أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جلال القصاب - حقوق الإنسان بين صورة مخزية والصورة الأمثل














المزيد.....

حقوق الإنسان بين صورة مخزية والصورة الأمثل


جلال القصاب

الحوار المتمدن-العدد: 2810 - 2009 / 10 / 25 - 01:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما الذي يُسوّغ فعْلَ التغيير؟ بل ما معنى الأمل؟ إنه الإحساس بوجود صورة أمثل وأفضل من صورة واقعنا الحاضر الأليم.
بل أنّ الألم (النفسي) ليس بمفهومه إلاّ إحساساً بأنّنا نعيش "صورةً" أشدّ بؤسا ممّا كان أو ممّا ينبغي، فللإنسان ذاكرةٌ ومخيّلة طويلة.. ومقارنتنا بين "صوَر" الذاكرة (أو المخيّلة كذلك) تُنتج ألمًا أو أملاً، وإنّ ألمع وأرسخ ما في ذاكرتنا تجاربنا الشخصية العميقة وكذلك "صُوَر" المقدّسات.
عادة، يُقارن الإنسان بين "صوَره" ليتطوّر متى قرّر نقلَ نفسه "للصورة" الأمثل، فحين نستدعي ما بذاكرتنا لنستلهم "الصورة" الأمثل ونحن نُشاهد "صورة" انعقاد مجلس حقوق الإنسان المبثوثة مباشرة، نستدعي "القيمة" التي بمقتضاها تشكّل "مجلس حقوق الإنسان" وبالتالي "مجلس الأمن" المزمع إحالة تقرير جولدستون بتوصياته عليه، وتقرير جولدستون لمن يطّلع عليه كاملاً يجده منصفاً وحياديّا وموضوعيّا ودقيقاً بكلّ معنى الكلمة.
القيمة التي كانت أساس تأسيس وانعقاد "مجلس حقوق الإنسان.. "نصرة المظلوم" بأخذ الحقّ له.. حقّه الإنساني بالعيش بكرامة وبأمان.
لم يتركنا التاريخ دونما "صوَرٍ" لامعة مُسجّلةٍ بذاكرتنا لنستلهمها كنموذج، والله قضى أن يكون راسم أفضل "صوَر" التاريخ أروع خلقه، ليكونوا القدوة والأسوة والمثال والنموذج المحتذى، يبثّهم في أحلك الظروف ثمّ يحفظ آثارهم عبر القرون ليُبصّر الإنسان أيّا توضّع مكانُه وزمانُه "بالصورة" النموذج التي ينبغي السعي إليها بالمحاكاة والاستنان.
النموذج الأروع كان محمّدا(ص)، بتوقّد ضميره المتشاعِر مع الحقوق الإنسانية للمظلومين.. ولو تناصر على هضمها طُغيانُ لفيفِ قوى السياسة والاجتماع.
كانت العربُ حيناً متوقّدةً بهكذا ضمير.. فأنشأت حلف الفضول، وهو أشبه بمجلس حقوقٍ للإنسان، حيث من مبادئه وتقريراته: (ألاّ يُظلم غريبٌ ولا غيرُه، وأن يُؤخذ للمظلوم مِن الظالم)..
من هذه المائدة الفياضة اقتات ضميرُ محمّد(ص)، لا مِن موائد قسوة القلب والرفاه المبتذل وشعور اللامبالاة والانتهازيّة اللامبدئيّة، فعُرِف "بالصادق الأمين"، والوصف بنفسه دالّ على النُدرة وإلا لما عُرف به لو جميع عُشَرائه "صادقون" "أمناء"! ولعمرك إنّه لاختبار وتحدّ أنْ تكون "صادقاً" حين تتشابك حبائل الكذب والاحتيال والتدليس، وتظلّ "أمينا" حين الكلّ يسرق الحقوق ويختلسها حتى بالقانون وبالنظام وبالدين الموروث!
فمن مجالات تجلّي قيمة "الصادق الأمين" أنّه يقول الحقّ ولو على نفسه أو الأقربين، ويحفظ أمانات الناس وودائعهم ويُحامي دائماً عن حقوق مظلوميهم، لدرجة أنه حين كان يُؤذَى وحيدًا بين جمهرة المشركين غلاظ القلب، سُلب حقّ رجل مِن قبيلة "أراش".. فطاف يستصرخ داخل بيت الله حيث دار الندوة التي منها صينتْ مبادئ حلف الفضول، وكانت أشبه بمجلس حقوقٍ عالميّ ومجلسِ أمنٍ، استغاث المظلوم "الأراشي": مَن يُعيد للغريب حقّه من أبي الحكم؟ (ويعني أباجهل)، فردّوا عليه مستهزئين: دونك ذاك الرجل الذي يُصلّي لوحده هناك، مشيرين إلى محمّد وعالمين بعداوة أبي جهلٍ له، فذهبَ الأراشيّ إليه -كما أشاروا- يسأله النصرة، فقام معه محمّد(ص) إلى دار أبي جهل، وطرَق عليه بابه، فلمّا خرج.. صاح به محمّد بغضب: أعطِ الرجلَ حقّه، ارتعب أبوجهل وقال: نعم، فدخل مسرعاً وأخرج للرجل حقّه....
عليّ(ع) ربيبُ محمّد(ص) تغذّى باللبن نفسه، فكان ألمع داعية للحقوق لآخر أنفاسه.. فأوصى ولديْه محتضراً: "كونا للظالم خصمًا وللمظلوم عونًا".. وقضى مسيرة حياته لهذا الهدف، فحين استلم زمام الرئاسة أعلن أنه سُيرجع حقوق الناس والمظلومين "ولو تُزوّجت به النساء.. وفُرِّق فی البلدان.. ومُلکت به الإماء".
هذه "الصوَر" البرّاقة التي خلّفها "دينُ القيَم" بذاكرتنا لئلاّ ننساها، ورسّخها عبر نصوصه متمدّحاً بأبطال حقوق الإنسان ممّن "لا يخافون لومةَ لائمٍ"، ممّن يشهدون بالحقّ وبه يعدلون.. "ولو على أنفسهم أو الوالدين والأقربين".. هذه "الصوَر" تتبدّى لنا بعنفٍ ونحن نشهد "الصورة" المخزية التي اجتمعت عليها دول العالم، لا سيّما ما سمّي بالعالَم المتحضّر! حين اعترضت ستّ دول منها "أمريكا-أوباما" وتوابعها.. وتخلّفت عن التصويت 11 دولة بانتهازية صارخة وبحجج سخيفةٍ لمن استمع هراء مندوبيها، حين لعبت الضغوط السياسية وعبثت المصالح بأبده بديهيّات الضمير الإنساني بوجوب محاسبة الجاني على هتكه القانون الإنساني الدولي ومذابحه بالمدنيين والأبرياء والنساء والأطفال التي بُثّت "صوّرُها" للعالم ووثّقتها آلاف التقارير الأمميّة المحايدة وآخرها بعثة جولدستون.
جلس مندوبو تلك الدول "بمجلس حقوق الإنسان!" يُدافعون عن مصالحهم وأهوائهم إلاّ عن حقوق إنسانٍ يُؤكل حقّ ضعيفه، والله لَيتمنّى المظلومُ بدعوتِه لو يضربهم الله بحوبة ليدركوا وبيل تصويتهم المخزي بالاعتراض والامتناع!
"حقوق الإنسان" بتلك المحافل الأممية التي فقدت مصداقيّتها بهذا الهزَل.. رايةٌ عزّ حاملها الحقيقي، فكان طبيعيّا أن تشهد تجاذبات أرياح السياسة وألاعيبها وبيع الذمم وشراء الأصوات والتدليس لطمس الحقّ الصريح.. فطُمس معه النموذج المقدَّس الذي بالذاكرة للذي "يقول الحق ولو على نفسه" و"لا تأخذه لومة لائم".. وصار "الحقّ" مزاداً للمساومة والتصويت والنقض.
منظرٌ مخزٍ حقّا.. يدفعنا "الألم" و"الأمل" بضرورة تغييره أو بالدعاء بإبطالِه.. من حرقةِ قلوب المظلومين والمكلومين، بإزالة هذا النظام البائس الكارثي الأعور الذي يحكم العالَم باسم "الشرعية الدولية"، رافضًا أو ممتنعاً عن التصويت بإدانة جُناة وجزّاري "إسرائيل"، أو استخلاص حقٍّ لمظلومٍ من (أبي جهل) أزمنتنا.
ليس "الكيان الصهيوني" يستحقّ الإدانة وحدَه، بل مجلس الحقوق الذي انعقد أيضاً، ومجلس الأمن الذي سينعقد تباعاً، بعد تحوّله لمجلس "سلب أمن" الأبرياء والضعفاء، حيث تُداس حقوقهم.. وتُطمس دماؤهم المسفوكة.. وتُدفن فيه آمالهم بالتغيير تجاه "الصورة" الأنصع التي رُسِمَت بذاكرتنا يوماً ولابدّ أن تعود.





#جلال_القصاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشرعيّة.. تُستورَد أم تُصنَع؟
- أوانُ نلمّ ثيرانَنا عن مهانةِ الانفلات
- أدعيةٌ أطوَل.. لاستجداء السماء أنْ تهطل
- شهر صناعة -أشرف الناس-
- الحرّية والكرامة حسبَ الوصفات الساركوزية
- -خَلقَ الإنسانَ مِنْ علَقٍ- وما يزال..
- لصالح رونالدو
- -حلاّل المشاكل-
- أهلُ الخير حين يصبحون أهلَ الخير
- لعبة الخنازيز..ولعنة الخنازير
- قانون الشهامة ومسرحيّات الأمن
- الأجرُ الجزيل.. بالجُهد الهزيل
- كياناتنا الدينيّة والمدنيّة.. ذاتُ الفلقتيْن
- أفواهٌ وأرانب.. وتسوسُها ذئاب
- تُجّار الأذكار ونيْل الأوطار
- الصهيونية الملعونة على لسان عيسى
- فبراير.. تحيّة وذكريات وآمال
- دعه في النار وأنا في الدار
- -الحجاب- وشرعية فرضه أو منعه
- شهرزاد.. هل شيءٌ زاد؟!


المزيد.....




- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جلال القصاب - حقوق الإنسان بين صورة مخزية والصورة الأمثل