أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صادق الازرقي - شرعنة النقد التسقيطي















المزيد.....

شرعنة النقد التسقيطي


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 2810 - 2009 / 10 / 25 - 11:35
المحور: الادب والفن
    


محاولة جلد الذات وإلغاء المنجز الآخر

في مقال ضمن ثقافة صحيفة (الصباح) نشر قبل ايام وتحت عنوان (خسائر السارد.. إلى أين؟) للقاص البصري قصي الخفاجي فوجئ القراء بكلام ليس له علاقة بحيثيات الأصول النقدية المتعارف عليها ولا يمتلك الحد الأدنى من الاستقامة النقدية التي تستوجب إحالتنا الى النص المنقود او مجموعة النصوص التي اراد القاص الخفاجي ونقاد مجهولو الاسماء وردت اسماؤهم في المقال تهميشها من دون ان يبينوا لنا مواقع ومساقط الضعف في تلك النصوص الا في حالات نادرة ارتقت بنص المبدع محمد خضير بدلا من ان تدينه.
بعد ان يشير الخفاجي الى بدايات محمد خضير الموفقة وثناء النقاد عليه يفاجئنا بعبارة اعتراضية تحاول الوصول الى نتيجة مبكرة نحكم بها سلبا على نتاج محمد خضير قبل ان تميط اللثام عن الاعمال المنقودة وتلك مثلبة لن تصب في صالح الخفاجي وبضعة اشخاص لم يعرفهم ولن يعرفهم الكثير من القراء من امثال عزيز الساعدي وحاتم العقيلي اللذين صنفهما الخفاجي على انهما (ناقدان) وكذلك وحيد غانم الذي قال عنه انه (قاص) الذين صبوا جام غضبهم على المبدع محمد خضير من دون وجه حق ومن دون ان يقنعوا احدا بمسوغات (التسقيط).
لقد وضع الخفاجي نفسه في جملته تلك موضع المتنبئ بما سيؤول اليه وضع محمد خضير المستقبلي في سابقة غريبة عن النقد واصوله حين يقول (..وانهالت أمطار الثناء على قاص لم ينل مثلها أديب آخر في حياته (وتلك قاصمة الظهر) التي مهدت للتخلي عن مسؤولياته الإبداعية الحقيقية لاحقا). ونحن نتساءل هنا، ولِمَ يقصم الثناء الظهر؟ الم ينل الثناء كتاب عالميون ولم تنقصم ظهورهم فلماذا يتنبأ الخفاجي بـ (انقصام) ظهر محمد خضير.. ولماذا يحكم عليه بأنه سيتخلى عن مسؤولياته لاحقا وما هي تلك المسؤوليات. لم يلب (الناقد) الخفاجي طموحنا في التوصل الى إجابات لذلك من داخل النص او النصوص بل احالنا الى تعميمات سياسية ارتبطت بسبعينيات القرن الماضي اقحمها إقحاما من دون مسوغ ولقد نزهت محمد خضير اكثر مما ادانته. إذ يدخلنا الخفاجي في متاهة غريبة بالقول " ان القفزة الصاعدة التي حققها ذلك الفنان أعقبتها قفزة أخرى (إعلامياً) استثمرها لصالحه وهو احتدام الصراع السياسي أثناء حقبة الجبهة (اللاوطنية) بين الشيوعيين والبعثيين التي أوصلت البلاد لاحقاً الى الكوارث الكبرى. ظل القاص محايداً ـ والكلام لم يزل للخفاجي ـ وعينه ترصد الوضع المحتدم سياسياً وثقافياً آنذاك إذ انقضت خمسة أعوام لم ينشر خلالها القاص شيئا سوى (إله المستنقعات) في طريق الشعب حتى فاجأ الوسط الأدبي باصدار مجموعته الثانية (في درجة 45 مئوي) خلال ساعات ضرب الجبهة". فهل يريد الناقد ان يكتب سيرة ذاتية لمحمد خضير بدلا من تناول قصصه وما الضير في ان ينأى الفنان بنفسه عن معمعة لسياسة ليختط له دربا خاصا به ام كان يريده ان يكرس نفسه للسياسة، وما المسوغ لربط مجموعة قصصية (بساعات ضرب الجبهة) وهل ان الجبهة ضربت خلال ساعات؟ مغالطات تاريخية وأدبية لن تصب في مصلحة مثل هذا النقد البائس فهل نحن إزاء سرد تاريخي لمرحلة وأشخاص ام غرضنا دراسة الاعمال الادبية وتقويمها وهو ما لم يفعله الخفاجي ولا من اراد الاساءة الى محمد خضير. بل أعتقد انهم اساؤوا الى انفسهم قبل انة يسيئوا اليه من قبيل الكلام المتشنج والانفعالي الذي اورده حاتم العقيلي (بحسب اعتقادي النقدي ان كتابات محمد خضير الأخيرة التي ينشرها في جريدة الصباح تفتقر الى مجساته التي اعتدنا عليها وقراءته للواقع برمزية عالية، انه وبتعبير ثان يطعن الابداع وعليه من الآن أن يصمت الى الأبد وليسمح للأصوات القصصية الجديدة وهي قادمة رغماً عنه). إذن .. لماذا يريد العقيلي من محمد خضير ان يصمت الى الابد ومتى منع خضير الاصوات القصصية الجديدة من الظهور الى الساحة.. ان الكتابة الجيدة والابداع الجيد هو الذي يفرض نفسه وليس الطلب من الآخرين إخلاء الساحة الى غيرهم في نصيحة (دكتاتورية).
يتحدث العقيلي بما يشبه الهذيان المعرفي الذي لن يقنع به احدا بالقول (فقد أسفت كثيراً لتلك (الكتابات) فهي بمعناها الهايدغري هروب من الموت وعدم مواجهته لأنها عند هايدغر (الوجود المزيف مقابل الوجود الأصيل ) للكتابة الخلاقة. ان البؤرة الخطيرة لأي فنان يأخذ بالانحسار هي ( العزلة) وعدم مدّ الجسور للحوار مع الأقران المجايلين والأجيال اللاحقة، تلك العزلة تمنع التلاقح العظيم وتمد الدماء الجديدة وبالتالي تصنم العقل والخيال عن الرؤيا البارقة للابداع والحياة.. الى هنا ينتهي كلام العقيلي الذي لم يعلمنا كيف هرب محمد خضير من الموت ولم يواجهه هذا على افتراض ان موته ضروري.
وبالعودة الى القاص الخفاجي ـ الذي لم يوفق في وضع نفسه موضع الناقد ـ فانه يحاول خلط الغث بالسمين معاً في توليفة غريبة متناقضة يكتنفها المدح والذم في آن واحد حين يقول عن مجموعة (في درجة 45 مئوي) "في هذه المجموعة دفع بالتجريب السردي الى أقصى مداه مانحاً القصة العراقية مذاقاً غريباً وحساسية متقدمة على صعيد الشكل الفني رغم استفادته(تقليده للصرعات العالمية) فانك تجد بناءه لقصة (منزل النساء) تقليداً صارخاً لقصة (موبيس المتعري) الانكليزية بينما جاء معمار القصة الفوقي سرقة واضحة لمعمار آلان روب غرييه في روايته (غيرة ) أو (ستائر النوافذ الخارجية). وما الضير في الاستفادة من التجارب العالمية التي اسماها الخفاجي صرعات فلتكن صرعات الم يعدوا السريالية وغيرها من الاساليب الادبية والفنية صرعة ولماذا يعد الخفاجي التأثر بالآخرين من المبدعين العالميين سرقة في حين انه عامل وعي ويدل على الإطلاع على الآداب الاخرى.
ثم يذكر لنا الخفاجي وقائع ليس لها علاقة بموضوع بحثه وكأنه يسرد لنا تاريخا لا نقداً أدبيا (ونتيجة للصراع القائم وجّه القاص والروائي عبدالرحمن مجيد الربيعي هجوماً واضحاً على هذه المجموعة ثم تصدى لها أحد النقاد المحسوبين على البعث والسلطة آنذاك بمقال عريض في جريدة الثورة عنوانه (هل تحترق المملكة السوداء بدرجة 45 مئوي؟) . فردّ عليه ناقد شيوعي في صحيفة طريق الشعب بمقال بارز (أفكار تتوهج بدرجة 45 مئوي) ان القوى العراقية بحشودها الثقافية (والمثقف العراقي هو السياسي وقتذاك بعينه) النابهة وضعت القاص ابداعياً فوق كل الميول والاتجاهات فتسيّد القاص على المشهد الابداعي). ثم يشير الخفاجي الى سبب غير مقنع لشهرة القاص محد خضير وتفوقه بالقول (وكان البعد الجغرافي لمدينة البصرة عن العاصمة وانعزاله المبرمج بكل وعي ودقة عن الأضواء قد ضخم صورته وراح هو بنفسه يلمعها في الوسط العام) فلماذا تلك الاستهانة بالبصرة وهل ان على الابداع ان يكون حكرا للعاصمة بغداد؟ ويذهب الخفاجي الى اكثر من ذلك حين يتهم القراء بتحمل وزر شهرة القاص خضير (القطيع الثقافي الأمي الذي جعل من القاص صنماً مقدساً لا يمكن المساس به أو التعرض له وحتى التحاور والاختلاف الخلاق فتماهى القاص مع تلك العذوبة الفاسدة التي تعيشها الآلهة والأصنام، أضف الى ذلك النياشين التي (وكأنه لا يراها) معلقة على كتفيه أينما حل ورحل). وهذا بعكس كلام القاص الخفاجي في بداية مقالته حين اشار الى تواضع خضير وخجله وهي حقيقة يعرفها الجميع حتى انه ينأى بنفسه عن اللقاءات الاعلامية والمؤتمرات حتى تلك التي اريد لها ان تكون على شرفه وتلك الحقيقة ذكرها نقاد كبار منهم الناقد العراقي الكبير المرحوم علي جواد الطاهر.
بعد ذلك ينهال الخفاجي على المبدع محمد خضير بشتى الاتهامات معيدا هذه المرة تكرار الاتهام بالسرقة من ادغار الن بو مستنتجا ان خضير "راح (يتلبد) في العمق التراثي الرافديني" وكأن ربط الابداع بتراث البلد وحضارته سبّة في مفهوم الخفاجي الذي يصل الى احكام قطعية من دون ادلة مصنفا تلك القصة بالضعيفة وغيرها مؤسفة في كلام كما اسلفنا غريب عن اصول النقد القويم مواصلاً السخرية من القاص بالقول (ان القاص مأخوذ تماما بالسراطين والوطاويط والجرذان والحرابي في عصر يعج بالعولمة والاتصال وهذه الكائنات أقرب الى التبصر اذ من خلالها يطل محمد خضير على القرن الواحد والعشرين بسفنه الفضائية الباصورية). ولكن اليست تلك كائنات حية تسرح وتمرح من حولنا وبعضها يقتحم غرفنا ويلوث اطعمتنا ويثقب اكياس الطحين ويتلف اسلاك الغسالات فلماذا يريد الخفاجي ان لا ندخل تلك الكائنات الضاجة بالحياة الى القصص؟ الم يضع هو عبارة (مستوطنة الكلاب) عنوانا لإحدى قصصه فلماذا يبيح لنفسه استعمال الكلاب ويحاول منع خضير من الاشارة الى الجرذان في قصصه؟. ويذهب نقد القاص الخفاجي الى اكثر من ذلك في محاولة الاساءة الى المبدع محمد خضير مقارنا اياه من دون وجه حق بكتاب عرب باعتقادي انهم لن يصلوا الى مستوى محمد خضير الابداعي (ان باصورا التي يقدمها لنا محمد خضير على طبق مجعد، عتيق، همل، مرمي وسط قمامة التاريخ.. أين موقعها من تلك الصروح الروائية المتخيلة والقائمة بجدارة على قوة الماضي وشموخه العظيم (تراث جمال الغيطاني الذي راح يجاهد مستعينا بسرود المقريزي وخططه وأكوان التوحيدي وابن إياس المصري والجاحظ والمسعودي والقشيري.. فقدم لنا (الزيني بركات) و (وقائع حارة الزعفراني) و(متون الأهرام ) و ( الرفاعي) وغيرها... ومنظومة ابراهيم الكوني..الخ.. وأخيرا اقول انني لست ناقدا بل اني قارىء وارجو ان لا يعدني القاص الخفاجي من القطيع الثقافي ولكنني اقول ما قاله ناقد عربي لا يحضرني اسمه متحدثاً عن الفرق في الاهتمام بالمبدعين بين العراق و مصر؛ انهم سألوا كاتبا عراقيا من الشعراء المبتدئين عن رأيه بالسياب فقال عنه انه ليس بشاعر!! في حين عندما سألوا الكاتب الكبير نجيب محفوظ عن قاص مصري ناشئ قال عنه انه كاتب حقيقي وتنبأ له بمستقبل زاهر. وتلك هي ازمتنا في العراق.. جلد الذات وجلد الآخر ومحاولة إلغائه وارى ان أزمة الثقافة لدينا هي جزء من ازمة البلد العامة في المجالات كافة. فلنرأف بمبدعي العراق على اختلاف مستوياتهم ودرجاتهم.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعتداءات متكررة من دون حساب
- لماذا ضفاف دجلة؟!
- الأراضي لهم وللفقراء الجحيم
- محاولة الغاء عراقيي الخارج
- فوضى التعيينات في البلد
- قوانين على عجل وأخرى تنتظر!
- مزورون بالجملة
- ودوّروا الأموال مثل الكرة!
- تخلّف الخطاب الانتخابي العراقي
- الدبلوماسية العراقية والمشتركات الوطنية
- يعطلون الجلسات للسفر لدول الجوار
- دكتاتوريات جديدة تتكاثر
- محاولات متواصلة لإحياء القائمة المغلقة
- فرصة لتحسين الكهرباء
- ولائم التأجيلات حتى الدورات المقبلة
- لندع زهور الفكر تتفتح
- خطاب سياسي متأزم
- وأين نحن من غير المتجاوزين؟
- الحرص على احترام الآخر
- الائتلافات الانتخابية .. هل هي سبيلنا الوحيد؟


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صادق الازرقي - شرعنة النقد التسقيطي