ، ومن اجل الرفاهية لكل السودانيين.
كما شدد البيان علي ضرورة وحدة السودان ، ولكن هذه الوحدة يجب أن تقوم علي العدالة والمساواة بين كل السودانيين، والاعتراف بالتعددية السياسية والثقافية والاثنية، وان تقوم الوحدة من خلال التنوع، علي اساس حرية الارادة والطوعية وحق تقرير المصير كحق ديمقراطي انساني، لشعوب وقوميات السودان، وقيام نظام سياسي – اقتصادي يزيل التنمية غير المتوازنة والتهميش الذي عانت منه البلاد منذ الاستغلال، وأن الحركة سوف تضع يدها مع كل القوي السياسية من هذه الاهداف.
كما اكد بيان الحركة علي احترام حقوق الانسان والديمقراطية التعددية والقضاء علي كل اشكال التهميش السياسي والاقتصادي والثقافي.
كما اشار بيان الحركة الي النضال من اجل الحكم الذاتي اللامركزي، والذي يقوم علي اساس الفدرالية أو الكونفدرالية بين اقاليم السودان المختلفة، وان يكون هناك تمثيل عادل لكل مكونات اقاليم السودان المختلفة في الحكم المركزي.
كما اشار البيان الي نضال الحركة من اجل الدفاع عن التعددية الثقافية والتوزيع العادل للسلطة والثروة، وان تقوم هوّية السودانيين علي (السودانوية)، والتي تؤكد دولة المواطنة التي تقوم علي المساواة بين كل السودانيين غض النظر عن لونهم أو عرقهم أو دينهم أو لغاتهم.
وحول الدين اشار البيان الي دور الدين وقيمة الروحية والاخلاقية والتي تسهم في التعايش السلمي بين السودانيين، وان الدولة يجب ان تعبر عن كل السودانيين غض النظر عن اديانهم، اى الدولة للجميع، وضرورة فصل الدين عن الدولة، والا يكون الدين مصدرا للشقاق بين السودانيين.
كما اشار البيان الي انتهاج الحركة الكفاح المسلح لتحقيق تلك الاهداف، كما اشار البيان الي دور حكومة الخرطوم بتعميق الصراع العرقي في دارفور وتسليح افراد من القبائل العربية وانشاء تحالفات مثل( قريش) ضد القبائل الافريقية، كما اكد البيان علي ضرورة التعايش السلمي بين القبائل العربية والافريقية وتفويت الفرصة علي نظام الانقاذ في الخرطوم لخلق فتنة عرقية بين مكونات قبائل وشعوب دارفور.
كما اشار البيان الي ضرورة التنسيق مع المعارضة في التجمع الوطني الديمقراطي من اجل تحقيق تلك الاهداف.كما اشار البيان الي ضرورة حسن الجوار ودعا ابناء دارفور لمناصرة ومؤازرة الحركة من اجل تحقيق اهدافها، كما دعا المنظمات العاملة في الاغاثة والشئون الانسانية لتقديم المساعدات اللازمة لضحايا الحرب والنزوح في دارفور.
عموما بيان حركة تحرير السودان حلل جذور الازمة في دارفور ، وطرح الشعارات والمطالب الديمقراطية العامة، وضرورة سودان موحد يقوم علي الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة، ودولة المواطنة التي تستوعب الجميع غض النظر عن اديانهم واعراقهم.
ووضع البيان الاساس للقضاء علي التهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي والثقافي.
وهي مطالب ديمقراطية عامة لاخلاف حولها، مما يؤكد التطور الذي وصلته الحركة في معالجة قضية دارفور وضرورة ربطها بحل مشاكل البلاد، ذلك ان حل دارفور يكمن في حل مشكلة السودان ككل.
نلاحظ أنه بعد هذا البرنامج بعامين تم التوقيع علي اتفاق ابوجا مع مجموعة مناوي وشارك مناوي بموجب ذلك الاتفاق في السلطة، ولكن حتي الآن لم يتم شئ في تنفيذ اتفاق ابوجا، وكما يرى الكثيرون، ان الاتفاق مات موتا سريريا، مما يتطلب تفاوضا جديدا تشترك فيه كل مكونات اقليم دارفور، كما تظل المحاذير قائمة والتي اشرنا لها في مقال سابق، وهو تطلع اقسام من الصفوة في دارفور الي السلطة والثراء السريع والانضمام للمركز الحاكم ومشاركته في السلطة والثروة، بين يظل الفقر والتهميش مستمرا في الاقليم ، ويتم اعادة انتاج الازمة، كما حدث من مؤشرات الفساد في السلطة الانتقالية في دارفور، وبالتالي من المهم الوضوح حول طريق التطور الاقتصادي: الطريق الرأسمالي الذي يعيد انتاج عدم التوزيع العادل للسلطة والثروة والتمهميش، ام الطريق الوطني الديمقراطي الذي يوفر للسودانيين عموما واهل دارفور بصفة خاصة احتياجاتهم الاساسية في التنمية والتعليم والصحة الخدمات البيطرية والبنيات الاساسية.
3- الحركات النوبية في الشمال:
اشارت الحركات النوبية مثل: التجمع النوبي، مجموعة النداء النوبي، حركة تحرير كوش السودانية الي التهميش والظلم الذي لحق بالمنطقة والتي رغم انها عريقة التاريخ واللغة والثقافة وكانت المنفذ للسودان من الشمال، الا انها تعرضت لكوارث ادت الي اغراق تلك المنطقة أربع مرات : في 1902، 1913، 1932، 1963م، كما أن المنطقة مهددة باغراق خامس بقرار مشروع خزان كجبار ، والذي سيؤدي الي اندثار الموروث الاجتماعي والثقافي والتاريخي(التجمع النوبي).
كما عانت المنطقة من الزحف الصحراوي وتدهور الانتاج الزراعي بسبب سياسات التمويل الباهظة التكاليف والرسوم ونقص الجازولين وغلاء البذور والسماد. كما تدهورت أوضاع النوبة وغيرهم في مشروع خشم القربة ، وكان لذلك انعكاسه السالب علي احوال المزارعين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكتبت دراسات كثيرة في الصحف عن اسباب تدهور المشروع ، وقدمت مقترحات لاصلاح الوضع فيه، ولكن لم يتم شيئا.
كما أشارت الحركات النوبية في مذكراتها ومطالبها الي تهميش المنطقة وتدهور الخدمات الصحية والتعليم حتي اصبحت المنطقة نهبا للاوبئة وخاصة الملاريا والبلهارسيا التي كانت المنطقة خالية منها. كما انهار التعليم وتصدعت المدارس اضافة للنقص في المعلمين المؤهلين وشح الكتب والأدوات والاثاثات.. الخ. كما تعاني المنطقة من التهميش الثقافي واللغوي وعدم الاعتراف بثقافاتهم ولغاتهم.
ويشير برنامج حركة تحرير كوش الي أنه(لابد من التأكيد والتسليم بأن النوبة جزء اصيل من شعوب السودان المهمشة والمقهورة منذ تخريب سوبا وحتي تخريب مشروع الجزيرة وتخريب الجنوب وجبال النوبا وبلاد دارفور)(برنامج حركة تحرير كوش السودانية، عبد الوهاب المحسي، الحوار المتمدن، العدد 1251، بتاريخ: 7/7/ 2005م).
كما أشار برنامج كوش الي فقدان السيادة الوطنية بضياع الاراضي السودانية(بدءا بمناطق حلفا، فحلايب، وشلاتين، وسرة ثم العوينات بتفريط من حكومة الخرطوم التي لم ترع حرمة لارض الجدود). كما أشار البرنامج الي( في حالة فشل دولة السودان الجديد في تحقيق اشتراك النوبيين وعموم مواطني السودان في موارد الثروة والسلطة وضمان المساواة التامة بين جميع السودانيين وفقا للمواثيق السودانية الدولية لحقوق الانسان السياسية – الاقتصادية- الاجتماعية والثقافية ستطالب حركة تحرير كوش بمنح حق تقرير المصير للنوبيين ، كحق ديمقراطي انساني تقره المواثيق الدولية حول حقوق الشعوب).
عموما مطالب الحركات النوبية في الشمال مطالب مشروعة وديمقراطية وترتبط بتنمية المنطقة في اطار التنمية العامة في البلاد، كما ترتبط باهمية الدفاع عن الثقافة والهوّية النوبية ، وهذا يتطلب الاعتراف بالثقافة النوبية ، تلك الثقافة ذات التاريخ العريق والتوسل باللغة النوبية في التدريس في تلك المنطقة، تمشيا مع اتفاق السلام الموقع في نيفاشا في يناير 2005، الداعي بالاعتراف بالتعدد الثقافي والاثني والديني واللغوي.
4- مؤتمر البجا:
أشرنا سابقا الي أن مؤتمر البجا تأسس عام 1958 كتعبير عن الاحساس العميق بالمظالم التي تعرضت لها منطقة الشرق والتي عانت من التخلف وثالوث الجهل والفقر والمرض، كما اكد مؤتمر البجا أن( حل معضلات الاقليم الشرقي لايمكن أن تحل بمعزل عن حل كل قضايا السودان)( مشروع برنامج مؤتمر البجا، ص 1).
كما أكد مشروع برنامج مؤتمر البجا ص(6) علي:
- سودان واحد فيدرالي ديمقراطي تعددي.
- كفالة كل حقوق الانسان كما جسدت في المواثيق الدولية.
- الاعتراف بالتنوع.
- دولة مدنية تقوم علي فصل الدين عن السياسة.
- التقسيم العادل للثروة.
- الاعتراف بهوّية وثقافة البجا علي اساس الندية والمساواة مع ثقافات الهوّية العربية الاسلامية.
كما أشار مشروع البرنامج الي الحق في تقرير المصير اذا فشل التعايش المشترك.
عموما مشروع البرنامج طرح المطالب المشروعة والديمقراطية العامة لتنمية اقليم الشرق بكل قبائله ومكوناته وتوفير الاحتياجات الاساسية للاقليم في التعليم والصحة والصناعة والنصيب في السلطة والثروة، وتنمية امكانيات الاقليم السياحية والمعدنية والثروات السمكية، والاعتراف بثقافة البجا علي قدم المساواة مع الثقافات الاخري كما طرح حق تقرير المصير كحق ديقراطي انساني.
ورغم توقيع اتفاقية الشرق الأخيرة الا أنه حتي الآن لم يتم تنفيذ استحقاقاتها، واهمها تحسين احوال الكادحين في الشرق وتوفير احتياجاتهم الاساسية
خاتمة:
اشرنا في كتاب انجزه كاتب هذه السطور بعنوان: الجذور التاريخية للتهميش في السودان، (تاج السر عثمان: الجذور التاريخية للتهميش في السودان، 2005م)، الي الجذور التاريخية للتطور غير المتوازن أو التهميش، في دارفور وشرق السودان ومنطقة جنوب النيل الازرق وجبال النوبا وجنوب السودان والنوبة في الشمال.
ومواصلة لهذا الجهد حاولنا في هذا العرض تناول قضايا المناطق المهمشة من خلال وثائقها بهدف الاقتراب اكثر من واقع وهموم تلك المناطق، وفي وجهة تناول الماركسية لتكوينات ماقبل الرأسمالية في السودان.
أشارت الماركسية الي عموميات مثل: القضاء علي الاضطهاد القومي، وان شعبا يضطهد شعبا لايمكن أن يكون حرا، ازيلوا استغلال الانسان للانسان تزيلوا استغلال امة لأمة، حق تقرير المصير كحق ديمقراطي انساني في ظروف الديمقراطية وحرية الارادة بما في ذلك حق الانفصال وتكوين دولة مستقلة اذا استحال العيش المشترك، الاعتراف بالفوارق الثقافية، وحق كل قومية في استخدام لغاتها الخاصة في التعليم، الديمقراطية الحقيقية كحقوق سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، رفض استغلال الدين في السياسة أو فصل الدين عن السياسة، وغير ذلك من الشعارات العامة التي طرحتها الماركسية.
ولكن الشعارات العامة وحدها لاتكفي، بل لابد من دراسة الواقع والتحليل الملموس للواقع الملموس، والاقتراب اكثر من واقع المناطق المهمشة في السودان، وضرورة الاعتراف بالتنوع وضرورة الوحدة من خلال التنوع والذي هو مصدر ثراء واخصاب، فرفع الشعارات الماركسية العامة ليست بديلا للدراسة الملموسة التي تاخذ في الاعتبار الاسباب الاقتصادية في تشابكها مع عوامل اثنية وثقافية وسياسية ودينية. وهذا مايؤكد حيوية وخصوبة المنهج الماركسي ومدي سعته في تناولة لقضايا المناطق المهمشة في السودان أو تكوينات ما قبل الرأسمالية في السودان.
كما تناول د. محمد سليمان في مؤلفه السودان: حروب الموارد والهوّية 2000، في تحليل ماركسي منهجي متماسك وبنظرة شاملة وثاقبة، جذور الصراع في دارفور والجنوب وشرق السودان وجبال النوبا..الخ، اخذ في الاعتبار الاسباب الاقتصادية للصراع في تشابك مع عوامل اثنية وثقافية ودينية وايكولوجية(بيئية)، وكيف ان صراع الهوية كان منتوجا للصراع علي الموارد، ويعتبر كتاب د.محمد سليمان مرجعا هاما لاغني عنه لتناول جذور الصراع في المناطق المهمشة، ويفتح الطريق لدراسات عميقة لجذور الصراع في كل منطقة.
كما تابع محمد ابراهيم نقد سمات نظام الرق في السودان من خلال وثائق الرق التي نشرها في مؤلفه: علاقات الرق في المجتمع السوداني، 1995م، وهو مرجع وثائقي هام.
اما مؤلف د.جعفر كرار:الحزب الشيوعي السوداني والمسألة الجنوبية، 2005، فقد سلط الضوء علي دور الحزب الشيوعي السوداني في معالجة مشكلة الجنوب منذ أن طالب بالحكم الذاتي لللاقليم في اوائل الخمسينيات من القرن الماضي، والاعتراف بالفوارق الثقافية والاثنية بين الشمال والجنوب والتنمية المتوازنة، حتي تم تحقيق كل ذلك في اتفاقية نيفاشا 2005، التي اكدت الاعتراف بالتنوع الثقافي والاعتراف باستخدام اللغات المحلية في التعليم وغير ذلك من الشعارات التي رفعها الحزب الشيوعي السوداني منذ اوائل الخمسينيات من القرن الماضي، وهو ايضا مرجع هام لاغني عنه.
اما مؤلف د. عطا البطحاني:جبال النوبا: الاثنية السياسية والحركة الفلاحية(1924- 1969)، 2000م، فقد حلل الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي ادت الي ظهور الشعور القومي لدي ابناء جبال النوبا في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، كما تقصي الكاتب التاريخ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمنطقة منذ القرن التاسع عشر وحتي ستينيات القرن العشرين وتابع الجذور التاريخية للتخلف.
كما تابع تاج السر عثمان تكوينات ماقبل الرأسمالية في السودان في العصر الوسيط من تاريخ السودان في مؤلفاته: تاريخ النوبة الاقتصادي- الاجتماعي 2003، لمحات من تاريخ سلطنة الفونج الاجتماعي 2004، تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي 2005م، وحلل بذهن مفتوح التركيبة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للتشكيلات الاجتماعية للسودان الوسيط.
من العينات السابقة لبرامج بعض الحركات في المناطق المهمشة حسب الوثائق التي تحصلنا عليها لحظة اعداد هذه الدراسة يمكن أن نصل الي الآتي:
- ان الانفجار النوعي الحالي الذي تمثله الحركات في المناطق المهمشة أو اطراف البلاد هو نتاج تراكم كمي من المظالم والقهر واهمال تنمية تلك المناطق والاحساس بضرورة الحكم الذاتي وتقرير المصير ، واحداث التنمية في ظروف تحول ديمقراطي تشارك فيه جماهير تلك المناطق، واقتسام السلطة والثروة. وان التهميش أو تخلف تلك المناطق هو نتاج تطور تاريخي ، ولكن تم تعميقه في فترة الحكم البريطاني الذي خلق تنمية غير متوازنة وعزل المناطق المهمشة بادخالها في قانون المناطق المقفولة، وبعد الاستقلال لم تهتم الحكومات المدنية والعسكرية بالتنمية المتوازنة، ولم تحل قضايا التخلف والتهميش.
- علي أن مفهوم التهميش اتسع بعد سياسة الانقاذ التي شردت الآلاف من اعمالهم وانهارت المشاريع الزراعية والصناعية التي ادت الي الهجرة داخل وخارج البلاد ، وتركزت السلطة والثرة في يد قلة، وتعمق الفقر والاملاق في البلاد حتي اصبح يشمل 95% من سكان البلاد، كما عمقت سياسة الانقاذ الاحادية التهميش الثقافي واللغوي والديني والاثني، مما ادي الي انفجار الحركات المسلحة بشكل اكثر عنفا في الجنوب ، وفي دارفور والشرق حتي تم توقيع اتفاق السلام في نيفاشا في يناير 2005، والذي اكد علي ضرورة الاعتراف بالتنوع الثقافي والديني واللغوي والاثني، واتفاق الشرق وابوجا، ونجح اتفاق نيفاشا في وقف الحرب في الجنوب وكذلك انفاق الشرق ، اما اتفاق ابوجا فلم ينجح في وقف الحرب لعدم اشتراك بقية الحركات، ولكن السلام المستدام رهين بالتحول الديمقراطي والتنمية وتحسين احوال الناس المعيشية، والحكم الذاتي لبقية اقليم السودان الاخري عدا الجنوب(الشرق، الشمالية، الوسط، كردفان، دارفور، الوسط)، والتمثيل العادل في السلطة لهذه الاقاليم، اضافة الي التوزيع العادل للثروة والتنمية.
- اصبح مفهوم التهميش يشمل الاضطهاد الطبقي والقومي والاثني والديني واضطهاد المرأة كجنس..الخ.
- اتسع مفهوم التهميش والذي اصبح يعني القضاء علي كل اشكال الاستغلال والاضطهاد والاستبداد والتمييز الجنسي والاثني والديني واقامة ديمقراطية حقيقية بابعادها الشاملة: الاقتصادية والسياسية والثقافية واحترام الانسان ، بوصفه اكرم الكائنات.

اهم المصادر والمراجع:
أولا: وثائق الحزب الشيوعي السوداني
1- الماركسية وقضايا الثورة السودانية، اكتوبر 1967.
2- قضايا ما بعد المؤتمر، دورة اللجنة المركزية ، يونيو 1968.
3- دورة يونيو 1975.
4- القطاع التقليدي والثورة الوطنية الديمقراطية، 1976.
5- الحزب الشيوعي وقضية الجنوب، 1977
6- وثيقة للمؤتمر الدستوري:ديمقراطية راسخة وتنمية متوازنة وسلم وطيد 1989.

ثانيا: وثائق الحركات
1- برنامج الحركة الشعبية لتحرير السودان( المانفستو)، مايو 2008.
2- بيان حركة العدل والمساواة(دارفور)، نوفمبر 2001م.
3- بيان حركة تحرير السودان وجيش السودان(دارفور)، مارس 2003م.
4- برنامج حركة تحرير كوش السودانية، الحوار المتمدن، العدد 1251، بتاريخ 7/7/2005م.
5- مشروع برنامج مؤتمر البجا(بدون تاريخ).
ثالثا: كتب:
1- عبد الخالق محجوب: حول البرنامج، دارعزة 2002م.
2 - تاج السر عثمان: الجذور التاريخية للتهميش في السودان، مكتبة الشريف الاكاديمية، 2005م.
3- تاج السر عثمان: تاريخ النوبة الاقتصادي – الاجتماعي، دار عزة 2003م.
4- تاج السر عثمان: لمحات من تاريخ سلطنة الفونج الاجتماعي، مركز محمد عمر بشير 2004م.
5- تاج السر عثمان: تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي، مكتبة الشريف الاكاديمية 2005م.
6- جون قرنق: رؤيته للسودان الجديد، تحرير وتقديم: الواثق كمير، دار رؤية، 2005م.
7- محمد سليمان محمد: السودان حروب الموارد والهوّية، لندن، 2000م.
8- محمد ابراهيم نقد: علاقات الرق في المجتمع السوداني، دار الثقافة الجديدة، القاهرة، 1995م.
9- جعفر كرار: الحزب الشيوعي السوداني والمسألة الجنوبية، دار جامعة الخرطوم، 2005م.
10- عطا البطحاني:جبال النوبا: الاثنية السياسية والحركة الفلاحية( 1924- 1969)، مركز الدراسات السودانية، القاهرة 2000م.



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول سياسة الادارة الامريكية الجديدة تجاه السودان
- أضواء علي مؤتمر جوبا(4)
- اضواء علي مؤتمر جوبا(3)
- أضواء علي مؤتمر جوبا(2)
- أضواء علي مؤتمر جوبا، سبتمبر 2009م
- خطل دعاوي تكفير الحزب الشيوعي(2)
- خطل دعاوي تكفير الحزب الشيوعي(1)
- الدين والتنمية: اشارة للتجربة السودانية *
- في الذكري ال77 لرحيل خليل فرح
- تجديد الماركسية مع تجدد الواقع
- نقد تجربة الاسلام السياسي في السودان(2)
- تعقيب علي احمد الحاج:حول مقاله:الشيوعيون السودانيون: كرنفالي ...
- نقد تجربة الاسلام السياسي في السودان الفترة(1967- 2007م).
- الحزب الشيوعي السوداني وتجربة استغلال الدين في السياسة
- من اجل درء الفتنة الدينية في السودان:الرابطة الشرعية للعلماء ...
- في الذكري ال63 لتأسيسه: كيف ادار الحزب الشيوعي الصراع السياس ...
- بمناسبة 63 عاما علي تأسيسه: كيف أدار الحزب الشيوعي الصراع ال ...
- في الذكري ال(63) لتأسيسه:كيف ادار الحزب الشيوعي الصراع السيا ...
- في الذكري الرابعة لرحيل جون قرنق: كيف كان منظوره لقضية الوحد ...
- مصاعب تواجه الانتخابات في السودان


المزيد.....




- هل تتعاطي هي أيضا؟ زاخاروفا تسخر من -زهوة- نائبة رئيس الوزرا ...
- مصريان يخدعان المواطنين ببيعهم لحوم الخيل
- رئيس مجلس الشورى الإيراني يستقبل هنية في طهران (صور)
- الحكومة الفرنسية تقاضي تلميذة بسبب الحجاب
- -على إسرائيل أن تنصاع لأمريكا.. الآن- - صحيفة هآرتس
- شاهد: تحت وقع الصدمة.. شهادات فرق طبية دولية زارت مستشفى شهد ...
- ساكنو مبنى دمرته غارة روسية في أوديسا يجتمعون لتأبين الضحايا ...
- مصر تجدد تحذيرها لإسرائيل
- مقتل 30 شخصا بقصف إسرائيلي لشرق غزة
- تمهيدا للانتخابات الرئاسية الأمريكية...بايدن في حفل تبرع وتر ...


المزيد.....

- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب
- هـل انتهى حق الشعوب في تقرير مصيرها بمجرد خروج الاستعمار ؟ / محمد الحنفي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - تاج السر عثمان - علي هامش مؤتمر جوبا: حول الماركسية وقضايا المناطق المهمشة في السودان