أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - بوستروم.. لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيَّاً!















المزيد.....

بوستروم.. لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيَّاً!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2810 - 2009 / 10 / 25 - 11:10
المحور: القضية الفلسطينية
    


تحيَّة إجلال وإكبار للصحافي السويدي (وللسويد أيضاً) دونالد بوستروم، ولجريدته، هي خير ما نستهلُّ به مقالتنا هذه؛ فهذا الرجل الرجل، ومن غير أن يقصد، على ما أتوقَّع، أتى بخير دليل على أنَّ البشرية، في مستهل القرن الحادي والعشرين، وفي عصر "العولمة".. "العولمة" بوجهيها الخيِّر والشرِّير، الإيجابي والسلبي، لا تَمْلُك من خيار ثالث، مهمَّا توهَّمت وخدعت نفسها، فهي إمَّا أنْ تضع نهاية للنظام الرأسمالي، منتصِرَةً لإنسانيتها المُثْخَنة بجراح سكِّين على هيئة المبدأ "الربح يبرِّر الوسيلة"، وإمَّا أن ترجع القهقرى إلى عهود الوحشية، مع أنَّني لا أرى من وحشية للبشر في ماضيهم تفوق وحشية الحضارة الرأسمالية، في مستهل الألفية الثالثة.

وإنِّي لمتأكِّدٌ أنَّ البشرية لن تنتصر لنفسها، وللبقية الباقية من الإنسانية والتحضُّر فيها، إذا لم تَهْزِم في عقلها ووجدانها ومشاعرها وإرادتها وأياديها ثقافة الخوف من أنْ تُتَّهم بتهمة "العداء للسامية"، فليس في الأمر مصادفةً، أو ما يشبه المصادفة، أنْ تكون إسرائيل، الدولة، مع زعمائها الدينيين، حرَّاس أوهام "العهد القديم"، هي التي أسند إليها التاريخ مهمَّة قيادة العالم في ارتداده إلى ما قبل نقطة انطلاقته الحضارية.

إنَّها الضرورة التاريخية بعينها، فهل ثمَّة جماعة بشرية يُمْكنها التفوُّق على "بني إسرائيل الجُدُد" في قيادة البشرية إلى عهود الوحشية؟!

أوَلَم يحاجج أحد أنبياء "بني إسرائيل الجُدُد"، وهو شمعون بيريز، في أنَّ أسلافه (المنقرضين لأسباب تشبه كثيراً أسباب الانقراض للأنواع والأجناس في نظرية داروين) قد أسبغوا على البشرية نعمةً حضاريةً ما بعدها نعمة، هي "التناخ"، وفي أنَّ سفر الأوهام هذا، والذي خُلِق على مثال تلك الجماعة البشرية التي استبدَّ بها، في زمانها، الشعور بالدونية الحضارية، أعظم كثيراً، لجهة أهميته "الحضارية"، من هرم خوفو؟!

ما الذي يفعله أبناء "شعب الله المختار"، عبر دولتهم وزعمائهم الروحيين الآن، حيث من الصعوبة بمكان أن يَخْدَع أحدٌ أحداً؟

جيشهم، المسمَّى "جيش الدفاع الإسرائيلي، والذي، بلا حياء ولا خجل، يصرُّون على وصفه بأنَّه الجيش الذي يستحق منحه جائزة "نوبل" للأخلاق الحميدة، يقتل فلسطينيين قتلاً تتبرأ منه، أي من أسبابه ودوافعه وغاياته، "السياسة"، على ما يخالطها، في جُلِّها، من القاذورة بكل معانيها.

يقتلهم من أجل تجارةٍ، يأبى شيلوك نفسه أن يُنْسَب إليه فضل التأسيس لها، فالفلسطيني المقتول برصاص الجيش الإسرائيلي (الذي يمارِس حقُّه في الدفاع عن النفس!) يُنْقَل سريعاً إلى "مشرحة البروفيسور يهودا هيس"، قرب تل أبيب؛ و"تُشرَّح" جثَّته قبل أنْ يُعاد (إذا ما أعادوه) إلى ذويه، ليتولُّوا دفنه.

في "التشريح"، الذي يستهدف الوقوف على "سبب الوفاة" على ما تزعم إسرائيل وجيشها، تُنْتَزع من جثَّته أعضاء، كمثل الأكباد والكلى والعيون والقرنية، فتَظْهَر هذه الأعضاء الآدمية في أسواق دولية، تشمئز منها، وتنفر، أسواق النخاسة، على هيئة "سلع"، تُباع للمحتاجين إليها، وللأثرياء منهم على وجه الخصوص، بأسعار تشتمل على "أرباح" لا تقلُّ وحشيةً عن "رأس المال" الموظَّف في هذه التجارة الرأسمالية الجديدة، التي ترينا فيها "رأسمالية القرن الحادي والعشرين" كيف يوظَّف العِلْم (عِلْم زراعة الأعضاء الآدمية) خير توظيف في خدمة مبدأ "الربح يبرِّر الوسيلة"، والذي يعلو "الوصايا العشر"، فشعب "التناخ"، الذي هوَّد الربُّ قديماً، يتوفَّر الآن على "عولمة" الإله الحقيقي لبني إسرائيل وهو "المال".

ضيِّقو الأُفق، سطحيو التفكير، والجهلة، من الناس يلعنون عِلْم زراعة الأعضاء، الذي، على ما يتوَّهمون، ويوهِمون غيرهم، لولا نشوئه وتطوُّره لَمَا أصبحت "الجريمة".. جريمة قتل البشر لانتزاع أعضاء من جثثهم، وللاتِّجار بها، جزءاً لا يتجزأ من تلك التجارة الرأسمالية الجديدة.. تجارة الأعضاء البشرية.

إنَّ هؤلاء هُمْ أنفسهم، أو هُمْ أشباه، الذين لا يفهمون العلم على أنَّه "متناقض داخلياً"، كمثل كل شيء في الحياة، فالطاقة النووية ليست قنبلة نووية فحسب؛ ذلك لأنَّها يمكن أن تستخدم في ما يعود بالخير والنفع والفائدة على البشرية؛ و"السلاح" ليس دائماً شرَّاً مستطيراً، فهو الشرُّ بعينه إذا ما كان في يد الجندي الإسرائيلي، والخير بعينه إذا ما كان في يد فلسطيني يدافع عن نفسه ضد "دولة الاتِّجار بأعضائه".

"عصابة الجريمة"، التي هي "دولة إسرائيل" إذ اشتدَّت لديها الحاجة إلى التخلُّق بأخلاق المجرمين، لا ينفرد بقيادتها البروفيسور هيس، فهو يشترك في قيادتها مع باراك، ممثِّل "جيش الدفاع الإسرائيلي"، ومع ليبرمان، الذي تدرَّب على قيادة الدبلوماسية الإسرائيلية في ملهى ليلي روسي عملَ حارساً له، ومع الحاخام روزنباون، ومع مسوؤلين وموظَّفين حكوميين في الولايات المتحدة، وفي أهم ولاية فيها وهي إسرائيل، ومع رجال أعمال، ومع مدراء سجون، أهمها سجن أبو غريب؛ أمَّا جنود العصابة الخاضعين لإمرة هذه القيادة فهم من كل جنس ولون، ويشهدون، من خلال تنوُّعهم العرقي والقومي، على أنَّ "العولمة" حقيقة لا ريب فيها.

"الحاخامية" ضرورة لعمل قذر كهذا، فبعضٌ من اليهود المنتسبين إلى تلك العصابة، التي هي خير دليل على أنَّ عصابة الجريمة يمكن أن تتحوَّل إلى "دولة"، قد تستيقظ فيهم مشاعر إنسانية، فيضطَّرب العمل ويختل.

وللتغلُّب على هذه المشاعر الإنسانية وقتلها لا بدَّ من "الأفيون الديني اليهودي"، الذي ثَبُتت نجاعته في جَعْل اليهودي الخاضع لتأثيره ينظر إلى كل مُنْتَمٍ إلى غير "شعب الله المختار"، وإلى الفلسطيني على وجه الخصوص، على أنَّه حشرة سامة، ينبغي لأبناء أوهام "العهد القديم" قتلها بلا رحمة.

لقد خلقوا لأنفسهم، وتلبيةً لحاجاتهم الواقعية والتاريخية، الأوهام التلمودية، ثمَّ شرعت تلك الأوهام تعيد خلقهم على مثالها، ففهموا العالم، على رحبه واتِّساعه وتنوُّعه، على أنَّه مؤلَّف من فسطاطين اثنين لا غير: "اليهود" و"غير اليهود"، أو "الأغيار".
وأحسب أنَّ لدينا الآن من العِلْم والمعرفة ما يسمح لنا، نحن أبناء القرن الحادي والعشرين، أو الألفية الثالثة، بإنشاء وتطوير "مغسلة فكرية كبرى"، تغسل عقولنا ومشاعرنا من أوهام وأباطيل وأضاليل فكرية تستبد بها منذ مئات وآلاف السنين؛ ولا شك في أن العبودية الفكرية المزمنة تلك يجب أن تنتهي بإنهاء "السلطان المعرفي والثقافي" لـ "اليهودية"، التي، عبر "التلمود"، حالت بين أبصار وبصائر البشر وبين الحقائق التاريخية والموضوعية، فظل العقل الإنساني مثخنا بجراحه التلمودية.
بتأثير ذاك "السلطان المعرفي والثقافي"، يُنْظَر إلى "اليهودية" على أنها "مأثرة فكرية وحضارية كبرى"، ما كان للبشرية أن تعرفها وتنعم بها لولا شعب ليس كمثله شعب هو "بنو إسرائيل"، الذين لم يعرفهم التاريخ إلا بصفة كونهم جماعة بشرية معدومة الوزن التاريخي والحضاري والثقافي، فكانوا عرضة، بالتالي، إلى أن يفقدوا شخصيتهم الاجتماعية والتاريخية والثقافية واللغوية بتأثير الأمم ذات الوزن التاريخي والحضاري الثقيل، فأقاموا بينهم وبين غيرهم ما تقيمه العشيرة بينها وبين غيرها كثيراً من البرازخ.
برزخهم الأول كان قولهم بفئتين لا ثالث لهما ينتمي إليهما البشر جميعا: "اليهود" و"غير اليهود". ولا أعرف لماذا يستمر المجتمع الإنساني في مهادنة ومسايرة هذا التصنيف العنصري البغيض!
والبرزخ الثاني هو الاحتجاز العرقي لديانتهم، فلا يحق لغير المنتمي إلى عرقهم اعتناقها، وكأن تهويد غير اليهودي حرام!
والبرزخ الثالث هو تديينهم، أو تهويدهم، لمفاهيم "الأمة"، و"الدولة"، و"الديمقراطية"، فهم الجماعة الدينية الوحيدة التي تنظر إلى نفسها على أنها "أمة" و"قومية"، وتقيم لها دولة على أساس ديني صرف، وتفهم "الديمقراطية" على أنها امتداد لـ "اليهودية الديمغرافية" لدولتها، فالديمقراطية عندهم مشروطة بغالبية ديمغرافية يهودية، وكأن الديمقراطية لا تقوم لها قائمة في الدولة الثنائية أو المتعددة القومية!
والبرزخ الرابع هو تهويد العقل الإنساني، فآينشتاين بعبقريته الفيزيائية، مثلا، ليس منتَجا ألمانيا، بالمعنى التاريخي والاجتماعي، وإنما منتَج ديني يهودي. ولو كان الانتماء الديني قوة إنتاج للعلماء والعباقرة والمبدعين لأنتج الإسرائيليون القدامى حضارة تتفوق على حضارة الفراعنة والإغريق!
لقد حان للعِلْم أن يرد اليهود، جماعة بشرية وعقيدة، إلى أصولهم الواقعية التاريخية، وأن يحرِّرهم، ويحرِّر معهم العقل الإنساني، من الأوهام التلمودية، التي ما أن اقترنت بـ "السياسة"، حتى تحولت إلى سلاح للجريمة، التي لم تُرتكب في حق الشعب الفلسطيني فحسب، وإنما في حق العقل والعِلْم والحضارة.
ونحن يكفي أن نقف على موقف "العهد القديم" من "الأغيار"، أي من كل إنسان غير يهودي، حتى نتأكَّد أنَّ فضيلة دينية (يهودية) ما بعدها فضيلة أنْ يقتل اليهودي غير اليهودي (والفلسطيني على وجه الخصوص) وأنْ يتِّجر بأعضائه، بعدما سمح تطوُّر علم زراعة الأعضاء الآدمية بنشوء وازدهار هذه التجارة (اليهودية القلب وإنْ ظهرت على أنَّها عالمية القالب).

ألم يكن الفلسطيني (والعربي) الجيِّد، في معتقدهم السياسي ـ التلمودي، هو الفلسطيني الميِّت؟!

واشتقاقاً من هذا المبدأ اليهودي، أليس الفلسطيني الجيِّد أكثر هو الذي انتزعت الأيدي اليهودية من جثَّته ما تيسَّر من أعضائه لبيعها إلى أثرياء العالم المحتاجين إليها؟!

البروفيسورة نانسي شيبريوز، من جامعة كاليفورنيا، والتي ألَّفت كتاباً في هذه القضية، قالت لمحطة CNN إنَّ إسرائيل هي رأس القمَّة في الهرَم العالمي لجريمة الاتِّجار بالأعضاء البشرية.

إنَّ عصابات الاتِّجار بالأعضاء البشرية، المُحْكَمة التنظيم، والتي هي الفساد الشديد التركيز، تزداد انتشاراً في قارات العالم، وقد كثيراً من الأطباء والجرَّاحين إلى مجرمين، أو إلى تجَّار يتَّخِذون من الأعضاء الآدمية سلعةً يتَّجرون بها، وتعود عليهم بربح جزيل، لاشتداد الطلب العالمي، ولاسيما طلب المرضى الأثرياء، عليها.

وإذا كانت الزعامة الإسرائيلية واليهودية لتلك العصابات، والتي تضم ممثِّلين رسميين لدولة إسرائيل، تُعْنى بقتل فلسطينيين، واختطاف مواطنين عرب، ولاسيَّما الأطفال، من أجل انتزاع أعضاء منهم، والاتِّجار بها، عالمياً، فإنَّ كثيراً من تلك العصابات تُضيف إلى أعمال الاختطاف، فالقتل، التي ترتكبها في مناطق أخرى من العالم، أعمالاً هي من نمط "الجرائم التي هي دون جريمة القتل"، فهناك مشرِّحون "يسرقون" أعضاء من جُثث، في المشرحة التي يعملون فيها، ثمَّ يقومون ببيعها؛ وهناك جرَّاحون "يسرقون" أعضاء من مرضى، في مستشفياتهم، في أثناء إجراء عمليات جراحية لهم؛ أو ينتزعونها من أجساد مختطَفين، ثمَّ يُخلون سبيلهم؛ وهناك وسطاء تجاريون (أو سماسرة) يشترون من الفقراء والمعوزين بعض أعضائهم بأسعار رخيصة، ثمَّ يتولُّون بيعها، في الأسواق الدولية، بأسعار غالية جدَّاً.

وإنَّها ليست بالمصادفة أن يقترن فتح بعض الدول العربي لأبواب "التطبيع (لعلاقتها بدولة الاتِّجار بأعضاء قتلاها من الفلسطينيين)" باختفاء واختطاف كثير من الأطفال العرب، الذين إمَّا أن يباعوا في أسواق النخاسة في الغرب الرأسمالي "الحر"، وإمَّا أن تباع أعضاؤهم، للأثرياء، على هيئة "بضائع (فاخرة)" في أسواق الاتِّجار بالأعضاء الآدمية في دولٍ ضاقت آفاق قادتها، أي ألسنة حال النظام الرأسمالي فيها، حتى توهَّموا أنَّ التاريخ نفسه قد انتهى إذ عقد لهم الزعامة على العالم.

وإنَّهم بئس أُمَّةٍ؛ لكونهم استخذوا لِمَن يتراكضون بأرجلهم ورؤوسهم لتطبيع العلاقة مع دولة "أبو كبير"، التي دخلت التاريخ بصفة كونها المؤسِّسة لتجارةٍ، نَظْلِم عهود العبودية والاتِّجار بالعبيد إنْ نحن شبَّهناها بها.

و"المطبِّعون" للعلاقة مع دولة الاتِّجار بأعضاء قتلاها من الفلسطينيين، والذين يُجمِّلون بشاعة سعيهم هذه بزعمٍ من قبيل أنَّهم لا يريدون مزيداً من الاقتتال بين أحفاد إبراهيم، يغضُّون أنظارهم أيضاً عن تلك المقابر "الرقمية" التي تدفن فيها إسرائيل نحو 300 جثَّة تعود إلى فلسطينيين قتلتهم، ورفضت تسليم جثثهم إلى ذويها؛ لأنَّها انتزعت من تلك الجثث أعضاء كثيرة، واتَّجرت بها. إنَّها مقابر فيها من معاني الوحشية التلمودية ما يجعلها أكثر نازيةً من "أفران الغاز" الهتلرية، التي فيها أحرقت إسرائيل من عقول البشر ما يفوق أضعافاً مضاعفة ما أحرقه هتلر من يهود!

اليوم، نزعم أنَّ فينا من التحضُّر، ومن قوَّة الانتماء إلى القيم والمبادئ الإنسانية والديمقراطية، ما يجعلنا صادقين في عدائنا للعبودية، وفي نبذنا لها، فكراً وثقافةً ووجوداً.

ولكن، أين هو مكمن "الشرُّ الأخلاقي" في العبودية"؟

أليس في جَعْل بعض البشر "سلعةً"، يحقُّ لمالكها، بالاغتصاب أو بالشراء، أن يستعملها كما يشاء، وأن يفعل بها ما يشاء، وأن يبيع هذا "الإنسان ـ السلعة"، وأن يقتله إذا ما أراد؟

إذا كنَّا نلعن العبودية لكونها نظاماً اقتصادياً ـ اجتماعياً يعامِل كثيراً من البشر على أنَّهم "آلات حيَّة"، فماذا سنقول في دولة "أبو كبير"، أي في دولة إسرائيل، التي تقتل الفلسطيني من أجل أن تتَّجِر بأعضائه، أي من أجل أن تبيعه بالمفرق وليس بالجملة؟!

إنَّه عارٌ ما بعده عار أن تخُطَّ الرأسمالية بمداد يهودية شعاراً لها، في مستهل القرن الحادي والعشرين، هو "التسليع لكل شيء، ولأيِّ شيء، يمكن أن يكون تجارة رابحةً"!

لقد جادل ماركس كثيراً ممثِّلي الاقتصاد السياسي الكلاسيكي في زعمهم أنَّ العامل يبيع لربِّ العمل "عمله"، فدحض هذا الزعم قائلاً إنَّ بيع العامل لـ "عمله"، إذا ما صحَّ ذلك، لا يبقيه "عاملاً"، ولا يبقي على ظاهرة "العمل المأجور"؛ لأنَّ العامل، في هذه الحال، يغدو عبداً كعبيد روما القديمة.

وسعى في إثبات أنَّ العامل لا يبيع لربِّ العمل إلاَّ "قوَّة عمله"، التي اعتبرها سلعة كسائر السلع تُباع بسعرٍ، يعدل من حيث المبدأ، قيمتها التبادلية، أي كمية العمل اللازمة لإنتاجها، أو لإعادة إنتاجها، والتي تتجسد (أي تلك الكمية) في ما يشتريه العامل بأجره من مواد غذائية، وسلع استهلاكية أخرى.

تلك كانت العبودية في نمطها الرأسمالي الكلاسيكي، والتي سمَّاها ماركس "عبودية العمل المأجور"، تمييزاً لها عن العبودية في نظام الرق القديم.

ولم يخطر في بال ماركس، وهو يتحدَّث عن "عبودية العمل المأجور"، والتي تقوم على بيع العامل لـ "قوَّة عمله"، وليس لـ "عمله"، أن يتوحَّش الربح الرأسمالي إلى الحدِّ الذي يَحْمِل الفقراء على بيع بعضٍ من أعضائهم من أجل أن يبقوا على قيد الحياة، أو إلى الحدِّ الذي يَحْمِل القائلين بمبدأ "الربح يبرِّر الوسيلة" على إنشاء وتطوير تجارة للأعضاء الآدمية، وإلى اتِّخاذ "السرقة" و"الاختطاف" و"القتل".. وسائل للحصول على تلك "السلع الجديدة"، والتي هي، لجهة قيمها الاستعمالية، قطع غيار بشرية.

بوستروم تكلَّم من السويد؛ ولكنَّ كلامه لم يقع على أسماع في الغرب تشبه سمعه؛ ونادى بني يعرب، وصرخ في بريِّتهم، ولكنَّهم أجابوه إذ اعتصموا بحبل الصمت "وهل للموتى أن ينتظروا غير الدفن؟!".



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الجدل الانتخابي العراقي!
- نحو حل -الدولتين الفلسطينيتين- للنزاع بين الفلسطينيين!
- الفأس والرأس.. اللقمة والرأي!
- غولدستون -المسار- هو الأهم من غولدستون -التقرير-!
- -الاحتكام إلى الشعب-.. فلسطينياً!
- الاعتراف ب -يهودية- إسرائيل هو تهويدٌ للعقل!
- القيادات الفلسطينية.. رؤوسٌ تبحث عن عقول!
- -نوبل-.. ونُبْلُ أوباما!
- -أردي- جاءت تأكيداً لا نفياً لنظرية داروين!
- محادثات واشنطن..أهي تجربة تفاوضية جديدة؟
- الدكتور زغلول النجار إذ هبط بالعِلْم إلى الدرك الأسفل من الش ...
- الحلُّ في حلِّ -مشكلة الحدود- أوَّلاً!
- -التعصُّب- إلغاء للعقل!
- نتنياهو يطلب تشدُّداً فلسطينياً وعربياً!
- أُطْلبوا -عِلْم التفاوض- ولو في إيران!
- إنَّها -مفاجأة- أوباما الأولى!
- شيئان لم نتعلَّمهما بعد: قول -لا- و-السؤال-!
- -الصنمية الاقتصادية- لجهة علاقتها بالأزمة المالية العالمية!
- أيلول 2009 يتربَّص بالفلسطينيين شرَّاً!
- حكومة الذهبي -خصخصت- حتى -تخصخصت-!


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - بوستروم.. لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيَّاً!